|
ارفعوا أيديكم عن المغرب
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 1940 - 2007 / 6 / 8 - 06:20
المحور:
حقوق الانسان
لا يزال الارثُ الذي يثقل كاهلَ الملك محمد السادس كبيرا بعد أكثر من أربعة عقود من حُكم والده، فوراثة مُلْكٍ ليست عقدا للتمليك، إنما هي دولة ونظام ومؤسسات وأيضا رجال حول القصر وعلاقات اجتماعية وسياسية ودولية وقبل كل ذلك يأتي الفارق بين شخصيتين.
كل انسان يحمل بصمته معه، ولا يستطيع والد أن ينسخ من نفسه وريثا، وحتى لو كان الوالد والابن على طرفي نقيض فإن هناك أخلاقيات تحكمها عادات وعُرف ودين وطبائع شعب لن تقبل إلا الحدّ الأدنى من خلاف الابن مع الأب بعد رحيل الأخير.
كيف يكون ابن القصر من الشعب؟
سؤال وجيه أجاب عنه عمليا الملك محمد السادس بُعَيّد جلوسه على العرش عندما اقترب أكثر من نبض الشارع المغربي، وكان يهرول ناحية البسطاء ليصافحهم بدلا من تلك الصورة المهيبة لملك لم يقم بزيارة المناطق الريفية لأكثر من أربعين عاما.
والملك محمد السادس من الذين يمكن أن يقال عنهم ( كلما داويت جرحا ًبان جرحٌ )!
فقد ورث قضيةَ الصحراء التي يؤمن المغاربة بأنها كرامة التراب الوطني، ولكن كيف ينهي المغربُ تلك المعضلة لترضى كل الأطراف، الشعب الصحراوي، وليبيا والجزائر والقوى الدولية وموريتانيا وكل من له ثأر يريد أن يوجع المغربَ به؟
الولايات المتحدة الأمريكية دخلت طرفا في الوساطة وهذا لا يبشر بخير، فالفكر السياسي الأمريكي للمنطقة العربية ينطلق من استعلاء وأحلام تجار الأسلحة وأمن اسرائيل ومنابع النفط وسياسة ( فرّق تَسُدْ ) التي ورثها الأمريكيون عن البريطانيين.
وليبيا لا تزال تحت حذاء مستبد مجنون لن يترك المغربَ في سلام، أو حتى يصمت إنْ لعب المغربُ دوره الاقليمي والأفريقي والعربي والاسلامي، وربما لهذا السبب أيضا قامت القمة العربية باستبعاد المغرب من الوساطة الرباعية، فالثِقَل المغربي يمكن أن يُحدث توازناً. والجزائر مُمَثَّلة في جنرالات الحرب ورؤسائها الذين يرضعون كراهية المغرب ( باستثناء محمد بوضياف ) هي التي تتحكم في الصحراويين، وتثير المتاعب كلما هدأ الوضع على الجبهة الجبهة المغربية، بل لعلنا لا نبالغ إنْ قلنا بأن مفتاح القضية ظل لفترة طويلة في أيدي الجزائريين الذين رفضوا أن يهنأ المغرب بسلام كان سينعكس حتما عليهم.
وورث محمد السادس واحدةً من أعقد قضايا الوطن الانسانية وهي السجون والمعتقلات والخوف، فتصَرّف الملكُ على طريقة مانديلا، أي اعتراف مجرمي وزبانية التعذيب بجرائمهم، ولكنها في الواقع شبكة تمد أذرعها في كل شبر من الوطن المسكين، وولاء الملك لوالده قضية أخلاقية وأدبية وحق بُنوة على أب رحل وترك لابنه كوارث انسانية ينبغي ايجاد حلول لها.
إن اقناع السجّان بأن للمواطن كرامة يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع اقناع المواطن بالدفاع عن كرامته.
وبعد أربعة عقود كان على محمد السادس أن يحل تلك المعضلة، وأن يُزيل الرهبة من قلوب أبناء شعبه.
وورث الملكُ بلداً تبخل عليه السماءُ بالماءٍ إلا قليلا رغم أنَّ أرضَه الزراعية تكاد ترفع يدها طالبة صلاة الاستسقاء، وبلدا يزداد فيه عدد العاطلين عن العمل ومن بينهم مئات من حملة الدكتوراة فيقتحم حُلْمُ الهجرة عقولَ الشباب والكهول ويصبح التفكيرُ في زورق متهالك يعبر البحر فوق أسماك جائعة ليتلقف خفرُ السواحل في الناحية الاسبانية هؤلاء المساكين الذين اقتربوا من الموت لعل في هذا الاقتراب حياة جديدة في أوروبا.
والآن جاء الاجرام بوجهه القبيح ليضرب الدار البيضاء، ويُرَوّع السكانَ الآمنين، ويزرع الرعبَ في أحد أهم البلدان الآمنة في شمال أفريقيا، بل أكثرها أمنا.
هؤلاء القساة الارهابيون لم يصنعهم نظامٌ كَبْتٍ للحريات أو حَجْر على الفكر، لكن دائرة الارهاب التي تمد الوطن العربي بهؤلاء هي اخطبوط يمد أذرعه في كل مكان ويضرب كأنه في بعض الحالات صناعة محلية وفي حالات أخرى استيراد أو نتائج حروب محلية أو ظلم أو مناهضة نظام.
كلهم يجتمعون على قلب رجل واحد، ويدافعون عن الفكر الأعمى سواء ضربوا الآمنين في الرياض أو عَمّان أو شرم الشيخ أو بيروت أو الجزائر أو الدار البيضاء أو لندن أو مدريد.
في المغرب هناك شعب متدين بالفطرة ولن تتمكن قوى البغي الارهابية من تجنيد خلاياها بمثل تلك السهولة التي تستطيع بها في بلاد أخرى.
المغرب يحتاج منا جميعا إلى وقفة صمود ودعم ومناصرة ضد الارهاب الأعمى، وفي المقابل نطلب من المغرب تبييضاً كاملا لصفحة حقوق الانسان، فما دفعه شعبنا خلال أربعين عاما كان أكثر من احتمال طاقة بشرية.
حقوق الانسان قبل النهضة وقبل اصلاح أخطاء لم يكن محمد السادس مسؤلا عنها خاصة أن والده كان المهيمن الأوحد على رقاب وأرواح المغاربة.
المغرب قَدّمَ كل ما في وسعه لاستقرار المنطقة، وانهاء نزاع الصحراء ليتفرغ الملك الشاب لقضايا وطنه، وقد آن الوقت أن يتوقف الجزائريون عن اللعب بالنار على أرواح أبناء الشعب المغربي، فالتدخل الخارجي لن ينال من استقلال المغرب بمفرده، لكنه سيضع قدمه فوق التراب الجزائري.
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة عتاب من إبليس إلى المسلمين
-
السجونُ الأردنيةُ تخرج لسانها للسجون العربية
-
العراق يحترق بنار الطائفية والكراهية و .. قوات الاحتلال
-
التونسيون يتنفسون بأمر الرئيس
-
محاولات لتخريب الشخصية المصرية
-
لماذا أحلم بحبل المشنقة حول عنقك؟
-
مدونة تجديد الدعوة للعصيان المدني في مصر
-
المسلمون خصوم المسلمين، فكيف لنا أن نتحاور؟
-
يا ولاد ستين ألف كلب
-
الفلسطينيون يحققون أهداف اسرائيل
-
القول السديد في بلاهة العقيد
-
لماذا يخاف السوريون من السوريين؟
-
دماء على أنياب الرئيس التونسي
-
حوار بين كلب الشارع و ... كلب السلطة
-
هل المصريون سعداء بالذل أم تعساء بالخوف؟
-
العراق ... هزيمة كل المتصارعين
-
متى يغضب السوريون على الرئيس بشار الأسد؟
-
عانس سعودية تبث أوجاعها لقساة قومها
-
محاولات مضنية للبحث عن الرئيس حسني مبارك
-
البيان والتبيين في أوجاع مصر وأحزان المصريين
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه
...
-
الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس
...
-
دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا
...
-
قرار المحكمة الجنائية الدولية: هل يكبّل نتانياهو؟
-
بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث
...
-
مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال
...
-
هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟
...
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|