أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - ولــماذا لا أكتبُ عن كارل ماركس؟















المزيد.....

ولــماذا لا أكتبُ عن كارل ماركس؟


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1133 - 2005 / 3 / 10 - 10:46
المحور: الادب والفن
    


حقاً : لِـمَ لا أكتبُ عن كارل ماركس؟
فالأيامُ الإثنا عشرَ الثلجيةُ قد رحلتْ مثل غيومٍ بِيضٍ في بحرٍ أســودَ ،
والسنجابُ يعودُ
ونقّــارُ الخشبِ ؛
البطُّ الوحشــيُّ يواصلُ هِجــرتَــهُ
وحَـمامُ الدَّغْــلِ يعود لينقرَ في البستان …
هواءُ ربيعٍ أوّلُ
والخيلُ ســترمي عن صهواتِ الخيلِ دثارَ الصوفِ ،
وأسمعُ في الفجرِ أغاريدَ لطيرٍ منفردٍ …
…………
…………
…………
ستقولُ : وما شأنُ الألــمانيّ ، طريدِ العالَــمِ ، في هذا؟
عجبــاً !
أ وَلَـمْ تعلمْ كيف أحَبَّ الشِّـعرَ ؟
وهل تعرفُ مَـن شـاعرُهُ ؟
ثمّ هنالك أمرٌ :
نحن ، الإثـنَـينِ ، هبطْـنا لندنَ في أيّـامٍ تتماثلُ …
نحن طريدا حرسٍ ( زُرقِ العيونِ عليها أوجُــهٌ سُــودُ ) .
……………..
…………….
…………….
ولماذا لا أكتبُ عن كارل ماركس ؟
قرأتُ بمكتبة المتحف أشعاري ( حيث تكَـوَّنَ رأسُ المالِ )
وبحثتُ طويلاً في لِـسْــتَـرْ سْـكْـوَير Leicester Square
لعلِّــي ألقى مـنـزلَــهُ ،
وفي ســوهو Soho أيضاً ...
وأخيراً أخبرني يوجين كامينكا Eugene Kaminka
عن آخر عنوانٍ للثوريّ الألمانيّ ، بلندنَ :

9 Grafton Terrace
Maitland Park
Hampstead Road
Haverstock Hill

( كامينكا ، هو أستاذٌ في تاريخ الأفكار بكانْـبَـيْـرّا )
*
*
لكني لستُ ذكيّـاً مثل وكيل البوليس السريّ الألمانيّ ،
ولهذا
حتى بعد سنينٍ خمسٍ من أسئلةٍ وطوافٍ
لم أعرف أين يقيمُ …
ولكنك تسألُـني : أ وَلَـمْ يُدفَنْ في هايجيت Highgate
( أو في المتحفِ ، حسبَ الليدي ثاتشــر ؟ )
فأقولُ : صديقي حَـيٌّ
لم يُدفَنْ في هايجيت ، ولا في المتحفِ
لكني لم ألْـقَ له أتباعاً ومُـريدينَ هنا ،
إني أنتظرُ الآتينَ من الـحَـجَـرِ الأولِ …
قُلتُ إذاً سـأُلخِّصُ تقريرَ وكيلِ البوليس السرّيّ الألمانيّ .


ملحوظة :
A Prussian Police Agent’s Report,
Published in
G.Mayer, “ Neue Beitrage zur Biographie von Karl Marx" ,
In Grunberg’s Archiv, Vol.10, pp.56-63.

التقـــرير الذي لم يُكتَبْ في الأصل باللغة العربية

ماركس متوسط القامة ، عمره 34 سنة ، أخذ شعره يشيب بالرغم من أنه في ريعانه . قويّ البِنية ، تشبه ملامحُـه زيمير Szemere ] رئيس وزراء الحكومة الثورية الهنغارية قصيرة العمر في 1848 ، الذي كان
صديقاً لـماركس[ ، لكنّ سحنته أغمق ، كما أن شعره ولحيته أسـودان . الأخير لا يحلق شعره ؛ وفي عينيه
الواسعتين النفّاذتين شــيءٌ شيطانيٌّ . لكن المرء يستطيع القول منذ الوهلة الأولى إن هذا الرجل ذو عبقرية
وقوّة . إن ذكاءه المتفوق يمارس تأثيراً لا يقاوَم في ما يحيط به . في حياته الخاصة ، لا يحبّ النظام ، مريرٌ ، وسيّء المزاج . إنه يحيا حياة الغجريّ ، حياة مثقفٍ بوهيميّ ، أمّـا الإغتسال والـمَشط وتبديل الثياب فلا يكاد يعرفها إلا نادراً . يستمتع بالشراب . وهو في الغالب لا يفعل شيئاً أياماً وأيّـاماً ، لكن إن كان لديه عملٌ يؤدِّيه اشتغلَ ليلَ نهارَ في مثابرةٍ لا تكِـلُّ . ليس لديه وقتٌ محددٌ للمنام والإستيقاظ . وغالباً ما يسهر الليلَ كلَّـه ، ثم يتمدد على الأريكة بكامل ملابسه حوالَي الظهيرة ، وينام حتى المســاء ، غير عابيءٍ بحقيقة
أن العالَـمَ يتحركُ جيئةً وذهاباً في غرفته .
زوجته هي أختُ الوزير البروسيّ ، فون ويستفالِـنْ ، وهي امرأةٌ مهذّبةٌ لطيفةُ المعشر ، عوّدتْ نفسَها على هذه العِيشة البوهيمية ، حبّـاً بزوجها ، وهي مرتاحةٌ الآنَ تماماً في هذا البؤس . لديها ابنتان وولدٌ ، والثلاثة حسنو الهندام حقاً ، وعيونهم ذكيةٌ مثل عيني أبيهم . ماركس ، زوجاً وأباً ، أفضل الرجال وأرقُّهم ، بالرغم من شخصيته القلِـقة . يعيش ماركس في حيٍّ من أسوأ أحياء لندن أي من أرخصها . لديه غرفتان . إحداهما تطلّ على الشارع وهي الصالون ، غرفة النوم في الخلف . وليس في الشقّة كلها قطعة أثاث ثابتة نظيفة . كل شيءٍ مكسورٌ ، مهتريءٌ وممزّقٌ ؛ وثمّتَ طبقةٌ ثخينةٌ من الغبار في كل مكانٍ . وفي كل مكانٍ أيضاً الفوضى العظمى.
وسط الصالون طاولةٌ ذات طرازٍ عتيقٍ مغطّـاةٌ بمشمَّـعٍ . على هذه الطاولة مخطوطاته ، وكتبه وصحفه ، ثم دُمى الأطفال ، وأدوات زوجته للترقيع والخياطة ، مع عددٍ من الأكواب مثلومة الحافات ، والملاعق القذرة ،
والسكاكين والشوكات والمصابيح ، وهناك محبرةٌ ، وكؤوسٌ ، وغلايين فخّار هولندية ، ورماد تبِغٍ – أي أن كل شيء على أسوأ حالٍ ، وعلى الطاولة إيّـاها . إن أدنى الناس سيرتدُّ خجِلاً من هذه المجموعة المرموقة .
حين تدخل غرفة ماركس ، يدهمك الدخان وأدخنة التبغ حتى لتدمع عيناك كأنك تتلمّس طريقك في كهف .
وبالتدريج ، تعتاد عيناك على الضباب ، وتبدآنِ تميِّـزان أشياءَ قليلةً . كل شيءٍ قذرٌ مغطّى بالغبار . والجلوسُ
خطِــرٌ . أحد الكراسي له ثلاث أرجلٍ فقط . وعلى كرسيّ آخر صادفَ أنه متماسكٌ يلعب الأطفال لعبة
الطهي . هذا الكرسيّ يقَـدَّمُ إلى الزائر ، لكن طهي الأطفال يظل في مكانه . إنْ جلستَ ضحّيتَ بسروالك.
لا شــيء من هذا يضايق ماركس أو زوجته . أنتَ تُستَقبَلُ خيرَ استقبالٍ . ويقَدّمُ لك الغليون والتبِغُ وما سوى ذلك بكل كرمٍ ، كما أن الحديث اللطيف المفعَم بالروح كفيلٌ بالترميم الجزئي للنواقص . بل أن المرء
ليعتاد العِشــرةَ ، ويرى هذه الحلْـقةَ مثيرةً للاهتمام وأصيلةً . ها هي ذي الصورة الحقيقية للحياة العائلية
للزعيم الشيوعيّ ، ماركس …
*
هَـــــيْ !
هَـــــــيْ !
هَـــــــــيْ !
أ وَما قلتُ لكم : إنّــا لم نعرفْ كارل ماركس ؟


لندن 7/3/2005




#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابُ الغصــون
- رحــيـلُ العاشــق
- إيْـسْـتْــبُــوْرْنْ في الشتاء
- جلال الطالباني إلى المحكمة الجنـائية الدولية في لاهاي
- التصويتُ وعواقـبُــهُ
- البريــدُ الـلـيـلــيّ
- كــلامٌ فــارغٌ
- وَشْـــمُ الذئبِ
- الأَتْــباعُ يختصمــونَ
- القـصـيدةُ قد تأتــي …
- القصيدةُ قد تأتــي …
- بابانِ لِـبيتِ الـلّــهِ
- أبو إبَـــر … أبو طُــبَــر
- أطاعَ غناءَ الحوريّـاتِ
- عــرَبـةٌ ذاتُ ثلاثةِ جِــيادٍ
- بطاقةٌ إلى ممدوح عدوان
- الحصـــانُ والـجَـنِــيْـبَـةُ
- إذاً … خُــذْها عندَ البحرِ
- - الحوار الـمتـمدِّن - : رئةُ الحريةِ ورايــتُــها
- لا قهوةَ في الصباح


المزيد.....




- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...
- -مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية ...
- NOOR PLAY .. المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقه 171 مترجمة HD ...
- بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص ...
- بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص ...
- حالا استقبل تردد قناة روتانا سينما Rotana Cinema الجديد 2024 ...
- ممثل أميركي يرفض كوب -ستاربكس- على المسرح ويدعو إلى المقاطعة ...
- بالصور.. ألوان رمادية تحول خيام غزة إلى لوحات فنية
- -بيغ باد وولف 2024- يعود إلى دبي بأكثر من مليوني كتاب مع انط ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - ولــماذا لا أكتبُ عن كارل ماركس؟