علي عجيل منهل
الحوار المتمدن-العدد: 3452 - 2011 / 8 / 10 - 23:38
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
مرت الذكرى- ال78 لمذبحة سميل- التى حصلت للشعب العراقى الاشورى فى 7 اب عام 1933 وهى مناسبة للشهيد الاشورى فى هذا اليوم الحزين فى تاريخ شعبنا الذى تعرض للمحن والاحزان فى تاريخه الحديث وقامت - الحكومة العراقية بحق أبناء الأقلية الآشورية في شمال العراق - عمليات تصفية منظمة بعهد - حكومة رشيد عالي الكيلاني -ازدادت حدتها بين 8-11 آب 1933. يستخدم المصطلح وصف المذبحة في بلدة سميلي بالإضافة إلى حوالي 63 قرية آشورية في لواء الموصل آنذاك --محافظتي دهوك ونينوى حاليا- والتي أدت إلى موت أكثر من 3,000 آشوري- كان الشعب الآشوري قد خرج لتوه من إحدى أسوأ مراحل تاريخه عندما أبيد أكثر من نصفهم خلال المجازر التي اقترفت بحقهم من قبل الدولة العثمانية وبعض العشائر الكردية التي تحالفت معها أبان الحرب العالمية الأولى-
كانت لهذا الحدث تأثير كبير على الدولة العراقية الناشئة، حيث صورت هذه المجازر على أنها أول- انتصار عسكري للجيش العراقي- بعد فشله في إخضاع التمرد الشيعي في الجنوب وثورة البرزنجي في كردستان العراق ، ما أدى إلى-زيادة الدعم للجيش العراقي
عادت فرق الجيش التي شاركت في المجازر إلى الموصل ومنها الى بغداد
حيث تم استقبالها استقبال الأبطال، فتم نصب أقواس نصرفي الشوارع زينت بأعلام وشعارات تهيب بالجيش كما تعالت هتافات تشيد بالعراق وأتاتورك (كون الموصل لا زالت واقعة تحت تأثير تركيا) وحضر- ولي العهد غازي-- شخصيا وقام- بتقليد كبار الضباط وقادة العشائر المشاركة بعمليات النهب أنواط شجاعة- كما تكرر الأمر في- بغداد حيث تم استقبال الفرق العسكرية --لدى عودتها بحفاوة وقام الجيش باستعراض عسكري في شوارع المدينة وتمت- ترقية بكر صدقي الذي قاد لاحقا أول انقلاب عسكري في تاريخ العراق عام 1936.
بعض ابطال تلك المجزرة المريرة،
وكان اولهم-- رئيس الوزراء السيد رشيد عالي الكيلاني:--- وخير ما قيل عنه انه "رجل مخادع حين تضيق به الامور ويشتد عليه الخناق". وكذلك "وقد عرفه تاريخ العراق متاَمراً دساساً - عام 1935 وعام 1941" وكذلك" ظه-ر رشيد عالي--- سفاحاً فتاكاً-- يقود الجيش لمقاتلة عشائر الفرات الاوسط وينفذ -اَوامر الاعدام -بافرادها ". .
والاخر هو- وزير داخليته حكمت سليمان.- وهو ابن سليمان فائق رئيس المماليك في العراق، وانه -مملوك شركسي- وقيل مغولي الدم. وقد نشأ في استانبول تحت رعاية اخيه الجنرال محمود شوكت باشا الذي قاد انقلاباً عسكرياً وخلع السلطان عبد الحميد الثاني عن عرش الامبراطورية. فكان من الطبيعي ان يتربى حكمت سليمان على نفس الاساليب العثمانية في السياسة والادارة، والقائمة على الدس والتاَمر والاستبداد والغطرسة في الاداء.
وقد مارس دور الوالي التركي ليس في مواقفه مع المسألة الاشورية، بل مع الشأن العراقي عموماً. وفيما يتعلق الامر بالاشوريين فأنه كان مهيئاً للعب ذلك الدور بجدارة انطلاقاً من ثقافته التركية العنصرية وأصله المملوكي، اذ كانت ماتزال تراوده فكرة خيانة الاشوريين لاسيادهم الاتراك العثمانيين، ومسألة "التجريدات" أي شن الحملات العثمانية لابادة اولئك العصاة الجناة. وهو والحالة هذه كان يمارس دور المكمل لتلك الحملات التأديبية الانتقامية من الاحفاد بسبب زلة الاجداد حسب ظنه هو!
أما الثالث فكان-- القائد العسكري لمنطقة الموصل- بكر صدقي-: والذي وصف بأنه كان "على قدر عظيم من الغرور والحمق". بالاضافة الى كونه يضمر الحقد المقرون بالكراهية والعداء ضد الاشوريين بسبب الاطماع القومية، كونه قوميا كردياً متطرفا -وكون مسار حركة التحرر الكردية يتقاطع مع المسألة الاشورية في المنطقة آنذاك، حسب ظنه!
اراد-- حكمت سليمان- من مار شمعون ايشاي بطريرك الاشوريين،- تعهداً تحريرياً بالتخلي عن المطالبة-- بالسلطات الزمنية:--والحكم الذاتى -
وهذه المطالبة لم تكن خطراً مخلاً بالامن وتهديداً للدولة. وان عصيان مار شمعون المزعوم مهما اتسع فلن يبلغ شيئاً تجاه الثورات المستمرة للاكراد والايزيدية وعشائر الجنوب.
ان اعتقال مار شمعون في بغداد، سيثير أتباعه في الشمال ويدفعهم الى اظهار غضبهم وتمسكهم بقيادتهم الدينية. والى القيام بالعصيان المسلح. وهذا ما كانت الحكومة تصبو اليه اصلاً لتخلق عدواً ملموساً من الناحية الاعلامية على الاقل. وتبث أشاعاتها لتخلق جواً مشحوناً بعواطف الحقد والكراهية ضد الاشوريين. وكان الطيارون العراقيون ومن خلال طلعاتهم يختلقون أخبار التجمعات المسلحة في القرى الاشورية. وهذا امر طبيعي لما عرف به الطيار العراقي حينها من جموح في الخيال، وقدرة فائقة في المبالغة واختلاق القصص والاحداث .
وقد شجعهم على ذلك وصول وزير الدفاع جلال بابان الى الموصل. -" اندفعت بعض القبائل العربية والكردية وبعض الايزيديين الى مهاجمة قرى الاشوريين في دهوك وزاخو... وكان لتشجيع وزير الدفاع السيد جلال بابان ومدير الشرطة العام السيد صبيح نجيب وقائد المنطقة الشمالية بكر صدقي أثر في ذلك "
.
ذكرى حزينة وعار وطنى
لم يحصل في تاريخ العراق المعاصر، مثل الذي حصل بحق الاشوريين، منذ ان كان العراق في بداية الطريق- لتكوين دولة مستقلة عضو - في عصبة الامم المتحدة. ومنذ ان كانت مكونات شعبه العرقية والحضارية والاجتماعية المتعددة. قد بدأت التاَلف والتعايش معاً تحت راية العراق الموحد، وحصل هذا الشرخ الكبير
العشائر التي شاركت الجيش في جريمته بالاضافة الى افراد من الجيش والشرطة- بأسترقاقهم-- واخذ النساء زوجات أو جاريات او خادمات في بيوتهم. اما الاطفال وحسب المصادر، فقد تم بيعهم عبيداً وفي مناطق مختلفة من العراق ؟
لم يظهر في العراق-- حزب سياسي او شخصية وطنية او حكومة شرعية او مجموعة انقلابية،-- وعلى مدى ثلاثة ارباع القرن الماضية، يكون قد طالب بانصاف الاشوريين، فعلاً، او قولاً، او في النية! جراء ما انزله جيشهم العراقي ومواطنيهم وجيرانهم بحقهم من البطش والتقتيل، ومن دون وجه حق.
فالنظرة الشعبية العامة تجاه الاشوريين، كانت ومازالت! تنم عن ملامح اتهامهم بالخيانة والموالات للأجنبي، وهذا بعيد عن الحقيقة كل البعد. وفي المحافل الدراسية والجامعية مازالت البحوث والدراسات تظهر واصفة نكبة السميل بحق الاشوريين - لتمرد الاشوري، الخيانة الكبرى، دقة التيارية، النساطرة الوافدون، ناكري الجميل، تمرد مار شمعون -
وفي المجال السياسي والاداري للدولة ومن ثم الجمهورية العراقية، مازال الموقف الرسمي لم يتغير،
فمن يسمي الاشوريين بالمذاهب الدينية، والاخر بالنساطرة او الكنيسة الاشورية او المسيحيين العراقيين والكلدو اشوريين -... الخ. وفي الدساتير العراقية ورد ذكرهم مؤخراً باسماء مركبة تارة ، وباسماء قومية ومذهبية تارة اخرى! او بصيغة الاقليات العرقية ثالثة ..! وهكذا. والمناخ السياسي العراقي ومع الاسف، مازال لايحتمل او يستسيغ حالة الوجود الوطني والقومي الاشوري بمذاهبه وكنائسه وحتى اديانه المتعددة في العراق، إسوة ببقية مكونات العراق الكبيرة والصغيرة
ان حال الاشوريين-- هم قوم لا ينتصر لهم عرب ولا اكراد ولا سنة ولا شيعة، بل- ولا مسيحيون-
.
اما-الوضع الاشوري نفسه، لم تفارق الاشوريين - طوال ال78-السنة الماضية، بل طوال القرن الماضي، لم تفارقهم المشاحنات المذهبية والطائفية والعشائرية والفئوية وحتى السياسية. والمشاحنات السياسية، هي الاخيرة والمكملة للمشاحنات التي أبركت الجميع ـ الاشوريين ـ وجعلت منهم مجموعة طوائف ومذاهب سهلة الانقياد الى حيث مصالح ومطامع أهل المصالح والمطامع في الشأن الاشوري وطنياً ودولياً .
كما يستطيع المرأ ودون مشقة الوصول الى حقيقة كون ما حّل بالاشوريين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم خلال الثلاث سنوات الاخيرة، أعظم بكثير مما حّل بهم قبل وخلال وبعد نكبة سميل، اذ ان عدد القتلى الان قد تجاوز عدد شهداء سميل بكثير. وعدد المهاجرين والمطرودين قسراً الى خارج البلاد، والمبعدين في الداخل قد تجاوز المليون شخص .
ا
#علي_عجيل_منهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟