|
الأصولية الأمريكية في القضية الفلسطينية
عماد عسالوة
الحوار المتمدن-العدد: 3200 - 2010 / 11 / 29 - 08:49
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
في زوايا الحديث عن القضية الفلسطينية، في الإعلام العربي : لماذا يتم تضخيم الارتباط الاقتصادي للحكومة المصرية بالولايات المتحدة مقابل عدم تضخيم الارتباط الاقتصادي للحكومة التركية بالولايات المتحدة ؟، هذا على فرض أن الإرتباط العسكري للدولتين مصر وتركيا بالولايات المتحدة أمرٌ مفروغ منهُ وبرقابة تعاونية مع إسرائيل، إن هذا التضخيم هو خطأ مردّه إلى أن سكان المناطق العربية يعانون من اليأس الذي نتج بفعل تعاقب المستعمرين ونمو الأصولية المهيمِنة بأدوات الأخلاق المزيّفة والهالات الدينية المهيمنة على الإنسان حيث أنها استخدمت نفس المنطق. فصل السياسة عن الإقتصاد بالقيم والأخلاق المهيمنة. إنها الكانتية القذرة في منطقها العدواني السلطوي الذي مُورِسً على هؤاء السكّان على مر السنين .. مما جعلهم غير مميزين لجوهر الصراع ومنطق الأصولية الأمريكية
بشكل أكثر وضوحاً، من الذين باعدوا بين علم السياسة وعلم الإقتصاد كعلمين مستقلين بذاتهما ؟ إنهم المستعمرون بعد توقّف تقاسمهم للأراضي الجديدة، فيما أصبح يسمّى بـ "الولايات المتحدة الأمريكية" مستفيدون أيضاً من تطوّر "علم تخطيط المدينة" في بريطانيا وفرنسا والذي جاء خصصيصاً لتصميم المستعمرات لتكون مدن كبرى مستقبلاً، كي يكتمل الفصل بين بناء المدينة وبناء السياسة والفصل بين بناء السياسة وبناء الإقتصاد، وكذلك الفصل بين كل تلك البناءات.. وعلم العسكرة بواسطة الإقتصاد الممهّد لعمل تلك العلوم. تلك هي بداية اللبرلة كفرع علمي مستقل وكنظرية في الهيمنة في بعدها الإستعماري في الإقتصادي. ثم ماذا؟.. ثم ظهرت المدرسة الأصولية في السياسة الأمريكية (الفندامينتالزم) وهي أشبه بالكانتية الجديدة. أؤلك اللصوص الكبار الذين هيمنوا بالأخلاق على طريقتهم الرأسمالية.. فكانت السرقات النقدية حينذاك تفوق الخيال (على حدّ تعبير الفيلسوف الاشتراكي الأمريكي ثورشتاين فبلن) بل إن مبتدئوا هذا السرقات كانوا الكهنة ورجال الدين. يلبسون القبعات الطويلة السوداء ويمسكون بالعصا ..ويقذفون بالحكمة الأخلاقية المزيّفة من أفواههم العفنة. فكان أصحاب العصي والقبعات إذن هم الفندامينتاليون أو الأصوليون في هذه الفترة. كل هذا كان قبل الأزمة العالمية التي شبّت في الولايات الأمريكية المتحدة في بدايات القرن العشرين.
كان ذلك مستتراً نوعاً ما قبل ظهور الدور الجديد ألا وهو الإستعانة بالعسكرة كداعم للهيمنة الاقتصادية اللصوصية. بدأ ذلك في أعقاب الحرب العالمية الأولى. حيث بدأت الولايات تلك بالعسكرة في عدة مناطق في العالم. وبالتأكيد تطوّر علم التخطيط الجغرافي والحضري ليلائم تقسيم المناطق المُعَسْكر فيها.، كيف ذاك ؟؟
حسناً .. سآخذكم إلى مثال صغير. في المناطق الفلسطينية المنزوعة السلاح (الضفة الغربية) تخطط الآن شركة راند الأمريكية حضرياً وتقدّم مشروعاً للحكومة الأمريكية والتي بدورها ستقدمه لحكومة إسرائيل الإحلالية يتعلق بمشروع تخطيط المناطق الفلسطينية في غزة والضفة. ويتحدد دور شركة راند بوضع التفاصيل المتعلقة برسم الحدود وفق الخطط الأمنية والاتفاقيات وملاحقها. كما وتدرس نوع المنشآت الاقتصادية.الطرق . المطارات. المدن الجديدة التي سيتم استحداثها في الخطة. وأيضاً تتحدث الخطة عن سكة قطار يربط جنين بطوباس بنابلس بسلفيت ثم رام الله مروراً بالقدس وبيت لحم إلى أن يصل الخليل لينعطف بشكل "قوس" إلى قطاع غزة ويستقر في خانيونس.
كيف ترتبط هذه الخطة بالعسكرة في هذه المناطق؟
الأمر هنا لا يحتاج للكثير من التوضيح. فالشركات الأمنية والشركات العسكرية ستنتشر على طول الحدود. وعلى نقط التفتيش. الشركات ستكون في حالة تنافس شديدة على هذه الحدود . فالشركة الألمانية ستقاتل بشراسة الشركة التركية من أل كسب دور في الهيمنة الناعمة وكذلك الشركة الفرنسية والشركة الإيطالية واليونانية ولا يٌستَبعَد أن تشارك شركة أمريكية أيضاً هذه اللعبة المربحة استراتيجياً. ثم سيكون من نتائج هذه العسكرة والتخطيط الحضري-الإقتصادي -الإجتماعي-السياسي -الأمني. أن يستولدوا لنا جسماً مشوّهاً يسمونه "دولة" .
إنه المعماري دوغ سوزمان المسؤول الرئيسي عن المشروع، رأيته ينزل من سيارته المصفحة مع طاقم حراسته الشخصية. يدرس البنايات في نابلس. والتربة وآركيولوجيا المنطقة، يصعد أعلى جرزيم ينزل الواد .. يقوم بجولات في البلدة القديمة.
الخريطة التالية توضح الخطة: http://3.bp.blogspot.com/_aV8HIAbpG1E/TPDYJazbfBI/AAAAAAAAAi0/6PKSc3CsZwo/s1600/imad+asaalwa-palestinian+state-formal+structure-exlusive.JPG
كان هذا مثالاً على التغير الميكانيكي في علم العمارة والتخطيط الحضري بالنسبة لعلم العسكرة. فشركة راند هنا تخطط حضرياً في البعد الأمني والسياسي والعسكري. هذه الشركة تعمل عملاً سياسياً عسكرياً عدوانياً في مظهره الحضري المزيف.
#عماد_عسالوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديموقراطية لينين - Lenins Democracy
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|