أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عماد مسعد محمد السبع - دورالسياسات والعلاقات الزراعية المصرية فى قيام ثورة 25 يناير















المزيد.....

دورالسياسات والعلاقات الزراعية المصرية فى قيام ثورة 25 يناير


عماد مسعد محمد السبع

الحوار المتمدن-العدد: 3351 - 2011 / 4 / 30 - 06:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


رغم أن القرية المصرية لم تقدم أسهامآ حاسمآ فى مشهد ثورة 25 يناير, وظل الفلاح المصرى وفيآ لمبدأ أنسحابه وغياب تأثيره فى الفضاء السياسى - فأن تساؤلآ مشروعآ يثورحول دوروأبعاد السياسات الزراعية والعلاقات الإجتماعية الريفية فى تكريس واقع سقوط مبارك ونظامه .

فالثابت أن الخطوط العريضة للسياسية الزراعية بعهد مبارك أعتمدت فكرة أن نمط الفلاحة السائدة هى سبب مشكلات القطاع الزراعى المصرى , وأن غياب ركن ( الربح والكفاءة الإنتاجية ) - وفق المعايير الرأسمالية - يعرقل تفاعل هذا القطاع مع آليات السوق وجهازالأثمان الداخلى و الخارجى .

ومن هذا المنطلق حضرت على جدول أعمال مبارك خطط تحرير أسعار المحاصيل الزراعية , وأعلاء شأن التصدير الزراعى للسوق العالمية على حساب الإنتاج المحلى والإكتفاء الذاتى . وروجت الحكومات المصرية المتعاقبة لشعار ( لنزرع الفراولة والكانتالوب ونصدره بأسعار قياسية للخارج على حساب القمح والأرزالذى سنستورده بأقل سعر ) ! . ودفعت الفلاحين لإختيارالمحاصيل التى تحقق أكبرربحية بأقل عائد ممكن , ففى وقت ستعتمد فيه مصرعلى أستيراد ( محاصيل الحبوب // القمح و الأرز والشعير والذرة ), فأنها ستستفيد من الربحية بين ما ستصدره للخارج وما تستورده من منتجات زراعية .

ولكن كان هيكل ( ملكية الأراضى الزراعية بالريف المصرى ) هو العقبة أمام التمكين لهذه السياسية , وحيث نظر مبارك لنموذج الملكيات الزراعية القائم وآثاره التوزيعية كأحد تشوهات وأختلالات التنظيم الإجتماعى القروى القائم منذ العهد الناصرى .

فقد كانت الغاية الأساسية من سياسات الإصلاح الزراعى التى أدخلتها ( ثورة يوليو ) فى ستينات القرن الماضى هى : نزع السلطة من يد كبار الملاك فى الريف وتجريدهم من سلطة صياغة القرار الإجتماعىوالسياسى فى الريف المصرى , وكذلك تأكيد عملية " التنمية الإنتاجية الزراعية المستقلة " وبما يضمن الإكتفاء الذاتى وعدم الإعتماد على الخارج .

ولذلك أنحازت توجهات ( عبد الناصر ) الزراعية بوضوح للفئات الوسطى الريفية ولصغار المزارعيين القادرين على الإضطلاع بهذه المهمة , وتدخلت الدولة الناصرية بأجراءات قسرية تصحيحية لتحقيق هذا الهدف عبرقوانين الإصلاح فى نطاق الملكية , وعبرالتعاونيات الزراعية فى نطاق الإدارة .

وبشكل عام فأن التوجه الناصرى الزراعى حال دون توظيف ( الأصل الزراعى / عنصرالأرض ) فى عملية الإنتاج الرأسمالى , وفى المضاربة عليه من جانب الإقطاع والقوى الإحتكارية المتحفزة لجنى الأرباح الإستثمار فى قطاع الزراعة .

ومن هنا رأى نظام مبارك أن التأسيس لأنماط إنتاجية وأجتماعية مغايرة يستوجب القضاء على نموذج الملكيات والمساحات الصغيرة – المحدودة والمتناثرة فى الريف , والتى كانت تمثل عقبة تمنع تمدد وأندفاع حركة الرأسمال إلى أراضى وحياض مصر, وتحول دون السيطرة عليها كأحد مستلزمات عملية الإنتاج الرأسمالية .

كما رأى أن هناك ضرورة لتحرير/ ( سوق بيع و شراء الأراضى الزراعية المصرية ) وبما ينسجم مع التوجهات الإقتصادية العامة لتحريرالإقتصاد من جانب , وأعادة تكوين ( رأسمالية زراعية بأجنحتها الصناعة ) تحوز( رأس المال والأرض معآ ) , وتكون قادرة على المنافسة الزراعية العالمية - من جانب آخر .

ولذلك أدخل تعديلات هامة و تاريخية ( بالقانون رقم 96 لسنة 1992 ) تتصل بأنتهاء آلية الإمتداد القانونى للعلاقات الإيجارية الزراعية , وبما يسمح بعودة الرأسمالية الزراعية ( الملاكية ) للبحث عن حيازاتها الغائبة , ويساهم فى أحياء صيغة " خطة الملكية الزراعية " كخط تقسيم اساسى للقوى الإجتماعية الريفية .

وقد أدى تطبيق هذا القانون لإشعال الصراع بين ملاك ومستأجرى الأراضى الزراعية المصرية وأدخلهم فى أتون خصومات قضائية وأدارية بشأن ( الملكية والحيازة ووضع اليد ) مازالت قائمة حتى الآن . كما زكى إتساع قاعدة ( العمالة الزراعية الأجيرة ) ودفع للواجهة ( شغيلة زراعية ) جدد - لا يحوزون أرضآ ويعتمدون على بيع قوة عملهم الفردى .

وتكشف الدراسات الحديثة عن نجاعة هذا القانون فى أحداث نمط تراكمى بحيازات الأراضى الزراعية المصرية لصالح كبار الملاك – وحيث صارت الحيازات التى تزيد على 5 فدادين تشكل نحو 52% من الأراضى خلال العام 2003 – 2004 . فى حين أرتفع نصيب الحيازات التى تتجاوز ال 50 فدان إلى نحو 15% فى آخر تعداد زراعى بالعام 2000 بالمناطق القريبة من نقط التمركز الرأسمالي .

نظام مبارك والحزب الوطنى كانت يدعم سيناريوهات عودة الإقطاع ويسعى لتجريد صغارالفلاحين من ملكياتهم الصغيرة , وفى الوقت نفسه كان يعلى من شأن تصدير المنتجات الزراعية المصرية للسوق العالمى على حساب الإحتياجات المحلية ومستلزمات المواطن من الغذاء .

هذا المنتج الزراعى التصديرى لم يستطع الصمود فى سوق المنافسة العالمية التى تفترض وجود كيان كبير قادرعلى التصديروعلى تنمية الإستثمارات فى نطاق زراعات كثيفة وتوظيف التكنولوجيا لتخفيض تكاليف الإنتاج . فضلآ عنه أنه جعل غذاء المصريين الأساسى عرضة لتقلبات السوق العالمى ورهنآ بما يشهده هذا السوق من صدمات سعرية متتالية .

كما أدى ذلك النهج التصديرى لتكريس واقع التفاوت المرتبط باختلاف انتاج التركيب المحصولى , وحيث تراجعت دخول أرباب الزراعات التقليدية - بفعل زيادة التكلفة ومستلزمات الإنتاج و غياب رعاية الدولة – فى حين أزدادت ربحية أصحاب الزراعات الرأسمالية القابلة للتصدير .

مبارك واجه صعوبات كبيرة - قبل أيام من رحيله - نتيجة لأخفاق سياساته الزراعية , وحيث تراجع النمو الزراعى حتى أول أكتوبر 2010 لأقل من 3% , وأرتفعت أسعار الخضرورات لأكثر من 150% وشهد القمح أزمة خانقة نتيجة لتقلبات المناخ ( الروسى ) وعدم وجود رصيد داخلى لإطعام المواطنيين وأنتاج الخبز ! .

وقد سارعت أجهزة التبرير الحكومى فى النظام – وزرارة الزراعة ووزارة التنمية الإقتصادية – للتغطية على هذا الإنهيار بأدعاء أن هناك " استراتيجية زراعية جديدة لرعاية الفلاح ولتحقيق الإكتفاء الذاتى من محاصيل الحبوب بالكامل "!! - وروج لذلك موقع الحزب الوطنى الحاكم , كما أشار له جمال مبارك فى تصريحات خاصة بمدينة بركة غطاس .

وفى واقع الأمر فأن تراجع معدلات النمو بالقطاع الزراعى فى الأيام الأخيرة لمبارك ولد آثارآ كارثية , ودفع بمخزون غضب المصريين إلى الأمام , فقد أدى لتغذية الإتجاهات التضخمية العامة , وتآكل الدخول الفردية , ورفع أسعار الغذاء والسلع المكملة , وتراخى الأنشطة الصناعية المعتمدة على مدخلات زراعية / حيوانية . فى وقت ضعف فيه الأداء التصديرى وأصبحت الحاجة ماسة لحظرأوتقيد تصدير بعض المنتجات الزراعية لمواجهة الطلب الإستهلاكى المتزايد بالسوق الداخلية .

والمثير أنه فى ذروة هذه الأزمة كان هناك أهتمام ( سياسى وأعلامى/ شكلى ) بقضايا الفلاحين والريف من جانب الحزب الوطنى و جمال مبارك , وحيث كان يجرى التعامل مع الفلاح باعتباره عصب العملية التصويتية فى أنتخابات القرى , وأنه سيكون – بسيكلوجيته المهادنة - رافعة لتزكية مشروع توريث السلطة لجمال مبارك .

وفى أرض الواقع كانت القرى المصرية تعانى كافة مظاهر الحيف والظلم الإجتماعى والطبقى , و سوء الأحوال المعيشية , وتدنى المستوى العام للخدمات الحكومية وتدهور معدلات النمو , واتساع الفجوة بين القاطنين فيها وأهل المدن . وكان الفلاح معرضآ بعد زحف الإقطاع على ملكيته , لغياب الإستقرارالسعرى لمنتجه والتذبذ الهائل فيه ,والتى لا تستطيع الدورة الزراعية ملاحقته , ومن ثم تراجع العائد ,ووقع كثيرمن الفلاحين تحت طائلت الإستدانة .

فتحالف سلطة مبارك لم يكن تعنيه التعاونيات الزراعية أو تلبية الحاجات الأساسية للفلاحين , أو أيجاد الحلول لمشاكل الرى والصرف ( المشكلة التاريخية المزمنة للزراعة المصرية ) أوتنظيم أسعار الحاصلات و تحقيق توازن فعلى بالسوق الزراعى . ما كان يأتى على جدول أعمال النظام هوالوفاء بتطلعات الملكية الإقطاعية الصاعدة , وتوطيد أواصر التبعية الغذائية مع السوق الرأسمالى والإرتباط بأولوياته .

الإهتمام الصورى من جانب مبارك وحكوماته بالقضية الفلاحية والسياسة الزراعية كان أحد الأسباب الهامة والدافعة للإحتقان منه والثورة عليه , كما أن غياب العدل الإجتماعى بالقرية المصرية كان حاضرآ فى خلفية مشهد سقوطه .. ولكن ضمن خصوصية وتعقيدات العلاقات الريفية العامة , وفى صلب نسيج القمع والإستغلال الزراعى التاريخى المسيطرمنذ قرون فى الريف المصرى .



#عماد_مسعد_محمد_السبع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا غاب العمال عن مشهد الثورة المصرية ؟ .
- ملاحظات حول الرهان الخارجى على الثورة المصرية
- الثورة وتحالف السلطة فى سوريا
- هل الثورات العربية هى ثورات الطبقة الوسطى ؟
- الحالة الليبية بين حقيقة الموقف الثورى ووهم سقوط القذافى
- تحريم فن النحت فى مصر وتونس
- الدولة والإنقسام الإجتماعى والطائفى فى مصر
- الوعى الزائف والصراع بين الإسلام والمسيحية .
- السودان المنسى وسط الثورات العربية
- حظرالنقاب فى فرنسا وميدان الصراع السياسى والإجتماعى
- الرأسمالية الملتحية ووهم النظام الإقتصادى الإسلامى .
- الحركة الطلابية المصرية ومشهد مابعد ثورة 25 يناير
- الأيديولوجيا وأحزاب الطبقة العاملة العربية
- المهاجرون العرب ومشهد الثورة فى أوطانهم
- السلفية الدينية وعملية البناء الديموقراطى الجديد فى مصر .
- الجيش و السلطة وميدان الصراع الطبقى فى مصر و تونس .
- ملاحظات حول الدعوة إلى أنتفاضة فلسطينية ثالثة
- تحريرالإقتصاد فى ظل القمع السياسى .. هامش على أسباب ثورة تون ...
- الثورة العربية و الحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية
- الثورة عبر الإنترنت .. كيف فجر المناضل الإلكترونى الثورة فى ...


المزيد.....




- شاهد لحظة انفجار خط أنابيب غاز.. ورؤية ألسنة اللهب من على بُ ...
- اتصال هاتفي بين ترامب والسيسي.. والرئيس الأمريكي يكشف ما ناق ...
- بي بي سي تبث صلاة العيد لأول مرة على المباشر لأول مرة
- انقسام الآراء بشأن حكم بالسجن ضد مارين لوبان ومنعها من حق ال ...
- طلع البدر علينا.. أنشودة المحبة تضيء سماء التآخي في سوريا
- ماذا نعرف عن -قطر جيت-؟
- ما هي فضيحة -قطر غيت- التي تسببت في توقيف مساعدين كبيرين لنت ...
- لافروف: اجتماع مع الجانب الأمريكي لإزالة عقبات تعطل عمل السف ...
- وزير الخارجية الأوكراني: اتفاقية المعادن مع واشنطن يجب ألا ت ...
- الجزائر - فرنسا: ما الخطوات المقبلة؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عماد مسعد محمد السبع - دورالسياسات والعلاقات الزراعية المصرية فى قيام ثورة 25 يناير