الفكر الضلامى عند فاروق حسنى

هشام سمير

الحوار المتمدن-العدد: 1941 - 2007 / 6 / 9 - 07:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

في تصريح للسيد الوزير فاروق حسنى وزير الثقافة المصري لجريدة المصري اليوم دعا سيادته إلي تشكيل لجنة قومية من مسئولي الحكومة والمفكرين وأصحاب الفكر السياسي الحر لوضع استراتيجية لمكافحة الفكر الظلامى الذي بدأ ينتشر في البلد وهذا على حد قوله

وبعد ذلك تكلم السيد الوزير عن وجود فكر ظلامى وهناك من يقف وراءه وله أهدافه وهناك خطة لنشره في مصر , وأنا هنا لدى اعتراضات كثيرة على تصريح السيد الوزير

الاعتراض الأول أن السيد الوزير في كلامه عن الفكر الظلامي كان كلامه عام وفضفاط ويفتقد الوضوح والصراحة ويمكن فهمه علي أكثر من نحو فالسيد الوزير اكتفى في كلامه عن الفكر الظلامي بأن يصرح بأن هناك فكر ظلامي منتشر الآن في مصر دون أن يقول لنا ما هو الفكر الظلامي الذي يقصده فهل هو الفكر الوهابي الذي بدأ بالفعل ينتشر في مصر مؤخرا بكثرة وبصورة أصبحت واضحة ومعلومة للجميع أم انه يقصد الفكر السياسي الديني لجماعة الإخوان المسلمين أم يقصد أي فكر ديني أخر فمن الممكن أن يكون يقصد الفكر الديني الصوفي , وان كنت أعتقد أن السيد الوزير يقصد الفكر الوهابي القادم من الجزيرة العربية الذي بدأ ينتشر بالفعل في مصر في السنوات الماضية انتشار النار في الهشيم وليس أدل من ذلك ملايين الكتيب والشرائط الصفراء الملقاة علي الأرصفة وأمام المساجد , وعشرات القنوات الدينية التي يخرج علينا منها رجال دين ملتحين بجلباب ابيض قصير لينشروا أفكارهم المتطرفة والرجعية التي تدعو للعنف ومعادة الآخر والتي تعادى الحادثة والمدنية وتدعو إلى العودة للوراء وهذه القنوات موجها معظمها إلى المشاهد المصري ,

وفي حديث السيد الوزير أشار إلى أن هذا الفكر الظلامى هناك من يدعمه ويموله ويقف وراءه وهناك خطط لنشره في مصر دون أن يذكر لنا السيد الوزير من الذي يمول هذا الفكر ومن وراءه وما هي أهدافهم وأنا من هنا أقول له أن كنت تعرف من وراء هذا الفكر لماذا لا تقول لنا عليه وتقول لنا ماذا أعدت بصفتك وزير للثقافة لمواجهة هذا الفكر الظلامي وأين كنت طيلة الفترة الماضية وهذا الفكر ينتشر في مصر بسرعة البرق وأين وزراتك من محاربة هذا الفكر , وأن كنت لا تعرف من وراء هذا الفكر وما أهدافهم فما دورك إذا كوزير للثقافة في مصر , وحماية الثقافة المصرية من أي فكر شاذ قادم من الخارج من ضمن مهامك

الاعتراض الثاني عندما أراد السيد الوزير التكلم عن الفكر الظلامي وتعريفه وتعريف خطورته كان كلامه كارثة فالفكر الظلامى المنتشر ألان في مصر على حد تعبير ورؤية السيد الوزير هو الفكر الذي يدعو إلى التواكل والانسحاب من الحياة , ويجعل الإنسان المصري لا يفكر في شيء سوى الآخرة و تعريف السيد الوزير للفكر الظلامي كان كارثة لان تعريف السيد الوزير للفكر الظلامي المنشر الآن في مصر كان ساذج وسطحي ويدل على افتقاد السيد الوزير المعرفة والدراية الكاملة بطبيعية الفكر الوهابي وأهدافه



فالفكر الوهابي هو الفكر الديني الذي يقوم على تأويل النصوص الدينية وقلب الحقائق ليخدم مصالح من يموله ويقف وراءه ويدعمه وهم معروفين للجميع وهم موجودين في شبه الجزيرة العربية , وانتشار هذا الفكر في مصر يعد خطرا كبير على أمن واستقرار مصر ومستقبلها وهذا على المستوي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني

اولا سياسيا فهذا الفكر يعادى الدولة المدنية التي يعيش فيها الجميع في حب وتألف , وهذا الفكر يحرم الديمقراطية والحرية ويعتبر التعددية الحزبية دعوة للانشقاق بين صفوف المسلمين ويحرم الانتخابات النيابية , وفى المقابل يدعو هذا الفكر إلى حكم الفرد الواحد والنظام الواحد تحت ما يسمي الخلافة الإسلامية , وهذا الفكر يقوم عليه مجموعة من رجال الدين الأميين والمنافقين الذين يسخرون الدين ويطوعنه إلى من يدعمهم ويقف وراءهم وهذا يكون بتأويل النصوص الدينية وبقلب الحقائق لمصالح شخصية ودنيوية من أجل ضمان السلطة والمال لمن يدفع لهم


ثانيا خطورة الفكر الوهابي اجتماعيا فهذا الفكر يقوم على فكرة الانعزال والتفكك الاجتماعي والتشدد الديني والغلو والاهتمام بالقشور والشكل على حساب الجوهر والمضمون ويعادى المدنية والحادثة ويحارب كل أنواع الفنون والإبداع ويرفض كل ما هو غير إسلامي بحجة انه قادم من الغرب الكافر ويرفض الآخر المختلف معه في الرأي أو الفكر أو العقيدة

كلام السيد الوزير دل علي شي واحد وهو انه ليس الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب فتصريح السيد الوزير افتقد الكثير من الجرأة والشجاعة فعندم تكلم عن وجود من يخطط لهذا الفكر الظلامي ويدعمه ويقف وراءه تكلم دون أن يقول لنا من هم وما هي أهدافهم

طبيعة هذه المرحلة الخطرة على الوضع الثقافي المصري في ظل وجود عشرات القنوات الدينية التي تقوم على نشر الفكر الوهابي وفي ظل تقاعس الأزهر عن القيام بدوره في التصدي لهذا الفكر فهذه المرحلة تتطلب وجود الشخص الذي يملك القوة والشجاعة والجرأة والمعرفة بطبيعة الفكر الوهابي وأهدافه من أجل محاربة هذا الفكر والتصدي إليه و أنا عن نفسي متأكد أن فاروق حسنى ليس هذا الرجل

#هشام_سمير (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات