|
تداعيات ذوبان الحدود .. من سايكس بيكو وحتى داعش
فارس حميد أمانة
الحوار المتمدن-العدد: 4505 - 2014 / 7 / 7 - 12:23
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
عندما كانت الدولة العثمانية أبان الحرب العظمى الأولى تصد هجمات دول الحلفاء كان الكثير من العرب يقاتلون معها تحت مظلة الاسلام والخلافة الاسلامية رغم اختلاف القوميتين ورغم المعاناة الشديدة من العرب تحت نير الحكم العثماني وكان العراقيون لا يختلفون كثيرا عن باقي العرب في تلك المشاعر اذ كان الجيش العثماني يضم ضباطا وجنودا عراقيين يقاتلون مع الأتراك لصد الهجمات البريطانية في العراق مدفوعين غالبا بمشاعر الارتباط تحت مظلة الاسلام .. ولم يكن هناك من بد للبريطانيين من تفكيك واضعاف المظلة الدينية واستبدالها بالمظلة القومية مدغدغين بذلك طموح العرب في الاستقلال وعلى رأسهم الشريف الحسين بن علي والمناداة به ملكا على العرب ومن ثم خليفة للمسلمين بدلا من السلطان العثماني ..
لاحقا بدأ ما يسمى بمراسلات حسين – ماكماهون والتي جرت منذ منتصف عام 1915 ولغاية مطلع عام 1916 بين الشريف حسين بن علي حاكم الحجاز حينها والمتطلع أو الآمل بمساندة البريطانيين ليكون ملكا على العرب وبين السير هنري ماكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر والتي أسفرت عن دخول الشريف حسين بن علي القتال مع البريطانيين ضد جيوش العثمانيين في الحجاز وباشراف العميل البريطاني لورنس الشهير بلقب لورنس العرب .. وما بدا للعرب حينها وما أصطلح على تسميته " بالثورة العربية الكبرى " قد بان للأجيال لاحقا انها خيوط كذبة كبيرة ومؤامرة مزدوجة كبرى الهدفان الرئيسيان منها اقتسام أراضي الدولة العثمانية بين فرنسا وبريطانيا وروسيا اضافة الى مساعدة اليهود باقامة دولة لهم في فلسطين .. جرت مباحثات سرية مطولة أعقبتها اتفاقية سايكس – بيكو التي وقعها السير مارك سايكس الخبير البريطاني في شؤون الشرق ومارك بيكو القنصل الفرنسي العام في بيروت .. من هنا بدأت مرحلة تفكيك الدول العربية بوضع مخطط حدود سري وفق الاتفاقية لوضع العراق والأردن كمنطقة حكم مباشر مع منطقة نفوذ بريطاني ووضع سوريا ولبنان كمنطقة حكم مباشر مع منطقة نفوذ فرنسي ووضع فلسطين تحت ادارة دولية تمهيدا لخلق دولة اسرائيل لاحقا حيث يمكن أن يقال بحق ان مشروع " الشرق الأوسط الجديد " قد ابتدأت خطواته الحثيثة في تلك الفترة ..
ان التسلسل التاريخي للحوادث التي جرت لاحقا في منطقة الشرق الأوسط ولا سيما في العراق والشام معروفة حيث بنى اليهود أسس دولتهم بالهجرة من مختلف بلدان العالم الى فلسطين وما رافقها من شراء للأراضي من الفلسطينيين والسيطرة بالقوة على أراض أخرى ثم انسحاب القوات البريطانية من فلسطين عام 1948 تاركة اياها في فوضى قتال شرس بين قوتين غير متكافئتين هما القوة النامية الجديدة اسرائيل وقوة الفلسطينيين المضمحلة تدريجيا ثم اعلان قيام دولة اسرائيل واعتراف معظم دول العالم بتلك الدولة الوليدة ثم مرورا بحرب القنال عام 1956 والانتصار السياسي وليس العسكري لجمال عبد الناصر بضغط من السوفيات والأمريكان وحرب النكسة الحزيرانية عام 1967 وخسارة عبد الناصر لأراض مصرية وأخيرا حرب القنال الثانية عام 1973 وخسارة أنور السادات لمزيد من الأراضي المصرية مع خسارة لبنان لشريطه الحدودي الجنوبي وخسارة سوريا لمرتفعات الجولان ذات الأهمية العسكرية الاستراتيجية القصوى ..
لقد أفرزت تلك السنوات صراعا جديدا وشرسا هو الصراع الاسرائيلي - العربي الذي اكتوى بناره الشرق الأوسط كله بما في ذلك العرب قبل اسرائيل تلك الدولة التي تقود وتوجه من خلف الكواليس معظم الحوادث التي جرت في الشرق الأوسط والعالم .. كما أفرز هذا الصراع أعداء اسرائيل من العرب وبثلاث مستويات مختلفة وهم العدو الأقرب من فلسطينيي الداخل ودول عرب الجوار الاسرائيلي وهي لبنان وسوريا ومصر والأردن والمستوى الثالث هو العراق لكن بدرجة أقل لأسباب سأذكرها لاحقا ولن أتطرق هنا لبقية الدول العربية التي تبعد جغرافيا كثيرا عن اسرائيل وتأثيرها على الوجود الاسرائيلي محدود جدا ..
لقد وضعت اسرائيل سيناريوهات مختلفة لكل عدو اعتمادا على عوامل قوته أولا وقربه جغرافيا ثانيا وتركيبة سكانه ثالثا وعوامل كثيرة أخرى لكنها أقل أهمية .. فبالنسبة لعرب الداخل كان السيناريو المنفذ هو شراء الأراضي بأثمان مغرية مع السيطرة على مساحات شاسعة أخرى بالقوة وتهجير من لا سكن له أو لا وثائق رسمية بسبب فقدانها أثناء الحرب وقد تزامن ذلك وتلاقح مع السيناريو المعد للأردن تلك الدولة الفقيرة جدا والتي أغلب أراضيها صحراوية مع ندرة الموارد الطبيعية كالبترول والماء حيث ان أغلب الأردنيين حاليا هم من أصول فلسطينية ممن رحل الى الأردن بعوائد ورؤوس أموال من بيع الأراضي لتستثمر تلك الأموال في الاقتصاد الأردني ثم ينسى هؤلاء بعد عقود وبعد توالد أجيال جديدة موضوع النضال الفلسطيني ضد اسرائيل .. لقد ساهم استقرار الوضع الأمني ووجود دولة قوية في الأردن بقيادة الملك الحسين بن طلال بأن يكون أمن الأردن واستقراره هو الوسادة المريحة لجنب اسرائيل التي ساهمت مع الولايات المتحدة الأمريكية في استمرار ثبات الوضع الأمني الأردني ..
كما ان تكوين دولة عربية فلسطينية اسميا عمادها الضفة الغربية وقطاع غزة المفصولين جغرافيا قد ساهم بشكل كبير في اسكات الصوت العربي في الداخل الذي كان يرتفع أحيانا قليلة .. ونظرة واحدة على جغرافية هذه الدولة تنبئك بحجم التورط بانشاءها .. خذ مثلا القطاع الذي هو جغرافيا شريط بحري يطل بأقل من أربعين كيلومترا على البحر الأبيض المتوسط وبعمق معدله ثمانية كيلومترات يمثل جزءا من دولة لها شاطيء بحري بدون أية قوة بحرية وتخلوا هذه الكيلومترات الأربعون الا من عشرات زوارق الصيد المتواضعة التي تتحكم بها سفن المراقبة الاسرائيلية ولا يمكن العبور من الضفة الغربية الى القطاع أو بالعكس الا بمنافذ برية تمر باسرائيل التي تتحكم بالسماح بالعبور من عدمه مع منفذ بري مع مصر هو منفذ رفح الحدودي عبر العريش المصرية التي ترتبط بمعاهدة سلام مع اسرائيل .. ان أي صاروخ يطلق من غزة حتى لو كان بدائيا ولا يسبب أية خسائر تكون نتيجته اغلاق المعابر ومنع وصول الوقود للاستهلاك البشري أو لتشغيل محطات انتاج الطاقة الكهربائية في القطاع وبكلمة أخرى أنشيء قطاع يعيش على الوجود الاسرائيلي ويموت بدونه .. ومن الدول الأخرى التي تعتبرها اسرائيل العدو الأقوى في المواجهة هي مصر بعمقها الجغرافي الاستراتيجي ومواردها البشرية التي تتفوق بها على اسرائيل وتزعمها للعرب .. لقد تورطت تلك الدولة بعدد من الحروب كان نتيجتها المؤلمة فقدان المزيد من المساحات الجغر افية واقتراب اسرائيل بشدة من القاهرة زعيمة العرب .. وسواء كانت تلك مسرحية مفتعلة أم نتيجة حرب فقد استثمرت اسرائيل تلك الحقيقة لتطرح وبقوة مدعومة بالعالم بغالبيته مشروع " الأرض مقابل السلام " ليستعيد السادات الأراضي المصرية المحتلة من قبل اسرائيل باتفاقية سلام ملزمة لمصر وما تلا ذلك من بنود تطبيع للعلاقات وبهذا ضمنت اسرائيل " شر " أقوى عدو مجاور الى أمد بعيد ..
ان العدو المجاور الآخر لاسرائيل وهو لبنان فهو بلد له خصوصيته من حيث ضعف تأثيره الستراتيجي بحكم صغر مساحته وافتقاره للعمق الستراتيجي المهم جدا أبان الحروب وضعف جيشه مقارنة بالجيش الاسرائيلي مع انشغاله المستمر بالأزمات السياسية والتطاحن الدموي الطائفي والمذهبي .. الا ان وجود حزب الله في جنوب لبنان شكل شوكة قوية في جنب اسرائيل التي حجمت من قوة الحزب المتنامية الا انها لم تستطع انهاءها بالكامل وظل لبنان ولا سيما بيروت وحتى هذه الساعة يدفع فاتورة القتال الشرس بين حزب الله واسرائيل ..
لم يدخل مشروع " الأرض مقابل السلام " حيز التفعيل في ارجاع هضبة الجولان الى سوريا مقابل اتفاقية سلام وتطبيع للعلاقات بين اسرائيل وسوريا العدو المجاور الأخير لها لأسباب كثيرة منها الأهمية الستراتيجية العسكرية للهضبة المشرفة على دمشق حيث لا تبعد عنها الا بخط نظر يقل عن سبعين كيلومترا وتمسك اسرائيل الشديد بتلك الهضبة .. ان عدم انجاز معاهدة سلام بين سوريا واسرائيل وعدم اطمئنان اسرائيل من جانب سوريا حتم عليها تبديل السيناريو المعد لها أي لسوريا .. السيناريو المعدل هواعادة خلق " سوريا جديدة " ضمن " شرق أوسط جديد " .. وكان لا بد من اضعاف سوريا التي تقف وراء ظهرها دولتان يحسب لهما ألف حساب ودولتان لا يحسب لهما الا القليل من الحسبان .. ان لروسيا مصلحة ستراتيجية كبيرة في سوريا وكذا لايران التي برزت خلال العقود الثلاثة الأخيرة كلاعب اقليمي لا يمكن بتاتا تجاهله .. كما يقف مع سوريا عسكريا وعقائديا حزب الله في لبنان وحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي .. ان قبول سوريا بتفكيك أسلحتها الكيمياوية التي كانت تشكل تهديدا لاسرائيل قد منحها أي سوريا فرصة الوقوف على رجليها مرة أخرى وأصبح بقاء نظام بشار الأسد محل جدل ونقاش بين الأطراف الدولية الكبرى واللاعبين الكبار .. الا ان بقائه على رأس النظام شخصيا أو الابقاء على النظام وتبديل الرأس أو تبديل النظام بنظام أخر لا يهدد اسرائيل أصبح ضرورة مع تفكيك سوريا الى أجزاء أو أقاليم متناحرة فيما بينها وهذا السيناريو يجري تنفيذه حاليا بمساعدة المليشيات والتنظيمات المتشددة مثل داعش وجيش النصرة وغيرهما ..
عودة الى موضوع العراق وتكوين داعش نقول ان العراق يأتي بالمرتبة الثالثة من ناحية خطورته على اسرائيل بحكم بعده الجغرافي عن اسرائيل أولا وبحكم التنوع الطائفي والعرقي الذي تم تحريكه على مدى سنوات طويلة الا ان السيناريو المعد للعراق من قبل اسرائيل ودعم امريكي وتنفيذ عراقي خالص لا يختلف كثيرا عن السيناريو المنفذ في سوريا بل يعتبر امتدادا واكمالا له ..
ابتدأت الخطوات بتوريط العراق في حرب غير مبررة مع ايران رافقها قصف اسرائيل لمفاعل تموز في بغداد صيف عام 1981 حيث دمرت ثلاثة مليارات دولار أمريكي قيمة المفاعل في ثلاث دقائق ثم تنتهي حرب الاستنزاف بين البلدين عام 1988 فتخرج منها ايران معافاة تلعق الجراح ويخرج منها العراق منهكا لكن بترسانة تسليح عظيمة تدمر لاحقا بعد اخراجه مرغما من الكويت التي احتلها بعد سنتين من خروجه من حربه مع ايران .. ان دخول ايران على الخط ودفعها بمسلحين عراقيين لاسقاط نظام صدام حسين قد غير مسار الحرب والخطة الامريكية التي عدلت لاحقا فصدام ضعيف خير للغرب ألف مرة من مسلحين عراقيين تدعمهم ايران ليقف صدام حسين على رجليه مرة أخرى ساحقا المسلحين ومطاردا اياهم حتى خارج الحدود ..
بدأ بعد ذلك فصل جديد لاضعاف قوة جيش صدام حسين الذي خرج منهكا من حربين شرستين لكن لازال هذا الجيش يشكل قوة ضد الغرب واسرائيل وكان لا بد من الاستمرار بتحطيم تلك القوة مع تحطيم البنى التحتية للبلد فكانت مسرحية الحصار بسبب امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل حيث تبين للعالم بأسره ان الحرب التي قادتها أمريكا مع العالم ضد العراق كانت قد حدثت بعد تحطيم قوة العراق العسكرية عند خروج القوات العراقية من الكويت وتحطيم وتفكيك كامل ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل من أسلحة كيمياوية وبايولوجية ونووية لم يكن العراق قد وصل الى مرحلة التصنيع والانتاج الحقيقي لها مطلقا فكانت الحرب بحق حربا غير عادلة ضد بلد عانى شعبه من نار حامية ..
انتهت تلك الحرب كما يعلم الجميع بسقوط نظام صدام حسين وتحطيم بنية البلد التحتية الا ان الولايات المتحدة الأمريكية قد خطت خطوة تكميلية بالغة الخطورة في تنفيذ هذا السيناريو وبيد سيء الصيت بول بريمر الحاكم المدني للعراق أوائل عام 2003 حيث حلت جميع الهيئات السياسية والادارية والعسكرية للعراق تاركا البلد في فوضى عارمة .. الأنكى من ذلك القادة الجدد للعراق ممن جاء على ظهر دبابة أمريكية أو تربى في حواضن مخابراتية غربية أو اقليمية حيث لم يحرك أحد ساكنا للوقوف ضد هذه الخطوة المهزلة لسببين أولهما وأهمهما هو عدم مقدرة أحد منهم على فتح فمه للتفوه بكلمة واحدة وثاني السببين هو الشخصية العراقية البدوية التي كانت تنظر للوراء دوما ولا تنظر للأمام باحثة عن الانتقام واعتبار جميع من كان في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية ومؤسسات أخرى في خانة النظام السابق وبمعنى أدق وضع قادة الجيش السابق وضباطه وجنوده ومخابراته في خانة الخيانة ناسين أو متناسين ان الضابط مهما عظمت رتبته هو جندي لا بد وأن ينفذ الأوامر وكان الأحرى والأفضل احتضان هؤلاء وتحويل ولاءهم للوطن والنظام الجديد مع عزل من يثبت تلطخ يديه بالدماء وما كان أسهل ذلك الا ان أحدا من القادة الجدد لم يفعل .. أذكر انني في نقاش مع مديري في مكتبه عند عودة الجميع للدوام المدني بعد انتهاء العمليات العسكرية قد قلت بالحرف الواحد ان العراق سيحضى بأعداء كثر لكن من الداخل هذه المرة ..
في بداية احتلال العراق من قبل القوات الغازية نشطت فصائل تحمل السلاح ضد الأمريكان في كل العراق متمثلة بزرع العبوات الناسفة والهجومات الانتحارية وما شابه ذلك وسواء كان النشاط يعود لتنظيمات القاعدة فرع العراق لا سيما في الأنبار أو لعراقيين منظمين تدفعهم الغيرة على الوطن المحتل أو فصائل أخرى في الجنوب والوسط فان القوات الأمريكية عانت الأمرين من ذلك وتكبدت خسائر لا يستهان بها خصوصا نهاية عام 2003 والأعوام الثلاثة التالية .. كان لا بد للقوات الأمريكية من القضاء على هذه المقاومة المسلحة لا سيما فرع القاعدة في العراق .. فكان ان ابتدعت الصحوات ممن عمل فعلا مع القاعدة أو كان قريبا منها واستخدمت هؤلاء لمحاربة القاعدة ولا أعتقد ان اثنين يمكن أن يختلفا على هذه النقطة .. بل قد أسرفت القوات الأمريكية بتنفيذ هذا الفصل من السيناريو لحرف التوجه العسكري للقاعدة التي صنعتها من محاربة الأمريكان الى القتال ضد الشرطة والجيش العراقيين ثم تعميم ذلك ليكون القتال ضد جميع فئات الشعب شاملا التلميذ في مدرسته وبائع الخضروات وسائق التاكسي والمصلي في جامع .... الخ .. كيف استطاعت تلك القوات حرف ذلك التوجه ؟ كان لا بد من خلق قاعدة جديدة تقبل بكل ذلك بل تضع جميع فئات الشعب بكل طوائفه وقومياته ومذاهبه تحت المطرقة واعتبار كل من خالف عقائد تلك التنظيمات أو توجهاتها مرتدا يحق سفك دمه وبأبشع الصور التي يعجز العقل البشري عن تصورها ..
عودة لموضوع حادثة الموصل بدخول المسلحين الى مدينة الموصل واخضاعها ثم ما تلا ذلك من تمدد ما يسمى بداعش أو الدولة الاسلامية في العراق والشام الى الشرقاط جنوب الموصل ثم بيجي وتكريت ثم الغاء الحدود بين الأجزاء الواقعة تحت سيطرة داعش في الجانبين العراقي والسوري وما تلا ذلك من حوادث معروفة .. لا بد هنا من الرجوع قليلا الى الوراء لالقاء الضوء على شخصية البغدادي رأس التنظيم .. فأبو بكر البغدادي لقب ( مع ألقاب أخرى منها مثلا أبو دعاء ) يعود لشخص اسمه الحقيقي ابراهيم عواد ابراهيم البدري الذي ولد في سامراء في العراق عام 1971 وحصل لاحقا على شهادة الدكتوراه في الدراسات الاسلامية والذي خطط لتنفيذ العديد من العمليات الجريئة ضد القوات الأمريكية التي اجتاحت العراق عام 2003 ثم ألقي القبض عليه من قبل تلك القوات عام 2005 وأودع سجن بوكا سيء الصيت في قاعدة عسكرية أمريكية جنوب العراق ليطلق سراحه بعد بضعة أعوام بطريقة يكتنفها الكثير من الغموض والشكوك ثم ينظم الى مجلس شورى المجاهدين ثم يتزعم تنظيم الدولة الاسلامية عام 2010 بعد مقتل زعيميها أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر ..
ان أسئلة محيرة كثيرة تطرح نفسها هنا وبقوة لتلقي الضوء على هذا الفصل الخطير من السيناريو المعد والمنفذ باحكام فلماذا أطلقت القوات الأمريكية سراح عراقي قتل جنودا أمريكيين وقاد قتالا ضدهم ؟ كيف امتلك البغدادي تلك الأموال الضخمة لتجنيد المئات من المقاتلين المتشددين من داخل العراق أولا ومن مختلف دول العالم لا سيما الشمال الأفريقي ؟ كيف استطاع البغدادي تجهيز تلك الكميات الهائلة من الأسلحة والأعتدة لتسليح مقاتليه ؟ كيف استطاع امتلاك تكنولوجيا الاتصالات والدعاية تلك لبث الرعب من خلال نشر صور وأفلام أعمال ومجازر قطع رؤوس بشعة لتسبقه هالة الرعب المحيطة به قبل هجومه على أية بلدة أو مدينة ؟ كيف استطاع مقاتلوه السبعمئة أو الثمانمئة أو ما يسمى عسكريا برأس الحربة من التقدم مئات الكيلومترات لاقتحام مدينة الموصل دون كشفهم من قبل طائرات التجسس الأمريكية وأقمارها الصناعية التي تجوب المنطقة ؟ ان الاجابة على كل تلك الأسئلة تبين بوضوح الدور الأمريكي في تجنيد البغدادي لحرف الصراع العربي – الاسرائيلي الى صراع عربي – عربي بل اسلامي – اسلامي خطط له خلف الكواليس في أمريكا واسرائيل المستفيد الأول ومولته دول عربية كقطر والسعودية وقدمت تركيا الدعم اللوجستي مع توفير ممرات آمنة للممسلحين والأنكى انه ينفذ حاليا بقيادات عراقية متطرفة يساندها مسلحون من جنسيات مختلفة .. ان هذه السيناريوهات المنفذة على مدى قرن تقريبا قد أثمرت ليكون الصراع العربي – الاسرائيلي قد شارف على نهايته بابداله بصراع – عربي – عربي أو صراع اسلامي - اسلامي أو صراع سني – شيعي بأدق التعبير ..
#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حادثة الموصل .. بين الجغرافيا والتاريخ والهوية
-
مدينتي
-
الولد-البنت .. وظيفة الله الجديدة .. وٳ-;-رهاصات فيسبو
...
-
ارهاصات انتخابية .. الدولة العلمانية أم الدينية ؟
-
أحلام
-
من حمورابي الى الشمري .. بين تزويج الصغيرات .. وتمتيع الكبار
-
البطالة .. والبطالة المقنعة في العراق.. وآفاق كارثة اقتصادية
-
هل تحمل وطنك في قلبك أنى حللت ؟
-
أنتن الأمل .. فلا تستسلمن
-
تراتيل الروح .. وتراتيل الجسد
-
أفروديت
-
احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الثالث
-
المفتاح
-
علاقات خطرة
-
حنين
-
احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الثاني
-
احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الأول
-
محمد الماغوط .. وهاجس الخوف والضياع
-
تفجيرات اليوم .. عجز لحكومة بغداد .. أم ماذا ؟
-
زوربا اليوناني .. ونيكوس كازانتزاكيس .. وملحمة الروح والجسد
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|