فؤاد منير خليل
الحوار المتمدن-العدد: 1942 - 2007 / 6 / 10 - 12:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنظر محدقا إلى التاريخ المسافر عبر أطياف الأسى, فأجد ضفافه منهارة يعتريها شيء من الرماد, يحاول أن يعكر صفو الموج الغارق في الحلم, تتلاطم الأرواح, فيتكسر الجسد على رمال الحزن ونبقى صامتين, ولسنا بصامدين, ننتظر الفرج قادما من المجهول, نؤمن بالغيب ونختار رسلا من قراء الكف والفنجان.
والمعجم العربي يحتوي على كل المفردات, يفسر كل شيء, أغنى من كل لغات العالم, ولكنه مازال عاجزا عن بيان معنى كلمة السلام فقد بقيت هذه الكلمة خلف قضبان الإستفهامات واعتقلت في سجون الهوامش.
كيف لاأبكيك أيها التاريخ وأنت النعش المحنط على هامش السنين. كيف لاأبكيك مادمت حتى اليوم أرى يسوع المسيح الذي صلب على ذمة الظلم, ويهوذا يطلب له المزيد, الإعدام, وهيئة المحكمة الموقرة تحاكمه بسرعة ودونما وجه حق, بلا شهود, لم يعرف الأسخريوطي بأن الحرية والكرامة لايمكن أن يتم صلبهما من قبل الغدر والذل والخنوع.
كيف لاأبكيك أيها التاريخ مادمت أرى في كل لحظة حاكم مستبد, سارق, قاتل, منافق وخائن, والكل يتغنى ويتحدث بحب الوطن والدفاع عن المقدسات والثوابت وأمور أخرى تم بيعها والتنازل عنها منذ الأزل.
كيف لاأبكيك أيها التاريخ وأرثيك ياتاريخ أمة ممزقة الأشلاء, ضائعة, تائهة في صحراء رملها نفاق, وشوكها بلاء, وحصيها رياء وناسها والأموات سواء. آه ياأمة مثل غابة قويها يستعبد الضعيف, وحاكمها يستبد بحكمه, وقاضيها لايعرف الحكمة والعدل ,وأمينها تتلمذ على السرقة والنصب وحاميها ترعرع على الحرام.
ونينوى تصرخ, والمقدس يبكي, والكعبة تدمع, والسمك تأكله الحيتان, ويفنى الحق ويندثر الصدق وينسحق الطهر والجلاد في الميدان, ويوسف النبي في الجب, وموسى في الصحراء, وعيسى يعانق الصليب, ومريم العذراء امرأة بلا ثياب على ركبتي سكران. يقبلها ويضرب لها الوعود باسم المعتقدات, والمعتقدات باتت تباع وتشرى من عند السمان, فببضع دنانير ترى هابيل يقتل قابيل, ويوسف يرمي إخوته في الجب, وموسى يظلم فرعون, وعيسى يصلب اليهود, ومحمد ينتهك حرمة قريش, ومسيلمة خليفة النبوة, والبيت الأبيض هو المقدس, وهوليود مكة المكرمة وأولبرايت هند بنت النعمان.
#فؤاد_منير_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟