|
حليب الكيكوز... ومنال يونس الآلوسي... والقوات الأمريكية
علاء كنه
(ِAlaa Kana)
الحوار المتمدن-العدد: 3527 - 2011 / 10 / 26 - 08:01
المحور:
كتابات ساخرة
تولدت لدى كثير من الشعوب وللأسف الشديد وبفعل عوامل كثيرة ثقافة – الإنتهازية - والتي تعتبر أحد أخطر الأمراض التي تزعزع المجتمعات، وهذه الظاهرة بالمفهوم البسيط تعني إتخاذ الفرد لمواقف أو قرارات في سبيل تحقيق غايات أو مصالح فردية (شخصية) على حساب الأخرين، أي حب الذات والمصلحة الشخصية وتفضيلها على المصلحة العامة، ومثال ذلك عدم الشعور بالمسؤولية وكيل الأمور بمكيالين وحسب الموقف أو الظرف....إلخ. وفي إعتقادي إن السبب في ذلك يعود الى نفسية هؤلاء الإنتهازيين وخلفياتهم الفكرية والثقافية التي ترعرعوا عليها، كما تلعب أنظمة الحكم المتسلطة على تلك الشعوب دوراً كبيراً في زراعة تلك الثقافة لإدامة فترة حكمها وفرض سيطرتها على مجتمعاتها. وبرزت تلك الثقافة أو الظاهرة المقيتة في العراق للسطح عندما زرع النظام السابق بذورها أو شجع أفرادها لنجني نحن ماوصلنا اليه الآن من حال. ويتضح هذا بشكل جلي وواضح الآن على بعض سياسّي هذا الوقت. حيث قرأت قبل أيام مقالة لأحد الزملاء حول مادار في أروقة مجلس النواب العراقي من نقاشات حامية الوطيس بخصوص موضوع الساعة وهو موضوع خروج القطعات الأمريكية من العراق بعد إنتها فترة بقاءهم !! ولم يكن السبب حسب ما علمت من المقالة سياسياً أو ماشابه ذلك؟؟ ماذا تتصورون كان السبب؟ السبب هو وحسب مادار الحديث بين عدد من هؤلاء النواب السياسيين إن العراق دولة إسلامية ولايجوز أن يولى على المسلمين من النصارى....ولا أعرف هنا بماذا أجيب على هؤلاء؟ المضحك المبكي إن هؤلاء قد تذكروا الأن إن الأمريكان هم نصارى!! ولا أعلم أين كانوا منذ عام 2003 ولغاية اليوم ؟ والظاهر أنهم أما كانوا نياماً أو قد حلوا على العراق من المريخ؟ ...المهم هذا ليس موضوعي، ولست ضليعاً بالسياسة لأبين وجهة نظري بهذا الموضوع، ولست رجل دين لأفتي بفتوة أبين فيها مدى صحة هذا الأمر من عدمه... وإنما ما أريد أن أوضحه هنا إن هذه الطبيعة أو هذه الثقافة هي ليست وليدة اليوم بل هي علة أو بالأحرى مرض إضافة لكونه موروث قديم توارثناه نحن الشعوب العربية أباً عن جد ونحن منهم، وأقصد هنا ثقافة 35 سنة من عسكرة الثقافة والحزب الواحد. نحن المجتمعات العربية بالأخص للأسف بوجهين ودائماً نريد ان نُسّير الأمور مثل ما نريد وحسب ماتقتضيه الحاجة، وحتى من الناحية الدينية!!!! وخير دليل على ذلك الفتاوى التي تطلق بين الحين والأخر من قبل رجال الدين وشيوح الفضائيات، أو كما يلقبهم البعض بـــ(شيوخ بلا حدود)، حيثُ فلان يُحلل وعلان يُحرم حتى داخل نفس الدولة الواحدة وحتى بخصوص نفس الموضوع كما هو الحال مع البطلين الطنطاوي والقرضاوي!! وسأروي بهذا الصدد حادثة عاصرتها وأتذكرها جيداً تؤيد ماذهبت اليه..... يتذكر جميع العراقيين الشرفاء في نهاية السبعينيات من القرن الماضي عندما كان العراق في عز شبابه، وكان توجه “حكومة الثورة” في وقتها نحو الخطة الإنفجارية ومارافق ذلك من تزمير وتطبيل في مختلف وسائل الأعلام من إذاعة وتلفزيون وصحف محلية بضرورة إشراك المرأة في المجتمع وزجها في العمل جنباً الى جنب مع الرجل لغرض بناء المجتمع. ولم يكن هناك في وقتها أي إعتراض على ذلك لما كان يشهده العراق من إنفتاح ذهني وتقدم ثقافي وإجتماعي في وقتها. وأتذكر أيضاً كان في وقتها حليب الكيكوز (حليب الأطفال) يغزو الأسواق العراقية، وكيف بدات وسائل الأعلام والتلفزيون بحملة ضارية على قدم وساق في وقتها لتعلن وتذيع على إن الحليب الصناعي (الكيكوز) أفضل من الحليب الطبيعي للأم!! لا بل أكثر فائدة منه!! وإن على المرأة أن تعمل، ويمكن للحليب الصناعي أن يحل محل الرضاعة الطبيعية!! لحد الأن كل شي يبدو معقولاً ومنطقياً ويمكن تصديقه؟ وبالفعل إنخرطت الآلآف من العنصر النسوي في العمل. وكانت بادرة خير للعراقيين كمرحلة لبداية جديدة لبناء عراق جديد. ولكن سرعان ما أنقلبت الأمور رأساً على عقب بين ليلة وضحاها عند دخولنا في دوامة الحرب العراقية الإيرانية والتي كانت من أطول حروب القرن العشرين وأكثرها دموية، وبدأت قوافل الشهداء تتوافد على المحافظات العراقية، حتى بدأت وسائل الإعلام والصحافة في وقتها حملة نشطة معاكسة لتطبل وتهرج مرة أخرى ولكن هذه المرة كانت على أن حليب الأم أفضل من الحليب الصناعي ولايمكن للرضاعة الصناعية أن تحل محل الرضاعة الطبيعية بأي حال من الأحوال، وكأنهم تناسوا انهم كانوا يطبلون سابقاً لصالح الرضاعة الصناعية، وكأن العراقيين هم في حقل تجارب وفي درس لمادة العلوم. المهم ... طبعاً كان الغرض من هذه الحملة هو جلوس المرأة في البيت وإنحسار دورها في المجتمع والتفرغ فقط للإنجاب. وبالفعل تم مباشرة إطلاق حملة لزيادة الإنجاب وتفرغت أو بالأحرى ترأست الحملة المدعوة منال يونس الألوسي بحكم وظيفتها (رئيسة الإتحاد العام لنساء العراق) لغرض المضي قدماً لإنجاح الحملة عن طريق الأتحاد، وصلت الأمور لمرحلة أن تقف المدعوة (منال) في أحد الإجتماعات وتعلن على الملأ وأمام عدسات الكاميرا ومن خلال التلفزيون بإعتبارها قدوة إنتهازية للعراقيات، على إنها (حامل) ويبادر جميع الموجودين في الإجتماع بالتصفيق الحار وكانها(جينفر لوبيز)، لا بل وكانها أحدى الفائزات بجائزة نوبل. بالطبع كان الغرض من هذه الحملة الإنتهازية جملة أمور من أهمها هو خلق جيل جديد لحروب مستقبلية جديدة والتاريخ أثبت ذلك من خلال زج العراق بحروب منذ عام 1980 ولغاية 2003. وفعلاً تمت تسمية جيل كامل بـ(جيل القادسية) وتم ختم تلك العبارة على بطاقة الأحوال المدنية العراقية للمواليد الجدد. وكذلك لتعويض الشهداء الذين تساقطوا في الحرب العراقية الإيرانية. من الظاهر إن البطل المنصور كان يخطط أن يقضي جميع العراقيين معظم حياتهم في حروب، من حرب لحرب والتي كانت أحدى انجازات الثورة. والجميع يتذكر جيداً ما رافق وماتلا الحرب العراقية الإيرانية من إختلال واضح في المجتمع العراقي من الناحية الديموغرافية للسكان من حيث إرتفاع نسبة معدل الإناث على الذكور، وكيف حاول القائد المنصور في وقتها إحداث تغيير في النسيج العراقي والتركيبة السكانية له حينما حاول توطين أكثر من أربعة ملايين مصري كانوا قد إستقدموا كأيدي عاملة محل الأيدي العاملة العراقية لإنشغال الجميع في الحرب ومارافق ذلك من إشكالات ومضاعفات إجتماعية خطيرة كثيرة على المجتمع العراقي لامجال لذكرها الأن، إلا أن محاولته فشلت بعد أن زج بقسم منهم في الحرب وبدأت قوافل توابيت الشهداء المصريين تتوافد الى مصر ومن ثم بدأ عملية نزوح عكسية لهم من العراق. إن الغرض من هذه المقالة هو ليس نبش الماضي الأسود والذي أوصلنا الى ما نحن الأن عليه، وإنما هي فقط لتذكير بعض هؤلاء الذين يتشدقون بالديمقراطية على أنهم سياسّي اليوم وأقول لهم أن الإنتهازية موجودة في كل زمان ومكان، ومثلما كان النظام السابق يتلاعب بعقلية العراقيين بإنتهازية وبأساليب مختلفة، ها هنا نرى اليوم نفس الشيء وكيف يتلاعبون هؤلاء بعقلية العراقيين بنفس الأسلوب وبإختلاف الوقت والظرف، وما أقصده هنا من ناحية الدين، وإتخاذه شماعة لهم لتبرير مواقفهم الإنتهازية. وأحب أن أذكر أيضاً إن هذه الأفكار تعود بوادرها أيضاً للنظام السابق عندما تذكر القائد المنصور الله في آخر أيامه وأمر بتطبيق الحملة الإيمانية، والتي كانت أول البذور التي زرعها لنجني نحن جيلاً متشدداً أنخرط المئات منهم وبكل سهولة في جماعات دينية وميليشيات متطرفة الحقت الأذى بالعراق وبالعراقيين بمختلف فئاتهم وطوائفهم. إن علينا أن نقف جميعاً ضد هؤلاء من حملة شهادة (الإنتهازية) بصفة أن أكثرية أعضاء مجلس النواب هم من حملة الشهادات العليا، وأن نقول لهم إن العالم قد تغير، وأن علينا مسؤولية أن نحمي عراقاً بلداً وشعباً قبل أن يسقط للهاوية. وختاماً أقول لهؤلاء النيام إن موعد إستلام رضعتهم من حليب الكيكوز ربما قد حان موعدها، لا بل أقترح عليهم أيضاً أن يصوتوا على إعادة إستيراد حليب الكيكوز مرة أخرى وخاصة لتفرده بالعديد من الخصائص بعد أن تم تعديله وتدعيمه ببعض العناصر الغذائية بحيث أصبح أقرب مايمكن لحليب الأم عل وعسى أن يقلل من إنتهازيتهم ويرجعوا الى صوابهم ويعوا وأن يضعوا مصلحة العراق فوق كل إعتبار، وأن يتركوا الدين لأهل الدين.
#علاء_كنه (هاشتاغ)
ِAlaa_Kana#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
-
3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV
...
-
-مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|