رسميه محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1939 - 2007 / 6 / 7 - 11:37
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
طرحت قيادة الحزب الشيوعي العراقي الى المؤتمر الثامن القادم للحزب الشيوعي العراقي . مسودة ورقة عمل حول أسباب الاحداث العاصفة التي أدت الى انهيار الانظمة الحاكمة في الاتحاد السوفيتي وغيرها من الانظمة في اوربا الشرقية. بداية لابد من الاشارة الى ان الحزب الشيوعي العراقي قد توخى في نقده للتجربة الاشتراكية المنهارة ومنذ المؤتمر الخامس للحزب اعادة الاعتبار الى الحياة الديمقراطية في الحزب وتعميم هذه التجربة قدر الامكان , وممارسة النقد الذاتي بأكثر مايمكن من الصراحة والشفافية في كل مايتصل بالاخطاء التي ارتكبت سياسيا وفكريا وتنظيميا , والغاء شكل وطبيعة العلاقة بين قيادة الحزب وكوادره واعضاءه لتصبح علاقة انسانية بين أفراد أحرار متساويين في الحقوق والواجبات متمايزيين في القدرة والكفاءة والموقع. وعلى هذا الاساس جرى العمل بأليات جديدة تضمن فهما جديدا للمركزية الديمقراطية ينبذ المركزية البيرقراطية ويتجسد هذا الفهم في تأمين حقوق اعضاء الحزب وهيئاته وتفعيل مساهمتهم في رسم وتنفيذ سياسته وصياغة توجهاته والتخلي عن المراتبية الحزبية ونبذ الفردية والاوامرية والاساليب البيرقراطية. كذلك اقر الحزب مبدأ علنية السياسة والفكر وسرية التنظيم . لذلك واستنادا لهذه التوجهات كان الاجدر ان تنشر الوثيقة للمناقشة العلنية في الوقت الذي جرى نشر النظام الداخلي وهو وثيقة دستورية خاصة باعضاء الحزب في حين ان الوثيقة الفكرية تخص كل المعنين بالفكر الاشتراكي والتقدم الاجتماعي . سأتوقف لابداء ملاحظاتي على أهم القضايا الواردة في الورقة الفكرية المحور الاول- الملاحظة الاولى – لم تعتمد الورقة من وجهة نظري خطاب الحزب التجديدي الذي اختطه منذ المؤتمر الخامس, بل ان خطابها شكل عودة للخطاب التقليدي الذي ساد في الاتحاد السوفيتي في فترة الجمود والركود البريجينيفية. لقد حاول صناع ثورة اكتوبر منذ اليوم الاول وحتى اليوم الاخير الادعاء بأنهم يطبقون ماقال به ماركس بينما كانت الهوة بين فكر ونص ماركس وبين مايطبقون تفقأ العين . ومامن جديد في ذلك فكذلك كان الامر دوما. ولعل أكثر من ابتدعوا فكرة التحايل على النص بل وابتداعه كانوا الحكام المسلمين فيما بعد فترة الخلفاء الراشدين , فقد اصطنع رواة كاذبون الاف الاحاديث النبوية لتبرير حكم الامويين – ثم أتى العباسيون على رماح فارسية فأنهمك الفرس في صناعة احاديث يبررون فيها استيلائهم على مفاتيح الحكم والتحكم. وهكذا ابتدع المسلمون الاوائل الاحاديث بأمل تبريرها مالايمكن تبريره. ولكن لم يكن أمام الماركسيين الاوائل أن يبتدعوا نصوصا ماركسية الانتساب , فالماركسية مثبتة , فلجأوا الى التأويل والتجاهل مع التصميم انهم يتمسكون بالنصوص الماركسية بهدف التستر على ممارسات خاطئة اساءت للماركسية والتجربة المنتمية اليها. اعود الى الوثيقة الفكرية بالرغم من ان الوثيقة تؤكد على الالتزام بالماركسية والمنهج الماركسي الا انها تؤكد ذلك شكلا وتنسفه في التحليل في محطات هامة. اين تجليات ذلك-------
1- أن المنهج الماركسي كان يقتضي أن تستند الوثيقة على الاستنتاجات الفكرية التي توصل لها الحزب والحركة الشيوعية العالمية من دراستهم للتجربة المنهارة, فحتى ماركس نفسه قد استند في فكره على التراث الفكري الذي سبقه. 2- في معالجة الوثيقة لموضوعة الاشتراكية لم تتناول هذه الظاهرة من جذورها التاريخية وسير تطورها التاريخي والعوامل التي رافقتها, فأن المنهج العلمي الجدلي كان يقتضي التوقف ولو سريعا عند بداية الظاهرة . فقد كانت الاشتراكية حلما فقط. كان يمكن أن تعزو فشل جميع الحركات التي دعيت لها خلال التاريخ الى عدم نضج الفكرة نفسها اي عدم توفر الظروف الموضوعية التي تسمح بتحقيقها على ارض الواقع, وهذا ماحصل فعلا منذ ثورة العبيد بقيادة سبارتكوس حتى كومونة باريس. بتطور الرأسمالية وتكون الطبقة العاملة تحولت الاشتراكية لاول مرة في تاريخها الى علم. درس ماركس بعمق المجتمع الرأسمالي وبحث في سيرورته وصيرورته والية عمله وتناقضاته واستطاع ان يصل الى كثير من الحقائق عبر استنتاجاته المنطقية القائمة على مهمة الكشف لقوانين الاشتراكية وهذا مايؤكده في مقولة له في مقدمة كتابه (مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي)., مفادها ( لكي ينتقل المجتمع من مرحلة قديمة الى مرحلة جديدة يجب على المرحلة القديمة أن تستوعب كل التطور اللاحق لقوى الانتاج وعلاقات الانتاج ومن ثم من صلبها تولد المرحلة الجديدة. وتنبأ ماركس ان الاشتراكية ستنتصر في المانيا او بريطانيا, أي عمليا ستولد من التشكيلة الرأسمالية التي كانت برأيه قد نضجت واكتملت مراحل حمل النظام الجديد في رحمها أي في اكثر البلدان الرأسمالية نضجا. ماذا قصد ماركس بمرحلةعليا لنضج الراسمالية ---- 1- وصول القوى المنتجة حدا هائلا من التطور يكفي لاشباع الحاجات المادية لافراد المجتمع. 2- نضج مؤسسات الادارة الذاتية داخل المجتمع , وتمايزها عن بعض المنظمات الاجتماعية. 3- نضج مؤسسات الادارة السياسية للمجتمع , الديمقراطية ,تمايز السلطات وانقسامها (تنفيذ,تشريع,قضاء ..الخ. 4- انفصال الملكية الاجتماعية عن المالكين ,في الطور المتقدم من الرأسمالية( ظهور طبقة المدراء والمنظمين من خارج طبقة المالكين الرأسماليين , تطور نظام الائتمان , تطور التنظيم الواعي داخل المؤسسات الرأسمالية التعميمية على المجتمع- لاحقا) , تطور نظم الاتصالات ( سكك الحديد , الهواتف , السيارات , الطرق والجسور), تطور المؤسسات الاجتماعية المستقلة, الخ. فهل هذه الظروف كانت متوفرة في روسيا عشية الثورة, هل كان زوال التشكيلة الاجتماعية – الاقتصادية الروسية –والتي وصفت بأنها نصف اقطاعية ونصف رأسمالية نتيجة قانونية أو ضرورة تاريخية لنمو القوى الانتاجية في قلب هذه التشكيلة. هل نمت العلاقات الاشتراكية بأمكانية فيها , امكانية كانت تحتاج الى ارادة انسانية لتحويلها الى واقع . ان فشل التجربة اجاب بالنفي على هذه الاسئلة, هذه الشروط غائبة تماما عن روسيا اذ لم تكن روسيا مهيأه وناضجة لبناء الاشتراكية كنظام اقتصادي اجتماعي وسياسي متقدم ومتفوق بسائر مقوماته وقدراته وافضلياته على الرأسمالية.وقد اعترض مفكرون عظام على فكرة استيلاء الطبقة العاملة الروسية على السلطة. فهناك اعتراض بليخانوف الذي قال ان بلدا مثل روسيا يقوم على انتاج سلعي صغير وبحر من الفلاحين ( البنية التحتية) لن يسمح بنشوء سوى استبداد قيصري حتى لو ارتدى رداءا بلشفيا وهناك مساهمات اخرى بهذا الخصوص لبليخانوف ايضا . واضافة الى بليخانوف. اعترض مفكرين اخرين ومنهم كاوتسكي وحتى غرامشي وروزا لوكسمبرغ اضافة الى مفكرين غير ماركسيين. كان النموذج السياسي الاقتصادي والاجتماعي الذي بناه لينين هو نموذج مؤقت بانتظار النجدة التي كان يتوقع ان تأتيه من الدول الاوربية التي ستنتصر فيها الاشتراكية لكن الثورة الاشتراكية لم تنتصر في هذه البلدان وبذلك لم تأت النجدة وان النموذج الذي بناه لينين سار في اتجاه التطور الذي تنبأ به بليخانوف وكاوتسكي وفيبر وحتى روزا , اي قيام دولة بيرقراطية مركزية استبدادية تفتقر الى اي معلم ديمقراطي حتى للبلاشفة انفسهم. وبالرجوع الى نص ماركس السابق فأن ثورة اكتوبر تشكل خرقا لقانونية الانتقال الى تشكيلة أرقى انتصارا قبل أن يصل التاريخ الواقعي الى مبتغاه. انتصرت ثورة اكتوبر وانتصارها عني اساسا انتقال السلطة الى حزب البلاشفة ,عبر تدمير سلطة ثورة وليدة قبل أن تصل الى مرحلة الاستقرار. لقد اقتنص لنين السلطة في لحظة مواتية وهو القائل امس مبكر غدا متأخر هذا المساء وهذه الليله. فقد التقط البلاشفة امكانية انهيار السلطة , فانتصروا باستلام السلطة . ولكن انتقال السلطة من طبقة الى اخرى أمر وانتقال المجتمع من تشكيلة الى اخرى أمر أخر . ان النموذج الذي بناه لنين كان مرشحا للانهيار لولا بضعة عوامل اشار لها كثير من المفكرين والباحثين ومنها التحام البلشفية بالنزعة الوطنية الدفاعية خلال الحرب العالمية الثانية , مما اكسبه شرعية لدى جيل مابين الحربين اضافة الى توفر روسيا الثورية على ريوع كبيرة من النفط , سدت الثغرات الاقتصادية لتلك الفترة كذلك تمتع روسيا الثورية بعطف ثوري عام في البلدان الرأسمالية والعالم الثالث وسط قطاعات الطبقة العاملة واليسارالثوري وغير ذلك من قوى. لاشك ان قادة اكتوبر هم رجال عظام ومؤمنون بقضيتهم ومعتقداتهم ولكن انتصار السلطة والاندراج في همومها ومشكلاتها والتصدي لمشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة لابد ان يخلق تناقضات ليست من وحي الثورة الاولى. بل ان الخلافات اللاحقة في الحزب حول كل ماسبق قد حلت بنفس الروح التي حلت فيها مع اعداء البلاشفة اي من روح حل الجمعية التاسيسية وتحول الحزب الى جزء يمارس السلطة وجزء يعدم بألة السلطة التي انشأها واقيمت حمامات الدم في الفترة الستالينية لخيرة قادة الحزب ومثقفيه على الطريقة الصدامية وتحول بليخانوف القائد والمفكر الماركسي الى عدو وخائن في نظر السلطة البلشفية لمعارصته القيام بالثورة نظرا لعدم توفر شروطها من وجهة نظره. وهكذا زالت عصبية الثورة لتحل محلها عصبية السلطة والحفاظ عليها, واستمرت الانتهاكات المروعة حتى لحظة الانكسارالكبرى اكتفي في هذه الموضوعة بهذا القدر لان الاسترسال يحتاج الى عشرات الاوراق. لقد لبس الستالينيون في روسيا رداء الماركسية في الوقت الذي ضمروا العداء لها وستروا اخطائهم ومصالحهم باسمها كما يتستر الان المتاسلمون بالاسلام وهم ينحرون البشر كاغنام , وكما تستر البعث بالامة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة فنحن نعيش عصر التستر بالايديولوجيات الانسانية لتنفيذ مصالح شخصية فاسدة لاعلاقة لها بهذه الايديولوجيات. ان استعراض عيوب التجربة واخفاقاتها والممارسات الاستبدادية التي قام بها البلاشفة بدون الاشارة الى القضية الاساسية والتي تتلخص بعدم نضج شروط الثورة من شأنه ان ينفر اعضاء الحزب والجماهير من الاشتراكية والحزب ويثير احباطهم وانفضاضهم عن الحزب لانهم سيروه لايختلف عن النظام الصدامي وهذا ماتهدف اليه القوى المعادية للشيوعية بكل اصنافها.ان الوثيقة مقدمة الى اعضاء الحزب وجماهيره وليس بحث مقدم الى مجلس علمي لذلك لم يكن موفقا ما اشارت له الوثيقة بهذه السرعة والبساطة ( شائت الظروف ان تحصل الثورة في مكان لم تنضج شروطه المادية مع نضج الشروط السياسية) , كان ينبغي التوقف عند هذه المحطة بالتحليل الوافي والمقنع كما اشرت سابقا.
الملاحظة الثانية-1- اتسم الحديث عن اسباب انهيار التجربة بالتبريرات المتكررة للاستبداد والانتهاكات المروعة التي حصلت في التجربة المنهارة وهذا مايناقض الماركسية والثورة الاشتراكيةفالاشتراكية كما عرفها ماركس- هي المجتمع الذي يتيح شروطا لتحقق جوهر الانسان, بواسطة قهر اغترابه, وهي تخلق أوضاعا لنشوء الانسان المستقل الفعال العقلاني والحر. ان ماركس لم يكن ممكنا اعتباره عدوا للحرية لولا خدعة ستالين الغريبة الاطوار الذي تجرأ وتكلم باسم ماركس, مضافا اليها الجهل الغريب بماركس الموجود في العالم الغربي كما يشير اريك فروم. فماركس يعتبر ان هدف الاشتراكية هو الحرية بمعنى اكثر مما تتصوره النظم الديمقراطية السائدة الحرية بمعنى الاستقلال وقيام الانسان على قدميه , استخدامه لقواه في تواصل ذاته مع العالم انتاجيا. يقول ماركس ان الحرية هي الى حد بعيد جوهر الانسان التي حتى خصومها يعترفون بذلك—وليس هناك انسان يحارب الحرية على الاغلب , فكل نوع من الحرية وجد حتى الان كان اما اعتبارا خاصا او كحق عام. بالنسبة لماركس الاشتراكية تعني عالما لن يعود فيه الانسان يشعر فيه انه غريب بين غرباء بل يشعربانه في عالمه وفي بيته. فاين هذه المفاهيم من التبريرات للاستبداد اي ماركسية هذه التي تتحدث عنها الوثيقة , الوثيقة تبرر الاستبداد بالحفاط على الثورة والسلطة وانا اتساءل لماذا مورس الاستبداد على مدى التاريخ اليس لحماية السلطة ولماذا الان يتحول العراق ساحة للارهاب اليس هو الصراع على السلطة . 2- ان الوثيقة بتبريرها للاستبداد بحجة حماية الثورة نسفت جدلية العلاقة بين الاهداف والوسائل وهذا منطق لاينسجم مع المنهج الماركسي . فهذه هي فلسفة ميكافيلي البراغماتيه اي مبدأ الغاية تبرر الوسيلة , وهو المبدأ الذي تبناه البعث ومارس ولايزال كل الانتهاكات باسمه. 3- ان الوثيقة في هذا الطرح من وجهة نظري وضعت نفسها في تناقض مع نفسها حيث انها ذكرت في المحور الثاني ان الديمقراطية عنصر مكون اساسي للاشتراكية وهذا هو الصحيح . فان كلمة اشتراكية بدون ديمقراطية لامعنى لها فعندما نقول اشتراكية بدون ديمقراطية كما نقول جليد حار او نار بارده. الملاحظة الثالثه تشير الوثيقة( لكن البلاشفة لم يجدوا في التعارض القائم بين نضج الشرط السياسي المتمثل باستيلاء الطبقة العاملة وحلفائها على السلطة وعدم توفر بعض عناصر الشرط الموضوعي سببا كافيا في عزوف الطبقة العاملة عن الاستيلاء على السلطة –الخ. وفي مكان اخر تشير الى توفر الشروط السياسيةمن دون ان يملك القاعدة المادية المتقدمة---الخ). وهنا ايضا مخالفه للمنهج الماركسي , كتب ماركس ( ان مجموع علاقات الانتاج يشكل البناء الاقتصادي للمجتمع الذي يمثل الاساس الواقعي الذي يقوم عليه البناء الفوقي السياسي والحقوقي والذي تتطابق معه اشكال محددة من الوعي الاجتماعي ) حيث ان اسلوب انتاج الحياة المادية للناس هو الذي يحدد تقدم حياتهم العقلية السياسية والاجتماعية بشكل عام) . طيب لنترك منهج ماركس ونتأمل وضع روسيا عشية الثورة – بلد تشير الاحصاءات ان عداده 160 مليون اغلبيته الساحقة أميين وفلاحين نسبة الطبقة العاملة قليل عداد الحزب البلشفي لايزيد عن350 الف عضو , اما وضع الحزب فقد دلت الاحداث انه لم يكن مهيأ لثورة اشتراكية فلم تكن حتى قيادة الحزب ديمقراطية متحضرة والدليل مامارسه القسم المتنفذ في الحزب تجاه المختلفين معهم في الرأي من مفكرين وقاده سياسيين من اعضاء الحزب نفسه ناهيك عن انتهاك الديمقراطية على صعيد المجتمع وهكذا فرضوا تناقض مفتعل بين ماهو ثوري وماهو ديمقراطي, كما ان التأييد الجماهيري الذي حصل عليه الحزب عشية الثورة لم يكن تأييدا واعيا. اضافة لذلك لم يكن الحزب يمتلك نظرية متكاملة لبناء الاشتراكية, لان ماركس وانجلز لم يكونا قادرين على صياغة نظرية للاشتراكية لانه ببساطة لاتوجد نظرية من فراغ ولكن النظرية تنبت من الارض على اساس التجربة السابقة فقبل ان يتمكن ماركس من وضع علم تحطيم الرأسمالية نفسها كمادة خام قام بدراستها وتعميم نتائجها ومن ثم خرج باستخلاصات نظرية منها . وقد طرح انجلس في كتابه ( الاشتراكية الخياليةو الاشتراكية العلمية) مهمتين تفصحان عن أن ذلك الطابع العلمي للاشتراكية التي تم التوصل اليه بفضل اسهام ماركس كان مايزال في بداياته أو معالمهالاولية – المهمة الاولى , تنحصر قبل كل شيئ في مواصلة تطوير هذا العلم في كل تفاصيله وعلاقاته المتبادلة . والمهمة الثانية- ان مهمة الاشتراكية العلمية هي التعبير النظري عن حركة تغيير المجتمع الرأسمالي , ودراسة الظروف التاريخية لذلك التغيير. وعليه فالاشتراكية العلمية ليست وصفة جاهزة للتطبيق. وقد كان لينين اكثر وضوحا عندما اعلن ابان ثورة اكتوبر ( نحن لاندعي أن ماركس والماركسيين يعرفون الطريق الى الاشتراكية في ادق تفاصيله , نحن نعرف الوجهة العامة وحسب) . اذا ان ضعف القاعدة المعرفية النظرية لبناء الاشتراكية هو الذي خلق ارضية التجريب عبر الخطأ والصواب في عملية البناء نفسه, وظهر ذلك بالدرجة الاولى عند اللحظات الانعطافية التي تطلبت حلولا جديدة للمشاكل المستجدة الجديدة , وبما ان هذه الحلول غير موجودة في الكتب فأن التجريب كان يتم عبر الخطا والصواب, كان من الممكن السير في طريق الخطأ وهذا ماحدث فعلا.من كل ماتقدم استنتج ان الظروف السياسية لم تكن مهيئة لثورة اشتراكية. الملاحظة الرابعة-- تشير الوثيقة ان البيرسترويكا كانت العامل المباشر لانهيار الاتحاد السوفيتي – لا اتفق مع هذا الاستنتاج لان كل الدراسات العلمية غير المتحيزة والوقائع اوضحت ان حدود الازمة والتناقضات وصلت الى الحد الذي لايمكن الاستمرار فيه. كيف تجلى ذلك-----
1- لقد نشأ خلال تلك الفترة نظام معاد للديمقراطية في المجتمع وداخل الحزب الشيوعي السوفيتي نفسه.فعلى صعيد الحزب – سقط حزب لينين في هاوية عبادة الفرد وانتهاك الشرعية والتنكيل بالمخالفين في الرأي وتحريم النقد . وقامت العناصر البيرقراطية بحذف روح المناقشة الحية والفكر المبدع من النظرية والعلوم الاجتماعية واصبحت قرارات وافكار القيادة حقائق لاتقبل الجدل. وعجزت قيادة الحزب عن التصرف السريع نتيجة انتهاك مبدأ الجماعية في العمل والعديد من اعضاء الحزب الذين تسلموا مناصب قيادية باتوا بلا حسيب ولا رقيب عليهم مما ادى الى فشل في العمل والى انتهاكات خطيرة لاداب السلوك الحزبي واساءة استعمال السلطة , وكبح الانتقادات وتكديس الثروات حتى ان بعضهم قد ضلع في اعمال اجرامية ان لم يكن مدبرها --- فاذا كان هذا مصير الحزب, فما حال ماحصل في المجتمع..الانهيار المتصاعد في الاوضاع الاقتصادية . وتشير بعض الاحصاءات السوفيتية الى وجود عجز في الميزانية وصل الى 60 مليار روبل بينما تعمل في السوق السوداء روؤس اموال وصل حجمها الى 150مليار روبل وينشط في السوق السوداء 50 مليون مواطن سوفيتي ويوجد 40 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر , اغلبهم من رجال المعاشات يتقاضون الواحد منهم 04 روبل شهريا اي اقل من ثمن حذاء واحد . وارتفعت الاسعار بنسبة تزيد عن 400 في المئة روبل شهريا واختفت اغلب السلع , واضطرار الاتحاد السوفيتي لطلب معونات من الغرب والغريب ان هذه الظاهرة لاترجع الى نقص في الانتاج وانما لسوء التوزيع ونقص وسائل النقل واتخريب المتعمد من جانب بعض الفئات. وارتبطت ازمة غياب الديمقراطية والازمة الاقتصادية بأزمة اجتماعية طاحنة . و هبوط الاهتمام بالشؤون الاجتماعية وتجلي مظاهر فظاظة الخلق والارتياب وانحطاط دور حوافز العمل المعنوية . ونمت شريحة من الناس ومن ضمن ذلك بين اوساط الشباب تحصر هدف الحياة بالنسبة لها في اليسر المادي والكسب بشتى السبل والوسائل واكتسب موقفها الماجن مزيدا من المظاهر الغاشمة وراح يسمم وعي الاخرين . فتمخض عن ذلك موجة من النزوع الاستهلاكي.وتمثل مؤشر انحطاط الطباع الاجتماعية في نمو ظاهرة الكسل وانتشار تعاطي المخدرات وتنامي الاجرام . واثرت تأثيرا فاتكا في الجو الاخلاقي السائد في المجتمع , حوادث الاستخفاف بالقوانين وتجميل الاوضاع المتردية والرشوة وتشجيع عادات التزلف والتبجيل. اضافة الى تأزم مشكلة القوميات داخل الاتحاد السوفيتي. هذه التناقضات كان لابد لها ان تنفجر ذلك لان قانون التناقض قانون صارم مهما يكمن فيه من مرونة التحرك مع النسبي والخصوصي – وصرامته أتية من طبيعة كونه متلازنا مع قانون التطور الاجتماعي , ذلك الحاكم على قانون لحركة تاريخ المجتمع والطبيعة والفكر جميعا, حكما مطلقا لامرد له ولا مهرب منه. ان القوى التي تعادي الديمقراطية يعوزها ادراك ان اختيار اسلوب الصراع السلمي الديمقراطي اقل خطرا عليها كطبقة اوكفئة وعلى مواقعها الاجتماعية , من اسلوب العداء للديمقراطية , اسلوب الكبت او القمع او العنف في مواجهة القوى الاخرى النقيض ذات المصلحة بابقاء الصراع في نطاقه الديمقراطي –نقول اقل خطرا عليها وعلى مواقعها تلك ,لان قانون التناقض لايردعه الكبت او القمع او العنف ,ولايلغي فعله الضروري ,بل الامر بالعكس –فان اي كبت او قمع او عنف , انما يدفع التناقض الى الانفجار بالقوى نفسها التي تختار هذا الاسلوب الخطر –وكثيرا ما يأتي الانفجارمن حيث تعتقد هذه القوى , او تتوهم الاعتقاد بانها في مأمن حصين – واحداث التاريخ على مشهد منا في كل جهة من جهات العالم . هكذا تقول الفلسفة الماركسية والمنهج الماركسي . لقد اعلن بعض الباحثين الاجتماعيين الامريكيين ان ما احدثته الولايات المتحدة الامريكية من اسهام في تفكيك الاتحاد السوفيتي,( اقول الاسهام لان هذه البنية قد دمرت من الداخل اساسا-), يعتبر اخطر خطأ قامت به لماذا لان هذا العمل لم ينه الاتحاد السوفيتي وانما بدأ بتشكيل منظومات جديدة لم يكن احد يفكر بها اطلاقا. لقد اخذت تتشكل عملية جديدة من اعادة بناء العالم برمته. وهنا ك دراسات تشير ان الولايات المتحدة اخطأت عندما اعتقدت ان انهاء الاتحاد السوفيتي هو انهاء التاريخ وحاليا مروجي نظرية نهاية التاريخ بدأو هم انفسهم باعادة النظر بنظريتهم ففي لقاء مع كونداليزا رايس اجرته صحيفه ايطالية معها اشارت ان صديقها فوكاياما عندما نشر نظرية نهاية التاريخ لم نكن نتوقع في ذلك الوقت التطورات التي حصلت لاحقا في العالم كالارهاب والانفجارات في اماكن عديدة من العالم والتوجه نحو انتاج السلاح النووي—الخ. وهناك قول لاحد المفكرين يقول ان الاتحاد السوفيتي كان اشبه برجل مريص ميئوس من شفائه اي يحتضر وان غرباتشوف اطلق النارعليه لانه تصدى لمهمة فوق مستواه. --- تشير الوثيقة رافق ولادة البيرسترويكا ظهور ماسمي التفكير السياسي الجديد الذي كان جرى تحويله الى غلاف اييولوجي لخيار جديد قوامه التراجع على الصعيد الدولي – وهذا غريب ان يجري الحديث عن التفكير الجديد بهذ الصورة فما هو التفكير السياسي الجديد , التفكير السياسي الجديد كان يعني رفض العنف والارهاب والحرب والخداع والتضليل الاعلامي والاكراه بالتهديد كوسائل للسياسة في الخارج ومحليا , ويقترح بدل ذلك تدابير الثقة والتعايش المفيد المشترك والتبادل الثقافي وتوسيع الصلات والحوار السياسي –الخ واهمية التفكير الجديد في مجالات واسعة التنوع للحياة الاجتماعية والثقافة ( ليس فقط الثقافة السياسية) , وهو يعني في المجالات الاخرى رفض الجمود والتخلف والبيرقراطية وبناء شخصية الانسان المستقل الحر الابداعي-- الخ . ثم تشير الوثيقة ان نهج البيرسترويكا كان تحريض المجتمع على الحزب – ولماذا هذا التعاطف والحميمية التي تعكسها الوثيقة على نظام الفساد والتعفن والاستبداد واين كانت هذه الافكار طيلة فترة الديمقراطية والتجديد التي اختطها حزبنا هل كانت هذه الافكار تمارس التكيف البيئي فهذه هي صفة التفكير القديم يتظاهر بالجديد عندما لاتكون الظروف مواتية له واحيانا اكثر من الجديد وهذا مايقوله الفكر الماركسي . انني استنتجت انها تريد ان توصلنا الى استنتاج لاتجرء على طرحه مباشرة وهو ان عملية الديمقراطية والتجديد التي اختطها الحزب طيلة هذه السنوات كانت خاطئة واننا ينبغي ان نصحح هذا الاتجاه . والحقيقة ان هذا التراجع توضح في ممارسات عديدة غريبة عن قيمنا ومبادئنا وعن ما اختطه حزبنا منذ المؤتمر الخامس, والان تريد الوثيقة ان تضع لهذه الممارسات اطارا فكريا لتاخذ شرعيتها في الحياة الحزبية . واتمنى ان اكون مخطئة في هذا الاستنتاج. الملاحظة الخامسة- كان هناك اسهاب في الحديث عن الاصلاح في الصين لااعتقد ان هناك ضرورة له وبشكل عام جاء عرض المحور مطولا وغير واضح حيث كان يجري اللف حول الفكرة بدلا من الدخول المباشر اليها وهذا يتعب العضو الحزبي ولايشوقه لدراسة الوثيقة واستيعابها. الاستنتاجات
1- ان الهدف من دراسة التجربة المنهارة هو استخلاص الدروس والعبر والاستفادة منها في تطوير وتجديد اداء الحزب على جميع الاصعدة الفكرية والسياسية والتنظيمية , ومن وجهة نظري ان الوثيقة لم تعطي هذا الجانب حقه . 2- اثبتت انهيار التجربة صحة استنتاج ماركس حول المفهوم المادي للتاريخ ونظام التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية و ان القفز على مراحل التاريخ هو عملية فوضوية تقود الى مأسي بشرية وتعرقل التقدم الاجتماعي بدلا من ان تقدمه. كما اثبتت ان الشيوعيين الذين اختلفوا مع المتنفذين في الحزب كانويتمتعون بالقدرات النظرية العلمية والنظر ة البعيدة للامور ومصداقية الانتماء للفكر الاشتراكي ولقضية الشعب والبشرية جمعاء ولقضية التقدم الاجتماعي ولكنهم دفعو ا ثمن وعيهم الحقيقي غير المزيف للاشتراكية ولقضية الشعب والبشرية ونالوا القصاص بما في ذلك الاعدامات والاغتيالات على يد قيادة حزبهم – الحزب الي نذروا حياتهم كلها من اجله. وهذا الدرس ينبغي ان تتعلمه قيادة حزبنا والاحزاب الشيوعية الاخرى وان تتعامل بشكل حضاري مع الاختلاف , اي ان تحقق ديمقراطية حقيقية بكل عناصرها وابعادها داخل الحزب لا ان تتعامل بشكل انتقائي مع هذه الموضوعة. ان القيادة التي تعجز عن تحقيق ديمقراطية حقيقية داخل الحزب لايمكن ان تبني ديمقراطية في المجتمع على قاعدة فاقد الشيئ لايعطيه., فالديمقراطية داخل الحزب هي المعيار الحقيقي على مصداقية القيادة في توجهاتها النضالية. كما يقع على عاتق منظمات الحزب وكوادر واعضاء الحزب ان يكونوا فاعلين في رسم توجهات الحزب وليس متلقين اضافة الى ضرورة نبذ الروح الابوية في النظرة الى القيادة. فتشير الدراسات ان من ضمن عوامل سقوط التجربة , لان الاغلبية الحزبية سارت مع المتنفذين وكانت اما متلقية او مذعنة بسبب الخوف من العقاب. 3- أوضح فشل التجربة صحة مقولة ماركس ( ان تشكيلا اجتماعيا معينا لا يزول قبل أن تنمو كل القوى الانتاجية التي يتسع لاحتوائها . ولا تحل قط محل هذا التشكيل علاقات انتاج جديدة ومتفوقة مالم تتفتح شروط الوجود المادي لهذه العلاقات في صميم المجتمع القديم نفسه.). وهذا يعني ان الاشتراكية لن تتبلور الا كتتويج واستكمال لما سبقها من نضالات وخبرات على طريق التحرر الانساني , هذا الطريق الذي افتتحته في عصرنا الحديث الثورة الفرنسية التي ارتكزت الى مفهوم المواطن الفرد ورفعت شعارات الحرية والمساواة والاخاء. ان الحداثة هي مشروع طمح الى وضع هذه الشعارات موضع التطبيق , وقد حملت البرجوازية راية هذا المشروع, وتحققت ولاسيما على مستوى الحرية – مكاسب تاريخية مهمة باتت تشكل مكسبا انسانيا , لاسيما انها تحققت بفضل نضال وتضحيات لعبت دورا بارزا فيها الطبقات الكادحة والشعبية . غير أن البرجوازية أخفقت - وكان من الطبيعي ان تخفق – على المستويين الاخرين , مستوى المساواة ومستوى الاخاء . لذا ينبغي على الاشتراكية ان تستند الى ماتحقق من مكاسب وتسعى الى بلوغ ما اخفقت البرجوازية في بلوغه. 4- ان كل التداعيات والتناقضات التي رافقت ثورة اكتوبر وادت الى فشلها وفي مقدمتها انعدام الديمقراطية , يمكن ادراجها تحت عنوان واحد هو التخلف الاجتماعي , فلو كانت روسيا بلدا متحضرا لما حصلت هذه التداعيات.
5- ان التخلف الاجتماعي يعيق الحزب الشيوعي نفسه عن تبني الديمقراطية الحقيقية , لان الحزب هو من هذا المجتمع المتخلف ولذلك فأن مستوى التطور الاجتماعي يعيقه عن الارتفاع الى مستوى الوعي الاشتراكي الحقيقي اقول الوعي عقلا وروحا لا قولا فقط. ولكن هذا بشكل عام وليس مطلقا فلا بد ان تتواجد كثير من العناصر التي تتقدم كثيرا على الوعي السائد. وهذا الاستنتاج لايبتعد عن استنتاج الحزب اثناء دراسته التجربة المنهارة حيث اشار الى ضرورة التخلص من نواقصنا واخطائنا وتخلفنا. 6- دلت تجربة الحياة على ان البلاشفة بقطيعتهم الجذرية مع الاشكال المعروفة للديمقراطية السياسية , لم ينجحوا في توليد اشكال وممارسات اكثر تقدما خصوصا بعد ان تركت ديمقراطية السوفيات مكانها لديكتاتورية الدولة / الحزب.وبعد الانهيار عاد الخطاب الاشتراكي الى استعارة مفاهيم الليبرالية السياسية عبر دعوته الى اشاعة التعددية السياسية وضمان الحريات الفردية واحترام حقوق الانسان وتأكيده مبدأ التداول السلمي للسلطة وحق الاقتراع, العام والانتخابات الحرة كوسيلة للوصول الى الحكم. 7- ان التحليل الوارد في الوثيقة لاسباب ا نهيار التجربة شكل خطوة تراجعية عن تحليلات الحزب السابقة , ان نظرة متأنية الى الوثيقة ومقارنتها بالاستخلاص الذي خرج به الحزب في الموسع القكري المركزي الذي عقد في اب سنة 2000 والذي نشر ملخصه في جريدة طريق الشعب عدد أب سنة 2000 , توضح هذا التراجع. المحور الثاني الملاحظة الاولى-- احتوى المحور على مواضيع ثقافية عامة لا اعتقد ان وجودها ضروريا في الوثيقة – من وجهة نظري كان الاهم من ذلك توضيح موقف الحزب من الاشكالات الفكرية التي نشأت بعد انهيار التجربة, فالنقاش الفكري حول الاشتراكية قد انتقل الى ارضية غير تلك التي كان يدور عليها قبل وقوع الانهيارات, فالنقاش الجاري يضع في موضع التشكيك مفاهيم عديدة احتلت مكانة مركزية في الخطاب الاشتراكي القديم بما في ذلك النظرية الماركسية نفسها وقضية الاشتراكية– ان اهم قضية من الضروري التأكيد عليها من وجهة نظري في الوثيقة هي ان انهيار الاتحاد السوفيتي وانهيار التجربة الاشتراكية ,وهي التجربة الاولى من نوعها في تاريخ البشرية , لم يلغيا الفكرة الاشتراكية , ولم يلغيا الطموح الى تحقيقها بصيغ جديدة اكثر تطابقا مع شروط العصر وشروط كل بلد صحيح ان هذه الفكرة موجودة في الوثيقة ولكنها مدغمة بطريقة لايتم الانتباه اليها شأنها شأن كثير من الافكار الاخرى الواردة في الوثيقة. القضية الاخرى هو ضرورة توضيح مخاطر العولمة على مستقبل التطور في بلادنا , وتاثيرات الغزو الثقافي وفي المقدمة موضوعة صراع الثقافات وتوضيفها من قبل الرأسمال المعولم لتفتيت وحدة مجتمعنا والمجتمعات الاخرى , وكيف يمكن مواجهة هذه المخاطر. هذه النقاط ضرورية ان يكون للعضو الحزبي وعي بهالانها ذات مساس مباشر بنضالنا. كذلك التأكيد على ضرورة تطوير النظرية الماركسية – وهذا يتطلب تحديد ماهو الذي شاخ في الماركسية وماهو الذي لازال يحتفظ بحيويته ان هذه التحديدات ضرورية لكي نتجنب تزييف النظرية او الجمود عليها اوا نتهاكهاا بحجة تطويرها- لقد اثيرت بعد الانهيار اسئلة حارقة امام القوى اليسارية على سبيل المثال—هل للاشتراكية مستقبل وماهي اشتراكية المستقبل- وهل هناك امكانيات وافاق للاشتراكية في البلدان العربية –الخ- ضروري توضيح موقف الحزب من هذه القضايا.
الملاحظة الثانية-- اشارت الوثيقة ان النقص الجوهري في دولة دكتاتورية البروليتاريا التي اقيمت في الاتحاد السوفيتي يكمن في فشلها في التخلص من طبيعتها الاستثنائية. ولا ادري من اين هذا التحديد فديكتاتورية البروليتاريا لاتمتلك طبيعة استثنائية بل لمرحلة تاريخية كاملة حتى انتصار الاشتراكية وقيام المجتمع اللاطبقي حينذاك تنتفي الحاجة لها , لان المجتمع يصبح كله بمستوى وعي اشتراكي لايحتاج للسلطة. وافهم من هذا ان الوثيقة لاتعترض على دكتاتورية البروليتاريا , في الوقت الذي تم التوصل الىان دكتاتورية البروليتاريا كانت العنصر النظري الاساسي وراء ضرب الديمقراطية في الاتحاد السوفيتي, وقد حذفها الحزب من وثائقه منذ المؤتمر الخامس ولاتزال محذوفة من وثائق الحزب - المحور الثالث -بداية اشير ان الماركسية هي وحدة النظرية والتطبيق- لذلك فان برنامج الحزب اي مشروعه السياسي لابد ان يوجد فكر يؤسس له ويمنحه الشرعية , ولذلك كان ينبغي من وجهة نظري ان تصوغ الوثيقة التوجهات الفكرية التي يتحقق على اساسها البرنامج. ومن هذه التوجهات--- 1- دراسة الواقع العراقي الراهن وتحليله –
1- الارهاب هذه الكارثة المدمرة لشعبنا
2- الاحتلال/ تعدد السلطات -3- الواقع الاقتصادي والاجتماعي المزري/ التفكك المجتمعي لماذا وصلنا الى هذه الحالة, ماهي الاسباب الذاتية لهذا التخلف – كيف يمكن الخروج من هذا النفق المظلم الذي يعيشه بلدنا– تحليل للظروف الداخلية والخارجية والتطورات التي طرأت على صعيد العالم وعلى صعيد بلدنا– تاثير هذه الظروف على التشكيلة الطبقية الاجتماعية لبلدنا – تحليل للاصطفافات السياسية التي تمثل هذه التشكيلة ---تحديد تكتيكات الحزب على ضوء هذه التحليلات – تحديد قوى التغيير بالملموس- عقد التحالفات على اساس تحديد قوى التغيير وعدم التعامل مع هذا الموضوع بشكل تجريبي وعفوي – من هي القوى والجهات صاحبة المصلحة في التغيير بالملموس- مثلا قوى الاسلام السياسي الشيعية هل يمكن ان يكونوا من قوى التغيير ام انهم قوة مضادة للمشروع الديمقراطي- من وجهة نظري ان الاحزاب اللاعبة على الساحة العراقية لاعلاقة لها بالمشروع الديمقراطي وانها ذات توجهات كومبرادورية كلها تسعى للمشروع الكومبرادوري, والصراعات الدموية بينها هي صراع سلطه وليس صراع حول طريق التوجه, لذلك ان التعويل عليها في المشروع الديمقراطي هو جري وراء السراب , ان وجودنا في ائتلاف السلطة يمكننا من الاستفادة منه اي استخدام المنابر الرسمية التي لدينا تواجد بها في مخاطبة الشعب وتوضيح مواقفنا له وبذلك نستطيع من خلال هذه المنابر في لف قاعدة شعبية لنا , وهذا يتطلب ان تكون لنا مواقفنا المستقلة عن هذه الاحزاب امام الجماهير. اذا توصلنا ان هذه الاحزاب طريقها مختلف عنا, فهذا الاستنتاج يترتب عليه تكتيك نضالي خاص بنا, ويتركز في الاساس بخلق حركة شعبية ديمقراطية من الجماهير والقوى الديمقراطية الاخرىو وهذا يتطلب عمل صبور وهادئ وطويل الامد, مع الاستمرار بعدم الانعزال والاستفادة من المنابر الرسمية كما ذكرت سابقا, وبشرط ان لاندع هذه القوى تؤثر علينا, ان لانعيد اخطاء الماضي مثلا خندق واحد مع صدام لبناء الاشتراكية,اخترقونا فكريا وتنظيميا. وكان الثمن باهضا ولايزال يدمينا-- الخ. ان المطلوب منا هو البحث عن الاساليب التي نستطيع بها كسب الجماهير, لان الجماهير فقدت ثقتها بالاحزاب ونحن لسنا استثناءا فما هي السبل لاستعادة ثقة الجماهير بنا , هذه هي باعتقادي الحلقة الاساسية في نضالنا , وهذا هو الموقف الماركسي, الجماهير هي صانعة التاريخ. ان انعزال الجماهير لاينبغي ان يفقدنا الثقة بهم بل يتطلب منا ان ندرس بدون تعصب وتحيز لماذا لاتتجاوب الجماهير ماهو الخلل بنا ماهي السبل لاستعادة ثقتهم – بدون تحقيق ذلك لن يبقى هناك مخرج من المأرق الذي يعيشه شعبنا وبلدنا ونحن نتحمل مسؤولية تاريخية ازاء هذه النتائج . الماركسي لايفقد الثقة بالجماهير مهما تكن الظروف لاينبغي ان نلقي المسؤولية على الاخرين ونستثني انفسنا. كما لاينبغي ان تخور قوانا امام الظروف ونسعى لتكييف الحزب معها , لاننحني للظروف ولا نقفز عليها هذا مايقوله الفكر الماركسي. ان القاء نظرة على تكتيكات النضال الثوري التي تعج بها مئات المراجع الماركسية , توضح مدى القصور في هذه الوثيقة . لايحق لاي احد منا السعي لتكييف الحزب حسب وضعه ومايناسبه هو , بل ان مسؤولية كل واحد منا ان يكون صادقا مع نفسه اولا ومع حزبه ومسؤولية الحزب ان يجيد اختيار قيادته وكوادره . فهذا الحزب سفكت دماء عزيزة علينا من اجل الحفاظ عليه . لم يرتعدوا امام الجلادين وامام المشانق وسقطوا وهم يهتفون للحزب للشعب للشيوعية. سقطوا وهم يهتفون حزب شاده فهد لن تهده قرد-وطن حر وشعب سعيد الخ. وقد واصلنا طريقهم وضللنا اوفياء لهم وسنظل كذلك. اواصل مناقشة المحور الثالث ,تشير الوثيقة في الصفحة 22 ويرتبط تحقيق هذا المشروع اي المشروع الديمقراطي الذي يعني دمقرطة المجتمع والدولة ببناء الوعي الديمقراطي- وهذا يعني حسب الوثيقة ان التغيير الاجتماعي الديمقراطي يتم من خلال الوعي وهذه مخالفة للمنهج الماركسي الذي يعتبر ان التغيير الاجتماعي يتم من خلال تغيير الشروط المادية لحياة الناس في المجتمع وليس من خلال الوعي – حيث ان الوجود الاجتماعي هو الذي يحدد الوعي الاجتماعي وليس العكس وهذا هو التعارض مع المثالية . وتشير الوثيقة في موقع اخر يرى حزبنا ان تصوره للاشتراكية يتحقق من خلال الدفاع عن مصالح العمال والكادحين—الخ . كان يفترض تحديد ماهي المصالح التي يدافع عنها الحزب لان الاصلاحيين البرنشتاينين هم ايضا يدافعون عن مصالح الكادحين والفرق بين الحزب الشيوعي والاتجاهات الاصلاحية هو ان الاتجاهات الاصلاحية تدافع عن مصالح العمال الاقتصادية بادخال بعض التحسينات على حياتهم فقط وتكتفي بهذه الحدود. في حين ان الحزب الشيوعي يدافع عن المصالح الاقتصادية والسياسية ويعتبر ان الحقوق السياسية هي الاساس اي اشراكهم في السلطة والقرار لان الاصلاحات الاقتصادية من الممكن ان يجري الالتفاف عليها وسلبها في اي وقت والتاريخ شاهد على كثير من الامثلة التاريخية . لذلك كان المفروض في الوثيقة تحديد ذلك لكي تميز الحزب الشيوعي عن الاتجاهات الاصلاحية. وفي مكان اخر تشير الوثيقة وما من طريق لاعادة كسب ثقة الناس في الخيار الاشتراكي , غير مواصلة نهج التجديد على صعيد الفكر والسياسة. ان كسب ثقة الناس تاتي من خلال تبني مطالبهم وحاجاتهم من خلال التدخل في الصراع الطبقي الفعلي وليس فقط بالشعارات والتنظير . كيف نجذب الجماهير وغالبيتها الساحقة دينية – يجب ان نعيد النظر في الدين – المنهج الماركسي تكلم عن العامل الاقتصادي ذكر هناك عوامل اخرى ولكنه لم يعطي لها الاهتمام الكافي – خاصة موضوع الدين – لذا نحن بحاجة ايضا الى تطوير المنهج الماركسي بحيث ان العوامل الروحية تاخذ حجما اكبر من السابق – لقد اصبح للافكار دور اكثر عمقا في ظل مايتسم به العصر من تطور في العلوم والتكنولوجيا وفي وسائل المعرفة ووسائل الاتصالات, وفي ظل مخاطر العولمة وماتفرزها من ظواهر, المتمثلة بالحرب الاهلية واثارة النزاعات العرقية والدينية والقبلية وهي ظاهرات ولدتها الايديولوجية الجديدة للعولمة المتمثلة ببدعة صراع الحضارات . ان الدعوة لتطوير المنهج الماركسي لتأخذ هذه الاشكالات الجديدة حجما اكبر ليست مسالة ذهنية مجردة بل ستكون لها تأثيرها على مواقفنا النضالية اليومية , لنكون اكثر جدية بالبحث عما يقربنا من جمهور المؤمنين من خلا ل التركيز على الجوانب المشتركة بيننا وبينهم وليس العكس.
الاستنتاجات الاخيرة
1- اتسمت الوثيقة بالانتقائية حيث تضمنت تحليلاتها على عناصر غريبة عن الماركسية كتبرير الاستبداد والبراغماتية والمثالية والتناقضية والميتافيزيقية والاصلاحية, كما اتسمت بضعف الوضوح والتمويه وعدم التناسق مع نفسها ومع وثائق الحزب الاخرى والطرح غير المباشر , ونصوصها قابلة للتأويل والقراءات العديدة. وكل هذه العناصر لاتنسجم مع الفكر الماركسي بل تناقضه.2- احتوت على كثير من الطروحات الايجابية ولكنها كانت مطروحة بشكل غير واضح . 3- الملاحظ كلما حصل الحزب على فسحة في العمل العلني يبدأ بالابتعاد عن التحليل الماركسي العلمي , وبدلا من ان نؤثر في القوى التي نأتلف معها يحصل العكس. وتاريخ الحزب شاهد على ذلك. وهذه الوثيقة هي استمرار لذلك التاريخ.. 3- ان المهمات التاريخية المطروحة على الحزب تتطلب الوضوح الفكري وشحذ الطاقات وتصليب ارادة اعضاء الحزب وتعزيز روح المسؤولية لديهم تجاه وطنهم وعدم الانحناء امام المصاعب وليس العكس........ ا
المقترحات 1- اقترح طرح الوثيقة الفكرية للمناقشة العلنية .ومقترحي هذا ينسجم مع توجهات الحزب والنطام الداخلي للحزب. كما اقترح اشراك الاحزاب الشقيقة والصديقة والمثقفين اليساريين في مناقشتها وابداء اراءهم حولها. 2- طرح المساهمات المعارضة لها وتعميمها على الجمهرة الحزبية عملا بالنظام الداخلي الذي يقر حرية الاراء والتنافس والتفاعل المتبادل وعدم تعميم لون واحد من التفكير على الجمهرة الحزلية فهذا مخالف للديمقراطية.وللنظام الداخلي.
3- ان يوضح كل رفيق في اللجنة المركزية رأيه في الوثيقة هل هو منسجم معها ام لديه اختلافات فمبدا الديمقراطيه يتطلب ان تعرف الجمهرة الحزبية راي كل رفيق , فمن حق المخالفين التثقيف بارائهم وهذا ماينسجم مع الديمقراطية ومع النظام الداخلي للحزب , كما ان من حق اعضاء المؤتمر ان يعرفوا التوجهات الفكرية والسياسية والتنطيمية لكل رفيق في اللجنة المركزية وكل رفيق ينتخب لها فلم نستخدم ديمقراطية حقيقية لحد الان ,لان التكتم لاينسجم مع الديمقراطية بل يسعى لتزييف ارادة الجمهرة الحزبية من المفروض ان تتبين مواقف كل رفيق بالملموس وليس فقط بالكلام . الكل متفقين بالكلام على الديمقراطية والتجديد ولكن في العمل يحصل العكس
ملاحظة- اعتمدت مناقشتي للوثيقة على العديد من المراجع الماركسية- والافكار الواردة فيها تظل تحتفظ بنسبيتها وهي قابلة للنقاش والتدقيق والاختلاف , فليس هناك من يمتلك الحقيقة , ويظل الركون الى العقل الجماعي هو القاعدة في الحياة الحزبية.
رسميه محمد / 8/12/2006
ملاحظة – قدمت هذه الملاحظات على مسودة الوثيقة وقبل ستة اشهر من انعقاد المؤتمر الوطني الثامن للحزب الشيوعي العراقي أي في شهر كانون أول سنة 2006 . وقد عالجت فيها مسودة الوثيقة التي اقرها المؤتمر الوطني الثامن المنعقد في ايار ولما لم اجد اي صدى لملاحظاتي في الوثيقة المقرة ارتأيت نشرها عملا بمبدأ علنية الفكر
#رسميه_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟