أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غازي الصوراني - الواقع الراهن للاقتصاد الفلسطيني وآفاقه المستقبلية















المزيد.....


الواقع الراهن للاقتصاد الفلسطيني وآفاقه المستقبلية


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 592 - 2003 / 9 / 15 - 04:28
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



في البداية لا بد لي من التأكيد على أن العنوان الاقتصادي ليس عنواناً مجردا أو أحاديا  أو معزولا … انه أحد أهم مكونات الأزمة الشمولية بطابعها الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و القيمي التي نعيشها اليوم .

نتفق جميعا أن عنوان ندوتنا اليوم ، تداوله بالحوار والبحث ، العديد من مراكز الأبحاث والمعاهد والمنتديات ، ورغم ذلك لم تنتج كل هذه الحوارات دراسة شمولية مفصلة تتناول التشخيص والتحليل والأهداف والخطط والآليات الممكنة إلى جانب السبل أو الكيفية الملائمة للتطبيق في واقعنا حاضرا ومستقبلا ، ولذلك فإن حوارنا اليوم قد يعيد إنتاج أو صياغة أفكار سابقة، وقد تستطيع الخروج بأفكار لم تطرح من قبل ، ولكننا في كل الأحوال –عبر هذه الندوة- لا نستطيع ولا نملك إنتاج المقومات اللازمة للدراسة الشمولية المفصلة لأوضاعنا الاقتصادية في واقعها الراهن أو المستقبلي ، إذ أن هذه العملية تحتاج إلى جهد جماعي متخصص يرتكز ويسترشد برؤية سياسية اقتصادية اجتماعية تعبر عن المصالح الوطنية والاجتماعية الفلسطينية .

بالطبع هذا لا يقلل من أهمية هذه الندوة أو فيما تراكمه من مؤشرات واستنتاجات إيجابية ، إلى جانب ما توفره من مساحات للتشخيص وتوجيه الملاحظات النقدية ضد الكثير من الممارسات الضارة في الإطار الاقتصادي الفلسطيني العام وحركته وقطاعاته الداخلية ، وذلك من منطلق الحرص على المصالح الوطنية والتماسك المجتمعي والحس العالي بالمسؤولية تجاه كل ما يجرى في واقعنا الراهن ولكن الحوار وحده لا يكفي ، رغم طابعه أو منهجه النقدي ، إذ أننا نعيش في ظروف صعبة ومعقدة وخطيرة تحتاج إلى بلورة إجماع وطني للأسس والمنطلقات المطلوبة للاقتصاد الفلسطيني في إطار الأسس المستقبلية للنظام السياسي بكل جوانبه للدولة الفلسطينية ، لكي نمتلك مقومات القوة في مواجهة هذا العدو الصهيوني المتغطرس .

الواقع الراهن للاقتصاد الفلسطيني :

على أي حال ، بالنسبة للشق الأول من موضوعنا ، حول الواقع الراهن للاقتصاد الفلسطيني أعتقد أن كل منا يمتلك رؤية أو تحليل لهذا الواقع تختلف في التفاصيل وتتقاطع في الصورة العامة.

هذه الصورة العامة –التي نتوافق عليها- تبين لنا أن المشكلة الاقتصادية الفلسطينية ليست مشكلة مالية وإدارية فحسب، وإنما هي مشكلة في منظومة الفعل الاقتصادي الفلسطيني سواء من حيث الهدف والخطة والتنفيذ بما في ذلك الرؤية والموقف الواضحين بالنسبة لاتفاقية التجارة الحرة أو الاتحاد الجمركي أو الارتباط بالاقتصاد العربي المحيط -بجانبيها النظري والعملي-،هذه الإشكالية في منظومة الفعل الاقتصادي الفلسطيني زعزعت الثقة لدى القطاع الخاص من الداخل ، ولدى المستثمرين الفلسطينيين في الخارج، وساهمت في تغييب الدور الإيجابي للقطاع العام والدولة والوزارات وما يعنيه ذلك من حصر الموارد المادية والبشرية ووضع وتطبيق الخطط السليمة التي تكفل تطور عملية النمو الاقتصادي الفلسطيني بصورة سليمة ومتوازنة .

بالطبع لا بد لي من الإشارة إلى أن منظومة الفعل الاقتصادي اصطدمت بعوائق بروتوكول باريس ، هذا البروتوكول الذي وضع الاقتصاد الفلسطيني تحت رحمة مخططي الاقتصاد الإسرائيليين ، ولكن رغم كل التعقيدات التي فرضتها الاتفاقات من جهة ، ورغم ممارسات العدو الإسرائيلي من جهة أخرى ، فقد كان من الممكن ألا تكون أوضاعنا على ما هي عليه اليوم ، وهذا هو درس الانتفاضة والاستشهاد الذي يدعونا إلى المستقبل .

1.  فخلال السبع سنوات العجاف الماضية : تراجع مستوى المعيشة إلى أكثر من الضعف قياساً بعام 93  بفعل التضخم وارتفاع الأسعار وثبات الأجور والتوزيع غير العادل للثروة والدخل .

2. وانخفض الدخل الحقيقي للفرد إلى أكثر من 25% عما كان عليه عام 93  إذ أنه بلغ في ذلك العام 2000 دولار للفرد في السنة ، أصبح اليوم حوالي 1500 دولار تعادل قوتها الشرائية 50% في الأردن ، و 45% في سوريا ، و 70% في مصر .

3. انخفض الناتج القومي الإجمالي من 5004 مليون دولار عام 92 إلى 4204 عام 95 ، وهبط إلى  4082 عام 96 ، و 4409 عام 97 ، ووصل إلى 5474 عام 98 ، وهي ليست زيادة في النمو الحقيقي إذا أخذنا بعين الاعتبار عدد السكان عام 93 الذي لم يتجاوز 2.2 مليون نسمة وارتفع مع بداية عام 2001 إلى حوالي 3.3 مليون نسمة ، مع ما يعنيه ذلك من ارتفاع في مجموع القوى العاملة من 420 ألف عامل عام 94 إلى 660 ألف عامل عام 2000 ، في ظل ما هو معروف لكم عن محدودية سوق العمل الفلسطيني الذي لا يستوعب أكثر من 5000 فرصة كل سنة في حين يدخله ما لا يقل عن 25 ألف طالب عمل سنويا .

4.  في ظل هذه الأوضاع ارتفعت نسبة الفقراء وأصبحت 20.1% من إجمالي السكان عام 97 ، وقفزت إلى أكثر من 25% عام 99 (25% أي 825 ألف نسمة يستهلكون 9% من السلع والخدمات فقط !).

وفي هذا السياق فإن نسبة الفقراء تحت خط الفقر في قطاع غزة وصلت إلى 37.3% عام 99 (وبالتأكيد ارتفعت هذه النسبة بصورة كبيرة في ظل ظروف الانتفاضة والحصار الإسرائيلي راهنا) ، أي أن كل أسرة من هؤلاء لا تستطيع تأمين أكثر من 1200 شيكل شهريا علما بأن خط الفقر للأسرة هو 1650 شيكل .

هنا لا بد لي من التأكيد على أن انتشار ظاهرة الفقر في مجتمعنا لم تكن بسبب السياسات العدوانية الإسرائيلية وحدها بل أيضا هي نتيجة للسياسات الداخلية وتعمق مظاهر الخلل والفساد الذي يحمل في طياته معاني الانحراف عن المضامين الأخلاقية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية ، و هو في مجالنا يقصد به انتهاك القوانين المجتمعية و استغلال المنصب العام و الرشوة و المحسوبية و غياب تكافؤ الفرص و غير ذلك من مظاهر الانحراف الاجتماعي .

و تجدر الإشارة إلى أن الانتشار المحدود للفساد ييسر من عملية اكتشافه و عزله ، هذا في حين يؤدي تفشيه إلى تعقد سبل المواجهة و العلاج ، و  ذلك في ظل تواجد مؤسسات   و قواعد و سلوكيات تكرس هذه الظاهرة على كل من المستويين الإداري و السياسي . من ناحية ثانية ، يؤكد العديد من الخبراء " أن الدول التي تمر بمراحل انتقالية ، تمثل أرضا خصبة للفساد حيث تشهد نموا سريعا يتزامن مع تغيرات في المنظومة القيمية يدعمها ظهور مصادر جديدة للثروة و السلطة مع اتساع ملحوظ في الجهاز الحكومي ، و مما يساعد على انتشار هذه الظاهرة ضعف التطور و تدني مستوى الأداء الاقتصادي و انخفاض مستوى الدخول و عدم فاعلية النظام العام وغياب الحريات المدنية وسيادة القانون و المنافسة السياسية و الافتقار إلى الشفافية و المساءلة .

إضافة إلى ما تقدم فإن الحديث عن ظاهرة الفقر عندنا لا يتوقف عند جوانب الفقر المتعلقة بتأمين المعيشة أو الحرمان  بل فقرا في النظام وسيادة القانون وفقراً في المشاركة وفقراً في القيم والعلاقات الاجتماعية .

5.  ترافق مع هذه المظاهر ، الكثير من الأضرار والتراجع التي أصابت القطاعات الإنتاجية وبشكل خاص الزراعة (التي يجب أن نعول عليها في التنمية والمقاومة) حيث سبق لهذا القطاع أن حقق عام 88 (1572 مليون دولار في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي البالغ آنذاك 3896 مليون دولار (40%) ، وفي عام 95 تراجع هذا القطاع وانخفضت مساهمته إلى 799 مليون دولار (21%) ، وفي عام 99 تدهور بصورة كبيرة لتصل نسبته إلى الناتج العام    حوالي 7% ).

6. بالنسبة لمعدلات النمو الاقتصادي ( و هي ليست مقياساً موضوعياً ، إنها مقياس كمي فقط ) فقد بلغ عام 99 (4,7%) ، في حين أن الزيادة السكانية لا تقل عن 4,5 % سنويا ، وأعتقد أن نسبة النمو الاقتصادي السنوي المطلوبة في واقعنا يجب أن لا تقل عن 6% سنويا لكي نضمن ارتفاع الدخل السنوي للفرد بما يقترب من الألفي دولار ، بالطبع فإن تحقيق هذه النسبة يتطلب تأمين ما لا يقل عن 1500 مليون دولار سنويا كاستثمارات في كافة القطاعات الإنتاجية الفلسطينية .
7.  وفي تناولنا لواقع الاستثمار ، فقد كان حجم الاستثمار الكلي قبل عام 93 أكثر من ألف مليون دولار ، انخفض عام 96 إلى 496 مليون دولار .

أما الاستثمار للمشاريع المسجلة في قطاع غزة و الضفة فهي :
- قطاع غزة : مجموع قيمة المشاريع المسجلة خلال أربع سنوات 95-98                     
           ( 254 مليون دولار) نفذ منها فقط 196 مليون دولار فقط – نصيب الزراعة 4 مليون !!
-  الضفة الغربية : مجموع المشاريع المسجلة خلال 3 سنوات 96-98 ( 487 مليون دولار ) نفذ منها 364 مليون دولار، وهنا لا بد لنا من أن نتساءل أين هو صندوق الاستثمار الفلسطيني ، و ما هو دور المجلس الأعلى للتنمية ؟؟ إضافة على تساؤلنا أين هو دور البنوك الوطنية وودائعها وتسهيلاتها الائتمانية وقروضها في خدمة التنمية الفلسطينية ؟؟

8.  إن الحديث عن التنمية خلال السبع سنوات يكشف لنا حقيقة أن اقتصادنا ما زال يعاني من حالة الضعف و الانكشاف المستمر المرتبط باستمرار السياسات الإسرائيلية و بروتوكول باريس و إطار الغلاف الجمركي الإسرائيلي و السياسة التجارية و المواصفات الإسرائيلية .

9. و نعاني أيضا من انقسام الضفة و القطاع ( بفعل الاحتلال ) إلى ما يشبه مجتمعين من الناحية الاقتصادية بسبب تكبيل حركة السوق الفلسطيني ، و ما يعكسه ذلك على الأوضاع الاجتماعية بينهما .

10. نعاني أيضا من مظاهر التضخم و ارتفاع الأسعار و ثبات الأجور و تدهور أوضاع الطبقات الفقيرة . ( ارتفعت الأسعار خلال السبع سنوات الماضية بالنسبة للسلع الأساسية الى اكثر من 100 % مع ثبات أجور العاملين في القطاعين العام و الخاص )

11.  لقد أصبحت إسرائيل – في ظل الواقع الراهن – هي الشريك الأكبر و الأول لفلسطين في التجارة الخارجية ، فهناك نحو 80 وكالة تجارية في الأراضي الفلسطينية لشركات إسرائيلية، و جميع هذه الوكالات الإسرائيلية تخص سلع لها بدائل في الأسواق العربية في مصر و الأردن ، إلى جانب ذلك فإن نسبة 86 % من مستورداتنا من إسرائيل ، فيما لا تتجاوز نسبة استيرادنا من مصر و الأردن 1% لكل منهما ، أي أننا نستورد حوالي 10% من مجموع صادرات إسرائيل التي بلغت 24 مليار دولار (عام 99 ) و نحتل بذلك الموقع الرابع بعد الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي و الدول الآسيوية .

12. و في هذا الجانب فإن المطالبة بتحليل كشف الوكالات التجارية والشركات والمؤسسات الاقتصادية الإسرائيلية أمر ضروري بهدف فرض الحظر و منع أي موظف عام من ممارسة هذا الخلل ، بالطبع أنا اعرف أن القانون يحظر على الموظف العام أن يكون وكيلا تجارياً ، لكن هذا القانون لا يحظر على زوجته و أولاده الحصول على الوكالة .. و بالتالي لا بد من تعديل القانون بحيث لا يجوز لأي موظف أو أقاربه من الدرجة الأولى أن يحصلوا على أية وكالات تجارية أو تأسيس شركات أو مشاريع خاصة في أي قطاع من القطاعات طالما كان على رأس وظيفته .

 في مقـابل كل هذه المعـاناة التي يعيشها شعبنا، خاصة في الموضوع الاقتصادي بسبب المواقف و الممارسات العدوانية الإسرائيلية في كل المجالات، نلاحظ النجاحات و الصعود في بنية الاقتصاد الإسرائيلي في مرحلة التسوية  فعلى سيبل المثال :

1. نجحت إسرائيل في دمج اقتصادها بالاقتصاد العالمي و تتحول اليوم إلى مركز رئيسي للعولمة في الشرق الأوسط مع تركيا .
2. تدفق هائل للاستثمارات الخارجية التي بلغت في السنوات الخمس الأخيرة معدل 3,5 مليار دولار عام 96/ 97  ارتفعت إلى 8.5 مليار دولار عام 99 ، في حين أنها لم تتجاوز 400 مليون عام 91 / 92 .
3.  انتهت المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل ، و هذا يعني توفير أو شطب ( 50 ) مليار دولار خسارة المقاطعة سنوياً خلال 45 عام ( أكثر من 2000 سلعة إسرائيلية تدخل الأسواق العربية) .
4.  ارتفـاع مستوى التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة و أوروبا إذ يصل حجم التبادل التجاري مع الولايات المتحدة 23 % من صادرات إسرائيل ، و 44 % مع الاتحاد الأوروبي .
5. ارتفاع دخل إسرائيل من السياحة إلى 3 مليار دولار سنويا .
6. ارتفاع الناتج القومي السنوي من 60 مليار قبل التسوية إلى اكثر من 100 مليار عام 2000  و بالطبع ارتفاع دخل الفرد إلى ما يقرب من 19 ألف دولار سنوياً .
7. بالطبع كلكم تعرفون نتائج الاتفاقات على الوضع العربي ( الوجه الآخر لمعادلة التسوية ):

أ-  تزايد مظاهر التبعية السياسية و الاقتصادية و التجارية و الثقافية .
ب- تزايد مظاهر الضعف و التشرذم و التخلف و التراجع بالمعنى الوطني القطري أو القومي .
ج- تزايد مساحات الفقر و الفساد … إلى آخر الصورة العربية الراهنة ، وهي ليست موضوعنا اليوم .

 هذه بعض مؤشرات الواقع الاقتصادي الراهن… فما هي مؤشرات استراتيجيتنا المستقبلية ؟ الجواب يحتاج إلى الجهد الواعي و المسـؤول من كافة المعنيين من الخبراء ورجال الأعمال والمستثمرين على الصعيد الوطني ، لمناقشة ووضـع رؤية اقتصادية وطنية تتناول عدد من المسائل نذكر منها :-

المسألة الأولى : إعادة النظر في صيغة العلاقات الاقتصادية – الإسرائيلية بما يؤدي إلى إلغاء استمرارية هذا الواقع و هذه العلاقة الموروثة عن الاحتلال و بروتوكول باريس.

 التأكيد على رفض صيغة الاتحاد الجمركي ، و كذلك عدم التعامل مع إسرائيل وفق صيغة منطقة التجارة الحرة  وهذا يقتضي تشكيل هيئة فلسطينية وطنية بصورة مؤقتة تحقيقا لهذه الغاية . إذ أن اتفاقية التجارة الحرة تحمل العديد من السلبيات :

1. منافسة  المنتجات الإسرائيلية  للمنتجات الفلسطينية .
2. صعوبة منع البضائع التي  تستوردها إسرائيل من الخارج من دخول الأراضي الفلسطينية بدون جمارك طبعاً .
3. هذه الاتفاقية ( التجارة الحـرة ) تفرض علينا ضرورة ملائمة المنتجات الفلسطينية لقواعد المنشأ والمواصفات كي تدخل إلى إسرائيل دون جمارك ( لا نستطيع المنافسة ).

البديل هو تطوير العلاقات الاقتصادية و التجارية مع الدول العربية و عقد اتفاقات تجارة حرة معها .


 المسألة الثانية : دراسة و تطبيق السبل الكفيلة بتعزيز قدرة الاقتصاد الفلسطيني على الاندماج الداخلي بين الضفة و القطاع و إنهاء حالة الارتباط لكل من الضفة و القطاع بالاقتصاد الإسرائيلي ، و هذا تحدي كبير ، سيعزز توجهنا نحو تقليل الاعتماد على إسرائيل في توظيف الفائض من العمالة الفلسطينية و ذلك من خلال زيادة القدرة التشغيلية للاقتصاد المحلي في الضفة و غزة أو في السوق العربي .

 المسألة الثالثة : الحديث عن التحديات المستقبلية في مجال القضايا المالية .

-  اعتباراً من هذا العام ستجد السلطة نفسها مضطرة إلى تطبيق سياساتها المالية في بيئة مختلفة جذرياً عن تلك السياسات التي استمرت حتى عام 99 / 2000 .
-  و السبب في هذا الاضطرار – حسب وثيقة صندوق النقد الدولي منتصف عام 99 – إن الحصيلة من الإيرادات كما كانت لغاية 99 / 2000 لن تتكرر ، مما يجعل السلطة أمام خيار  ( أو خطوة إجبارية ) للعمل على الحد من توسعها في الإنفاق و إخضاع الإنفاق للأولويات الخاصة بتمويل برامج الاستثمار العام ( من الموارد الذاتية ) .
-  القيام بكل متطلبات الإصلاح و النهوض على قاعدة الكفاءة و الخبرة و ليس الثقة .
-  وقف سياسية الاستخدام أو التشغيل المفتوحة بلا ضوابط و تفعيل عملية الترشيد ، و إدارة الإنفاق ،والرقابة و الشفافية ، كل ذلك وفق قواعد و منهجية واضحة لخدمة العملية الاقتصادية تعطي الأولوية لوزارة المالية في السيطرة على كل الحسابات العامة .
-  هذه التوجهات من الصعب تحقيقها بدون اعتماد فلسفة و منهج اقتصاد المواجهة و تعبئة الموارد الداخلية في خدمة الأولويات ، ضد اقتصاد الترف و الانفلات و من اجل اقتصاد الصمود الذي يعزز التماسك المجتمعي الداخلي بكل أبعاده إذ لا يعقل أن نسعى إلى تطوير أوضاعنا و تأكيد مقومات صمودنا الداخلي في مواجهة العدو الإسرائيلي إذا استمر هذا الوضع النقيض بين قلة مترفة و أغلبية ساحقة من الفقراء و الكادحين .
-  الاهتمام بقطاع الزراعة بحيث يجب أن تكون له الأولوية ، فهو القطاع المؤهل للمساهمة في التطور الاقتصادي بصورة ملموسة ، و مع ذلك فإن هذا القطاع الزراعي لا تتجاوز حصته من موازنة السلطة 2% فقط !! .
-  لقد فرضت علينا إسرائيل حصيلة تنموية سالبة ، و عملت على إبقاء المناطق الفلسطينية سوقاً استهلاكياً لمنتجاتها ، هذه الحالة تفرض علينا القيام بخطوات عملية جادة في محاربة النزعة الاستهلاكية في شراء المنتجات الإسرائيلية و الأجنبية ، و ترشيد الاستهلاك  .
-  كل هذه الطموحات لتطوير اقتصادنا الوطني الفلسطيني لا يمكن  تحقيق كل جوانبها  بدون إنهاء الاحتلال و تأكيد الاستقلال الناجز و الدولة كاملة السيادة ، لكن ذلك لا يجب أن يشكل عقبة في وجه صياغة و بلورة الإطار السياسي الديمقراطي الداخلي بمحدداته الاقتصادية و الاجتماعية و القانونية فهذا الإطار هو الذي يساهم في تفعيل العملية الاقتصادية و التنموية عبر التخطيط الاقتصادي و الاجتماعي .
-  و في هذا السياق فان الظروف تقتضي قيام  وزارة الاقتصاد مع وزارات أخرى بالمبادرة إلى تشكيل هيئة أو لجنة ( مؤقتة ) لوضع دراسة بالموارد الفلسطينية المادية و البشرية و من ثم صياغة خطة تتناول طبيعة الأهداف الاستراتيجية و المرحلية لكافة القطاعات الإنتاجية و قطاعات الخدمات و المصارف و دور كل منها بصورة محددة في الإطار الاقتصادي العام الذي يلتزم في أهدافه العامة بالعمل على بناء اقتصاد وطني مستقل متعدد القطاعات و الأنشطة من عام و خاص و مشترك و تعاوني ووقف التعامل بنصوص اتفاق باريس ، اقتصاد يقوم على تشجيع الاستثمار و استنفار الطاقات الوطنية ، و مكافحة الاحتكار و المساواة في الفرص أمام الجميع ، و ترشيد النفقات الجارية في الموازنة العامة ، و إصلاح النظام الضريبي ، و صياغة نظام جمركي فلسطيني ، و الرقابة على الأسعار ، و الحد من استيراد الكماليات الباذخة أو رفع الرسوم الجمركية عليها بما يخفف عن كاهل الفئات الشعبية الفقيرة ، و سن القوانين العصرية الديمقراطية بما فيها قوانين الضمان الاجتماعي و الأجور و غير ذلك من القوانين التي توفر الأساس لتحقيق الصمود والاستقرار الوطني إلى جانب التطور و النمو الاقتصادي و التقدم الاجتماعي ، وكل ذلك مشروطا تحققه في إطار الارتباط الوثيق بالاقتصاد العربي . 
 


برنـامج دراسـات التنميـة

محاضـرات في التنمية والمقاومة
غـازي الصـوراني

2002



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنمية والمقاومة بين التناقض والتكامل
- الأوضاع الفلسطينية في ظل الانتفاضة الثانية والعلاقات الدولية ...
- المجتمع الفلسطيني في انتفاضة الأقصى
- العولمـة وطبيعة الأزمات السياسيـة/الاقتصاديـة/الاجتماعيـة في ...
- أزمة حركة التحرر القومي العربي الراهنة وآفاق المستقبل
- المرأة الفلسطينية ودورها في التاريخ الحديث والمعاصر
- ورقة مقدمة للحوار حول : مشروع منتدى الفكر الديمقراطي الإشترا ...
- العولمة وطبيعة الأزمات السياسية الاقتصادية الاجتماعية في الو ...
- التطور التاريخي لمفهوم المجتمع المدني والأزمة الاجتماعية في ...
- التطور التاريخي لمفهوم المجتمع المدني والأزمة الاجتماعية في ...


المزيد.....




- في يوم استقلال لبنان: حضرت الحرب والأزمة الاقتصادية الخانقة، ...
- دعوى في هولندا لوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل
- هنغاريا: العقوبات على -غازبروم بنك- ستخلق صعوبات لدول أوروبا ...
- أردوغان: نجحنا بنسبة كبيرة في التخلص من التبعية الخارجية في ...
- بلومبيرغ: تعليق الطيران العالمي يترك إسرائيل في عزلة تجارية ...
- موسكو: سوق النفط متوازنة بفضل -أوبك+-
- سيل الغاز الروسي يبلغ شواطئ شنغهاي جنوب شرقي الصين
- بيسكوف العقوبات الأمريكية على -غازبروم بنك- محاولة لعرقلة إم ...
- نائب وزير الطاقة الروسي من اسطنبول: الغاز يدعم عملية التحول ...
- أسعار -البتكوين-.. ماذا وراء الارتفاع القياسي لـ-الاستثمار ا ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غازي الصوراني - الواقع الراهن للاقتصاد الفلسطيني وآفاقه المستقبلية