أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - ازدهار الجنس البشري 3-8















المزيد.....

ازدهار الجنس البشري 3-8


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 5274 - 2016 / 9 / 3 - 18:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العدل هو القوة الوحيدة القادرة على ترجمة الوعى والشعور المتنامى بوحدة العالم الإنسانى إلى إرادة جماعية تقيم بكل ثقة البيئة اللازمة لحياة مجتمع عالمى. فى هذا العصر الذى تزداد فيه وسائل الحصول على المعلومات والأفكار من كل نوع سيفرض العدل نفسه كمبدأ أساسى لنظام اجتماعى سليم . سيرتفع وبخطى متسارعة التصورات والمقترحات الهادفة إلى تنمية كوكب الأرض إلى المستويات السامية التى تتطلبها مثل هذه التنمية.
فالعدل على مستوى الفرد هو تلك الملكة والقدرة للروح الإنسانية التى تمكن الفرد من التمييز بين الحق والباطل. يتفضل حضرة بهاء الله بقوله الكريم :
" أحب الأشياء عندى الإنصاف ". فالإنصاف يوفق كل فرد من أن يشاهد الأشياء بعينه لا بعين العباد، ويعرفها بمعرفته لا بمعرفة أحد فى البلاد ويدعو إلى الصفاء فى الحكم على الأشياء وإلى المساواة فى معاملة الآخرين وبهذا فهو الرفيق الوفى كلما اقتضت الحاجة.
وعلى المستوى الجماعى فإن تطبيق العدل والأخذ بمقتضياته يمثل ميزاناً لا غنى عنه عند اتخاذ القرارات الجماعية. والعدل هو الوسيلة الوحيدة التى تحقق وحدة الفكر و العقل .
لتقدم البشرية بعيداً عن الروح التأديبية التى كثيراً ما تسترت تحت عباءة العدل فى العصور الماضية، فإنه - أى العدل - هو التعبير العملى عن الوعى بأن مصالح الفرد والمجتمع مرتبطة ارتباطاً وثيقاً لا يمكن الفصل بينهما.
بالقدر الذى يُعيرُ فيه الناس اهتماماً للعدل وتطبيقه فى معاملاتهم، يتهيأ المناخ الملائم للتشاور الذى يفسح المجال لطرح الخيارات والنظر فيها بنزاهة ومن غير محاباة حتى يتوصلوا إلى اختيار القرارات والإجراءات السليمة. فى مناخ ملائم كهذا تقل فرصة الميول نحو الغش والتلاعب والتحيز والمحاباة ولا تؤثر فى عملية اتخاذ القرارات السليمة .
بما أن مضمون التنمية الاجتماعية والاقتصادية عميق وبليغ فإن الاهتمام بتطبيق العدل يحمى مهمة تعيين وتحديد مسار التقدم من الأطماع وإهدار مصالح وخير عموم البشر بل والكرة الأرضية كلها لصالح قلة تنعم بما يوفره التقدم التكنولوجى من ميزات و إمكانات. بالعدل فى التخطيط والتصميم يمكن ضمان أن الموارد المحدودة لن توجه لخدمة مشاريع غريبة لا صلة لها بأولويات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية الضرورية . فوق كل ذلك فإن جموع البشرية والتى على عاتقها يقع التنفيذ لن تلتزم إلا بتلك البرامج التنموية التى تشعر بأنها عادلة ومنصفة فى أهدافها ومراميها وتلبى احتياجاتها. وعندما تشعر وتثق كل مجموعة وكل فرد بأن هنالك قيم تحميه وتضمن للجميع عدالة الاستفادة من المنافع والموارد. ستنطلق وتتفجر الطاقات والقيم الإنسانية الكامنة فيه كالأمانة والرغبة فى العمل والإقبال عليه وروح التعاون بل وتُسَخَّرُ لتحقيق أهداف جماعية ضخمة وكبيرة.
لهذا يأتى موضوع حقوق الإنسان فى مقدمة النقاش حول استراتيجية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتى يتطلب وضعها فى قالبها الصحيح ترقية وتحسين أوضاع حقوق الإنسان وتحريرها من قبضة الانقسامات الزائفة التى أطبقت عليها رهينة ردحاً من الزمن. والاهتمام بأن يتمتع كل فرد فى نشاطه الفكرى بحرية الحركة والتصرف لا يعنى أبداً الإفراط فى إطلاق الحرية الفردية وحب الذات التى أفسدت كثيراً العديد من نواحى الحياة المعاصرة. ولا الاهتمام بتأمين مصالح المجتمع ككل تستوجب تأليه وتقديس الدولة على أنها المصدر لسعادة البشرية وخيرها. بل على النقيض من ذلك يوضح لنا التاريخ بجلاء فى هذا القرن بأن مثل هذه الاعتقادات وما ينشأ عنها من ترتيبات تحزبية هى نفسها العدو الرئيسى لما ترمى إليه من أهداف ومقاصد. لن تجد أوضاع حقوق الإنسان التعبير الصحيح والمنطقى لها إلا فى إطار من التشاور يكون ممكناً بعد الوعى والشعور بالوحدة العضوية للبشرية . نجد اليوم أن الجهات التى يقع على عاتقها عبء إيجاد مثل هذا الإطار التشاورى وتحرير حقوق الإنسان من قبضة من يستغلها لمنفعته الشخصية هى المنظمات العالمية التى برزت للوجود بعد مآسى حربين عالميتين مدمرتين وبعد المرور بتجربة الانهيار الاقتصادى العالمى. وأساساً فإن مصطلح " حقوق الإنسان " لم يتم تداوله إلا بعد التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة فى سنة 1945 وتبنى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بعد ذلك بثلاث سنوات فقد جاء الاعتراف شكلاً فى هذه الوثائق التاريخية بمراعاة العدالة الاجتماعية كرفيق ملازم لإقامة صرح السلام العالمى. ولأن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان قد مر حقيقة فى الجمعية العمومية للأمم المتحدة دون أى صوت معارض فقد وجد ومنذ البداية سنداً تزايدت عظمته خلال الأعوام التى تلت التوقيع عليه.
إن النشاط وثيق الصلة بالوعى المميز لطبيعة الإنسان هو استكشاف الفرد بنفسه وارتياده مناهل الحقيقة وتحريه لها. إن حرية تحرى الهدف من الوجود وتنمية المواهب الفطرية للطبيعة البشرية التى تجعل من هذا التحرى أمراً ممكناً، تحتاج إلى الحماية. يجب أن يكون البشر أحراراً لينهلوا من مشارب المعرفة. حقيقة أن مثل هذه الحرية كثيراً ما يساء استعمالها ومن المؤسف أن يجد سوء الاستعمال هذا التشجيع والمؤازرة من المجتمع المعاصر و ما آلت إليه أوضاعه من حال. إلا أن ذلك لا يبخس ولا يقلل بمثقال ذرة من قيمة وسلامة وفعالية الباعث والدافع لمنح هذه الحرية. إن هذا الباعث والدافع للأحاسيس الإنسانية جعل من الملزم أخلاقياً ورود العديد من الحقوق مضمنة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والمواثيق ذات الصلة به، فالحق فى التعليم وفى حرية التحرك وفى الحصول والوصول إلى المعلومات و إتاحة الفرصة للمشاركة فى الحياة السياسية كلها جوانب من فعاليات الإعلان العالمى لحقوق الإنسان تتطلب ضماناً صريحاً وواضحاً من المجتمع العالمى، والشيء نفسه ينطبق على حرية العقيدة والفكر بما فيها الحرية الدينية بالإضافة إلى الحق فى إبداء الآراء والتعبير عنها بالصورة اللائقة.
بما أن جسم الإنسان وحدة واحدة لا تتجزأ فإن كل فرد أمانة فى عنق المجتمع. وهذه الوصاية أى وصاية المجتمع على الفرد - هى الأساس الأخلاقى لمعظم حقوق الإنسان الأخرى ذات الطابع الاقتصادى والاجتماعى والتى تحاول آلية الأمم المتحدة تحديدها وتعريفها. مفردات هذه الوصاية تضمن الأمان وتأمين المأوى للأسرة، الملكية الفردية واحترام الخصوصيات بل إن الواجبات الملقاة على عاتق المجتمع تمتد لتشمل توفير العمل، الرعاية الصحية، النفسية منها و الجسمانية، الضمان الاجتماعى، الأجور العادلة، توفير سبل الراحة والاستجمام وغيرها الكثير من التطلعات المعقولة والمعتدلة التى يصبو إليها أفراد المجتمع.
إن مبدأ الوصاية الجماعية يعطى الحق لكل شخص فى أن يتطلع إلى الحماية بالقانون القومى والدولى وتهيأ له الظروف الثقافية والتثقيفية اللازمة لبلورة ذاتيته. إن الثروة الضخمة من التنوع الثقافى التى تراكمت عبر آلاف السنين مهمة وحيوية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للجنس البشرى خاصةً وهو مقدم على مشارف عصر وحدته ومثلها كمثل ما تلعبه مجموعة الجينات (الأجزاء الضئيلة من الكروموزوم التى تحدد الصفات الوراثية والنوعية ) من دور فى الحياة البيولوجية للإنسان والبيئة المحيطة به، فهى بمثابة التراث والإرث الذى يجب أن تتاح له الفرصة ليؤتى أكله فى كنف مدنية عالمية. يحتاج التنوع الثقافى إلى الحماية من أن يختنق بالمؤثرات المادية المهيمنة فى الوقت الحاضر، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يجب تمكين الثقافات المختلفة من التفاعل والتداخل والترابط مع بعضها البعض فى أنماط متجددة دوماً من المدنية وخالية من التلاعب والغش لتحقيق أغراض سياسية. يتفضل حضرة بهاء الله بقوله الكريم: " العدل سراج العباد فلا تطفئوه بأرياح الظلم والإعتساف المخالفة والمقصود منه ظهور الاتحاد بين العباد. وفى هذه الكلمة العليا تموج بحر الحكمة الإلهية وإن دفاتر العالم لا تكفى تفسيرها. " (ازدهار الجنس البشري)



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازدهار الجنس البشري 2-8
- ازدهار الجنس البشري 1-8
- الأديان وتطوّر المجتمعات
- التعصبات هادمة لبنيان العالم الإنساني
- وحدة الأديان
- كُلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد
- قدوم العصر العظيم
- لغة عالمية من أجل وحدة العالم الإنساني
- المرأة مكانتها ومساواتها بالرجل
- موعود الأمم وعلامات مجيئه
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية6-6
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية5-6
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية4-6
- تخلُّف العالم العربي...أسبابه وسُبل الخروج منه2-2
- تخلُّف العالم العربي...أسبابه وسُبل الخروج منه.1-2
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية3-6
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية2-6
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان-وجهة نظر بهائية 2-6
- الأساس الروحانى لحقوق الإنسان - وجهة نظر بهائية 1-6
- يونس والحوت


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - ازدهار الجنس البشري 3-8