|
الزواج على الطريقة المصرية
عبدالحليم حفينة
الحوار المتمدن-العدد: 4083 - 2013 / 5 / 5 - 17:37
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
..
لا شك أن الزواج يمثل في بلادنا الهاجس الأول في حياة كل شاب وفتاة، ولا شك أن الزواج أيضًا فطرة إنسانية تستدعي أن تكون في مقدمة إهتمامات البشر بالفعل، فعلى أقل تقدير وبدون الخوض في دوافع البشر للزواج، فهو السبيل الوحيد لإستمرار وجود جنسنا على هذا الكوكب، قد يكون هذا السبب بديهي ولكن ماذا وراء إستمراريتنا هذه وحفظ وجودنا؟! وأعتقد ان الزواج من أكثر الأشياء تعقيدًا في حياة المصريين سواء على المستوى النفسي أو المادي، وعلى خلفية ذلك أود ان أناقش قضية الزواج بتعقيداتها تلك في قضيتين أساسيتين
القضية الأولى.. الهوس الجنسي
منذ فترة دار نقاش بيني وبين صديق عن موضوع الزواج، وكان ملخص الحوار أن الزواج لديه هو مجرد جنس وأننا كبشر لا نستطيع أن نعيش بدونه، لا أختلف على أهمية الجنس، ولكن السؤال المهم ماذا بعد الجنس؟! وماذا بعد الأطفال؟! ماذا عن حاجتك النفسية والعقلية؟! هل يمكن أن تُختزل أقوى علاقة إنسانية بين رجل وإمرأة في مجرد شقها الجنسي؟! ولو كان الموضوع مجرد حفظ للأنسال فالقطط في شارعنا تقوم بتلك العملية على أكمل وجه! وبمراجعة سريعة لثقافتنا وموروثتنا عن الزواج تكتشف أنه في كثير من الأحيان في بلادنا يتم الزواج بالفعل على طريقة القطط، فلا يتعدى الموضوع مجرد علاقة جنسية متبادلة تُشبع فيها الرغبات، ويكون المعيار الأساسي في الإختيار هو الجنس؛ فتكون نظرة متفحصة لجسد إمرأة كافية للتعرف على أنها ستكون زوجة صالحة في المستقبل! وتنتشر تلك النظرية بشراسة وتحديدا بين الطبقات الأكثر فقرًا وجهلًا في الريف والعشوائيات، والأسباب معروفة من الفقر إلى الكبت الجنسي وإنعدام التوعية، وأيضًا في تلك المناطق تزداد ظاهرة التدين الظاهري والإنحراف الجنسي معًا!!
القضية الثانية.. الحسب والنسب (الفشخرة)..
تبدأ ظاهرة الفشخرة بالظهور بداية من الطبقة المتوسطة إلى طبقة (الهاي كلاس)، وأكاد أجزم أن تلك الظاهرة كانت السبب الرئيسي في القضاء على أجمل قصص الحب ووأدها في مقتبل أعمارنا، والموضوع يتلخص ببساطة في أن الأهل يرون في الزواج مادة خصبة للتباهي والمكايدة - على طريقة ابني متجوز بنت فلان وبنتي جايلها دهب بالشئ الفلاني وابني الدكتور ميجوزش غير دكتورة إلخ إلخ.. - وتخيل أن يسعى الأهل في زيجة معينة من أجل مكايدة أحد الأقارب أو الأصدقاء! والغريب أن الكثير من الأبناء يعلنوا خضوعهم لتلك الأفكار وإن هذا هو "عين العقل" وأن قصص الحب ما هي إلا نتاج مرحلة المراهقة وسُتنسى مع الزمن، ولابد أن تتزوج بنت الحسب والنسب، ومن مظاهر "الفشخرة" أيضًا - شقة تمليك في المكان الفلاني وشبكة زي بنت خالتها وفرح في القاعة أم 20 ألف إلخ إلخ.." وطبعًا إن لم يكن العروس ميسور الحال يكون مشواره نحو الزواج طويلٌ طويل. وإنطلاقًا من عقيدة "الفشخرة" عند المصريين تبدأ جلسات زواج الصالونات في الإنعقاد بشكل دوري، شاملة قائمة الأسعار بالطبع، والمضحك في الأمر أن تجد العروس "المتغرب" في بعض الأحيان يذهب إلى ثلاث فتيات في اليوم الواحد ليختار من بينهن سعيدة الحظ ليستطيع ان يكمل القائمة التي أعدتها له والدته قبل ان يعود إلى عمله في الخارج!!
الحق أن ثقافة الزواج في بلادنا تجعلني لا أندهش مطلقًا من رؤية إنحطاط المستوى العام لثقافة المجتمع ودرجة تحضره، وإرتفاع معدلات التحرش وزيادة نسب الكبت والإنحراف الجنسي، هذا كله ناتج عن الخلل في العلاقة المرتبكة بين الرجل المرأة والتي تزداد إرتباكًا بعد الزواج، خصوصا أن الزواج يُعرف في بلادنا على أنه "كلبش"، فالرجل قد إنتقل من مرحلة الحرية (الأصدقاء والخروجات والسهر) إلى مرحلة الأسر الأبدي، نهيك عن الضغط المادي وتحول الرجل اللاإرادي إلى مجرد آلة تدور من أجل توفير النقود، والمرأة تتحول لمجرد "ست بيت" لا شاغل لها في الحياة إلا الأعمال المنزلية، والكارثة الكبرى إذا كانت تعمل فتسمع دائمًا جملة (هوا برا وجوا) التي تلخص حياتها، وبعد الدخول في دوامة الزواج نكون قد إنتهينا من قتل روحين وإن كان جسديهما يدوران في دوامة الحياة القاسية، والنتيجة النهائية أن هؤلاء الأباء والأمهات يكون مطلوب منهم أن يقوموا بأعظم مهمة في الكون وهي تربية جيل جديد يكون قادر على مواجهة عصر التكنولجيا بكل ما فيه من الانفتاح الرهيب على أفكار ثقافات أخرى.. ولك أن تتخيل النتيجة!
تابعوا في المقال القادم وجهة نظري في التمرد على تلك المنظومة..
#عبدالحليم_حفينة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
-
المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة
...
-
نائبة أمريكية تسعى لمنع أول امراة متحولة جنسيا في الكونغرس م
...
-
نهاية مروعة لامرأة في الصين.. سحبها سلم متحرك
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|