إذن فلا يجمع أي جامع بين المنهج الشيوعي للتحويل الثوري للعالم، ومنهج الديمقراطيين لإصلاح المجتمع القائم. وان كل محاولة للتوحيد بين هدف الشغيلة الآنية والديمقراطيين البرجوازيين من جديد، لا ينتهي إلا بتفسخ جديد لمعنوية الشغيلة.
إن دور اليسار في الوقت الحاضر هو نفس دورهم في الماضي، فكل اليسار يحاربون بعضهم بعضًا بشدة، ولكن يستهدفون من نشاطاتهم إقتسام الغنيمة مع الكتل البرلمانية البرجوازية في الدولة البرجوازية. أما عكس ذلك، فالهدف هو تطوير النضالات الطبقية. وان كل نقاش بخصوص هذا التظيم أو ذاك، هذه القيادة أو تلك، يجب ان يقود إلى النقاش بخصوص العلاقة ببرنامج العمل الشيوعي، فالهدف واضح وضوح الشمس بالنسبة للشيوعيين، فهو الاشتراكية، أي حياة كومونية. لذلك، فالمطلوب هو التمسك بمنهج شيوعي لتحويل العالم، لا التغيير في قيادة الاحزاب الاصلاحية، فالشيوعيون مكلفون دائمًا بتطوير النضالات الطبقية، والوقوف بجانب الجمعيات والاتحادات الطبقية، والمجالس الثورية، بدل اصلاح الإدارة السياسية البيروقراطية والطفيلية المتفسخة للدولة، من ضمنها الجمهورية كالملكية، والديمقراطية كالدكتاتورية. خالص تحياتي
من أين نبدأ؟ من الاحتفاظ بعلاقات الملكية البرجوازية وإصلاح إداراتها الديمقراطية؟
كلا، بكل تأكيد، فيجب الانطلاق من المطالب الاجتماعية للشغيلة، التي تأتي دائمًا ما وراء مطالب البرجوازيين الديمقراطيين. فالماضي يخص البرجوازية الديمقراطية، أما المستقبل فهو قضية الشيوعية. إذن، فمن أين نبدأ؟
لنبدأ من عصر ماركس، فها هو ماركس يقول:
(ما أن تتوطد الحكومات الجديدة بدرجة معينة حتى يبدأ على الفور نضالها ضد العمال. ولكي يمكن العمل ضد البرجوازيين الصغار الديمقراطيين كقوة، يجب قبل كل شيء أن يكون العمال منظمين تنظيمًا مستقلاً وأن يكونوا ممركزين من خلال نواديهم) (رسالة إلى اللجنة المركزية لعصبة الشيوعيين).
إذن، فالسؤال الأساسي هو: من أين نبدأ؛ من برنامج العمل الشيوعي للشغيلة أم الدفاع عن المصالح الرجعية للفئات الاجتماعية المحافظة؟
هذه هي النقطة التي يجب مناقشتها من قبل الشيوعيين عمومًا. فلعود إذن إلى عصر ماركس، فها هو ماركس يقول:
(يقينًا أن العمال لا يستطيعون في بداية الحركة أن يقترحوا إجراءات شيوعية خالصة .. ولكنهم يجب عليهم أن يحوِّلوا هذه المطالب إلى حملات مباشرة على الملكية الخاصة).
يقصد ان المناضلين من صنف الحمير، فكلّ قصّة تروى للأطفال تظلّ حاضرة في أذهانهم، تصحبهم لمدة طويلة بحسب براعة أبطالها (وهنا: الحمار). لقد سألوا الكاتب الفرنسي فرانسوا موريال في مقابلة:
ـ ماذا كنت تبحث في الكتاب عندما كنت طفلاً؟ فأجاب: ـ كنت أبحث عن بطل يعلّمني الحياة!
والطفل له طبيعة مميّزة، فهو يضفي الحياة على الكائنات الأخرى كالحمار مثلاً. وكلّنا نحتاج الى شخصية البطل، لأنها تثير إعجابنا، ولأنها تحرّك مشاعرنا حتى نحاول –أحياناً- تقمّصها (وهنا: تقمص شخصية الحمار المناضل)، فالأطفال يعرفون مكانة هذه الشخصيات.