بالطبع نستثني من ذلك سلوك السيد المسيح وتلاميذه المباشرين باعتبارهم مؤسسي هذه المنظومة الفكرية وسلوكهم الشخصي يعتبر من مكوِّنات هذه المنظومة، وهنا يقف التاريخ ضد ما تقوله تماماً حيث يثبت أنهم لم يلجؤوا لا للحرب ولا للعنف، وافتراضاتك بأن المسيح وتلاميذه كانوا سيلجؤون -مثل نبي الإسلام- إلى العنف لو صاروا في موقع قوة هي افتراضات لا سند موضوعي لها، وبالتالي لا يجوز الاعتداد بها في أي نقاش منطقي عقلاني باعتبارها افتراضات ذاتية بحتة تعتمد على خيال وهمي لا أكثر 3- سيدي الكريم: إلهي لم يهدّد أحداً بالقتل أو بالذبح، إلهي ضحا بنفسه وتحمَّل الألم والصلب من أجل إنقاذي وإنقاذ البشرية. أنت بالطبع لا تؤمن بذلك وأنا أحترم حقك في هذا تماماً، لكنني أرجو أيضاً أن تحترم إيماني بأن أي واعظ لا يستحق أن نلتزم بتعاليمه إذا لم يكن هو بذاته ملتزماً بها، وإلهي ذاته الذي يصف نفسه بأنه إله محبة والذي يعلمني بأن ألتزم بهذه المحبة اقتضت حكمته بأن يريني المثال الأعلى لكيفية القيام بذلك عن طريق القبول بالتعرّض للإهانة والألم والموت من أجل البشر. ومهما كانت هذه الفكرة غير مقبولة بالنسبة لك، فأنا أرجو (للكلام بقية)
وباعتبار أن المثال كله يتحدث عن كيفية الدينونة أو آلياتها الناظمة في يوم الحساب (إذ لم يُذبح أعداء الملك إلا بعد محاسبة العبيد الثلاثة)، فلماذا تريد أن تلوي الكلمات لتجعل منها وصية غريبة بذبح غير المؤمنين في الحياة الدنيوية؟ أمّا عن مصير غير المؤمنين في يوم الحساب، فأعتقد أن كل المنظومات الفكرية الدينية التي تحتوي مفهوم يوم الحساب والدينونة (ومن ضمنها الدين المسيحي) تفترض أن غير المؤمنين بها سوف يذهبون حينها إلى عذاب أبدي (وهو أقسى من الذبح)، وهذا الأمر لا ينكره المسيحيون ولا علاقة له بنقاشنا هنا الدائر حول الحياة الدنيوية وليس يوم الحساب الذي لا تؤمن به 2- أعتقد أن مناقشتنا هنا هي حول المنظومة الفكرية المسيحية وما تحتويه من تعليمات، وليس عن سلوك سياسيين ورجال دين مهما كانت منزلتهم عالية في المؤسسة الكنسية، وبالتالي حتى لو ادّعى كائن من كان بأن حربه مقدّسة وبأنها باسم الدين المسيحي، فإن سلوكه ليس دليلاً على أن المنظومة الفكرية المسيحية تتضمَّن فعلاً دعوة إلى العنف وإلى الحرب. بالطبع نستثني من ذلك سلوك السيد المسيح وتلاميذه المباشرين باعتبارهم مؤسسي هذه المنظومة الفكرية (للكلام بقية)
سيدي الكريم شكراً جزيلاً للاهتمام والردّ، وأرجو أن يتسّع صدرك لتعليقي على ما ذكرته في النقاط الثلاثة الأخيرة. 1- مع احترامي للقمص الذي ذكرت اسمه (وأنا بصراحة لا أعرفه)، فإنني أعتقد أنه هو بالذات مسؤول عن تفسيراته الشخصية التي هي بالتأكيد ليست ملزمة لجميع المسيحيين، وأنا في مناقشتي إياك لم أعتمد إلا على الأرضية التي يمكن نقف عليها أنا وأنت سوية كي يكون النقاش مجدياًً، وبالتالي لم أنطلق من مسلمات إيمانية وإنما من كلمات النصّ الذي استشهدت به أنت، وهو مثل من أمثال السيد المسيح التوضيحية، وبالتالي من الواجب عدم أخذ كلماته بمعناها الحرفي وإنما محاولة فهم ما قصده السيد المسيح منها، ولا أعتقد بأننا بحاجة لليّ الكلمات وتحميلها ما لا تحمل كي نفهم أن الملك المذكور في المثال يرمز إلى الله وأنّ كلمة -الذبح- الذي طُبِّق على من وُصفوا مسبقاً في لوقا (19: 14) بعبارة -ولكن أهل بلده كانوا يبغضونه، فأرسلوا في أثره وفداً، قائلين: لا نريد أن يملك هذا علينا- ترمز للعقاب الذي سيُفرَض على غير المؤمنين، وباعتبار أن المثال كله يتحدث عن كيفية الدينونة أو آلياتها الناظمة في يوم الحساب (للكلام بقية)
أخيراً أرجو يا سيدي الكريم وأنت تحاول أن تفسّر التعاليم والعقائد المسيحية أن تكون على الأقلّ مطلّعاً على ماهية هذه المنظومة الفكرية التي تتناولها بالنقد، وألاّ تفرض آراؤك المسبقة بخصوص عدم منطقيتها، مثلما فعلت حين سخرت من عقيدة الثالوث واعتبرتها تتضمن أن 1+1+1= 1، بينما إذا أردنا أن نمشي على خطاك ونستخدم تشبيهاً من الرياضيات لشرحها فإنها لا تعني ما كتبته بل تعني أن (+ لا نهاية) + (+لانهاية) + (+لانهاية) = (+ لانهاية) وهي علاقة رياضياتية صحيحة تماماً وبنفس الوقت أعتقد أنها مناسبة أكثر لأن مفهوم الله اللا متناهي أقرب إلى مفهوم الـ (+ لا نهاية) الرياضياتي منه إلى مفهوم رقم (1) المعدود، ومن هنا يكون مفهوم التوحيد المسيحي هو وحدة جوهر وليس واحد قابل للعدّ والجمع.
لا يجوز أيضاً أن تفرض طريقة تفكيرك على التابعين لهذه المنظومة الفكرية التي تفرّق تماماً بين قيمة العهد القديم وأحداثه التاريخية وبين قيمة تعاليم السيد المسيح الله المتجسد حسب هذه المنظومة، لتستنتج أن المسيحية تدعو إلى العنف لأن الله لا يجوز أن يغيّر رأيه!!!. وللأسف نفس الأسلوب الخاطئ في الاستدلال نجده في مقاربتك لمثال الوزنات الذي تناولته في مقالتك، فمن الواضح في المثال أن السيد المسيح يريد أن يشرح لأتباعه أن عليهم ألاّ يهملوا عطايا الله لهم، وأنّ من منحه الله مواهب وعطايا أكثر عليه مسؤولية أكبر لاستثمار هذه العطايا بما يرضي الله، وفي النهاية عند يوم الدينونة سيُحاسَب كل الناس على ما تصرفوه وسيُرسَلون إما إلى النعيم الأبدي أو إلى الجحيم (وهو مصير كل غير المؤمنين الذين رمز لهم المثال بأعداء الملك الذين سوف يذبحون)، وأنا فعلاً أستغرب لماذا تريد أن تفرض على المسيحيين تفسيراً غريباً يتضمن أن كلمة الذبح الواردة على لسان الملك تعني دعوة من المسيح إلى ذبح غير المؤمنين به في هذه الحياة الدنيا، وهو تفسير لم يتبعه أحد من المسيحيين لا من المعاصرين للمسيح ولا غيرهم. أخيراً أرجو (للكلام بقية)
سيدي الكريم لا أعتقد أن هذا الموقع مكان مناسب للدفاع عن المسيحية أو شرح منظومتها الفكرية، ولا أعتقد أن هذا الأمر يهمك كثيراً باعتبارك ملحداً ولا تؤمن بالحياة الأخرى، وبالتالي وباعتبار أن هذه المنظومة الفكرية لا تتدخّل في الشؤون الحياتية للآخرين فصحة أو عدم صحة عقائدها الإيمانية لن تؤثّر عليك وعلى حياتك الدنيوية، وأنا أستغرب أساساً لماذا تهاجمها وتحاول أن تلصق بها نواقص ليست موجودة فيها. ورغم هذا سأحاول أن أردّ على بعض النقاط التي أثرتها في المقالة الأساسية وفي ردودك اللاحقة على السادة المعلّقين. في المنظومة الفكرية المسيحية يُعتَبر تجسّد الله الكلمة ثم صلبه وقيامته التي تحقّق بها الفداء وخلاص الجنس البشري هو المركز الأساسي الذي ترتكز عليه علاقة الناس بالله الخالق، وبالتالي العهد القديم برمته هو عبارة عن حوادث تاريخية تشرح إعداد الله لشعب معيّن ضمن ظروف معيّنة كي تتهيأ البيئة المناسبة للحدث الأعظم حسب هذه المنظومة الفكرية وهي التجسّد ثم الصلب والفداء. أنا لا أتوقّع منك أن تؤمن بذلك، ولكن لا يجوز أيضاً أن تفرض طريقة تفكيرك على التابعين لهذه المنظومة الفكرية التي تفرّق (للكلام بقية)
(7) الاسم و موضوع
التعليق
samsam إلى الأستاذ هشام آدم (مرة أخرى) (تتمة معدّلة)
وبالتالي يتخلّى تماماً عن التحريض الديني لممارسة العنف، لما كانت لدى غالبية الأشخاص الحضاريين (مسيحيين كانوا أم لا) مشكلة معه. فأنا مثلاً لا أهتم للتعاليم الدينية الهندوسية ولا البوذية ولا بطريقة تفسيرها طالما أنها لا تمسّني ولا تدعو إلى ممارسة العنف ضدي، بينما كل اهتمامي بأي دين وبتعاليم مؤسسه وسلوكه هو بسبب إمكانية تأثير ذلك عليّ وعلى غيري نتيجة قيام أتباع هذا الدين بتنفيذ ما تتضمنه منظومته الفكرية من تحريض ضدّ الآخرين. بالنتيجة أنا لا أناقش صحّة الدين المسيحي أو سماويته أو صحّة الدين الإسلامي أو سماويته أو كون الدين المسيحي محرَّفاً (كما يدّعي المسلمون) أم لا، فهذه أمور إيمانية لا يستطيع أي شخص إثباتها بالمنطق العقلي، لكنني أعتقد أنه من المنافي للمنطق والعقل أن نساوي بين منظومتين فكريتين موجودتين فعلياً إحداهما تسّمى الدين المسيحي وتدعو –نتيجة طريقة تأويلها لنصوصها المقدّسة- إلى السلام، والأخرى منظومة تدعو –نتيجة تأويل نصوصها المقدّسة- إلى العنف، ومن هنا كان اعتراضي على كل المقالة التي تحاول فيها جاهداً إثبات ذلك وإلصاق عيوب بالدين المسيحي ليست موجودة فيه.
شكراً جزيلاً لتفضلك بالردّ على ما كتبته، وأرجو ألا أثقل عليك بمتابعة النقاش. في الحقيقة أنا لا أنكر أنه في العهد القديم عبارات تدعو -على الأقل ظاهرياً- إلى ممارسة العنف في زمن تاريخي معيّن، ولكن ما يهمني فعلياً ليس اكتشاف الطريقة الصحيحة –إن وُجدت- لتأويل وتفسير تلك العبارات بل ما هي نتيجة هذا التأويل على أرض الواقع. ما أعنيه أنه لدينا في الواقع الفعلي منظومة فكرية معيّنة تُسمّى المسيحية أو الدين المسيحي (يضم ضمن أتباعه ملايين من الناس سواء كانوا ملتزمين بتعاليم هذه المنظومة الفكرية أم لا)، وفي هذه المنظومة الفكرية يتمّ تفسير هذه العبارات بطريقة تلغي فيها تعاليم المسيح السلمية تماماً (سواء أوافقت أنتَ على ذلك أم لا) أي محاولة لجعل العنف ممارسة واجبة التنفيذ خارج الإطار الزمني التاريخي للأحداث التي تتحدَّث عنها تلك العبارات التي اقتبستها من العهد القديم. ولو كانت المنظومة الفكرية الإسلامية أو الدين الإسلامي يفسّر ما هو وارد في تعاليمه من دعوات مباشرة لممارسة العنف بنفس الطريقة، وبالتالي يتخلّى تماماً عن التحريض الديني لممارسة العنف، لما كانت لدى غالبية الأشخاص الحضاريين (للكلام بقية)
وبالتالي سأجد من الصعوبة إذا لم يكُن من المستحيل أن يكون سلوكهم اللاحق يتوافق مع ما تحاول فرضه من تفسير غريب لأقوال وتعاليم السيد المسيح. ومهما حاولت أن تحتجّ (دون سند علمي تاريخي) بأن السلوك السلمي لأتباع المسيح المباشرين كان بسبب كونهم ضعفاء، ومهما حاولت أن تربط المسيحية بالحروب الصليبية وبالحروب الاستعمارية الأوربية (التي لا يمكن أن نربط بشكل منطقي بينها وبين التعاليم الإيمانية المسيحية)، فإنه من غير المقبول مجرد المقارنة بين هذا الأمر وبين ما تحويه المنظومة الفكرية الإسلامية من دعوة مباشرة للعنف وما أدّى (ويؤدّي في زمننا هذا) الالتزام بهذه المنظومة إليه من أعمال كارثية على الإنسانية جمعاء. وأنا أتمنى أن تكون منصفاً بحيث تدرك مدى الفارق الكبير بين المنظومتين الفكريتين المسيحية والإسلامية من هذه الناحية بالذات وهي الهامة على أرض الواقع (حتى لو تشابهتا في بعض الأوجه النظرية غير الهامة واقعياً مثل الاستناد حتماً إلى مفاهيم إيمانية ميتافيزيقية).
فبينما كنت ترفض أن يُفرض عليك تأويل معيّن للآيات الإيمانية، نجدك في الأقسام الثلاثة للمقالة تعود مراراً لآية معيّنة (وحيدة فعلياً رغم ذكرها في أكثر من إنجيل) وردت فيها كلمة السيف، ورغم أنه -حسب رأيي- مضمونها واضح ويدلّ على أن الكلمة هنا لا تحمل المعنى الحرفي بل تحمل معنى (أداة أو وسيلة ما لإحداث انقسام بين فريقين مختلفين بالرأي)، نجدك تريد أن تفرض علينا تأويلك بأن استخدام هذه الكلمة يعني الدعوة للعنف، ووجودها يكافئ كل الآيات والتعاليم العديدة جداً في الإسلام التي تدعو إلى العنف. وفي كل أمثلتك الأخرى تتبع نفس المنهج الخاطئ لتحاول أن تفرض تفسيراتك وتأويلاتك الخاصة من أجل أن تصل إلى إلصاق عيوب المنظومة الفكرية الإسلامية بالمسيحية، فتدّعي استناداً إلى نفس الآية المذكورة أعلاه أن السيد المسيح يدعو إلى عقيدة (الولاء والبراء) اللا إنسانية؛ وتدّعي أن قولاً ورد خلال أحد الأمثلة هو دعوة لذبح كل المخالفين. وأنا هنا لن أناقشك في صحة أو عدم صحة تفسيراتك وتأويلاتك، بل ببساطة سأفترض أن أتباع المسيح المباشرين كانوا أفضل مني ومنك في فهم ما يقصده بتعليماته، وبالتالي سأجد من الصعوبة (للكلام بقية)
سيدي الكريم قرأت الأقسام الثلاثة من مقالتك ، وهذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها لك، وصدقني عندما أقول بأنني أقدّر فعلاً أي إنسان لديه الشجاعة لاستخدام العقل والمنطق تجاه المقولات الدينية المختلفة. وأنا هنا لا أهاجم حقك الأكيد في عدم الإيمان بأي دين، ولست أكتب دفاعاً عن المسيحية، لكن ما دفعني للكتابة نقطة بسيطة فقط وهي تساؤلي عن الهدف الذي تريد إثباته من كل المقالة. من الواضح أنك تدرك وتعترف بالكوارث التي تحملها في ضمنها المنظومة الفكرية الإسلامية، وأظن أنك كشخص منطقي واقعي لن تهمك الأخطاء المنطقية النظرية في هذه المنظومة بقدر ما ستهمك النتائج الكارثية للالتزام بهذه المنظومة في الحياة الواقعية. وما بدا لي من مقالتك أنك تريد أن تلصق بالمنظومة الفكرية المسيحية نفس مساوئ المنظومة الإسلامية لتصل إلى نتيجة تريدها سلفاً وهي إثبات أن الالتزام بالمنظومة الفكرية المسيحية (وضمناً الإيمان المسيحي) سيؤدي إلى نفس تلك النتائج الكارثية على أرض الواقع. وللأسف خالفت يا سيدي الكريم في سعيك هذا ما تدعيه من التزام بالمنطق والعقل، فبينما كنت ترفض أن يُفرض عليك تأويل معيّن (للكلام بقية))
(12) الاسم و موضوع
التعليق
samsam هذه ليست ثورة بل تمرد رجعي معادي للحضارة والتمدن
مهما كانت سيئات النظام البعثي في سورية، فهو أفضل ممّا يُسمّى خطأ الثورة السورية وهي عبارة عن تجّمع لقوى الظلام والرجعية والتخلّف التي تحرّكها الولايات المتحدة الأمريكية وأسوأ الأنظمة العربية. وأنا أتمنى ألاّ تخدع الشعارات البرّاقة الأشخاص الحضاريين المتمدنين سواء كانوا من العراق أو من غيره، فنحن السوريين نعرف حقيقة هذه الثورة المزعومة التي لم تجلب لسورية سوى الخراب والدمار والتي جمعّت أسفل قمامة العالم كي يحاربوا من أجل إعادة سورية ألف وأربعمئة سنة إلى الوراء.