للنفس حقوق، وهذه الحقوق تكاد تكون كل شئ؛ ولكن متى؟ فليس هنالك ما يميز عصرَنا عن عصور الانحناءات الغابرة سوى غياب البوصلة، لأن النهوضَ وحده قد لا يختصر المرحلة والرصاصُ يستطيع تحديدَ أهدافهِ بدقة أكبر، ولأن الثورة السائبة هكذا سوف تغتالنا؛ ففي زمن الموت والاحتلالات والفوضى قد لا يحلو غزل الأرامل ولا مناصبة الله العداء، فماذا نفعل أولا؟
عزيزي الأستاذ صائب تحية لا أريد أن أطيل فأزاحم رأيك أو رأي الكاتب التقدمي المرموق حميد كشكولي أعلاه.
أرسلتُ الكلمة أدناه الى الحوار المتمدن بعد ساعتين أو ثلاث من ظهور الحادث على البي بي سي ولم تـُنشر؛ ليس هذا مهماً فلستُ بعابئٍ إنْ نـُشرتْ أم لا، فقد فات أوانها على أية حال، لأنها إنْ نـُشرت الآن ستبدو وكأني قد أفدتُ من بقية الآراء التي ظهرت فيما بعد، لكني أستطيع أن أقول بشئ من الثقة أن الحادث رسم نوعاً من الخط السياسي الواضح في كثير من الميادين، وأهم سمة لهذا الخط هو المساهمة الآنية، العفوية إنْ صحّ التعبير، في تشخيص بعض جوانب ثقافة الاحتلال، وبُعد مَدَياتها، ومواقع أقدامها. فلقد ظهرت مثلا مقالة لعزيز الحاج، وهو غني عن التعريف إذ يُضرب به المثل (لحد أنه تثلـّم، كما يُقال) في التحوّل المخيف في لامعقوليته من أقصى اليسار الى أقصى اليمين، وتم إهمال مقالتي التي ألفت النظر فيها الى ما قاله الرئيس الأميركي عن الاشارة بأقل من خمس أصابع ومعانيها في بعض الثقافات، وهو ما تم إهماله من قبل كثيرين من كتابنا. أتمنى أن يكون لي وقتٌ كافٍ للكتابة عن هذا الخط السياسي الذي أوضح لنا نوعاً من الاستقطاب في الآراء لدى جمهور واسع جدا من القراء؛ واسمح لي أن أقول ان هذا الاستقطاب قد يخيّب الظن أح
أولاً - لا يشير الى أن السبب الأساسي في تخلف العرب هو دور الغرب السياسي والاقتصادي خلال قرن كامل، وهذا تجاهل للتأريخ وللحقيقة؛ لذا فان إلقاءه باللائمة على العرب في هذا التخلف كما يفعل في هذا المقال يفضح نوايا لا يمكن اعتبارها عنصرية بقدر ما ينبغي اعتبارها محاولة متعمدة في بث اليأس في الناس من خلال اهانتهم في ظروفهم الصعبة.
إن دور الولايات المتحدة في تخلف العراق واضح، وعبد الخالق حسين ليس أدرى من رئيس الوزراء العراقي في 1963، علي صالح السعدي الذي قال أن البعث جاء الى السلطة بقطار أمريكي. وهذا الكاتب لا يشير الى دور الولايات المتحدة في اسناد صدام قبل حرب الكويت. كما لا يشير الى أن الحصار لم يكن موجهاً ضد صدام ولا يشير الى الاحتلال الحالي ولا الى التخريب بانواعه بأي شكل.
ثانياً - ان التستر بالعداء لدكتاتورية صدام لم يعد كافياً للتغاضي عن الاحتلال وجرائمه، ناهيك عن تبريره.
ثالثاً - ان مفاهيم الحرية والديمقراطية لا تصبح فقط فضفاضة في ازمان الاحتلالات الامبريالية الحديثة، وإنما يتم تشويه جوهرها الحقيقي على نحو مبرمج في فصلها عن حرية واستقلال البلاد وإقصار معانيها فقط على -حرية- الفرد في التعبير عن آرائه.