يتحدثون عن تجربة -حزب العدالة والتنمية- التركي كنموذج للاحزاب الاسلامية الجديدة التي ستقام في دول المنطقة , ولكن كما أشرت في مقالتك دكتور كامل فان النموذج الذي سيفرض على المنطقة شيئنا أم أبينا هو النموذج السلفي السعودي , اقول ذلك من واقع مناخ ولادة التجربة التركية التي اسسها -أتاتورك- في مجال ثقافي غير مخترق من قبل انظمة البداوة العربية التي كانت يومها ضعيفة اقتصاديا ولم تكن قد امتلكت بعد السيطرة على ثروتها النفطية , أما المناخ السياسي اليوم وموازين القوى الأقتصادية في المنطقة فهي مائلة لمصلحة الكفة السعودية , وقد قرانا مؤخرا عن رسالة تحذيرية بعثتها المملكة لقيادة الجيش المصري تحذر فيها قيادة الجيش المصري من مغبة احالة الرئيس المخلوع - مبارك- للتحقيق تحت ضغط التهديد بطرد العمالة المصرية وسحب الاستثمارات السعودية من مصر , ونحن نعلم مدى تأثير البترودولار على اقتصاديات المنطقة لذلك فلن يكون لنا ترف اختيار النموذج الاسلامي التركي او حتى ابتكار نموذج خاص بنا , لذلك اشاركك قلقك حول مستقبل الثورات العربية الحديثة
لكن في المقابل , اذا لم ننتفض فستتحول بلداننا الى نموذج -كوريا الشمالية- حيث تحول -كيم ايل سونج- واولاده الى آلهة يعبدون ويسجد لهم الناس كل صباح , مع العلم ان -كوريا الجنوبية- شقيقتها تراثا وحضارة وقيما لا تقارن بها....هل كان على الليبيين ان ينتظروا كي يرثهم -سيف الاسلام- ثم يورثهم لاولاده ...لمجرد انهم صبروا على مصيبة -القذافي- اربعة عقود انظري كم يدفعون اليوم فما بالك لو انتظروا اربعة عقود أخرى , سيدتي أظن ان الثورات العربية قد تأخرت كثيرا , ويكفي فقط استعادة الاوطان المخطوفة لمالكيها الحقيقيين الذين هم أبناءها , الثمن الغالي الذي دفعته هذه الجماهير سيجعلهم اكثر حرصا على ان لا يسمحوا لدكتاتور جديد بالظهور في أوطانهم .....لك الشكر على كل خواطرك المخيفة فعلا ولكن مايخيف أكثر منها هو بقاء الحال على ماهو عليه ...فتفآلي سيدتي
أولا : الف مرحبا باطلالتك التي افتقدناها طويلا , ولقد ظننت ان حفيدتك الصغيرة قد استولت على وقتك بالكامل , والحمد لله ان ظني خاب .....كما تعلمين سيدتي العالم العربي اليوم يتحول وبسرعة وقد صدمتني حقيقة اننا مازلنا أحياء ولازالت دماء الحرية تجري في أوردتنا, ومثلي مثل كثيرون فاجأتهم الأحداث لازالت هواجس الخوف تراودنا عما سينبلج عليه فجر هذه الأمة غدا ...سيدتي أخوان مسلموا السبعينات والثمانينات قد رحلوا ولم يتبق منهم سوى قرضاوي ونفر قليل ممن عاصروا أنظمة الاستبداد والخوف وتعايشوا معها وكيفوا فقهم وفتاويهم بناء على مصالحهم المشتركة مع الانظمة الاستبدادية واصبحوا يفتون يوم الجمعة ويلحسوا فتاويهم يوم السبت كما قال أحمد مطر , ولذلك لا اعتقد ان يكون لهم نفس البريق والتأثير في ظل أنظمة ستولد من رحم ثورة شباب ما عادت تقنعهم فكرة ان السلطان ظل الله في الأرض ..سأنتظر مقالاتك القديمة حول قراءتك لهذه الثورات والتحولات بفارغ الصبر