ليس أكثر توافقا مع الأيديولوجيا الصهيونية ، من اجترار دعاوى الأيديولوجيا العروبية ، في كل ما يتصل بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ؛ الذي يحرص الحكام و النشطاء اليهود الصهيونيون في دولة إسرائيل - بفطنة شديدة - على تسميته (الصراع العربي الإسرائيلي) ، بنفس قدر حرص الحكام و النشطاء الفسطينيون العروبيون - بغفلة شديدة - على تبني نفس التسمية . الأمر الذي يبرر دعاوى القومية اليهودية ، مقابل دعاوى القومية العروبية ، استنادا إلى تخاريف كتاب التوراة .
بغض النظر عن أسلوب التعمية الذي يخفي وراءه تشوش الرؤية ، و بغض النظر عن مسألة الديانات ( السماوية ) وما تصدر عنه من ميتافيزيقية ، و بغض النظر عن مسألة أسبقية الماهية على الوجود - كما في المثالية الوجودية - و ما تستبطنه من لاهوتية ؛ فالمقال محتار – و متذبذب – بين إعلاء قيمة الجنس وجوديا بما يرمز إليه من الحب و الحياة .. من جهة ، و من جهة مقابلة .. الحط منه و تنجيسه برؤية عدمية سوداوية ، مع ميل واضح إلى التطهرية . لقد تطورت دراسات علوم النفس كثيرا سواء بالمنظور الليبرالي أم الجدلي التاريخي ، و صارت نظرية فرويد في التحليل النفسي و أفكاره عن الدافع الجنسي ، جزء من تاريخ نظرية المعرفة في عمومياتها المدرسية لا غير . و الواقع لم يعد يحتمل مزيدا من الطوباوية .
مدهش حقا و جميل أن توجد في هذه البيئة العربوشية القاحلة ، و بين كل هذه القطعان البائسة من المؤمنين بخزعبلات الديانات العبرية (اليهودية و المسيحية والاسلام) ، امرأة - و بالذات امرأة - تنجو من الاستلاب العقائدي لايديولوجيا الهذيان الميتافيزيقي ، و تفكر بعقل (سوي) متحرر من عبودية الوهم الكبير . جميلة أنتِ أكثر مما يطيقه قبحُهم .. بمن فيهم الكثيرون و الكثيرات ممن يمارسون يمينيتهم و تخلفهم العقلي على هذا الموقع اليساري التقدمي ! .
(4) الاسم و موضوع
التعليق
Zekri سقوط مثقفي الطبقة الوسطي في ثقب الوسطية الاسود
الانكفاء إلى الدروشة ، و العودة إلى (الحظيرة) ؛ هروبا من تبعات حرية التفكير خارج ميراث العقل الأسطوري . ذلك هو ما يفسر مثل هذه الهرطقة البائسة ، التي يغطي بها البعض على هشاشتهم ، و يبررون بها انهزامية مواقفهم و جبنهم ؛ في مواجهة حملة الارهاب الفكري الداعشي ، التي تقودها المؤسسة الدينية (المروانية - الوهابية) في ثكنة الأزهر ، بالتحالف التام مع دولة الوكلاء التجاريين و المضاربين (نيوليبراليين و اسلاميين) ، التي تحميها البورجوازية العسكرية (على أساس تقاطع المصالح) . و ليس غريبا على مثقفي البورجوازية الصغيرة - عبر كل تاريخ مواقفهم المتذبذبة - أن ينكفئوا الى المنطقة الرمادية ، فهذه المنطقة هي ملاذ كل فرسان الاحصنة الخشبية ، و كم هو مثير للشفقة حديث الكاتبة عن سيدهم ابراهيم (الخرافي) الذي يستدعي للذاكرة خرافة سيدهم موسى العبراني ، في مواجهة (الفرعون المصري) ، استبطانا للعداء ضد الذات الوطنية و التاريخ و الحضارة المصرية ! و كم هو مثير للرثاء ان تتحدث الكاتبة – كما - العلامة - عبلة – عن الجنة ، و الاثنتان تعرفان ان تلك الجنة (الخرافية) ليست اكثر من ماخور للعاهرات و السكارى !
أشد على يديك - مهنئا ومشاركا بالاحتفال – واشد على ايدي كل السيدات والسادة زميلاتك وزملائك في ادارة هذا الموقع الطليعي العملاق ، وبالمناسبة أثمن عاليا جهود كل المناضلات والمناضلين اليساريين والمثقفين العلمانيين التقدميين .. المكرسة لاثراء الحوار المتمدن باسهاماتهم الفكرية في تناول قضايا الحرية والعدل الاجتماعي ومناقشة ما يطرحه الواقع من تحديات واشكالات – على اختلاف موضوعاتها – وصولا الى تلمس الاتجاه الصحيح لحركة التاريخ . لكنني لا استطيع ان اكون محايدا او محتميا بالمنطقة الرمادية فيما يتصل بمقولة (القوى الديموقراطية) المفتوحة لهبوب الرياح الاربع ومشتقاتها ؛ فالموقع مخترق بقوة ملفتة من قبل قوى اليمين والشد الى الوراء ، ويكفي دليلا على ذلك انه اليوم تحديدا – ومع بيانك هذا – حملت صفحة مجموعة الحوار المتمدن منشورين سلفيين ينتحان من جمود عقائدي اسلاموي وثقافة اتباعية مشدودة / شادة الى الوراء اربعة عشر قرنا . انهم يا سيدي ميكيافيليون .. يستفيدون مما تتيحه الديموقراطية من مساحات التعبير ، لكنهم لا يؤمنون بمثقال ذرة من الديموقراطية التي لا يرون فيها الا ضربا من الزندقة .