|
الطفوله...وعالم السياسه
فواز فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 1942 - 2007 / 6 / 10 - 12:23
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
تعاني المجتمعات العربيه المعاصره اليوم من ازمات عديد في مجال البحوث المتعلقه بالاسس السليمه لخلق أجيال تتعامل مع معطيات الحياة من زوايا مختلفه تؤسس لمرحله جديده تختلف كثيرا عن تلك التي عشناها والتي مثلت امتداد للمراحل الماضيه المليئه بالتخبط وانعدام المنهج السليم القادر على خلق الجديد المبدع,لقد حملتنا تلك الطرق العفويه في التربيه تراكمات الماضي المشبع بحالات الفشل والاخطاء في التعامل مع ابسط القضايا الحياتيه التي واجهتنا ناهيك عن تلك المصيريه التي تتعلق بجوانب حساسه كالمراحل النهائيه من الدراسه واختيار المجال المناسب للتعبير عن القدرات الذهنيه والفكريه للفرد,وجملة هذه العوامل لم تحط المجتمع العراقي فحسب بل شملت اغلب المجتمعات العربيه ولا بد هنا من تحميل الطبقه السياسيه الحاكمه الجزء الاكبر من المسؤوليه في انعدام وجود تخطيط في هذا المجال من شأنه اعطاء قضية الطفوله اهتماما اكبر من تلك التي كانت توليها للحروب والانقلابات العسكريه.. ويتبادر في بعض الاحيان لذهن الكثيرين منا اسئلة متعدده مثل..هل يتأثر الاطفال بالاحداث السياسيه التي تحيط بهم؟ كيف تكون ردود افعالهم حيال قضايا واحداث سياسيه تشكل كل يوم اطارا للحياة التي يعيشون تفاصيلها؟مما لا شك فيه ان هذه الاسئله وغيرها بحاجه الى اجوبه تجعل من الاطفال في مأمن من الوقوع ضحايا اطار معين يضعهم فيه الكبار ويسجنونهم فيه دون ان يعلموا عواقب ذلك على نفسياتهم فتترك ابلغ الاثر في طريقة نموهم والسلوك الذي يشكل الاساس في طريقه تعاملهم مع الاحداث اليوميه,لقد دفعت هذه الطفوله اثمان باهضه تارة نتيجة الحلول العقيمه التي كانت المؤسسات التربويه تضعها لمعالجة مشاكلها وتارة اخرى نتيجه انجرار المجتمع بشكل اعمى نحو الحدث السياسي الذي ينعكس سلبا في خلق توازن يسهم في النمو الطبيعي الخالي من التأثيرات.وقضية الطفل الى جانب قضية المرأه شكلت في السنوات الاخيره محور اهتمام الكثير من الطبقات المثقفه التي راحت تحاول وضع حلول تجعل من عمليه تناول هذه الموضوعات امرا حضاريا ولكن هذه الفئات المثقفه عجزت في احيان كثيره عن وضع حلول جذريه لان الواقع العربي العام اسير وضع سياسي هو الاخر بحاجه الى تغيير جذري وهي مسأله في غاية الحساسيه لان عمليه خلق اجيال جديده وبنمط تفكير جديد يحتاج الى نظام سياسي يأخذ على عاتقه بجديه قضيه اخراج هذه الاجيال من طوق الجهل والتخلف التي مارسته الحكومات حتى لا تكون هذه الاجيال الصاعده الخميره الحقيقيه للتغييرات الجذريه في المجتمع فعمدت ان تكون الحلول دائما وقتيه وسطحيه في نفس الوقت.. لقد شكلت هذه القضيه احد اهم المنطلقات في المجتمعات التي حملت على عاتقها اخراج اجيال جديده متحررة تكون الخام لبناء مجتمع يقوم على اسس سليمه على اقل تقدير فالطفرات في هذه المواضيع لا مجال لها لان الحاله بحاجه الى وقت ربما ييكون طويلا بعض الشئ لقطف ثماره,فبعد الحرب العالميه الثانيه اقدمت الكثير من حكومات الدول التي دخلت المعسكر الاشتراكي على وضع برامج تربويه وتوجيهيه توم على اسس علميه وتجارب متعدده لاخراج اجيال تتمكن من بناء القيم الجديده في المجتمع وقادرة على تجسيد حاله من التوازن داخله بعد ان تحملت تلك الطفوله المعاناة الاكبر في الحربين العالميتين اللتين شهدهما العالم.. في مجتمعاتنا العربيه تكون المؤسسات التعليميه عادة مفتقدة للكثير من الدعم في المجالين المادي والمعنوي ويلعب الاباء دورا سلبيا في بعض الاحيان في نشر التناقضات النفسيه التي يعاني منها الطفل وتستمر معه حتى بلوغه دون ان يتمكن من التخلص منها فعلى سبيل المثال يصرح الكثير من الاباء باراءهم السياسيه مرارا امام اطفالهم وهي حاله تحدث بشكل عفوي في اغلب الاحيان,فيكون الاطفال ضحية هذا التأثير القادم نتيجه تعرض اباءهم لتأثيرات اخرى من وسائل الاعلام او حتى من المجتمع وتتعرض هذه الاراء للتغيير بين الفينه والاخرى وتؤدي الى امتلاك الاباء لاكثر من راي واتجاه ينعكس ذلك بشكل سلبي وربما خطير في تشكيل شخصية الطفل ونشوءها.. هذا السلوك يؤدي بشكل مباشر الى احداث حالة من الاضطراب والتخبط في تصرفات الطفل ويكون في هذه الحالة امتداد لافكار الاسرة والاب على وجه التحديد وعظم الحالات التي اجريت الاختبارات عليهامن نماذج الاطفال اكدت الابحاث النفسيه وقوع الاطفال تحت تأثير افكار الاب الى حد بعيد وفي حالات فقدانه للاب يقع ضحيه الافكار التي تحملها الام او تتقاذفه افكار واراء متنوعه نتيجة احتكاكه بنظراءه في المحيط الذي يعيشه,لذا تنصح هذه الدراسات الاباء بتجنب البوح باراءهم ليس في مجال السياسه فحسب بل في مجالات اخرى بشكل عشوائي غير مدروس كي لا يؤدي ذلك الى القضاء على حالة الاندفاع نحو البحث عند الاطفال وتنصح هذه الدراسات ايضا بتعريف الطفل ان هذا الراي يمثل وجهة نظر قد تكون صائبه او خاطئه وهذا ما يدفع الطفال باتجاة التمسك بحالة البحث عن الحقيقه ويخلق داخلهم حاله من التفكير القائم على اسس متوازنه تراعي الاراء المتناقضه..في الدول الاشتراكيه لم تعاني المؤسسات التعليميه من قصور في مجال معين بقدر ما كانت معظمها تعاني في الامكانيات الماديه لتحقيق تلك البرامج وتمكنت دولا مثل كوريا الشماليه وفيتنام من القضاء على الاميه في بلدانها بشكل مدروس وكذلك البلدان الاخرى التي اختارت الاشتراكيه كاساس لنظام الحكم فقدمت لاجيالها كل الدعم الذي من شأنه التخلص من الجهل وحالات الخلل في مسيرة المجتمع من جذورها.. اما الدول العربيه فأن هناك الكثير من اوجه القصور في الانظمة التعليميه لدرجة انها لاقت الكثير من الانتقادات من قبل الموسسات الدوليه وخاصة اليونسيف بسبب حالات الخلل المستديمه الموجوده في المناهج التعليميه والتي تغذي العنف والتطرف عند الاطفال دون ان تكون هناك دراسات جديه لتخليص هذه المناهج من الافكار التي تنشر اللعدائيه عند الاطفال خاصة الطرق التي يتم فيها وضع المناهج التعليميه المتعلقه بمادتي التاريخ والاديان..وقد اقدمت معظم دول الخليج الاعتماد على المؤسسات الدوليه في وضع برامج توجيهيه تفيد الاطفال وتنشر في داخلهم حب التعلم ولعبت احدى المؤسسات الدنماركيه دورا لا بأس به في صياغة برامج الاطفال لهذه الدول من بينها البرنامج الشهير (أفتح ياسمسم)الذي كان يذاع في كل دول الخليج من نهاية السبعينات وحتى وقت قريب لكن هذه المناهج عادت في السنوات الاخيرة للتراجع بعد ان اعتمدت هذه الدول على شخصيات دينيه في صياغه معظم مناهج التعليم..اما الدول الاوربيه الغربيه فقد اعتمدت بعد الحرب العالميه الثانيه نظاما يستند الى علم النفس الحديث للتخلص من تأثيرات الحرب وتداعياتها في نفوس الاطفال ونقل المجتمع الى حاله اخرى رغم ان هناك قصورا واضحا في طبيعة الطروحات التي تمت على اساسها تنشئة اجيال ما بعد الحرب واعترفت به معظم هذه الدول والمتمثله في التخصص في تناول العلوم منذ سنين مبكرة من حياة الطفل وترك ذلك تاثيرا سلبيا تمثل في اخراج اجيال لا تعلم الكثير عن فروع العلم المختلفه التي لم يتم تناولها في المناهج التعليميه التي ساهمت في اكماله دراسته.. وفي هذه الدول عادة ما تكون وسائل التربيه المتوفره داخل رياض الاطفال تفوق في تاثيرها الموجوده في المرحله الالزاميه من الدراسه,ففي الروضه يبدأ الطفل بتعلم الكثير من الاداب الاجتماعيه والسلوك السليم القائم على اعتماد الطفل على نفسه في تأديه الكثير من الوظائف بطريقه تجعله يتعلق بالنظام السائد فيها وتعطى له الحريه في ممارسة العابه وهواياته دون مؤثرات بعد ان يتم توفيرها له علىنطاق واسع حيث تتم عملية بناء اللبنات الاولىلشخصيته في هذه المؤسسه ويتعلم ايضا اداب الكلام والكثير من المفردات اللغويه التي تؤهله تماما لمواقع الدراسه بعقلية نشطه تواجه تفاصيل حياتها بشكل واع..ان هذه الحالات يمكن نقلها الى العالم العربي اذا ما توفرت العزيمه والارادة لابعاد الاجيال المقبله عن حالة التأثير السلبي الذي تفرضه الاحداث السياسيه عليهم,وجعل الطفل اسير الواقع اليومي المر من المعاناة هو الاخر يدفع بأتجاه بقاء الحاله خارج اطار ايجاد الحلول,وهي في جميع الاحوال مسؤولية الجيل الحالي الذي بأمكانه تقديم الكثير من صيغ الخروج من هذه الدوامه التي تؤشر الى بقاء الطفوله وقضيتها تراوح في مكانها دون العمل الجاد الذي يقودنا لمرحله تجعلنا نطمئن على الاجيال المقبله وبالتالي على اوطاننا التي ستكون امانة في اعناقهم.. ان حاله الاهتمام بالطفل شبيهه الى حد بعيد باازهار والاشجار التي يتم زراعتها حديثا فالاعتناء بها وسقيها بالموعد المناسب يؤدي الى نضوجها واعطاء ثمار يانعه تجعلنا نشعر بالسعاده لان الجهود المبذوله قادت الى احداث هذه النتائج, واهمالها وعدم الاهتمام بها يؤدي الى العكس.. ان هذه النتائج عادة ما تؤدي الى ان تكون قضية الطفوله تشكل الاساس الذي يمكن ان يلعب دورا بارزا في صياغة حالة المستقبل من زاويه واسعه,ان تخصيص الملايين من الدولارات من ميزانيات الدول يمثل امرا طبيعيا للغاية اذا ما ارتأت الى صنع انسان مبدع قادر على مجارات منجزات التطور والتفاعل معها,ورفد البشريه بالجديد,ان صناعة انسان من هذا النوع يشكل عملا خلاقا يبرهن على جدية الحكومات التي تأخذ معالجة هذه القضيه بطرق علميه حديثه,وباستثناء بعض الدول التي تمر بحالات استثنائيه كما هو حالة الطفوله في العراق التي تعاني مشاكل جمه في مقدمتها اامراض التي بدأت تفتك بها دون ان تعطيها المجال للشفاء وفوق ذلك تعرض اغلبهم لفقدان اباءهم واهاليهم في الحرب الدائره..ومن المؤكد ان هذه القضيه في العراق بالتحديد بحاجه الى مجلدات ونظريات علميه جديده حتى تتمكن الطفوله في العراق من الوصول لشاطئ الامان طالما ان الصراع بين السياسيين وتصفية حساباتهم الضيقه هي اهم بكثير من هذه القضيه التي لا تلعب اي دور في عقول القادة التي جاءت بهم امريكا للعراق والمشكله تكمن ايضا في توارث هذه الطفوله لنواقص وخلافات هذه الفئه واستمرار حالة اكتساب السئ بدلا من الجديد القائم على اساس علمي رصين.. ان العالم اليوم يعيش حاله من التطور تجعلنا في حيره من امرنا في اتباع الطريقه التي من شأنها جعل قضية الطفوله تكتسب الاهميه الاولى في اجندة حكوماتنا لذلك فأن الدول العربيه اليوم مطالبه بوضع برامج تربويه تساهم في نقل المجتمع الى حاله افضل بدلا من ترك المناهج التربويه عرضه في ايدي المتطرفين والمتدينين الذين يحاولوا نقل المجتمع الى حاله من التعصب ونشر الكراهيه وابقاءه يدور في دوامه من التخلف الذي يسيطر على عقولهم ويحاولوا نقله للمجتمع...
#فواز_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رؤيه عراقيه...للهزيمه الامريكيه
-
العلمانيه.. والاحزاب السياسيه
-
المرأه...والصراع مع الذات
-
منجزات اليسار العلماني في الولايات المتحده
-
عولمة المجتمعات...وفوضى الاقتصاد الجديد
-
صراع ثنائي الارهاب على الساحه العراقيه...
-
مجتمع مدني علماني..ضمانه لعراق مستقر
-
أحباب في العالم الاخر 1
-
الاطفال ...وطرق التربيه الحديثه
-
العلمانيه..والتحرر من الطائفيه
-
الاسلام السياسي...وذراع الارهاب
-
المرأه المعاصره.والاذاعه الالمانيه القسم العربي
-
المرأه..والحريه..والمصير المجهول
-
المرأه..والاداء الاجتماعي الضعيف
-
كركوك..بين فكي القوميه والارهاب
-
الايزيديه..والعوده الى العصر الحجري
-
العمل النقابي..ودوره في مجتمعاتنا 2
-
تساؤلات..الى امير الايزيديه
-
المرأه..وقيود الظلام
-
العلمانيه..والعقب الحديديه
المزيد.....
-
وزير حرب الاحتلال: يجب منع تحول الضفة ومخيمات اللاجئين الى ن
...
-
ثالوث الموت يتربص بنازحي غزة والأونروا تدق ناقوس الخطر
-
البرد وغرق الخيام والأوبئة تفاقم معاناة النازحين في غزة
-
بريطانيا: سنتبع -الإجراءات الواجبة- بشأن مذكرة اعتقال نتنياه
...
-
شتاء الخيام فصل يفاقم مأساة النازحين في غزة
-
رئيس هيئة الوقاية من التعذيب في تونس ينتقد تدهور الوضع في ال
...
-
هكذا تتعمد قوات الاحتلال إعدام الأطفال.. بلدة يعبد نموذجا!
-
المكتب الحكومي يطلق نداء استغاثة لإنقاذ النازحين في غزة
-
خامنئي: أمر الاعتقال بحق نتنياهو لا يكفي ويجب الحكم بالإعدام
...
-
سجون إسرائيل.. أمراض جلدية تصيب الأسرى
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|