صباح البغدادي
الحوار المتمدن-العدد: 1943 - 2007 / 6 / 11 - 09:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعتبر العراق المحتل اليوم البوابة الرئيسية لتحقيق الحلم الفارسي الموعود وذلك بإقامة الإمبراطورية الفارسية الساسانية المقبورة , هذا الحلم الشيطاني الذي يراود دئمآ ملالي النظام الإيراني منذ زمن سحيق , بحيث تصبح أرض الرافدين الركيزة الأساسية والمعبر إلى العالم العربي والإسلامي لتحقيق هذا الطموح حتى وأن أتى على حساب جثث وجماجم أبناءه , وهذا ما تقوم به الآن مؤسسة مجلس شورى الثقافة الإيرانية بترويجها للبدع والخرافات والأساطير بواسطة الكتب والمنشورات والدوريات الرخيصة التي تصدرها هذه المؤسسة الطائفية للترويج لعودة الحلم الفارسي الساساني وإعادة وإحياء هذه الإمبراطورية المقبورة على جثث العراقيين ودمائهم الزكية , وهي الضريبة التي يدفعها أهلنا في داخل العراق الآن من خلال السيل الجارف لتفجيرات السيارات المفخخة المفتعلة وعمليات الخطف بإنواعها والعمليات الإرهابية الأخرى وتشجيعها على الإقتتال وبث روح الفرقة والإنتقام والتحريض بين مكونات المجتمع العراقي , حيث يعتبر العراق المحتل بالنسبة لنظام الملالي الحاكم في إيران خط الدفاع الأول ضد أي محاولة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أو حلفائها الغربيين لتغير نظام حكم آيات الله , حيث تنشط الآن البعثات التبشيرية الإيرانية في محافظات جنوب العراق للترويج بصورة هسترية لهذا الكابوس المفزع الذي يراود مخيلة هذه العمائم الشيطانية تساندها في هذا الشأن حفنة من بقايا عمائم الأنصاب والميسر بحجة الحفاظ على ( شيعة آل البيت ) وهو الشعار الزائف الذي طالما أثبت أن آيات الله ما هم في حقيقة الأمر إلا مجموعة من زمرة المخابرات الإيرانية والذين يتخذون من الطائفة والمذهب مشروع لتنفيذ سياستهم الجهنمية دخل العراق . وفي عودتنا لموضوع مقالنا الرئيسي حول ظاهرة تصفية الطيارين العراقيين أشارت مؤخرآ التقارير الصحفية , بأن بعض وحدات الشرطة عثرت يوم الخميس 30-5-2007 على جثة العقيد الركن الطيار محي الدين مشرف اللهيبي بعد يوم واحد على إختطافه من قبل مجموعة مسلحة ترتدي زي مغاوير الداخلية وبسيارات الشرطة الرسمية حيث تم العثور على جثته بالقرب من ملعب الشعب الدولي عليها أثار تعذيب شديد ومقيد اليدين من الخلف والغريب في الأمر أن هناك ورقة كانت مكتوبة ومثبته على جثة الطيار تقول حرفيا (( هذا جزاء كل من يضرب جزيرة خرج )) , وهي ليست المرة الأولى التي تكتب به مثل هذه العبارة وأن أختلفة صيغ العبارات المكتوبة في بعض الجثث التي يتم العثور عليها للطيارين والضباط العسكريين السابقين , ففي العام الماضي قامت وحدات فيلق بدر الإيراني – فرقة الاغتيالات الخاصة – ويرتدون كالعادة زي مغاوير الداخلية الرسمي وسيارات رسمية عليها شارات الوزارة واضحة وصريحة بإقتحام منطقة زيونة البغدادية باغتيال العميد الركن الطيار أحمد صالح الجميلي عند مداهمة المنطقة التي يسكن فيها بحجة البحث عن مسلحين في المنطقة , عندها قامت هذه العصابات المجرمة باغتيال الطيار الجميلي وبتصوير العملية بكاميرة محمولة وكتابة عبارة ( هذا جزاء كل من يشارك بضرب جزيرة خرج ) على الباب الخارجي لداره , وسط ذهول أهله وسكان المنطقة . طبعآ هنا ليس بالضرورة أنا هذا الطيار والذي تكتب على جثته مثل تلك العبارات أو غيرها وتحمل معنى واحد قد شارك بصورة فعالة في ضرب جزيرة خرج المنفذ البحري الإيراني لتصدير النفط والذي كان بعيدآ في حينها عن مدى الطائرات العراقية المقاتلة وبعد أن وصلت للعراق في السنوات الأخيرة من الحرب طائرات الميراج 2000 الفرنسية والتي حطمت المنفذ البحري الإيراني في جزيرة خرج والذي كان بعيدآ عن مدى الطيران العراقي , ولكن الحقد الأعمى هو الذي يجعل مثل هؤلاء المجرمين ومدى طاعتهم العمياء لأسيادهم الفرس حول تنفيذ هذه العمليات بحق رموز جيشنا العراقي السابق بمختلف صنوفهم القتالية بل وصل الأمر إلى قيامهم بتصوير عملية الإغتيالات كاملة وتوثيقها لغرض التأكيد عليهم بأن العمل قد أتم على أكمل وجه . ومن المفارقات الجميلة التي تعكس واقع الحال وتلاحم أبناء البلد الواحد في جميع المحن التي يمر بها العراق المحتل اليوم , حيث أخبرني أحد معارفنا عند وصوله لإحدى الدول العربية بسلام وأثناء اتصالي به وهو طيار سابق كان أمر سرب مقاتل في قاعدة الحبانية الجوية , أن خمسة طيارين وعوائلهم من محافظات العمارة وكربلاء قد إلتجأوا إلى محافظة الأنبار هربا من عملية الاغتيالات التي ينفذها مجرمين فليق بدر وبعد انتشار مثل تلك الأفعال على نطاق واسع والتي يتم تنفيذها بحق الضباط وطيارين جيشنا العراقي السابق بمختلف مكوناتهم وانتمائهم حيث قاموا باتصالاتهم مع عدد من أمري وحداتهم العسكرية السابقين طالبين منهم توفير الحماية لهم في مناطق سكناهم في محافظة الأنبار وكان لهم ما أرادوا , وهم الآن براعية وحماية العشائر التي ينتمي لها هؤلاء الضباط بل أن البعض منهم أخبروه بأن سعر الطيار الذي يتم إغتياله يتراوح بين 2000 و2500 دولار وأن أقارب ومعارف هؤلاء الطيارين المرشحين للاغتيال نصحوهم في حينها بأن يهربوا إلى أي مكان أمن قبل أن يتم تحديد أماكنهم والنيل منهم , وهذا دليل على أن العراقيين الشرفاء في وقت المحن والشدائد ينصر بعضهم البعض بغض النظر إلى من ينتمي هؤلاء مثلما يحاول اليوم بعض ضعاف النفوس تشويه صورة هذا النسيج ببث روح التفرقة والانتقام . يذكر لنا الكاتب والمفكر العراقي السيد علي الكاش في مقال له (( بعد الغزو الأمريكي للعراق , أعلمني أحد المقربين من عبد العزيز الحكيم , بأنه في اجتماع مع المندوب السامي الأمريكي بول بريمر طلب منه الحكيم شخصيا السماح له بتصفية الحسابات مع الرموز البعثية , ورد بريمر على هذا الطلب حسنا !!! على أن يجري هذا الأمر بهدوء تام فوعد الحكيم بذلك , وكانت هذه الموافقة بمثابة الكارت الأخضر للميليشيات وعملاء إيران بشن حملة لتصفية الآلاف من البعثيين وأمتد الأمر إلى الضباط والطيارين العراقيين الذين شاركوا في الحرب ضد إيران والذين كانوا لهم دور مشهود في الحرب )) , ومن خلال هذا السياق أيضا هناك الكثير من الحوادث التي شنها عملاء إيران المتمثل بفيلق بدر أحد أذرع المخابرات الإيرانية واليد الغادرة داخل العراق بقيامها بعملية واسعة النطاق وفق قوائم معدة مسبقآ لهذا الغرض وكذلك المشاركة الفعالة التي تقوم بها اليوم ما تسمى بوزارة الأمن الوطني لصاحبها عبد الكريم العنزي وهو من حزب الدعوة ــ تنظيم العراق التي تم استحداثها بناء على أوامر فيلق القدس الإيراني الخاص بعمليات العراق , حيث نورد للقارئ الكريم حادثة تم التكتم عليها حول حقيقة هذه الوزارة بما تسمى اليوم ( الأمن الوطني العراقي ) وعلاقتها المباشرة بقتل وتصفية الضباط العراقيين بمختلف تنوعاتهم وأطيافهم ضمن النسيج العراقي الواحد وقد تم في حينها التكتم على حقيقة الجهة التي قامت بعملية الخطف , حيث قامت فرقة الاغتيالات الخاصة التابعة للمدعو عبد الكريم العنزي بعملية غبية وساذجة في حينها كشفها الأمريكان نتيجة لمراقبتها لمثل تلك الوزارة المشبوهة , عندما قامت باختطاف الفريق الركن ثامر سلطان التكريتي مستشار وزارة الدفاع والمعين من قبل الأمريكان بصورة مباشرة في الوزارة أثناء قيامه بتفقد وحدات من الجيش التابع لوزارة الدفاع والتي كانت منتشرة في منطقة حي الجامعة وأثناء تجواله مع عدد من ضباط الركن لغرض التفتيش والمتابعة الميدانية على هذه الوحدات العسكرية يوم السبت 3 أذار 2007 وعند الساعة العاشرة صباحآ تم إيقاف موكبه والسيارات المرافقة له من قبل مجموعة ترتدي ملابس عسكرية رسمية ترافقها سيارات رسمية تابعة لوزارة الداخلية وطلبوا منه الترجل من سياراته لغرض مرافقتهم بخصوص طلبه للوزارة , وتم اقتياده بعدها إلى جهة مجهولة حيث إذاعة ما تسمى بالفضائية ( العراقية ) خبر اختطافه من قبل مسلحين مجهولين !!! ( دائمآ المسلحين مجهولين !!! , بالطبع المسلحين مجهولين في عهد رئيس الوزراء نوري المالكي !!! ) في هذه الأثناء تدخل الأمريكان بصورة مباشرة وعند سماعهم الخبر وحقيقة وتفاصيل عملية الاختطاف من قبل موكبه المرافق وحمايته الخاصة وضباط الركن المرافقين له ووسط حالة من الغضب والتذمر من قبل الضباط الأمريكان الذين يمنون النفس بإعادة ترتيب أوضاع الجيش العراقي !!! , فقد تم إصدار الأمر إلى نوري المالكي في حينها بوجوب سرعة أطلاق سراحه وإلا سوف تكون العواقب وخيمة وكارثية , وفعلا تم أطلاق سراحه في اليوم الثاني , وقد حاول المتحدث بما يسمى بخطة أمن بغداد المدعو قاسم عطا أن يوهم الأخريين بصورة غبية وساذجة كالعادة وبتصريح له في مؤتمر صحفي عقده يوم الأحد (( بأن قوة خاصة من الجيش العراقي قد قامت صباح يوم الأحد 4 أذار 2007 بعملية خاصة جدا بتحرير الفريق الركن ثامر سلطان التكريتي من مختطفيه وقد تم اعتقال خاطفيه الأربعة أثناء العملية والذين كانوا متواجدين معه في البيت وأن الخاطفين ينتمون إلى جماعة مسلحة لم يتم الإعلان عنها لدواعي أمنية )) وعند طرح بعض الأسئلة من قبل الصحفيين الذين تواجدوا في المؤتمر الصحفي حول حقيقة المعلومات التي تسربت في حينها ومن المنطقة الخضراء وتصريحات بعض نواب المجلس بأن جهة حكومية وراء عملية الاختطاف وأن الأمريكان كانوا منزعجين جدا وخصوصا إن الفريق ثامر سلطان التكريتي لم يكن لوحده , حيث كانت هناك الوحدات العسكرية التابعة للجيش إضافة إلى عناصر الحماية الخاصة به وكذلك بعض الضباط الركن الذين رافقوه في التفتيش فكيف حدثت عملية الاختطاف بهذه السهولة !!! فقد أجاب بعد محاولته تغير منحى الأسئلة لغرض التهرب من الإجابة على هذه الأسئلة حيث قال (( أن التحقيق مازال في أوله وليس لدى أي تعليق الآن !!! )) . من المعروف اليوم أن الطيارين العراقيين الذين خاضوا الحرب ضد إيران يتعرضون لعملية ملاحقة منظمة ومبرمجة للقتل والتصفية من جانب مليشيات فيلق بدر ( منظمة بدر لاحقا ) الذي أنشأته إيران خلال فترة الحرب السابقة والذي دربته وسلحته وتموله الآن في أطار عملية الثأر من هؤلاء الضباط العراقيين نظرا لدورهم المشهود في الحرب . حيث تشير الإحصاءات العسكرية الرسمية لوزارة الدفاع ( العراقية ) أن 182 طيارآ سابقآ و416 ضابطآ عسكريآ برتبة كبيرة بالجيش العراقي السابق قد قتلوا في أطار هذه العملية حتى شهر شباط 2006 وأن ما لايقل عن 836 طيارآ وضابط عسكري بارز قد فروا إلى الدول العربية المجاورة طلبآ للحماية من عمليات الإغتيال , طبعآ الرقم الآن قد أزداد بصورة كبيرة عن أخر تقرير بائس أصدرته قبل أكثر من سنة وزارة الدفاع ( العراقية ) وتشير صحيفة الصندي تايمز كذلك في تقريرها المفصل من بغداد أن الطبيعة التنظيمية لعمليات الاغتيالات توجه الإتهام إلى مسؤولين في داخل الحكومة العراقية من الموالين لإيران تقف وراء هذه الإغتيالات وتروي الصحيفة أيضا في تقريرها المطول قصة اغتيال لواءين بالقوة الجوية العراقية السابقة هما اللواء الطيار قاسم شالوب واللواء الطيار سعاد بها الدين الذين تم أختطفهما وعثر على جثتيهما قرب مدينة الصدر وقد قطعت أيديهما وأطلق الرصاص على رأسيهما كما عثر على جسديهما أثار جروح ببلطة في رأسيهما وعلى ثقب في رقبة أحدهم تم بمثقاب كهربائي . وقد نقلت الصحيفة نفسها عن شقيق أحد الطيارين الذي أغتيل مؤخرا قوله ــ أن أي شخص شارك في الحرب ضد إيران هو الآن هدف محتمل ولا يعرف متى يتم تنفيذ حكم الإعدام به وليس بوسعنا الهروب أو الدفاع عن أنفسنا أننا نسير ونحن موتى . هذا هو جزء يسير من إرهاب الحكومة المالكية التي تدعي إنها جاءت للجميع بمختلف شرائحهم وقومياتهم ومذاهبهم وطوائفهم فأين المفر أيتها الحكومة عندما يحين موعد الحساب فكل شيء الآن مدون ومسجل في ذاكرة الشعب العراقي العظيم والتي حتما سوف لن تموت مهما طال الزمن فالحساب قادم لا محالة والكل اليوم يعرف أن شرعيتكم من شرعية تواجد الاحتلال في أرض العراق المحتل وليس من الشعب العراقي المغلوب على أمره والذي تم خداعه تحت السياط الدينية التكفيرية لغرض وصولكم إلى كرسي الحكم وسرقتكم لأموال الشعب الذي يرزح اليوم تحت خط الفقر وحرمانه من أبسط مقومات الحياة البسيطة . أليس كذلك يا رجل أمريكا في العراق ؟؟؟ يا حكومة هولوكوست نوري المالكي ... وأن يوم غدآ لناظره قريب
#صباح_البغدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟