|
هل حانت نهاية لعبة الاخطاء الامريكية؟
سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 1939 - 2007 / 6 / 7 - 11:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ذات يوم قال ونستون تشرشل ،رئيس وزراء بريطانيا الاسبق ، شيئا بهذا المعنى : في النهاية ،يهتدي الامريكيون الى الحل الصحيح ،ولكن ليس قبل ان يجربوا جميع الخيارات الخاطئة ! وهذا ما فعلوه في العراق ،طوال السنوات الاربع الماضية من عمر احتلالهم له . وما اهتدى الساسة الامريكان اليه ـ بشطحة من شطحات غبائهم الذي لا يحسدون عليه ـ اخيرا ،هو ان الشعب العراقي اذكى من (ساسته) ومن الساسة الامريكيين انفسهم ،وانه لا ولن تنطلي عليه أي من الاعيب واوهام الدعاية الاعلامية وخدع الساسة ،وانه في النهاية لن يرضى ان يحكمه غير قيادة وطنية ،قلبا وقالبا ،ونابعة من بين صفوفه . ما يدعوني لهذا الكلام هو حالة الحراك الحزبي التي شهدتها ساحة احزاب المشروع السياسي الامريكي خلال الفترة الاخيرة والتي بدأها حزب المجلس الاعلى للثورة الاسلامية بتغيير اسمه وجهة انتمائه والحقها ببعض التعديلات التزويقية ، من مثل حذف كلمة الثورة من عنوانه وادخال بعض مصطلحات الحداثة السياسية (الديمقراطية ،حقوق الانسان ،حقوق المرأة) على نظامه الداخلي . ثم جاء دور حزب الدعوة الذي اختار لنفسه الشكل الاكثر (فخامة وثورية) من عملية التجميل عندما نحى امينه العام (ابراهيم الجعفري) عن رآسة الحزب واستبدله برئيس (حكومته) نوري المالكي . اما التيار الصدري فقد اختار دفع تهمة التورط في قتل الاف العراقيين عن ميليشياه المسلحة (جيش المهدي) عندما اعلن البراءة من مجموعة من قادتها ـ الذين تمردوا على النهج الجهادي للامام الشاب ـ وقدم قائمة باسمائهم الى الحكومة لينالوا قصاصهم العادل ،بعد ان تحولوا من قادة مجاهدين الى رؤساء عصابات وقتلة مأجورين . وحدها الاحزاب الاسلامية السنية التي لم تشملها صرعة التحديث هذه وظلت مصرة على قناعاتها في انها فوق الشبهات وان عناصرها القيادية مجموعة من ملائكة الرحمة ـ التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ـ التي تسهر على راحة واستقرار ورفاه وسعادة ومستقبل ،ليس ناخبيها من سكان المناطق السنية وحسب ،وانما سكان العراق جميعهم ،بما فيهم سكان جمهورية كردستان الديمقراطية القومية الفيدرالية الشعبية المستقلة العظمى ،ولحد كتابة هذه السطور العراقية ! ولكل مجموعة من مجاميع احزاب السلطة الامريكية هذه ،حججها ومبرراتها في مجموعة التدابير التي لجأت اليها ،فالاحزاب الشيعية رأت ان تكاشف وتعترف لنفسها ـ وليس لناخبيها ـ في انها لم تقدم لهم غير الموت المجاني والدمار والبطالة والجوع ،فاختارت ان تتلافى غضبتهم بمجموعة الاصلاحات (الستراتيجية الحداثوية) هذه ،وبناء على نصائح ومشورة بعض الاصدقاء من سكنة المنطقة الخضراء . اما الاحزاب السنية فاختارت الاستمرار والامعان في حالة ركودها المزمن بناء على نصائح اغلب رفاق النضال السري المنتشرين في ارجاء المعمورة من حملة (الصياح) والفكر النير ،لانها لم تقابل ـ على طول تاريخها النضالي والخدمي ـ في مرابع ومراتع المنطقة الخضراء بحالة احتجاج او مظاهرة استنكار واحدة ،ما يدلل ـ لها وبحسابها ـ على ان ناخبيها يتفهمون ان ما يعانون من موت وعدم استقرار مدنهم وبطالة مزمنة وحرمان من الماء والكهرباء وشهور حظر التجوال واغلاق شوارع احيائهم السكنية ومداهمات القوات الامريكية ومغاوير الشرطة لغرف نومهم ومحلات عملهم انما مردها الى تواجد قوات الاحتلال الامريكي ،التي يعد طارق الهاشمي من بين اشد الرافضين لانسحابها من العراق (قبل شهرين من اليوم ،قضى طارق الهاشمي اسبوعا كاملا في ضيافة العمة كوندي لاقناعها بعدم سحب قوات بلادها من العراق ،خوفا من آثار الفوضى التي سيخلفها انسحاب تلك القوات حول جدران المنطقة الخضراء التي يتحصن في احد دهاليزها تحت حماية بنادق جنود الاحتلال ). ما اريد ان اخلص اليه هو ان الادارة الامريكية ربما تكون اليوم قد جربت جميع الخيارات الخاطئة ـ بحسب رؤية تشرشل ـ واهتدت اخيرا الى الخيار الوحيد المتبقي امامها ،وانها ستبدأ بالبحث عن الاحزاب والقوى الوطنية ،التي حرصت على تهميشها طوال الاعوام الاربعة الماضية ،لتسلمها مقاليد الحكم ، ليس من اجل اخراج العراق من حالة الفوضى التي يعيشها او حالة الابادة المنظمة التي يتعرض لها شعبه على يد الميليشيات الحزبية وعصابات الجريمة المنظمة ، او من اجل وضع حد للاحتلال الجغرافي الايراني للمدن العراقية ، وانما من اجل اخراج قواتها من مأزق المستنقع الذي غاصوا فيه الى ما فوق الحزام . اذن هي فرصة للاحزاب الوطنية ،بكافة توجهاتها الايديولوجية ،التي ربأت بنفسها عن مهزلة الانتخابات الصورية وكتابة دستور (نحر وحدة العراق وحقوق المواطنين الدستورية) وحافظت على نصاعة صفحاتها من الدم والمال العراقي للتقدم اليوم ببرامجها السياسية الى الشعب العراقي ،بعد ان تضع الصدق والوفاء بتعهداتها كمرجعية وحيدة لها ، خاصة بعد ان فشلت اضخم المرجعيات الدينية عن الشفاعة لاحزاب الاسلام السياسي ـ بشقيه ـ عندما تكشفت حقائق اهداف ونويا هذه الاحزاب لناخبيها .
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرية المرأة العراقية .. آفاق ومعوقات
-
ماذا اقتسم الضدان على مائدة العراق ؟
-
العراق بين فكي رحى 28آيار
-
ماذا يريد العراقيون من العرب ؟
-
خذوا الحكمة من افواه المتصوفة
-
الشعر ومهمة البحث عن السؤال
-
جبهة التوافق وعصا الطاعة الامريكية
-
نقابات العمال والعمل السياسي
-
ماذا لو انسحبت امريكا من العراق ... ؟
-
الذئب الزجاجي
-
سيرة جدار
-
جبرا ابراهيم جبرا والرواية العراقية
-
ازمة المالكي الجوية
-
مسرحية-حذاء ملكي
-
العلمانية ومهمة بناء المجتمع الحديث
-
انجاز جديد مضاف لحكومة المالكي
-
مؤسسات المجتمع المدني وبناء العملية الديمقراطية
-
منظمة مجاهدي خلق في معادلة التوازن الامريكي – الايراني
-
هل نحن على اعتاب حرب باردة جديدة؟
-
في سبيل بناء مجتمع مدني
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|