أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ساطع راجي - دور العشيرة …دور الدولة















المزيد.....

دور العشيرة …دور الدولة


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 1943 - 2007 / 6 / 11 - 12:43
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ظهور الجماعات الأصولية المتطرفة في العراق وسيطرتها على بعض مناطقه شكل تحديا مباشرا لسلطة رؤساء وشيوخ العشائر والقيادات المحلية الأخرى بما فيها القيادات الدينية التقليدية، وقد حاول بعض أعضاء هذه النخب التكيف مع وجود الجماعات المتطرفة في مناطقهم، خاصة بعد أن حظيت هذه الجماعات بتمويل قوي وتأييد فئوي اعتمد على المشاعر الطائفية والعنصرية، لكن تصادم هذين الطرفين( الراديكاليين الإسلاميين والنخب التقليدية) كان أمرا متوقعا بسبب التناقضات في الأهداف والوسائل والأفكار، ونقطة التقاطع الجوهرية بين الطرفين تتمثل في حالة الغربة المكانية التي تعيشها الجماعات الأصولية الساعية إلى نمط سياسي فوضوي غريب عن المجتمع العراقي، بينما كانت النخب المحلية التقليدية تسعى أولا للتمسك بمواقعها ومصالحها ومصالح اتباعها، عشائريا ومذهبيا، لذلك حدثت المواجهة بين الطرفين، خاصة وان زعماء العشائر وحتى رجال الدين التقليديين لا يتدخلون كثيرا في الحياة الشخصية لأتباعهم وزعماء العشائر العراقيين عموما متحررين سلوكيا رغم كل ما يشاع عن الحفاظ على التقاليد، كما انهم براغماتيين إلى حد بعيد وبشكل متوارث تم الحفاظ عليه رغم التقلبات السياسية.
كان من المتوقع أن تكون هذه المواجهة مكشوفة بين الطرفين لعدم وجود أجهزة الدولة في المناطق التي حدث فيها الصدام، وهذه حالة شاذة بالنسبة لمجتمع حديث، فالدولة هي الوحيدة المخولة باستخدام السلاح ضد أعدائها وأعداء المجتمع على حد سواء، لكن الظرف الطارئ في عراق اليوم جعل من الشاذ طبيعيا بل ومرغوبا فيه، حيث انطلقت نداءات رسمية تحرض شيوخ وأهالي بعض المناطق لمواجهة الجماعات الإرهابية وتشكيل تنظيمات ذات طابع عشائري، وهذا الأسلوب يمثل اعترافا رسميا بهشاشة أجهزة الدولة وهو يذكر بحالتين من استخدام العشائر في بسط الاستقرار في العراق، الأولى رافقت إنشاء الدولة العراقية الحديثة في بدايات القرن العشرين حيث تحالفت القيادات العسكرية والسياسية البريطانية مع عدد من شيوخ العشائر لفرض الاستقرار في مناطقهم ومن ثم جاء دور النظام الملكي لإدامة هذا التحالف بين الدولة وشيوخ العشائر وفي كلتا الحالتين كان شيوخ العشائر يحظون بامتيازات مالية وسلطوية أثرت كثيرا على المجتمع العراقي وغالبا ما كانت تلك التأثيرات سلبية، أما الحالة الثانية في التحالف بين الدولة وشيوخ العشائر فظهرت عقب حرب تحرير الكويت/ حرب الخليج الثانية، حيث لجأ نظام صدام إلى تنشيط دور شيوخ العشائر بعد أن استهدفهم في السبعينيات والثمانينيات وأضعفهم بشكل كبير، لكنه لجأ إليهم عندما شعر بضعف أجهزته القمعية وعدم قدرتها في السيطرة الجماهير، لكنه عرف مقدما خطر تنامي سلطة شيوخ العشائر لذلك وضع حدودا قاسية لدورهم، كما انه اصطنع كثيرا من الشيوخ، وأوجد جهازا إداريا وأمنيا وحزبيا متخصصا للسيطرة على هذا التكوين الهجين (عشيرة_ مليشيا_حزب).
أذن، هناك علاقة عكسية بين قوة الدولة وقوة العشيرة، وفي مرحلة بناء دولة حديثة لا بد من التعامل بحذر مع القوة العشائرية، خاصة إذا ما وضع في الحسبان الولاء المتأرجح لزعماء العشائر وطموحاتهم اللامحدودة، لكن السياسي العراقي يتساهل في التعامل مع الزعيم العشائري ولا يخشاه لأنه يختلف عنه في طموحاته، بمعنى آخر أن الزعيم العشائري لا ينافس الزعيم السياسي ولا يريد أن يحل محله، لكن الزعيم العشائري لا يتوانى عن استغلال السياسي في لحظات ضعفه وربما إلى حد الابتزاز، خاصة في الظروف الانتخابية حيث لا توازي قوة شيخ العشيرة على حشد الأصوات إلا قوة رجل الدين، والصراع السياسي الحقيقي في الشرق العربي إنما يدور بين المضايف والمساجد، اكثر مما يدور بين المقرات الحزبية، ولو أردنا الرجوع قليلا إلى مصادر الحركات الأصولية الحالية فسنكتشف بسرعة إنها نجمت عن التحالف بين الاثنين، وكان المضيف دائما هو الأكثر قدرة على الفوز في الصراع رغم انه لا يتقمص دور المنتصر، بل أن شيوخ العشائر كانوا حريصين دائما على وضع أنفسهم في صورة الاتباع للزعماء الدينيين وأحيانا يتواضعون إلى تسمية أنفسهم بخدم العلماء والفقهاء ، لكن ذلك ليس إلا نتاج للحس البراغماتي الذي يتمتع به شيخ العشيرة، وحتى في الراهن نجد قادة الأحزاب بما فيها التقدمية والليبرالية لا يتوانون عن اللجوء إلى شيوخ العشائر والتحالف معهم لكسب المعارك الانتخابية، وهذا يحدث في العراق والبلدان المجاورة له أيضا، ولعل لبنان يمنحنا الصورة الأوضح لتلك العلاقة المركبة بين شيخ العشيرة ورجل الدين والسياسي، حيث يبدو زعيم الحزب زعيما اجتماعيا للطائفة محاط بصورة مستمرة بفقهاء معممين، ولكنه أيضا شيخ عشيرة حيث تختلط الوظائف والأدوار بتأثير المنافع في هذا البلد العريق في ليبراليته وتقدميته وعلمانيته بحسابات الشرق العربي.
في الحالة العراقية هناك التباس معقد، فمن جهة يستدعي الوضع الأمني المتردي التشبث بأية قشة لإنقاذ مناطق عديدة من براثن الإرهاب وفي كل الأحوال لا يمكن رفض هذه الهدية التي يقدمها شيوخ العشائر كما انهم أساسا يدافعون عن حياة وحرية ومصالح عشائرهم وأهلهم في ظرف تعجز أجهزة الدولة عن القيام بهذا الدور، أما محاذير هذا الدور فتتمثل أولا في نمو قوة العشيرة على حساب قوة الدولة وهيكلية العشيرة وأساليبها تتناقض مع مشروع بناء دولة حديثة حتى ولو عبر شيوخ العشائر عن دعمهم لهذه الدولة، لكن طبائع الأشياء ترفض هذا الانسجام، لأن العشيرة نمط بدائي من الدولة كما يقول الانثربولوجيون ولا يمكن لهذا النمط أن يتخلى عن وجوده بسهولة خاصة حين يشعر بضعف وهشاشة النمط الجديد، والمحذور الآخر في دور العشيرة، سياسيا وامنيا، هو ما أصاب بنية العشائر العراقية وخاصة مشيختها من تناحر وتشرذم وتسييس وتفسخ، بفعل التطور الاجتماعي أولا وبفعل التقلبات السياسية ثانيا، وهذا الوضع مربك جدا للسياسي الرسمي ويدفعه للتفكير مطولا قبل أن ينزلق في دوامة التحالفات العشائرية القلقة، أما المحذور الثالث فيتمثل في الثمن الذي يجب أن يدفع لشيوخ العشائر إن عاجلا أو آجلا، وهذا الثمن في كل الأحوال لن يكون فقط مالا أو مصالح ولكنه سيكون أيضا وضعا امتيازيا يعيد إلى الذاكرة الصراعات والاختلالات التي عاشها العراق قبل تموز 1958كما استمر مفعولها تحت غطاء ستارة كثيفة من الشعارات التقدمية بعد ذلك.
الطريق لتحديد سلبيات ومخاطر عودة القوة العشائرية إلى الواجهة يتمثل في الإصرار على التمسك بهيبة الدولة وتقوية أجهزتها والإسراع في بناء المؤسسة الأمنية والعسكرية، هذا على البعيد والمتوسط، أما على المدى القريب فيجب عدم الخضوع كليا لمطالب وعقلية التفكير العشائري كما لا بد من الوضوح في عدم إعطاء وعود كبيرة لقيادات العشائر وتوضيح حدود السقف الذي يمكن أن تعيش تحته علاقة مقبولة بين الدولة والعشيرة.





#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقات اسطنبول
- العامل الأمريكي


المزيد.....




- سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع ...
- مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ ...
- كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
- حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع ...
- البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان ...
- أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
- مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
- أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ساطع راجي - دور العشيرة …دور الدولة