ما تطرحه الكاتبة هو فكر تلفيقي توفيقي انتهازي يحاول ان يسوّق بضاعة فاسدة منتهية الصلاحية .. فيغلفها بورق ملون يحمل عبارة (صالح لكل زمان ومكان) . وقبل هذه المحاولة البائسة كان ابو موسى الأشعري قد وجد حلا مماثلا لمشكلة آية الرجم التي حذفها عثمان من قرآنه ، غير ان عائشة (صرّحت) بأن عنزة لها قد اكلت الرقعة التي كتبت عليها تلك الآية - فيما اكلته من رقاع تدوين القرآن - فجاء السيد ابو موسى الاشعري ليقول ان الاية قد نزلت ثم رفعت ، وهو قول املاه منطق لا يختلف كثيرا عن المنطق التبريري التلفيقي البائس الذي تصدر عنه الكاتبة في هذا الهرطقة .
على المستوى الفكري النظري البحت (او العقل المجرد) خير دين الا يكون للانسان دين ؛ فالاديان كلها تلتقي على نفي الانسان كصانع لتاريخه وخالق للمطلق ذاته ، وهي بذلك تنتزع من الانسان جوهره وتنسبه الى ذات متوهمة تقع خارجه متعالية عليه . ولا يريد المتدينون ان يفهموا ان القيم الروحية (المتحولة) والاخلاق الراقية (المتطورة صعودا) هي منتج انساني بحت لا علاقة له بالمطلق . على ان الأهم من النظر الفكري البحت الموجه الى مناقشة قضايا مجردة – نوقشت على مدى القرون الفائتة – لا تعني سوى النخبة المحدودة عدديا في كل زمان ومكان ؛ اقو ل ان الاهم من ذلك هو حشد الامكانات الفكرية والجهود النضالية للنخب العلمانية واليسارية لإذكاء الوعي السياسي لدى الملايين من جموع الناس العاديين – وخاصة في المجتمعات المتخلفة حضاريا – الأقل حظا من الثروة ، والواقعين تحت نير الاستغلال الاقتصادي والابتزاز الاجتماعي والتضليل السياسي . وإن الأهم والأكثر حيوية هو القاء الضوء على القضايا المتصلة بحياة الناس اليومية ، من اجل توعيتهم بحقوقهم المنهوبة المغتصبة
أشد على يديك - مهنئا ومشاركا بالاحتفال – واشد على ايدي كل السيدات والسادة زميلاتك وزملائك في ادارة هذا الموقع الطليعي العملاق ، وبالمناسبة أثمن عاليا جهود كل المناضلات والمناضلين اليساريين والمثقفين العلمانيين التقدميين .. المكرسة لاثراء الحوار المتمدن باسهاماتهم الفكرية في تناول قضايا الحرية والعدل الاجتماعي ومناقشة ما يطرحه الواقع من تحديات واشكالات – على اختلاف موضوعاتها – وصولا الى تلمس الاتجاه الصحيح لحركة التاريخ . لكنني لا استطيع ان اكون محايدا او محتميا بالمنطقة الرمادية فيما يتصل بمقولة (القوى الديموقراطية) المفتوحة لهبوب الرياح الاربع ومشتقاتها ؛ فالموقع مخترق بقوة ملفتة من قبل قوى اليمين والشد الى الوراء ، ويكفي دليلا على ذلك انه اليوم تحديدا – ومع بيانك هذا – حملت صفحة مجموعة الحوار المتمدن منشورين سلفيين ينتحان من جمود عقائدي اسلاموي وثقافة اتباعية مشدودة / شادة الى الوراء اربعة عشر قرنا . انهم يا سيدي ميكيافيليون .. يستفيدون مما تتيحه الديموقراطية من مساحات التعبير ، لكنهم لا يؤمنون بمثقال ذرة من الديموقراطية التي لا يرون فيها الا ضربا من الزندقة .