كاتب أردني
لو جاء شخص مجهول وطعن وزير خارجية عربي ما حتى الموت، فهل كان شعبه سيحزن عليه كما حزن الشعب السويدي بكل صدق وعفوية على وزيرة خارجيته، وبكاها بالدموع ووضع لها أكاليل الورود وبقي مذهولا بهذا الحادث الشنيع؟
بالتأكيد أن أحدا من العرب ما كان ليحزن لمقتل وزير خارجيته في حادث كهذا، ربما باستثناء عائلته طبعا وأقربائه وشلته التي تستفيد من كونه وزيرا. وربما كانت غالبية الناس لن تحس بأية مشاعر تجاه وزير لم تنتخبه ولم تحبه ولم يعبر يوما عن رأيها ولم ينزل يوما إلى واقع هذه الجماهير ليتعامل معها.
أنا ليند كانت تتسوق كأية إمرأة عادية، لوحدها في المتجر توزع ابتساماتها الرقيقة على الناس الذين انتخبوها لأنهم أحبوها. لم تكن تركب سيارة باهظة الثمن على حساب الدولة، ولم تكن تمضي وقتها في إبرام الصفقات التجارية والمكاسب الشخصية، ولم تكن تترفع على الناس وتختبئ وراء حارس شخصي ونظارة سوداء ومكتب مغلق الباب مؤثث بأفضل أنواع الأثاث، ايضا على حساب ميزانية الدولة.
هذا هو الفرق بين وزرائهم وزرائنا. وزرائهم شخصيات عقلانية ذكية ينتخبها الناس وتبقى معرضة للمساءلة. تمضي وقتها في خدمة مصالح الناس وتحسين نوعية الحياة لهم، وتستمع للرأي الآخر وتناقش وتحترم خيارات المواطنين. الوزير في أوروبا يمضي فترة خدمته ثم يعود إلى الناس مواطنا عاديا أو يستلم منصبا آخر بسبب الكفاءة والذكاء، ولا يحصل على مكاسب شخصية ولا يعتبر نفسه إلها ولا شخصا اسطوريا يجب أن ينحني له الجميع.
وزراء العرب في أغلبهم شخصيات تتفوق في النفاق والوصولية والتسلق، تركض وراء مصالحها الشخصية والعائلية، تمارس التسلط في كرسي السلطة بكل أنواعه. لم ينتخب الناس الوزراء العرب ولا يحبونهم ولا يحبون تعاليهم على المواطنين وعدم إحساسهم بالمسؤولية العامة وممارستهم اليومية للفساد والسرقة. ولن تنفع مئات الساعات من الإعلام الرسمي السخيف في جعل أي شعب عربي يحب وزيرا أو رئيسا بشكل صادق وعفوي.
حزن الناس في السويد على أنا ليند مؤشر أخر على صحة الديمقراطية، فعندما يحس الناس العاديين بخسارة سياسي ما ويبكون عليه فهذا يعني أن الديمقراطية تمارس فعليا في هذه البلاد، أما عندنا فإن الناس يضربون السياسي الراحل والمغادر بالنعال وهم يلعنون اليوم الذي جاء به ليحكمهم.