احسان جواد كاظم
(Ihsan Jawad Kadhim)
الحوار المتمدن-العدد: 1940 - 2007 / 6 / 8 - 11:51
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أدهشتني هذه الجملة عندما قرأتها اول مرة, ببساطتها وعمقها. هي جملة أمر بصيغة الرجاء. توجت هذه النصيحة مدخل كنيسة خشبية صغيرة تتكيء على صخرة مطلة على فم وادي سحيق, يمر جنبها غدير ماء رقراق في احدى مفازات جبال تاترا على الجانب البولوني.
هذه الجملة الساحرة, كما أراها, قالها المسيح وهي تجمع في طياتها تمجيد للعمل والانسان, من اول حرث الارض, لزرع البذرة واحتضانها ثم حصدها وطحنها, لتخمر وتعجن وبعدها تشوى لتصبح خبزا, يمنح الانسان الشبع والعافية.
اما طيبته فلا تقتصر على طعمه... فمن يتمثل كل هذا الجهد لابد وان يشعر بالأمتنان والعرفان لمن اعده, فيكتسب بأمتنانه الطيبة بسلوكه. وربما لذلك كانت جدتي تأمرنا بتقبيل كسرة الخبز ووضعها على جبيننا في تعبير فطري عن التقدير, هو في ظاهره ديني ولكنه في جوهره انساني. فالأنسان بذاته من عجينة هذه الأرض.
من لايتوق الى طعم الخبز؟ ومن يستطيع الاستغناء عنه؟ لاالغني ولا الفقير, لاالصالح ولا الطالح. حتى ماري انطوانيت امبراطورة فرنسا عرفته رغم اقتراحها على رعاياها الثائرين بسبب الجوع, الكاتوو ان لم يتوفر لديهم الخبز الحاف.
من الطبيعي ان يرفض الارهابي التكفيري, نصيحة المسيح هذه. فليس للانسان قيمة لديه فما بالك بالطيبة؟ ففتوى امام مأبون يمكن ان تنهي حياة طفل رضيع او اب يسعى او يحرق انجيلا ويهدم مندى ويهدد بعشيقة.
أراد الأرهابي جلب يبابه لخصوبة أرض السواد وتمنى ان " لايجتمع فيها دينان" لكنه فشل, فالديانات المندائية والأيزيدية والمسيحية أعرق من الاسلام في استيطان ارض الرافدين, التي تشربتها. والعراق بدون تنوع قومياته وأديانه ومذاهبه ومشاربه ونحله وثقافاته, ليس عراقا. لذا فان قتل القسسة وتهجير المسيحيين والمندائيين واغتيال الأيزيديين وتهجير طوائف المسلمين , ماهي الا جرائم تدخل ضمن عقم الفكر الظلامي لقوى الاسلام السياسي المتزمت التي تسعى الى اغراق العراق بأنهار الدم.
يحار المرء في توصيف هؤلاء القتلة... بأية خانة يضعهم؟ كلاب... خنازير؟ ! فهذان الحيوانان لهما فوائدهما للبشر وطبائعهما اكرم من طبائعهم. فحتى وحوش الغاب لاتقتل الا دفاعا عن نفسها او بسبب جوعها, وهؤلاء يقتلون لمجرد القتل, وسيكون تجنيا على الصخر لو شبهتهم به لأن :
أفضل من أفضلهم صخرة ............ لاتظلم الناس ولاتكذب
لابل حتى الحجر الأصم له فوائد جمة وهم مضرون. فقد جاء في آية كريمة: " وان من الحجر ماتتفجر منه الأنهر" .
المندى - معبد المندائيين
بعشيقة _ قصبة حيث توجد معابد الايزيديين
#احسان_جواد_كاظم (هاشتاغ)
Ihsan_Jawad_Kadhim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟