في كتابته المنشورة في الحوار المتمدن و " كتابات" و تحت عنوان " العراق يمثله فقط: العراقي المقاوم للاحتلال، و المذهبية و العرقية، و المؤمن بوحدته و عروبته" طلع علينا السيد صباح ديبس ، مثلما في مقالات له أخرى ، عن وجهه العنصري المتخلف و الحاقد على القيم الإنسانية ، كاشفا بصراحة عن ولائه لأسياده فرسان العروبة من أمثال صدام و علي الكيمياوي و جمال عبد الناصر و – شيخ يعاني من التهاب بواسير حاد يقيم في السويد مستشارا روحيا لأرامل البعث - و طه الجزراوي – مثاله الأعلى للكردي الوطني – و حفنة من القوميين السرسرية الذين جلبوا الويلات والمصائب على العرب المغلوب على أمرهم و الذين يعربدون باسمهم ليلا و نهارا ، و يبوح ديبس أيضا بحنينه و شوقه إلى أيام تسلط البعث و المقابر الجماعية و اغتصاب العراقيات المظلومات ، من قبل أزلام أشبال العروبة . و قد بلغت العنصرية بصباح ديبس حدا لا يستطيع أن يخفيها بأي غطاء ، مثلما يفعل كثيرون.
فديبس مثله مثل القوميين يمينا ويسارا ، و خاصة الجواسيس المندسين منهم في داخل الحزب الشيوعي العراقي ، يفضّلون طغيان البعث القومي ، و اغتصابه لنساء العراق على أي إنسان يختلف عنهم قليلا في اللغة و ما يسمونه بالقومية ، حتى لو ضحى هذا الإنسان بالغالي و النفيس في سبيل الإنسان في العراق و كرامته و مستقبل أبنائه.
كان حريا بكاتبنا الطارئ على الكتابة أن يتقن جيدا فن الكتابة و قواعد الصرف و النحو و الإملاء قبل أن يقدم على تفجير رأسه على صخرة التاريخ الذي هيهات أن يعود بالعراق إلى الوراء ، مهما بلغت " مكاومتكم " و كيفما نظّر لها العروبيون الخائبون.
فالنقطتان " : " اللتان نقشهما ابن العروبة "الراشي" في عنوان سمه المراق ، " العراق يمثله فقط: … " خطأ فاحش لا يمكن لتلميذ المدرسة الابتدائية أن يرتكبه ، فهاتان النقطتان توضعان بعد القول أو ما في معناه، و قبل المعادلات، والتفصيل، و التعداد، نحو:
يقال: جاء فلان بالأمر المفتعل؛ أي : بالأمر العظيم.
وإن الراشي لم يفسر للقارئ كيف يتداخل الدبس في الراشي ، في شروعه مقالته الأثيرة بقوله: " لا بد من التداخل …" ، لابد أنه يقصد المداخلة و عدم الصمت على ما فعله "الخونة الأكراد" بسلخ وطنه العراق عن جسد أمته العربية .
و إني هنا لو حسبت أخطاءه اللغوية وقمت بتصحيحها ، لطالت مقالتي بعشرات الصفحات ، فلم يحسن صاحبنا كتابة "ال" التعريف و لم يراع قط أصول كتابة الهمزة ، سواء همزة الوصل أو همزة القطع أو الهمزة في وسط الكلمة .
كما فشل فشلا ذريعا في كتابة التاء المربوطة ، إذ كتبها غالبا على شكل هاء .
كان عليك يا "ديبس" أن تحترم هذه اللغة الجميلة ، والتي هي لغة عروبتك ، بإتقانك لتقنيات الكتابة بها ، لا تخريبها
فالأكراد " أعداء عروبتك" على العكس من أسيادك ابناء العوجة و الجزراوي و جبار كردي ، لا يجرءون على استخدام لغة القرآن ، قبل أن يتأكدوا من إتقانهم لها ، و بعد أن تنجلي لهم الكثير من أسرارها .
يبدو أنك يا "صباح ديبس" العروبي ابن العروبي لا تحترم لغة الذين خلفوك .
هل تتذكر الشهيد سمير غلام الطالب في الجامعة المستنصرية الذي اعدمه البعثيون العام 1979 ؟ و أبادوا أمه وأخواته من بعده ، بحجة – حسب ما نشروه في جرائدهم- أنهم لا يتقنون العربية .
لماذا العراق جزء من الأمة العربية؟
يعيش في العراق المئات من الأقوام و الطوائف ، قدموا إليه للعيش و اتخاذه وطنا منذ مئات السنين ، و جرت بفعل حركة التاريخ تغيرات في ديموغرافية منطقتنا ، فانذابت مجموعات و تقلصت بعضها و كبرت البعض الآخر منها ، و هذه العمليات لم تجر على الأغلب قسرا و إنما عن طيب خاطر. فالناس لا يهمهم الأصل و الفصل ، بل تهمهم إنسانيتهم و أخوتهم و ما اجتمعوا عليه من قيم الإخاء و السلام ، و بناء مستقبل يعيش فيه أبناؤهم في طمأنينة لا تهددهم براثن الجوع و النزعات القومية التي يصلي لها صباح ديبس و المندسون داخل الحزب الشيوعي .
و بعد تأسيس الدولة العراقية من الولايات العثمانية الثلاث ، أصبحت في العراق قوميات بارزة ، أكبرها العربية و من ثم الأكراد و التركمان و آثوريون ، و جماعات كثيرة لا تشعر بانتمائها للقومية العربية . و الأنظمة الفاشية التي توالت على حكم العراق ، أصرت على عروبة العراق و كونه جزء مما يسمى بالوطن العربي لأسباب انتهازية تكسب من ورائها دعم العنصريين العرب أنظمة و نخبة فاسدة, و رضا و تأييدا من إسرائيل ، لأن سياسة هذه الأنظمة العنصرية كفيلة بإضعاف شعوب المنطقة و خلق تناحرات تكون لصلح الدولة العبرية.
و النخبة المثقفة – مع استثناءات- أصبحت تردد كالببغاء مقولات الأنظمة الفاشية في القومية والوطنية , دون لحظة تأمل في مغزاها.
فالحجج التي يسوقها القوميين لعروبة العراق ، يمكن للكردي أيضا أن يستعين بها في ادعائه كون العراق أو جزء منه جزء لا يتجزأ من أمة كردية و كذلك يمكن للتركماني أيضا أن يستخدمها في ادعاءات بتركية العراق و جعله جزء من الأمة التركية . إن كان في العراق يعيش عرب ، فالتركمان أيضا يعيشون، و إن كانت العربية تحكى بها و تكتب ، فإن التركمانية أيضا لغة حية في العراق محكية وتكتب بها أيضا , إن كان هناك عرب يشعرون أنهم ينتمون إلى مجموعة أكبر أي الأمة العربية ، فهناك أيضا تركمان يشعرون بالولاء لتركيا وطنا و أمة تركية .
فالادعاء بعروبة العراق يمكن اعتباره أيضا نزعة انفصالية و معادية لمشاعر أغلب العراقيين . و لكني هنا لا اريد أن يقاطع العراقيون ، بقية العرب ثقافيا و اجتماعيا ، بل اعتقد أن الصلات الاخوية بين شعوبنا عربية ، و ايرانية ، وتركية ضرورة انسانية .
الصهيونية و العروبة
يتهم صباح ديبس القادة الأكراد بارتباطاتهم بإسرائيل الصهيونية , و لكنه يغض النظر عن ارتباطاتهم بسوريا البعث و العروبة . الأنظمة القومية التي حكمت في العراق بظلمها و استبدادها المنقطع النظير ، هي نفسها مبررات قوية للاستعانة بالشيطان لإلحاق الأذى بها . فالصهيونية أيضا حركة قومية مثل القومية العربية ، و قد لعبت الصهيونية دورا كبيرا في خلق القومية العربية ، حتى أصبحتا وجهي عملة واحدة. و هناك و وقائع تاريخية أسدل الستار عنها في السنوات الأخيرة ، تثبت كلامنا هذا , و لكن القوميين العرب يمينا ويسارا يخفون رؤوسهم في الرمال لئلا يروا الحقائق بأعينهم ، و الحقيقة لهم قاتلة .
و إن العلم العراقي الذي يداس عليه اليوم ليس إلا علم الأنفال و المقابر الجماعية ، لا ينبغي لأي مواطن عراقي أن يفتخر به ، إنه علم القوميين العرب أثناء وحدتهم المشؤومة بين العراق و مصر وسوريا. فالعلم القادم يجب أن يرمز إلى ما يجمع عليه كل العراقيين ، من روح الأخوة و التعاون و البناء.
و هنا لا أريد الدفاع عن السيد هشيار زيباري وزير خارجية العراق الجديد ، لأنه في غني عن دفاعي عنه . و إن ديبس لا يراه صالحا لتمثيل العراق ، بل يرى أبو العلوج أو طارق عزيز خير من يمثل العراق . و المقصود بالعراق عند صباح ديبس و أمثاله ، إنما حفنة من زبالات القوميين .
و ينهي صباح مانفيست عروبته بقوله: " المقاومة سترجع العراق الحبيب لعافيته و لموقعه و لدوره القومي و الإنساني"
و لكني أقول أما يعود العراق لتبؤ موقعه الإنساني و لعب دوره الإنساني ، فهذا رائدنا نحن أبناء هذا البلد الجريح بطعنات عروبتك ، و واجب كل إنسان شريف .
أما أن تعيد " المكاومة" العراق إلى أحضان بعثك و عروبتك ، فهيهات و ألف هيهات.
و الحديث في هذا المجال طويل و ذو شجون ليس مثلما يقول السيد الطارئ على الكتابة " ذوا شجون" ، بوضع الألف على الإسم " ذو" ، إذ يعجز القارئ عن إحصاء كل أخطائه العروبية الطلفاحية.