|
أراد -شراء- الدعم لحرب العراق بالمليارات!
عبدالسلام الملا ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 3282 - 2011 / 2 / 19 - 01:02
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
تحت هذا العنوان نشر الصحفي النرويجي اللامع، لارش إنكه ستافلاند ( Lars Inge Staveland) في عدد هذا اليوم 18 شباط/ فبراير من صحيفة افتنبوستن (Aftenposten)النرويجية الشهيرة، متابعته الجديدة والقيمة لوثائق وكيليكس التي منحت افتنبوستن حق الإطلاع عليها. متابعة لارش الصحفية هذه تلقي الضوء على مرحلة مهمة من مراحل التهيئ لغزو العراق، والتي كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش منهمكة خلالها على جمع الدعم لقرارها شن هجوم عسكري واسع النطاق على العراق في النصف الأول من عام 2003. حيث يتبين مدى الإعتماد الذي أولته الإدارة الأمريكية السابقة على حليفتها في حلف الناتو تركيا في تلك الحرب، حيث كان من المقرر أن يعبر أكثر من ستين الف جندي أمريكي الأراضي التركية لغزو العراق من الشمال، ولهذا الشأن فقد أوفد جورج بوش حينها وفدا رفيع المستوى الى أنقرة للتفاوض مع الأتراك بهذا الشأن. وقد عرض الوفد من بين ما عرض على الحكومة التركية برئاسة عبدالله جول في تلك الفترة، مساعدات ومعونات عسكرية وإقتصادية تقدر بالمليارات، إضافة الى إمتيازات هائلة لتركيا في عراق ما بعد صدام حسين، وموقع متميز للتركمان في العراق الجديد، وطمأنة تركيا الى عدم السامح بقيام دولة كردية في شمال العراق! أترجم هنا للقارئ الكريم نص المتابعة الصحفية المشار اليها أعلاه لأهمية الموضوع، كونه يوضح جليا أن موقف الحكومة التركية من تلك الحرب، كان موقفا مبدئيا، ولم تكن فيه أية حسابات سياسية. وأن قرار البرلمان التركي بمنع القوات الأمريكية حينها من إستخدام الأراضي التركية لشن هجوم على العراق كان قرارا صعبا يمكن أن يؤدي الى نتائج كارثية على مستقبل تركيا، ولكن على الرغم من ذلك فقد إتخذ الأتراك قرارهم الشجاع، ولم ينجروا الى تلك الحرب القذرة على عكس الكثير من الحكومات العربية (السعودية، الكويت، مصر، الأردن وغيرها) التي خضعت للإرادة الأمريكية مقابل حفنة من الدولارات، وقدمت كل المساعدات للجيش الأمريكي الذي داس بوحشية على كرامة دولة عربية وشعب مسلم، وفعل ما لم يفعله المغول في زمانهم. لأبناء شعبنا التركماني العزيز، ليكن واضحا لهم هنا، بأن الثمن الذي دفعوه (ولا يزالوا) هم ونخبهم السياسية والثقافية من تهميش وإزدراء وإقصاء من قبل بيادق الأمريكان الرخيصة ممن يستحوذون على مقدرات العراق اليوم إنما هو تنفيذ لقرار أمريكي مسبق بمعاقبة هذا الشعب الذي لا ناقة له ولا جمل في كل تحالفات وخصامات الأمريكان وحلفائهم الأتراك. ولأبناء شعبنا الكردي الشقيق، ليكن واضحا لهم هنا، بأن قوى الإمبريالية والطغيان العالمي الذي يفتخر السيدان مسعود البرزاني وجلال الطلباني في كل مناسبة بتحالفهما معها، يمكنها أن تتاجر وبدون اي تردد بآمال وطموحات هذا الشعب الأبي العاشق للحرية. ترجمة الخبر: أراد "شراء" الدعم لحرب العراق بالمليارات! قدم الرئيس الامريكى السابق جورج دبليو بوش لتركيا أكثر من 24 مليار كرون نرويجي (ما يقارب 5 مليار دولار أمريكي) لتتماشى مع خططها للهجوم على العراق. بالإضافة إلى ذلك، فإن تركيا كان بإمكانها الحصول على إمتيازات سياسية مهمة حول الكيفية التي سيبدو عايها شكل النظام الجديد في عراق ما بعد صدام حسين. المطلب الرئيسي للولايات المتحدة كان إستحصال دعم الأتراك لما يسمى بـ "الخيار أو البديل الشمالي"، حيث كان من المقرر أن تغزو القوات البرية الأمريكية شمال العراق عبر الأراضي التركية. قوات تركية سوف تشارك على قدم المساواة مع البلدان الأخرى في تحالف ما يسمى الدول الراغبة. وبالإضافة إلى ذلك، طلبت الولايات المتحدة، من بين أمور أخرى، حق التحليق فوق الاراضي التركية. يظهر كل ذلك في الوثائق المسربة إلى موقع ويكيلكس، والتي منحت صحيفة افتنبوستن حق الإطلاع عليها.
حشد الجهد الدبلوماسي عند القيام بالبحث في قاعدة بيانات (موقع ويكيليكس) في الفترة بين نهاية 2002 وبداية 2003، يمكن الحصول على فكرة عن الأهمية الأستراتيجية لتركيا قبل حرب العراق: ففي ديسمبر/ كانون الاول 2002، "تركيا" هي الكلمة الأكثر تداولا في الرسائل الدبلوماسية التي سربت الى موقع ويكيليكس، أما في الأشهر التي تليها فإن كلمة "العراق" هي الأكثر تداولا. خطة الهجوم الأمريكية كانت بحاجة إلى دعم واضح من الحكومة التركية. فتركيا عضو في حلف شمال الاطلسي، ولكن وكما كان الحال عليه في عدة دول من أعضاء الحلف في أوروبا الغربية، فإن معارضة الحرب كانت كبيرة في تركيا. بالإضافة الى أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي كان قد أحدث مفاجئة في إنتخابات خريف 2002، وكان من غير الواضح كيف سيتجاوب البرلمان التركي الجديد مع خطة الحرب الأمريكية. بسبب موقعها الجغرافي، كانت تركيا في وضع فريد، وقبل ثلاثة أشهر من اندلاع الحرب، كانت الولايات المتحدة قد حشدت سلكها الدبلوماسي لإقناع تركيا. الرئيس جاهز! بعث الرئيس جورج بوش في ديسمبر/ كانون الاول عام 2002 نائب وزير الدفاع بول وولفويتز الى انقرة. ومن الجانب التركي برز وفد رفيع المستوى بقيادة رئيس الوزراء عبد الله جول. جنبا إلى جنب مع السفير الأمريكي في أنقرة، روبرت بيرسون، عرض وولفوفيتز للأتراك "الجزرة"، بمصادقة من أعلى مستوى: "ولهذا الغرض، فإن بوتوس POTUS (رئيس الولايات المتحدة) على استعداد للتعاون مع الكونجرس الامريكى على صفقة مساعدات شاملة لتركيا،" على هذا النحو تذكر وثائق ويكيليكس. ففي حال أعطت تركيا الضوء الأخضر لخطط الولايات المتحدة فإنها ستحصل على مايلي: ■ ملياري دولار سنويا على مدى عامين كمساعدات عسكرية ومدنية. ■ قيمة مليار دولار مساعدات على شكل نفط. ■ ما يصل الى 500 مليون دولار كعروض شراء للسلع التركية.
الخشية من كردستان قوية القيمة الإجمالية للحزمة كانت أكثر من 24 مليار كرون نرويجي (ما يقارب 5 مليار دولار أمريكي). وبالإضافة إلى ذلك، فقد وعد الوفد الاميركي بأن الولايات المتحدة ستدعم أيضا رغبة تركيا في تحديد موعد لبدء مفاوضات العضوية مع الاتحاد الأوروبي. الممانعة التركية من الذهاب الى الحرب ضد العراق الى جانب الولايات المتحدة إرتبطت أيضا بالمسألة الكردية. فتركيا لديها 15 مليون مواطن من أصول كردية، وهي في صراع طويل مع مليشيا المنظمة الكردية PKK بالإضافة الى أن الأكراد ينتشرون بكثافة في المناطق الغنية بالنفط شمالي العراق. لذا فإن الأتراك كانوا يخشون أنه في حال سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فإن العراق سينهار كليا، مما يفتح الطريق أمام قيام دولة كردية في شمال العراق. لذا حاولت الولايات المتحدة طمأنة الأتراك مع ضمانات واضحة بأن: ■ دولة كردية مستقلة أمر غير مقبول. ■ حقوق السكان التركمان سوف تصان. ■ وأهم المدن في شمال العراق، كركوك والموصل، سوف تبقى تحت الإدارة الوطنية. ■ والسيطرة على عائدات النفط يجب أن تقع على عاتق السلطات الوطنية.
طالب بالمزيد من المال على الرغم من الوعود بالمليارات، فوفقا لمحضر الإجتماع، فإن الوفد التركي لم يكن كله راضيا عن العرض الأمريكي. الأتراك كانوا يرغبون بمبلغ 20 مليار دولار، تستخدم لتعويض تركيا عن الأضرار التي ستتكبدها بعد إندلاع الحرب. المندوبون الأتراك أشاروا الى أن تقديراتهم للخسارة التي ستلحق ببلادهم جراء الحرب ستصل الى 47 مليار دولار. وكانت إجابة وولفويتز على الانتقادات التركية للعرض الأمريكي كالتالي: - "قد لا تبدو هذه المبالغ كبيرة بالنسبة لكم، ولكنها كبير بالنسبة لحكومتنا. لأنها تمثل التزاما من جانب الرئيس".
الحرب ستحسم بسرعة شدد الوفد الأمريكي على العمل بسرعة، وأعطى تركيا أقل من أسبوع لاتخاذ قرارها. وفقط من خلال قرار مبكر وإيجابي كان بالإمكان البدء بتنفيذ خطط الهجوم من الشمال. "في نهاية الأسبوع؟" قال أحد أعضاء الوفد بوضوح فاجأ رئيس الوزراء عبد الله جول. بعد الاجتماع، أبلغ المشاركون على إبقاء أرقام المبالغ بعيدا عن الرأي العام. وتصنيف محضر الاجتماع بـ "سري". والشيء الوحيد الذي سوف يظهر في وسائل الإعلام هو أن الولايات المتحدة مستعدة لدعم تركيا. في موجز للاجتماع، يحث وولفويتز الأتراك على إستبعاد الآثار السلبية للحرب على العراق. ويدّعي بأن الآثار الاقتصادية قد تكون نفسية الى حد كبير. ويشدد على أن الحرب لن تكون طويلة. - "أية حرب محتملة سوف تنتهي بسرعة نسبيا، وسوف تسفر عن فوائد كبيرة لتركيا. لذا يجب على الحكومة البدء في التأكيد على ما هو إيجابي"، وفقا لما جاء في المحضر.
الولايات المتحدة الأمريكية لم تحصل أبدا على موافقة تركيا على هذه الخطط في مارس 2003 صوت البرلمان التركي بهامش ضئيل ضد السماح لأكثر من 60000 جندي للهجوم على العراق من خلال تركيا.
لا شك في ذلك لم تستغرب الباحثة في معهد أبحاث السلام PRIO في اوسلو، بينار تانك، هي الأخرى، من حزمة المساعدات التي عرضتها الولايات المتحدة على الحكومة التركية. - "ما من شك أنه كانت هناك مساومات فيما وراء الكواليس"، تقول بينار تانك. وهي تذكر بأن رجب طيب اردوغان، الذي تولى منصب رئيس الوزراء بعد عبد الله جول قبيل اندلاع الحرب، كان بمواجهة معضلة. - من خلال اتخاذه جانب الأمريكيين كان من شأن أردوغان أن يعزز من موقفه في مواجهة النخب العلمانية الذين كانوا قلقين من انه يريد سحب تركيا بعيدا عن الغرب. ولكن كان من شأن ذلك أن يضعف موقفه بين الناخبين بشكل عام، عندما كانت هناك معارضة ساحقة للحرب، تقول تانك.
بالإمكان الإطلاع على نص الخبر على الرابط التالي: http://www.aftenposten.no/nyheter/uriks/wikileaks/article4032236.ece
#عبدالسلام_الملا_ياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأكراد والعراق.. بإنتظار الفائز في سباق المحاور الثلاث
-
من الإلغاء الى الإحتواء، هل نحن أمام إطار جديد للعلاقات التر
...
-
نديم غورسل ومحاكم التفتيش الإسلامية في تركيا
-
عن نشأة التاريخ و آلية حركته
-
تأملات في تأملات ديكارت
المزيد.....
-
قمة كوب29: الدول الغنية ستساهم ب 250 مليار دولار لمساعدة الد
...
-
حدود العراق الغربية.. تحركات لرفع جاهزية القطعات العسكرية
-
وقف الحرب في لبنان.. فرص الاتفاق قبل دخول ترامب البيت الأبيض
...
-
أرامكو ديجيتال السعودية تبحث استثمار مليار دولار في مافينير
...
-
ترامب يرشح أليكس وونغ لمنصب نائب مستشار الأمن القومي
-
بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش
...
-
Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
-
-القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
-
-المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
-
إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|