منذ عدة سنوات قرأت مقالاً يعلق على صورة فتوغرافية يظهر فيها طفل فلسطيني لا يتعدى الثانية عشر من عمره يقف على مسافة حوالى عشرة أمتار في مواجهة دبابة إسرائيلية ممسكاً في يده بحجر ويتهيأ لقذفه على الدبابة وتقريباً جميع التعليقات العروبية المسطحة كانت عن شجاعة هذا الطفل .. ما عدا قلة نظروا إلى هذه الصورة بعمق أكثر .. فهذا الطفل هو وليد نظام غير ديمقراطي فليس من المتوقع أن يقف في مواجهة قوات نظامية وهو يعرف أنها سوف تسحقه ببساطة .. بل هو مدرك تماماً أنه يواجه عدو عاقل ومتحضر وأن هذه الدبابة لن تدهسه..هذا هو الفارق بين وجهات النظر المتعارضة في رؤية وتحليل جميع المواجهات بين كل ما هو متعلق بالعرب والمسلمين وبين أي طرف آخر.
إلى الأخت ناهد..-لوم الضحية - ماذا كان يضير أعضاء هذه القافلة لو قبلوا بالتفتيش طوعاً ..أكيد لا شيئ.. ولكن كيف يمر الأمر في هدوء دون إفتعال بطولات اسطورية عن مجابهة الشجعان النبلاء العزل-إلا من الأسلحة البيضاء- ضد القوات الإستعمارية الوحشية المجنونة ..ما هو نوع رد الفعل الذي كانوا ينتظرونه بعد أن بدأوا بإستعمال الأسلحة البيضاء وخطف بندقية جندي وإطلاق النار منها؟ هل كانوا يتوقعون تحذير ينبعث من مكبر صوت قائلاً -عيب كده يابني إنت وهو مايصحش-؟ هل كانوا سيقومون بنفس هذه التصرفات لو كانوا يواجهون قراصنة صوماليين مثلاً أو حتي قوات بلدانهم الأمنية؟ بكل تأكيد لا .. ولكنهم حسبوا أن القوات الإسرائيلية لن تفعل أكثر من شل حركتهم مهما فعلوا..وهذا غير منطقي فمن يواجهني بسكين لن أرد عليه برشاش الفلفل..أم أنهم كانوا يتصورون أنهم سيتغلبون على القوات البحرية الإسرائيلية.. هم بكل تأكيد أساءوا أختيار وسيلة تحقيق البطولة المفتعلة التى سعوا إليها .. فكان يكفي المقاومة البدنية دون سلاح ما لينتهي الأمر على أكثر تقدير بإصابات بسيطة. إن مقالات الكتاب في مختلف المواقع وكذلك تعليقات القراء على هذه المقالات -يتبع
ولنأخذ مثال يوضح هذا الأسلوب في السرد .. في قصة نوح تكوين 5 هنا ُذكِرَ في آية 30 أن (لامك عاش بعدما ولد نوحاً خمس مئة وخمساً وتسعين سنةً وولد بنين وبنات) علماً بأنه مات في نهاية هذه المدة إذاً نفهم أن البنين والبنات تم إنجابهم خلال هذه الفترة وليس في نهايتها ولكن ذكرت الفترة قبل ذكر ما تم خلالها لأن التركيز كان على ذكر مدة حياة والد نوح بعدما أنجبه .. وبعد ذكر مدة حياة لامك ومسألة وفاته .. عاد وذكر حدث تم قبل هذه الوفاة وهو إنجاب نوح لأبناءه الثلاثة وهذا حدث قبل وفاة لامك بخمسة وتسعين سنة وبدأت الأية 32 (وكان نوحٌ إبن خمس مئة سنةٍ) دون كلمة -وقبل وفاة لامك- أو -وبعدها- بنفس الشكل في قصة إبراهيم (وقال الرب) .. وطبعاً كل إنسان حر في نظرته وفهمه الخاص للنصوص ولكني أردتُ أن الفت نظرك إلى اسلوب السرد الذي يركز على الحدث أكثر من التركيز على ذكر الأحداث بالترتيب متى كان هناك تداخل زمني بينها دون تداخل في التأثير .. فموت تارح ليس له دور في سير حياة أبرام .. كما أن موت لامك ليس له تأثير في سير حياة نوح.
لنراجع كلام سيادتك . يخبرنا العهد القديم أن تيرا -للدقة تارح وليس تيرا- رُزق بأبرام عندما كان عمره سبعين عاماً -المكتوب هو أن تارح ولد أبرام وناحور وهاران وهذا يعني إما أنهم ثلاثة توائم أو أن هناك فارق زمني لم يذكر على التحديد ولا على التقريب بين الثلاثة ولكن سنأخذ بظاهر النص وحسب الترتيب أن أبرام هو الأول عندما كان تارح في سن السبعين-(التكوين، 11-26). وتقول نفس القصة إن تيرا (تارح) مات في حاران وكان عمره مائتين وخمس سنوات -إلى هنا أيضاً الكلام سليم-، مما يعني أن أبرام الذي لم يغادر حاران (إلا بعد أن مات أبوه)، -لم يُذكر أن أبرام لم يغادر حاران إلا بعد أن مات أبوه- بل هو إفتراض من عندك لأن الأصحاح الحادي عشر إنتهي بخبر موت تارح والإخبار بجملة سني حياته وهي مئتين وخمس سنين ثم بدأ الأصحاح الثاني عشر ببداية قصة أبرام مع الله وحسب ما هو مكتوب (وقال الرب) وليس (وبعدها قال الرب) ويمكن تفهم هذا بأن قصة تارح ليس المهم فيها سوى ذكر أبناءه الثلاث لأن لكل منهم دور فيما بعد بينما لم يكن يُذكر قبل تارح سوى إبن واحد فقط لذا فقد تم الإنتهاء من كل سيرة تارح قبل البدء في سيرة أبرام وهي الأهم.
سورة البقرة - قال ابراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر- 258. ربما بهت الكافر من شدة غباء هذا المنطق وصدم في محدثه وأيقن أنه شديد الغباء لدرجة أنه لا جدوى من محاولة إفهامه فظن المتحدث في سورة البقرة خطأً أنه أفحمه. فالمتحدث في آية سورة البقرة السالفة يسأل ويرد على نفسه حسب مستوى تفكيره ظناً منه أن باقي الناس ضحلة التفكير مثله -إن جاز أن يسمى هذا الهراء تفكيراً- أما المؤمن بالعقل والكافر بالغباء فكان سيرد قائلاً: حسناً .. أنا لا أستطيع أن أعكس إتجاة الشروق فما دليلك أنت على إدعائك بأن إلهك هو الذي يأتي بالشمس من المشرق؟ هل يستطيع أن يقوم بما تحديتني به ويعكس إتجاة الشروق ليثبت أنه هو من يتحكم فيه ؟ فليرنا إذاً .. أم أنه مثلي لا يقدر على ذلك؟ وإذا لم يفعل فعندها من يدريك أنه لست أنا أو أياً كان هو من يأتي بالشمس من المشرق طالما أن الإدعاء بهذا الأمر يتم دون الإتيان بدليل؟ فكيف تدعي دون دليل وتطلب مني دليل؟
مقالك ينقصة أهم شيئ ليكون فعالاً أولاً متى حدثت هذه الواقعة من هي الفتاة من هو السائق من هو الضابط المتهاون أو المتواطئ لماذا لا تحاول فضحها لأن ترك القصة مبهمة يشكك في صحتها.