أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالص عزمي - فن الحكم والتقرب الى الشعب















المزيد.....

فن الحكم والتقرب الى الشعب


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 1940 - 2007 / 6 / 8 - 12:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تكمن الصعوبة في أسلوب الحكم وحده ؛ بل في القدرة ايضا على الموزانة الدقيقة ما بين مصلحة الدولة العليا ؛ والمصالح الجذرية والحيوية الحقيقية لابناء الشعب ؛ اضافة الى المعرفة الاساسية في الاسلوب الاقرب للواقع في التقرب الى قلوب الناس عن طريق معرفة رغباتهم المشروعة ؛ فكريا و اجتماعيا واقتصاديا ..الخ ثم العمل على تحقيق كل ما يمكن بدءا من اصولها حتى ادق تفرعاتها ؛ وبخاصة الانية الملحة التي لاتقبل التأجيل ؛ او التسويف .
ان أهم ما يقع على عاتق الدولة ؛ في جميع اوجه نشاطها ؛ هو العمل بكل جدية وحزم ؛ على رفع انقاض ؛ العرقية والطائفية والاثنية ؛ وما تربع على عرشها من محاصصات وفوائد مادية هائلة مدعومة بالقوة والسلطة ؛ وبدون انهاء الوضع الشاذ هذا سوف لن يصبح بالامكان تصحيح المسار ؛ واعادة اللحمة والوحدة العراقية الىابناء الشعب العراقي .
ان اقرب القواعد التي يستند عليها الحكم لكي يكون قريبا تماما من الشعب فينال قبوله ورضاه ؛ انما يعتمد على أسانيد صلبة تقام على ارض متماسكة ؛ يكون من ابرز توجهاتها في فن الحكم بعض النماذج التي يتقدمها ما يأتي : ــ
اولا ـ ان نظام الحكم العصري ؛ المنبثق عن استفتاء يحترم ارادة الشعب في اصدار دستور دائم للبلاد ؛ فيه كل مقومات الحفاظ على الواقع الوطني المتجذر في مفهوم الاماني والمطامح التي يتبناها اي شعب مؤمن بالحفاظ على مصالح الوطن العليا ؛ انما يعتبر هو الاساس المعول عليه في تنظيم ركيزة وصيغة واسلوب ما تسير عليه الدول في التأريخ المعاصر .
ثانيا ـ ان القاعدة المحكمة التي يتوجب عدم الخروج عنها ؛ هي الفصل ما بين السلطات ؛ التشريعية ؛ التنفيذية ؛ القضائية ؛ وهذا الفصل سوف لن يكون لفائدة كيان الدولة وحسب ؛ بل سينسحب ـ عند التطبيق العملي ـ على فائدة صيغة الحكم ومسيرته ؛ حيث لاتتحمل الحكومة في ميزان هذا الفصل ؛ عند ذاك ؛ من الاعباء التي تثقل كاهلها الا الجزء الخاص بها كسلطة تنفيذية . في حين تتولى المهام الاخرى السلطتات التشريعية والقضائية بحسب الاختصاص والصلاحية .
ثالثا ـ لقد كانت الحكومات العراقية في العهد الملكي ( وحتى في عهدي الاحتلال والانتداب )؛ تعتمد على عاملين أساسيين في ايضاح ما تهدف اليه من منهج في ادارة دفة البلاد لفترة لاحقة ؛ وهما يتلخصان في :
أ ــ خطاب رئيس الوزراء ؛ امام الجمهور عند الاستيزار ؛ حيث يعرض بعضا من اهم الخطوط العامة للاعمال التي ينوي القيام بها في المرحلة القادمة وذلك تطمينا للشعب ومحاولة لتحقيق ما يطمح اليه .
ب ـ برنامج الحكومة ؛ المطروح امام البرلمان ؛ ليكون المنهج الذي تحاسب عليه السلطة التفيذية ؛ في حالة النكوص او التراجع عما وعدت به من تطبيق ؛ وذلك طبقا لسلطة مجلس النواب في السؤال ؛ والاستجواب ؛ ورفع الحصانة ... او نزع الثقة عن الوزارة .
ولذا فقد اصبح من الواجب حقا وتقربا الى المواطنين الذين لاقوا الامرين من سياسة التقلبات والتناقضات ؛ من اعلان الحكومة عن برنامج عمل واقعي وحقيقيي ؛ يعلن عنه بكل وسائل الاعلام مع الالتزام به حرفيا ؛ لكي يعرف الشعب حقيقة الوضع السياسي العام بعيدا عن اللف والدوران وما يحاك في السر . ان الاعلان عن البرنامج ؛ ثم السير ضده خطوة فخطوة ؛ ما هو الا صورة كئيبة للخداع الذي يزيد من الاوضاع المدمرة سوءا . ان المصارحة والمكاشفة والاعتراف بالاخطاء ؛ انما هي من اساليب فن الحكم التي تقرب ولا تبعد ؛ وتقوي الصلة لا تفككها .
رابعا ــ كما يحدثنا تاريخ العراق المعاصر ؛ انه على الرغم من الثورات العشائرية ؛ والتظاهرات ؛ والاضرابات العمالية والطلابية ..الخ فقد كان المسؤولون يتجولون بين الناس ؛ ويتعرفون على مطالبهم مشاركة منهم في الهموم والمشاكل . ومحاولة لاثبات انهم ليسوا بعيدين عن واقع الحال وما يعانيه الناس من مصائب ؛ تحتاج الى الوقوف على اسبابــــها ودوافعها ؛ لكي يسهل العمل المشترك على حلها جذريا .
خامسا ــ لم يكن الاحتلال البريطاني ؛ حائلا دون تأسيس الجيش وتمتين اواصره ومده بطاقات التجنيد الاجباري ؛ كما لم يكن عائقا دون بث روح الايمان بحب الوطن والتسلح بالتربية الصحيحة المستمدة من التراث ؛ كما لم يكن مانعا دون اعتلاء القضاء العراقي سدة استقلاله ونزاهته ومواقفه القانونية العادلة ... الخ لا لان الاحتلال يريد ذلك ؛ فهو لايريد ذلك ابدا ؛ ولكن لمواقف بعض الشخصيات الوطنية المؤسسة للدولة والصادقة مع ذواتها ؛ ومع حب الوطن ووحدته الذي كان يبنون ؛ من امثال جعفر العسكري ( الجيش ) ورضا الشبيبي ( المعارف ) و ناجي السويدي ( العدلية ) ... الخ فكم حري بالذين يعللون تقاعسهم في خدمة الوطن بوجود المحتل ؛ ان بمقدور مثل هؤلاء ان يفرضوا ارادتهم في سبيل الوطن لو ارادوا فعلا ؛ ولكن لا حياة لمن تنادي !!
سادسا ـ حينما يكون هدف الدولة رعاية وحماية جميع المواطنين دونما اي تمييز او تفريق ؛ يتوجب ان تكون الحكومة منفذة لهذه الارادة وسائرة في نمط سياقها ؛ والافستكون سياسة الدولة ( وبحسب نصوصها الدستورية المنبثقة عن جميع قواعد العدالة والمساواة وحقوق الانسان) قد شرخت ثم انفصمت عراها مع الحكومة وتحولت تدريجيا الى هوة واسعة يتعذر ردمها ؛ لان النصوص القانونية اصبحت تناقض تماما التطبيقات على ارض الواقع .
سابعا ــ لايمكن للقوة ان تكون هي الحل الاوحد لحل الاشكالات المتراكمة ؛ فهناك حلول لا حد لها قبل المباشرة باستعمالها ؛ فلو صدقت النوايا ؛ وخلصت النفوس من ادرانها ؛ وابتعدت الرغبات والمطامح غير المشروعـــة عن جموحها وأنانيتها وموبقاتها وأسرافها في غيها ؛ فان روح التسامح والتعاطف والسياسة المرنة ستجنب البلاد والعباد ؛ كل هذه المآسي الدامية المروعة . ومما اذكره هنا ... ان احد وزراء الداخلية في العهد الملكي ــ وكان رئيسا للوزراء ايضا ــ ؛ طلب من متصرف لواء الديوانية استعمال القوة المفرطة لوضع اليد على الاسلحة التي كانت بيد العشائر هناك ؛ اجابه المتصرف شبه ساخر ؛( اذا كنت تريد استعمال القوة ؛ فيمكنك تعيين ولدي الصغير متصرفا ومنحه الصلاحية بذلك ؛ فالقوة لاتحتاج لاكثر من ذلك ... ااما انا فما زلت مؤمنا بالحكمة التي تقول ...ارسل حكيما ولا توصه ؛ لان استعمال العقل والمنطق والحكمة لها الاولوية ! ويبدو ان الوزير الذي تسرع باصدار اوامره ؛ اعتذر امام هذا المنطق الذي اخجله )
ثامنا ــ يعتقد بعض اؤلئك الذين تسنموا سدة الحكم ؛ ان طباعهم المغرورة ؛ وسطوتهم المقرفة ؛وتشددهم المتسم بالعنف ؛
هي جزء من تكوينهم النفسي الذي لا يستطيعون الفكاك منه ؛ ان هذا التعليل المرتبك البائس هو النقيض ؛ لتحمل المسؤولية واعباء الحكم ؛ ذلك ان الانسان بمقدوره ان يروض نفسه على ما يوجب توازن سلوكه ؛ لقد كان بعض مربينا يضربون لنا مثلا على التحكم بالارادة وقدرة السيطرة على الحواس ؛ فيقولون ( لو ان هناك موقفا في ابداء الرأي قيض له ان يكون امام ملك البلاد ؛ فسيكون بمقدورك التحكم في عواطفك اثناء الحوار واختيار الاسلوب الانسب للمخاطبة ؛ في حين لن يكون له ذلك الضبط وانت امام شخص اعتيادي بسيط يسهل عليك ترك لسانك على عواهنه دون اية سيطرة).
تاسعا ــ ان اعظم ما في فن الحكم من حيث التقرب لابناء الشعب ؛ عن قناعة وادراك لقيمتهم الانسانية ؛ هوالموزانة بين هيبة المقام ؛ مع رقة في التواضع ؛ و كبرياء الذات مع اريحية في التواصل اي يتوجب التفريق الدقيق ما بين موقع المنصب ؛ و بين الاستمرار في تواصل الحياة العادية البسيطة مع الناس في مختلف الاوساط والطبقات ...
عاشرا ـ ان العناية بالعاطلين وخاصة الشباب منهم ؛ انماهي من صيغ فن الحكم الاصيل ؛ الذي يدلل على الالتفات لمثل هذه الطبقة المسحوقة ؛والعمل بجدية على ايجاد سبل العمل لها في المشلريع المعطلة اصلا ؛ او في مشاريع جديدة تفتح ابوابها لأولئك الذين انقطعت بهم سبل العيش ؛ فلاذوا باية سبل تكفل لهم ولعوائلهم لقمة تسد الجوع والرمق .
حادي عشر ـ ان الزعامة السياسية الحقيقية تكمن في المقدرة على احتواء الاحزاب والطوائف والتيارات تحت خيمة الدولة الواحدة الموحدة وجعل الولاء دائما للوطن ؛ لا ان يكون العكس ؛ فتسترخص تلك الفئات ؛ قيمة زعامات الحكم الصورية وتستهين بوزنها وتتمادى في استهتارها ؛ فتلتف عليها وتحتويها ثم تتركها بعدئذ عديمة القيمة ؛ مهدورة الجاه والمكانة منزوية في ركن مظلم من النسيان .
ثاني عشر ـ ان الحياة لاطعم لها من دون علاقات اجتماعية ؛ تفتح الابواب امام الترفيه المستساغ في جو من الحرية الشخصية التي يتوجب ان يكفلها الحكمبعيدا عن التخلات الفردية غير المشروعة . ان انفتاح المجتمع على وسائل الترفيه
كالسياحة ؛ والنوادي الاجتماعية والرياضية ؛ والمسارح ؛ ودور السينما واللهو والباركات والحدائق الغناء .... الخ وقيام السلطات المختصة بتشجيع ودعم وتمويل مثل تلك الباقة من سبل الراحة العامة انما يعطي للحكم صفة انسانية محببة تدلل على احترامه لمختلف رغبات الشعب دونما اي تفريق والعمل على توسيع دائرتها بكل الطرق المشروعة .

ان فن الحكم ؛ لايقتصر على الجوانب السياسية والادارية كعقد الجلسات وا لاشراف على عمل الوزارات والادارات ؛ و دعم الخدمات ومراقبة الصرف العام ... وما الى ذلك وحسب ؛ بل هو مزيج من الروابط الاخلاقية والاجتماعية والتربوية
التي تشكل لحمة النسيج ما بين الذين يرغبون في الحكم على اسس وطنية قويمة صادقة قريبة من افراد الشعب خاصة والامة عامة ؛ دونما تمايز ؛ وبين اؤلئك الذين اختاروا الابتعاد عن هذا النهج ودقوا اسفينا ما بينهم وبين الذين يحكمون بالاجبار... لا الاختيار .



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأفاك
- الزوبعة
- الجار الهاديء
- الى زوجتي
- جدار عدو الحرية
- ذكريات خاصة عن جسر مكسور الجناح
- محاولة في اصلاح ما خربه الاحتلال 22
- محاولة في اصلاح ما خربه الاحتلال 1 2
- محصلة الحرب المشؤومة
- *موريتانيا كما شاهدتها
- من مناهل مجالس بغداد الادبية
- تل الحروف المتفحمة
- والقصف الوحشي مستمر
- حجاب المرأة والحرية الشخصية
- أدب القضاة -20
- في هوى بغداد
- أدب القضاة رسائل وتعليقات
- قصيدتان
- وكان يقودها انتحاري
- هل ان الشعب العراقي هو المسؤول ؟


المزيد.....




- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالص عزمي - فن الحكم والتقرب الى الشعب