|
اضطرابات التفكير
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 1941 - 2007 / 6 / 9 - 11:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يرد مفهوم (اضطرابات التفكير) في أدبيات الطب النفسي مقترناً بالاضطرابات العقلية. ويعدّه كثيرون " عرضاً من أعراض الفصام يتصف بفقدان الترابط بين الأفكار وفقر محتواها من حيث المعنى ، واستعمال لغة جديدة ". فيما يرى آخرون بأنه " تشويش في قابلية الفرد على اتخاذ حكم، وعلى سرعة التفكير، أو ترجيح فكرة على أخرى ". أو هو " عدم الترابط والاتساق بين الأفكار بحيث لا يستطيع الفرد الاستمرار في موضوع واحد لمدة طويلة ، وعدم قدرته على إكمال ما بدأبه من حديث ، وصعوبة في إيجاد المعنى بسهولة ، والمزج بين الواقع والخيال ". وتتعدد طرائق تصنيف اضطراب التفكير ، بمعنى لا توجد طريقة واحدة معتمدة ، غير أننا ، ولغرض السهولة والتبسيط ، سنقوم بتصنيفها على النحو الآتي : أولا. اضطرابات تتابع أو تدفق الأفكار . وتشمل الأنواع الآتية : 1. تطاير الأفكار . ويعني ازدحام الأفكار في رأس الفرد ، وتسابقها على النطق بها، وتدفقها بسرعة غير عادية تفوق الحد الطبيعي . وقد تتغير أهداف تلك الأفكار بشكل سريع ، إلا أنها تبقى في الغالب محافظة على الترابط في سياقاتها . ويلاحظ فيه وجود نوع من السجع او التشابه او الترابط اللفظي بين الأفكار . وتظهر هذه الحالة في اضطراب الهوس (المانيا). 2. تباطؤ الأفكار. ويكون بعكس الحالة السابقة ، إذ تأتي الأفكار بسرعة بطيئة جداً ، والترابط بينها ضعيف أو شبه معدوم ، ويكون في حدود موضوع واحد ، غالباً ما يكون مؤلماً أو كئيباً ، ويظهر في حالات الاكتئاب. 3. توقف الأفكار . يتحدث الفرد ، وفجأة يتوقف عن الكلام ، فيشعر كأن عقله قد غدا خالياً من الأفكار . ويحدث هذا الاضطراب في حالات الفصام . 4. التفكير الدوامة . في هذا النوع من الاضطراب تعاد الأفكار بتكرار معين بالرغم من انتهاء موضوعها والحديث بخصوصه . بمعنى ان الفرد يبقى في دوامة الفكرة نفسها ولا يستطيع التحول والانتقال الى فكرة أخرى . وتكثر هذه الحالة في اضطرابات الدماغ العضوية . 5. التفكير غير المترابط . وفيه يتحدث الفرد بتدفق وتلقائية كما لو كان طبيعياً غير ان كلامه لا يوجد فيه ترابط منطقي ، فضلاً عن أن الأفكار تبدو غامضة ، ويزيدها غموضاً ان الفرد يستعمل " لغة جديدة " او مفردات غير متداولة ، يقوم هو بنحتها . ويحدث هذا الاضطراب في حالات الفصام والهوس والذهان العضوي . 6. التفكير الخرافي . ويتصف بانعدام القدرة على التمييز بين ما هو مهم وما هو غير مهم من الأفكار ، فضلاً عن ان المريض يخوض في تفاصيل كثيرة ليست لها علاقة بالموضوع . ويلاحظ في حالات التخلف العقلي وبعض حالات الصرع . ثانياً. اضطرابات عائدية الأفكار والسيطرة عليها . يشعر الإنسان الطبيعي أن أفكاره تعود إليه وخاصة به ، وله قدرة السيطرة عليها . أما الإنسان المصاب بهذا النوع من الاضطرابات فيشعر أن أفكاره غريبة عنه ، ولا سيطرة له عليها . وتظهر هذه الاضطرابات في حالات الفصام ، وتكون بثلاثة أنواع :- 1. سحب الأفكار. وفيه يعتقد المريض جازماً أن أفكاره تسحب منه برغم إرادته ، أو تقلع من رأسه قلعاً . 2. زرع الأفكار . وهذه عكس الحالة السابقة ، فالمريض يعتقد هنا أن أفكارا تزرع في عقله برغم إرادته . 3. إذاعة الأفكار. وفيه يشعر المريض أن أفكاره (خصوصياته) معروفة للآخرين . كما لو أن رأسه محطة إذاعة تبث أفكاره للجميع . ثالثاً. اضطراب صيغة التفكير . يفكر الإنسان السوي بطريقة منطقية وتجريدية (Abstract). بمعنى انه يعتمد على معاني الأشياء وما يقابلها من الأرقام والألفاظ ، ولا يعتمد على وجودها المادي المجسّم ، يتوصل من خلالها الى استنتاجات وحلول واقعية وعملية . أما في حالة اضطراب صيغة التفكير فانه تنعدم القدرة على التفكير المجرد ، ويأخذ التفكير صيغة مختلفة وغريبة وتكون على نوعين هما :- 1. التفكير المبهم . وفيه يبتعد التفكير عن المواقف الحقيقية أو الواقعية ، يشبه ما يحدث في الخيال والأحلام . غير ان الفرد هنا يقوم بأفعال مطابقة لما في خياله . ويحدث في حالات الفصام . 2. التفكير الجامد . وفيه يفتقر التفكير الى المرونة والتبصر والتجريد والاستنتاج . رابعاً. اضطرابات محتوى التفكير . الصفة العامة لهذا النوع من الاضطرابات هي الوهم العقلي ، ويقصد به الأفكار والمعتقدات والآراء التي لا تنطبق على الواقع ، ولا يمكن ربطها بأساس سببي يفسره ، كما لا يمكن إزالتها بالمنطق والإقناع ، فضلاً عن تناقضها مع ما هو معلوم عن المستوى الثقافي والاجتماعي للفرد . وتأتي هذه الأوهام بأنماط وصور متعددة على النحو الآتي : 1. الأوهام الاضطهادية . اعتقاد الفرد بأنه مضطهد ، وان الآخرين يراقبونه ويضمرون له العداء ويتآمرون عليه لالحاق الأذى به . وشعوره بان حيفاً لحق به أو ظلماً أصابه ، أو انه معرض لهما . وتأتي هذه الأوهام في حالة المصاب بالزَوَر الفصامي (البارانويا ) . 2. أوهام العظمة وأوهام الضعة . في الأولى يضفي المريض على نفسه مظاهر العظمة ، وانه يتمتع بأهمية فريدة أو عبقرية أو قوة . وتظهر واضحة في حالة النرجسية . وفي الثانية (الضعة) يصف المريض نفسه بعدم الأهمية والتفاهة . 3. أوهام العائدية أو المرجعية . اعتقاد المريض بان ما يدور من كلام بين الناس أو حركات أو أحداث على أنها تعنيه هو بالذات . أي انه يربط بين الذي يحدث حوله من قريب أو بعيد وبين نفسه . بل يصل الأمر الى أن الخبر الذي تناقلته القنوات الفضائية ليلة البارحة (خبر مهم مثلاً) كان يعنيه هو .. وان الحرب ستقوم من اجله ، ويكثر هذا في حالة الهوس والزور (البارانويا) . وهناك نوع منها يكثر في حالة جنون العشق . كاعتقاد الفتاة بان " المطرب الفلاني " الذي لا يعرفها أصلا ، اصدر " ألبومه " الغنائي الأخير من اجلها ، وانه عندما يظهر يغني في التلفاز ويقول " حبيبتي " فانه يعنيها هي بالذات !. 4. أوهام العدم . وفيها يعتقد المريض بأن جزءاً منه ، أو أحد أعضاء جسمه: قلب ، معدة ، دماغ ،... لا وجود لها ، أو أنها ساكنة لا تعمل . وفي الحالات المتطرفة يدعي المريض بأنه ميت لا وجود له ! وتحصل في حالات الاكتئاب الشديد والفصام. 5. أوهام الإثم . وفيها يشعر المريض بالذنب ، ويدعي مسئوليته عن آثام لم يرتكبها. ويصف نفسه بالمذنب الذي ارتكب خطايا فضيعة يستحق العقاب الصارم عليها ، ولذلك فهو يسعى الى التكفير عن آثامه وذنوبه وخطاياه بوسائل مختلفة ، من إيذاء النفس وعقابها ، بالامتناع عن الطعام مثلاً ، الى تدمير الذات بمحاولة الانتحار أو ارتكابه فعلاً . 6. الأوهام المراقية . وفيها يعتقد المريض بأنه مصاب بمرض بالرغم من توكيد الأطباء بأنه سليم من أي مرض واثبات ذلك بالفحص السريري والفحوصات المختبرية . ومع ذلك يظل يفسر أي ألم جسمي طفيف على انه دليل قاطع بوجود مرض خطير . ويستمر متنقلاً من طبيب الى آخر .
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحول عقل !
-
وعلى الحب ...السلام !
-
في سيكولوجية الشيخوخة
-
فنتازيا
-
مذيعون ولكن ....مصيبة !
-
ثقافتنا الجنسية
-
الأوهام
-
الشهيد قاسم حسين صالح!
-
مزاجنا... ومزاجهم
-
شيزوفرينيا العقل العربي
-
بارنويا
-
في مكتبي .. إرهابي !
-
العنف.. والشخصية العراقية
-
دماغ العراقي
-
اسلامفوبيا
-
ما للمجلس العراقي للثقافة وما عليه
-
أسرار النساء
-
المأزق الثقافي العراقي- تحليل سيكوسوسيولوجي لحالة الثقافة وا
...
-
السياسيون أصحاء .... أم مرضى نفسيا
-
ضحايا الأنفال .. والحق النفسي
المزيد.....
-
التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف
...
-
جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا
...
-
قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل
...
-
مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي
...
-
مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار
...
-
السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
-
ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال
...
-
واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي
...
-
هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
-
تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|