أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عمار ديوب - قراءة في كتاب ما بعد الحداثة















المزيد.....



قراءة في كتاب ما بعد الحداثة


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1938 - 2007 / 6 / 6 - 12:36
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يُثمن الدكتور نايف سلوم فكرة النقد ، ويؤصلها في كل أعماله على أرضية تراثية ، فالنقد لديه هو: الأمر في موضعه ووقته من دون تأخير .النقد ضروري من أجل تفكيك فكر ما بعد الحداثة ، وبهدف الانطلاق نحو تأسيس الفكر الديمقراطي العربي.
بخلاف النقد يشير سلوم إلى مفهوم النسيء ، الذي هو التبديل الاختياري ، أي الأمر خارج وقته وموضعه . وهو بهذا يؤكد أن في الفكر العربي تيارات فكرية متباينة ، منها ما هو متأثر بأفكار ما بعد الحداثة ، ومنها ما هو اغترابي في فهمه للواقع ، ومنها ما هو حداثي وموضوعي بإمتياز وكل ذلك هو ما يستدعي النقد ؛ نقد الأصل..
بداية ً ينتقد نايف سلوم منهجية الدكتور حسن حنفي في كتابه " في الفكر الغربي المعاصر" الذي استعرض فيه أشكال من فكر ما بعد الحداثة ، فيرى أن فكر حسن حنفي غدا حدساً والواقع هو الوجدان الديني وبهذا يتحول البحث المعرفي لاستجلاء الواقع التي هي مهمة المفكرين إلى المشاركة الصوفية للجمهور المنفعل ، فيهبط عندها الفكر إلى مرتبة صورة الوجدان الديني الساذج.
في التعليق على ذلك يؤكد نايف أن الصدام مع الأرض يتطلب نسياناً فعالاً واختراق الفكرة الدينية من أقصاها إلى أقصاها وإعادة صياغتها من وجهة نظر الفكر الجديدة ورغم نقده لفكرحسن حنفي فإنه يرى أن الفينومينولوجيا الاجتماعية لديه ، إن هي إلا إشارة بدء الصدام بين فكر تنويري على مستوى الفلسفة وبين الأفكار الأكثر سيادة في المنطقة العربية - الفكر الديني- .
هبوط الفكر عند حسن حنفي يقاربه نايف بفكرة الفيلسوف الوجودي ميغيل دي أنومونو القائلة "أنا أنفعل فأنا موجود" في مواجهة كوجيتو ديكارت " أنا أفكر فأنا إذن موجود" وبالتالي حسن حنفي يبدأ بالعقلانية عند الغرب وينتهي بالعقل والثورة عند ماركوز. أي من العقلانية الموضوعية إلى العقل والذاتية .
الظاهراتية التي تؤكد على أزمة العلوم الأوربية لا تقدم نفسها إلا على صورة حدس وهذا الحدس هو العلم الشامل ويُبرر الأمر بأن الظاهرة الإنسانية ليست كالظاهرة الطبيعية.
هذا لفهم يعبر عن تقهقر من الديالتكتيك الألماني إلى الظاهراتية _كمنهج وضعي "شعوري" وكذلك نحو الوضعية والسيكولوجية وعلوم اللغة..
فيستنتج نايف سلوم ان العقل الأوربي لم يعد يتعرف على نفسه بتوسط منتوجاته بل بات يميل إلى تعريف ذاته صوفياً؟
الظاهراتية التي يتعرض لها حسن حنفي عند هوسرل وكارل ياسبرز والتي تعمل على تجديد السؤال الانطولوجي وتهميش الفلسفة النقدية (ديكارت وكانط وهيغل وماركس)هي تعبير عن نوع من أنواع فلسفة عصر الانحطاط البرجوازي.
المسيرة من العقلانية إلى العقل ، هي المسافة بين الحضور والاحتضار أو هي الانتقال من المطابقة بين الوجود والحضور مع ديكارت إلى الانقسام بين وجود الوجود وغياب الحضور مع فلسفة ما بعد الحداثة.
يشير الكاتب إلى أن أصحاب العقل والتنوير الميكانيكي والديالكتيكي بدؤوا بأفلاطون بينما فضّل "الفلاسفة اللاعقليون " مجمع الفلاسفة قبل سقراط واعتبروه اللحظة الأصلية الأولى هذا ما قاله هايدجر والآخرين وعكس ذلك يكتب جون لويس " مدخل إلى الفلسفة " مبتدءاً بأفلاطون.
كيركغارد في نقضه للفلسفة الحديثة يستغيث بالتهكم السقراطي من اجل التمهيد لوجودية فلسفة وجودية مسيحية . هذه الفكرة جوهرية في فكر ما بعد الحداثة يدعمها كل من شوبنهور ونيتشه وهايدجر وصولاً إلى تفكيكية جاك دريدا..
جورج لوكاش في بحثه عن نيتشه في تحطيم العقل يرى أن انحدار الروح البرجوازية ينبثق من ثورة 1848 ،ويشير الكاتب إلى أن نيتشه دفع التفسير الأوربي الحديث حتى حدود الظلام.
ولكن نيتشه لم يكتفي بدفن الإله البرجوازي الميكانيكي فأراد إنقاذ الخواء الروحي بوعظ أخلاقي بديل فكانت النتيجة جنونه . وذلك لأنه لم يستطيع تحمل اكتساح العلم التاريخي كل حقول المعرفة والحياة والوعي التاريخي الذي يتقدم دون هوادة .
بعد ذلك يرى أن إمبرتو إيكو مغتبط في سردياته وتورياته ؛ فيستنتج نايف أن فكر ما بعد الحداثة وحالة إمبرتو إيكو تعبير حاد عنه وهذا الفكر يعد التعبير الروحي عن انحطاط التشكيلة الرأسمالية وعن حدود التوسع العقلي الذي يمكن لتشكيلة كهذه أن تستوعبه ، مخالطة إلى حد ما مع انحطاط نقيضها التاريخي انحطاطاً إيديولوجياً ، وهذه تعتبر فكرة وجيهة..

في عنوان فرعي باسم " الاعتراض التهكمي (ما بعد الحداثة) " يفسر نايف سلوم البنيوية كإحدى فلسفات ما بعد الحداثة بأن اهتمامها بالبنية كمقولة مسيطرة في المنهج هي محاولة لتجاوز الثنائية الشهيرة : شكل ومضمون، ظاهر وباطن. وكذلك لا تفسر البنيوية كيفية الانتقال من بنية إلى أخرى . و الزمن لديها هو التزامن النسقي للكل الاجتماعي وهو زمن معطى مسبقاً ودفعة واحدة ولا حراك فيه لا حلزونيا ولا بشكل مستقيم.
فكرة التعددية العشوائية ( الاختيارية) تلغي فكرة الصفة ( العنصر) المسيطر في البنية وبالتالي تلغي إمكانية فهمها جوهرياً وهذا ما يوجد صلة ما بين الاختيارية وبين الانتربولوجيا البنيوية التي هي في إحدى تعبيراتها ضد التاريخية وفكرة التقدم ومكرسة للزمان المغلق الدائري والأسطوري.
البنيوية مع كلود شتراوس ورولان بارت وألتوسير وغودلييه وميشيل فوكو تعتبر محطة انتقالية للعقل الأوربي في سعيه نحو تحطيم الماورائية وإعادة إنتاج الظاهراتية والتفكيكية والانقطاع.
وأيضاً التفكيكية مع جاك دريدا هي محاولة لتدمير الماورائية أو فكرة العلاقة وكذلك الحداثة الأوربية بأكملها...
ويمكن هنا ذكر بعض سمات ما بعد الحداثة ومنها التفكيكية : الغموض ، القطيعة، البدعة، التعددية ، العشوائية ، العصيان ، الإفساد ، التشويه ، العداء للتماسك ، الاستمرارية ، العداء للسببية ، إلغاء مفهوم القانون وتمجيد الإفراط والتدوير..
يرى نايف سلوم خطاب ما بعد الحداثة جهد موجه أصلاً لتدمير الموضوعية وخطها التاريخي إعتباراً من موضوعية أفلاطون المثالية وحتى مثالية هيغل المطلقة وصولاً لماركس أي تدمير الموضوعية في نظرية المعرفة..
خطاب ما بعد الحداثة بتمجيده للعشوائية والاختيارية ومحاولة تدميره للتشابه والقانون الذي يميز العلم الحديث والفلسفة النقدية يؤدي لتحطيم المعنى في النص والحقيقة في الحياة الاجتماعية وهو ضد القيم الإنسانية وهذا ما يظهر بخصوص نهاية الإيديولوجيات ونهاية التاريخ ونهاية الإنسان..
مع الهيغلية الجديدة والماركسية والوجودية والتاريخية اكتسبت الفلسفة العملية استقلاليتها ، وبالتالي فقدت الفلسفة النظرية إمكانية إنتاج تصورات عن العالم ذات طابع وجودي ، وحينها فقط استطاعت أن تتحول إلى نوع من النقد الجذري - الفلسفة العملية - وراحت تتدخل بقوة في النزاعات السياسية الأوربية . الأمر الذي أدى لظهور ما يسمى الفلسفة الثورية والفلسفة الوضعية.
هذا التطور أدى إلى هيمنة المحتوى على الشكل ( هيمن التناقض) وكانت البداية مع هيغل حين اعتبر أن جدل الكينونة وجدل المعرفة أمر واحد...
مع ماركس هيمنت مقولة التناقض على مقولة النسق والنظام والهوية وأزمة النسق الانطولوجي (الوجودي) المحبب عند فكر ما بعد الحداثة والتي دُفعت إلى التخوم الهامشية . وأضحت مقولات النسق والنظام والهوية والحضور والوجود عبارة عن لحظات من لحظات التناقض...
فكر ما بعد الحداثة يعتبر الموضوعية في نظرية المعرفة إيديولوجية شمولية وأن الرأسمالية كيفت الخطاب الحداثي وهو يقوم بدور مضاد لهذا التكيف وبمعنى أخر يمارس التدمير الرمزي للرأسمالية ولكن عبر تدمير أسس العلم الحديث ( تدمير القانون ، التشابه) ولهذا فالعالم لديه هو كما هو ، وهو حادثة ، ظاهرة جديرة بذاتها ، ولا تحتاج لمفهوم ال" في ذاته" كي تفسر ، فهي تفسر نفسها بنفسها وبالتالي الظاهرة لذاتها ، لا للآخر ولا لكي تفسر .
هنا نلاحظ عمق العداء للعلم الحديث وللقانون وللفلسفة وكذلك للرأسمالية وهذا أمر حسن وإن كان بشكل رمزي ومشوه..
نيتشه مال إلى الغوص إلى أعماق ذاته حتى الهذيان والجنون ودمر بطريقه كل القيم الحداثية. وهو يعتبر نفسه أحد تلامذة ديونيسوس ، ولهذا فهو يُعلم العود الأزلي الذي هو نهاية كل تكرار أو تمثيل أو موضوعية وكذلك نهاية القانون ودعوة لدمار اللغة ؛ أي دعوة للصمت والجنون واختفاء كل أثر .
دريدا بدوره أعاد صياغة الفلسفة الغربية الحديثة أدبياً وحاول اخترق متنها الأساسي عبر التركيز على هوامش ( المجنون ، الشاذ، المسجون، الأقليات المهاجرة .) وفوكو كذلك ركز في دراساته على المسجون والمجنون والشاذ جنسياً .
لذلك نقول أن فكر ما بعد الحداثة هو الاعتراض التهكمي على خطاب الحداثة وهو بذلك تدمير رمزي للرأسمالية عبر تدمير التشابه والتكرار والقانون وتحطيم التفسير الأوربي الحديث اعتباراً من ديكارت..
الكتاب اللامعقول أو كتاب الرمل ل بورخيس، يرى الكاتب أن بورخيس يُثمن الحدث أو الطارئ الذي يشبه بتتابعه المتطاير واللانهائي حبلاً من الرمل ، والخرافة هنا هي في الجمع بين الحبل وبين الرمل (حبل من رمل) . كذلك يبتدع بورخيس شهراً خارج أشهر السنة المكتملة ، فتصبح السنة ثلاثة عشر شهراً ، هذا الحدث غير قابل للتصديق ، وكتاب الرمل بدوره يتضمن ثلاث عشر أقصوصة.
الكتاب اللامعقول هو اليأس عند كيركغارد واليأس لديه هو المرض حتى الموت .
عند إدغار بو اللامعقول هو الغرابة والرهبة والصمت والرعب .
نيتشه أيضاً أضاف الشؤم إلى هيغل ، حين استشعر أن هيغل وصل بنظامه الفلسفي ، الحدود القصوى للتوسع الأوربي البرجوازي .
رعب نيتشه الحقيقي هو من الجشع المميت عند البرجوازي السائر نحو انحطاطه وتفسخه ،الجشع القاتل هو في طريقة التعاطي مع الإنسان والطبيعة المدمرة لكليهما . وفي إضفاء المعدنية على كل روح وحياة.
فوكو لا يشذ عن الفلاسفة الما بعد حداثيين فيُعلي من شأن كتاب اللامعقول ويشير في مقدمة كتابه " الكلمات والأشياء" أن له مكان ولادة في نص بورخيس ، وتحديداً في الضحكة التي تهز لدى قراءته كل عادات الفكر ؛ فكر الحداثة الأوربية.
بورخيس من كثرة الضجر والملل من فرط التصنيف الأوربي العقلاني استعان بتصنيف يختلط فيه الحقيقي بالخيالي أتياً به من موسوعة صينية ،ليست من الشمال وإنما من الجنوب متهكماً بذلك على التفسير الأوربي ..
الشؤم عند بورخيس والغراب عند إدغار بو أتاحا فرصة لنايف سلوم المولع بالمقارنة بين النصوص التراثية والحداثية وما بعد الحداثية ليدقق في القاموس عن معنى كلمة (الغرب) ليصل منها إلى أن إبليس الذي لا يعتبر ذاتاً سميّ بالغريب وذلك لوحدته ومخالفته الذات الإلهية. والحلاج كذلك سمى نفسه بالغريب ، وقد فعل ذلك لان قومه لم يعودوا قادرين على التمييز بين الحق والباطل .وقال أن إبليس صاحبه وأستاذه وهو بذلك يمارس تهكماً سقراطياً ؛ يعرّف الناس بموته على الحق بالنقيض ؛ حيث ضحى الحلاج بنفسه كشهيد في سبيل إعادة تجديد الإيمان بعصره .
الحلاج يكشف لنا عن صحة دعاويه وحججه اللامعقولة بالاعتراف بإبليس كشريك بارع في المجد ، مجد النبوة . وبورخيس كذلك يرى ضرورة تتويج المجد للمسيح وللاسخريوطي معاً .
جاك دريردا " المعارضة البرلمانية للبنيوية أو بغض الكتاب"
هذا عنوان مدهش ، به يشرح الكاتب فكرته ، فيبدأ بتعريف" الكلمة" بأنها تأليف من الدال والمدلول. كما يقول رومان ياكبسون . أو أن الكلمة تتألف من صوت ومعنى ، وإذا كان الصوت يمثل الحضور؛ حضور المتكلم والمتلقي . فإن الكتابة تمثل الغياب ( غياب المتكلم) كما يرى جان لاكروا.
دريدا المتمرد على الكتابة والكتاب وحضور المفهوم يبحث عن العناصر الشيطانية عن الحركة الفريدة التي لا تضاهى من قبل أي تمثيل لغوي أو مفهومي.
تمرد دريدا يدفعه للمطالبة بالحقوق المدنية للمنبوذ ، المهمش ، والمعارض والشاذ جنسياً والأقليات المهاجرة إلى أوربا والعاطل عن العمل . وهو بهذا يحاول إظهار الضجر والبغض للبنية وللنظام. ولكن تمرده لا تؤدي إلى فساد ذلك الإطار ولذلك يصفه الكاتب بأنه يمثل المعارضة " البرلمانية " لميتافيزيقا الحضور.
تمرد دريدا كذلك على البنيوية ( التي تتجاهل الكاتب – الفاعل) يرافقه استحضار شكلي للنشاط الإنساني ، استحضاراً تعزيمياً طقوسياً للنشاط السياسي للطبقات المهمشة . وذلك بهدف إعادة تعريف البنية اختيارياً أي بعكس قيم الحداثة الأوربية...
في عام 1974 نشر دريدا كتابه النواقيس وقسم فيه كل صفحة إلى عمودين : أيمن وأيسر . ويرى نايف سلوم أنه قلب الترتيب الكلاسيكي لليمين واليسار ؛ فاليمين أصبح البارحة وليس السانحة . أي ليس المتن والأساسي وإنما الهامشي والثانوي وهنا يقيم دريدا تقسيمه على اعتبار أن التاريخ ينحط ويتقهقر .
دريدا بتقسيمه السابق يبدل بين الديالكتيك والاختيارية وهو بذلك يأخذ بالذاتية في مقابل التاريخ وبالتالي إعادة صياغة المتن من زاوية الحاشية وهو ما يمكن أن يسمى ب" منطق التكملة" الاختياري الارادوي أو الذاتي...
منطق التكملة ينوس بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج الرأسمالية فهو لا يهدد البنية و لا يدعو إلى تغييرها . يطبقه دريدا على الميتافيزيقا اعتباراً من ديكارت معيداً تعريفها من وجهة نظر " الأدبي" البلاغي المكبوت في الفلسفة ، وبهذا التفكيك يحاول دريدا فصل الفلسفي عن كونه مشروط تاريخياً واشتراط الفلسفي بتوسط الهامشي المكبوت...
وهو على كل حال ما فعله ميشيل فوكو قبل دريدا في محاولة لتكريس حق الهامشي والمنبوذ ؛ ولا سيما في كتابيه " المراقبة والمعاقبة – ولادة السجن" و" تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي".
هنا يلفت الكاتب الانتباه إلى أن كلود شتراوس لديه كتاب بعنوان" النيئ والمطبوخ"..
دريدا الذي لم يقطع مع البنيوية وميّز نفسه بالتفكيكية يميز بين الحضور والوجود ، فاللحظة الراهنة هي موجودة ولكنها قد لا تكون حاضرة وبالتالي هي في وجودها متخلفة وبلا هوية أو متحد . وأما الكتابة ؛ كل كتابة ، فليست دائماً تعبيراً صائباً فقد تضلل بدلاً من أن تدل . أو كما قال جاك لندن " أن غريزة (الكلب) أصوب من فطنة الرجل في قصته ( إشعال النار)".
يريد هنا دريدا التأكيد على تهافت فكرة القصد ، وهو ما يستدعى طرح السؤال الفلسفي بإمتياز لماذا كان ديكارت واثقاً من أناه ودامجاً بين وجوده وحضوره وأما جيل المفكرين الأوربيين بعد الحرب العالمية الثانية ( من وجوديين وبنيويين وما بعد بنيويين وما بعد حداثيين ) فقد أصبحوا يعتقدون بأن فكرة القصد مضللة وفاسدة وانفصل الحضور لديهم عن الوجود..
يستفيض نايف سلوم بالقول أن اعتقاد ديكارت بالمطابقة بين الوجود والحضور ، مع أن كل حضور يفترض الغياب يماثل وهم الطبقة البرجوازية زمن صعودها بتطابق مصلحتها كطبقة مع مصالح مختلف طبقات الأمة .وكأن حضورها ( هيمنتها وسيطرتها) تطابق حضور الجميع . والأمر ذاته ينطبق على الوهم البروليتاري الذي يؤكد أن حضوره هو حضور لبقية الطبقات الاجتماعية وإن كان على أرضية إلغائها من أصلها أي إلغاء الطبقات على اختلاف أشكالها..
فلسفة ما بعد الحداثة ولا سيما من أواخر العشرينيات من القرن المنصرم راحت تميل نحو "أفعال الكلام " بدل "أفعال الواقع" . أي انتقلت من تغيير البنية إلى تفسيرها وإظهار مفارقاتها وبالتالي تأجيل الممارسة السياسية للجماعات والأفراد المرتبطين بإيديولوجيات تغييرية والتأكيد على موت الإنسان والإيديولوجيات..
سؤال البدء عن الأصل سؤال أساسي لدى دريدا يتمرد فيه على الكشف العلمي أو على التفسير الأوربي الحديث. هذا البدء ليس فيه مطابقة بين الوجود والحضور وإن هناك حالات كثيرة من الوجود لا يرافقها الحضور...
سؤاله يتراوح بين تأكيد حق الأصل (الجوهري) والحدثي (الطارئ) وينتقل بينهما جيئة وذهاباً ويرى أن كل منهما يظهر خطأ الآخر في جدلية لا حل لها ضمن إطار البنية - التشكيلة المستقرة .وإن كان يميل للحدثي ، وهو بذلك يقدم نقداً مثالياً للمثالية .
هيغل العظيم يطابق بين الوجود والعدم عندما يؤكد البدء عبر المجرد. أما ماركس فلحظة البدء لديه هي لحظة مشمولة في الكل العيني ، وهو بذلك يستخرج الديالكتيك الجدلي ويحرره من الديالكتيك الهيغلي المحبوس في النسق ؛ موضحاً الهيمنة الجديدة للتناقض ومعيداً بذلك ترتيب مجمل مقولات الديالكتيك الهيغلي من جديد..
أما سارتر شاغل الناس في الستينيات ، ينفصل عن ماركس على أرضية الانطلاق من الوجود المباشر الفردي ويحاول إعادة تعريف الماركسية بما يؤدي لحشر "العملاق الماركسي" في إطار الوجود الفردي. فالبدء لديه ينطلق من الوجود الفردي . ويمكن اعتبار محاولة دمجه للماركسية في فلسفته محاولة منهجية اختيارية لا تخلو من ملمح تهكمي.
بالعودة لدريدا ، إنه لا يفصل بين الأدبي والفلسفي ولا يدعو لأدب منفصل عن الفلسفة بل هو ودون نسيان منطق التكملة يهدف إلى إثبات حق الأدبي "اللغوي ، البلاغي" وتكريس الحق البرلماني للبلاغي وإعادة الاعتبار للأصل . وهو بذلك يعمل لتحويل وإزاحة برامج العمل والممارسة من الواقع الاجتماعي إلى واقع النص...
دريدا لم يكتفي بنقد الميتافيزيقا الغربية بل هو ينتقد كذلك البنيوية الفرنسية ويؤكد أنهم يفترضون وجود الميتافيزيقا وأما هو فإنه يعارض الجميع مؤكداّ على حق الظاهر أو الصوت مستنداً إلى حق المادية الساذجة والهيولية وهو ما فعله بالعودة إلى مسألة الأصل .
تميز دريدا ونقده لا يخرج عن المعارضة البرلمانية للبنيوية والوجودية الملحدة ومختلف تيارات الفكر بعد الحرب العالمية الثانية في عدائهم المشترك للجوهرية والشمولية والحتمية وللتجريد بصفة خاصة باعتباره قوة كشف علمي وتفسيري وأداة إنتاج معرفية.
أما التجريد بالمعنى السياسي فهو "البرلمان" الذي هو عملية تمثيلية مباشرة وتجريدية تفترض المشترك وتعبر عن إرادة عدد كبير من الجمهور مع إبعاد التمايزات والفروقات بينهم.
الموت الفاسد (إنمساخ ماكيتاس)
المعنى والهدف هو ما يلازم الإنسان، سواء أوعى ذلك أو لم يعيه ، ونتيجة عمل الإنسان إما خيراً أو شراً . وهو ولا شك قد يكون بعد الموت إما مستقراً في الجنة أو النار وفق الرواية الدينية والأمر غير ذلك وفق الرواية العلمية والعلمانية .
المهم أن الهاوية في النص الذي يفسره نايف سلوم هي إبليس وهي مكان الظلمة والحيرة والضلال ، إلا أن الشيطنة باعتبارها صفة من صفات إبليس ليست دائماً لها معنى سلبي فقد يكون لها معنى إيجابي ، حيث في عصر النهضة في أوربا . أخذت الشيطنة تشير لعصر العقل ،والتنوير الميكانيكي ثم التنوير الألماني . وقد جعلت المبادرة في يد الإنسان ومثلت تحرره ، فغدا بعد استبعاد طويل سيد نفسه .
الشيطان مع عالم النفس يونغ ربما كان واحدة من أعين الله التي تجول في الأرض وتتمشى فيها.
ماكيتاس الذاهب (الإنسان ) نحو قصده وهدفه كما يرى ميغيل دي أو نومونو أخذ يمشي متعجلاً وناظراً تارةً إلى الطريق وأخرى إلى تلك القلعة (الهدف) وهو بذلك يتجنب سماع خرير المياه(الهاوية) .
يعلق نايف سلوم أن كل صاحب طريق معرض للإغواء والافتتان ، وتغيير هدفه ..
فهذا يوسف يتعرض للإغواء " وراودته عن نفسه". ماكيتاس بدوره في إحدى الاستراحات التي لم يتوقف بها بل أبطأ سيره فقط ، نادته صبية "هلم" اعتذر بأن القلعة مازالت بعيدة ولا بد من الوصول قبل مغيب الشمس . هذا يعني أنه يتعرض للإغواء وهو يرفض البعثرة ، يرفض نداء الطبيعة لانحلال العقل...
خطر البعثرة في نص الشاعر أوفيد "مسخ الكائنات" يظهر عندما يترك حفيد أكتايون الصيد ، ليمشي عبر الغابة وبوصوله للغدير الذي تستحم فيه ديانا إلهة الصيد ؛ وما أن رأته ، بأنه قد رآها حتى أخذت قليلاً من الماء ونثرته عليه فكان أن خرج له قرنا وعل وإنمسخ تماماً . وبذلك تجمعت كلابه هو بالذات حوله ولم يتركوه إلا ممزقاً . وهذا ببساطة لأنه اضطلع على السر فحلت عليه اللعنة والعقاب ومزق شر تمزيق ، ففقده لهدفه ، وتطلع لهدف غيره كانت عاقبته الهاوية ..
نعود لماكيتاس ، لم يستطع مواجهة إغراء الفتاة ، ومال نحوها ، قبلته ، ففقد وعيه وباستيقاظه ، قال ما الذي تنشدينه يا فتاتي . ردت بأنها المياه . عندها أكتشف أن المساء قد حلّ وبدأ بالركض ولكن الشمس بدأت تغرب. أي أن مصيره أصبح في الهاوية والموت والأزلية ؛ التي تعني غياب الزمن الموضوعي وتقهر التاريخ وانحطاطه ، إنه إنمساخ ماكيتاس بعد ابتعاده عن الطريق عن الهدف والدوران في الزمن الدائري الأسطوري. وهنا بدأت عملية الانمساخ ، حيث الإحساس بالبرودة والشلل وعدم القدرة على التصويت أو الحركة أو التقدم أو التراجع..
يعلق نايف سلوم أنه لم يعد بمقدور الأوربي مع ما بعد الحداثة إنتاج التقدم ، لقد توسخ كثيراً لدرجة افسد معها جسده ذاته ولم يعد يصلح كقربان وكمثال للإنسانية المتخلفة..
ماكيتاس بعد ان أغلقوا أبواب القلعة ، ذهبت آماله ومقاصده وانسدت الدروب أمامه ، فلم يعد قادراً على الكلام ، فانفصل التعبير لديه عن التفكير . إنه بمعنى آخر افتراق المعنى عن الصوت وهو بمثابة دمار الحضور للانا ، أي دمار الموضوعية وكذلك دمار اللغة والاتصال مع الآخرين . وهو ما يميز برودة العلاقات في المجتمع الرأسمالي المتقدم..
رسالة في الجنون:
إن جنون الفصام ، هو في جوهره رفض ينجم عن انقطاع في الاتصال وهو داخلياً ، غزو ماحق تتعرض له الأنا الشعورية من قبل المحتويات اللاواعية ، فيصيبها نوع من الانحلال ، والتجزؤ والبعثرة ، فتفقد امتيازها كمركب مسيطر وموحد ومتماسك على اللاشعور .
الانحلال يؤدي إلى إلغاء الفروق ، وتدهور الشخصية التي تتحدد جوهرياً بتمايز الأنا الشعورية وسيطرتها على ذاتها وعلى المحتويات اللاشعورية .
الفصام يشل الخصم (الأنا الشعوري) ويتركه بدون لغة ، بدون استقبال ، موسوماً بالصم والخرس والحصار.
تزفيتان تودوروف في كتابه " فتح أمريكا- مسألة الآخر" يصف موكتيزوما ملك الآزتيك ، الذي هو سيد في فن الكلام على قومه ، مع مجيء الأسبان كان يستمع كما لو كان ميتاً أو أخرس . وهو يبدو عاجزاً عن الاتصال ؛ وهو ما يشير إلى الهزيمة أمام الغزو الخارجي ودمار الذات.
يُفرق الكاتب فلسفياً بين نوعين من الغزو ضد الأمة : غزو خارجي ، عندما تهاجم تشكيلات حديثة تشكيلات قديمة . و غزو داخلي عندما تهاجم محتويات قديمة تشكيلات حديثة فيصيبها الانحلال والضعف..
الجنون ما قبل العصر البرجوازي كان خليطاً من منبوذ ومقدس ، وكان يُدفع به إلى خارج المجتمع ، ولكن ليس بعيداً بحيث تُفقد أثاره الخيرة ولا أن يقترب منه كثيراً لأن المقدس عند ذلك يفترسه.
نبذ المجنون في العصر البرجوازي صار للداخل ، فهو عصر ليس من شيء خارجه ، وفيه أصبح للمجنون مصحة ، يدفن بها . إلا أن الجنون بمثابة اعتراض على المبدأ الأبوي ، المنظم وفق تراتبية وهرمية ، وهو ضد السلطات المنضبطة لمصلحة أفرادها.
تشبه توهامات الفصامي التوهمات في البارانويا التي هي توهمات سلطوية ، توهمات عظمة ، أو اضطهاد وهي محاكاة ساخرة هجائية لشكل السلطة الأبوية وحتى في جنون الهوس يكون الخطاب المسيطر لدى المهووس خطاباً سلطوياً ساخراً..
يقارن أخيراً الكاتب بين توهمات الفصامي وهدف الفيلسوف الظاهراتي ، فالأخير يدمر الميتافيزيقا ، إي يدمر مصدر القيمة والمعنى، ويكتفي بحاضر المعنى.
إستراتيجية الظاهراتي ( هوسرل ، هايدجر) تهدف لتدمير الما وراء وتتبنى عداءً للرابطة الباطنية الجوهرية ، وتمجد التذرير واللامبالاة والتخلع وبمعنى أخر هي ضرب من ممارسة الفوضى على المستوى الفلسفي وهو بالضبط ما يحصل في أثناء جنون الفصام؟..
تفكيك الظاهراتي هام في استفزازه لسلطة الواحد ، السائد، أو في عدائه للدوغمائية وكذلك يفعل المجنون في نقده وتجاهله لكل الطقوس والأكاذيب المضللة في الحياة الاجتماعية أو السياسية.
فرويد أبعد العمل العلاجي النفسي للفصاميين ، فهو كما يشير فوكو لم يسمع صوت الجنون وذلك لأنه لم يستطع تجاوز تخوم عصر الأنوار والنزعة الميكانيكية ومادية القرن الثمن عشر ولديه نقص في النظر الديالكتيكي ..
أخيراً وبعد جولتنا في صفحات هذا الكتاب الهام ، الذي به انحياز فلسفي واضح ككل كتيارات الفكر ؛ فالكاتب به يحاول إعادة المجد للفكر الحداثي وللمنهجية الماركسية وهو ما يتطلب جهداً عقلياً حداثياً باستمرار ، يؤسس لاستعادة روح النهضة العربية وتجاوز سلبيات ما بعد الحداثة وتأثيراتها ، وبما يؤدي لتقديم تفسيرات عن مشكلات الفكر والبيئة والعالم والإنسان ، وصولاً لتغيرات حداثية في المجتمعات العربية.
الكتاب صادر عن دار التوحيدي ، مؤلفه الدكتور نايف سلوم ، بعنوان ما بعد الحداثة ، مقالات في النقد الفلسفي..








#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الدولة العلمانية الديموقراطية
- نقد بيان ووثيقة تجمع اليسار الماركسي في سوريا
- انتخابات تحالف الجبهة والمال والعشيرة
- القرارات الليبرالية قرارات مميتة
- القومية، العلمانية، الديمقراطية
- قراءة في كتاب ما الماركسية، تفكيك العقل الأحادي
- القطري والقومي ومشكلة الهوية السورية
- المرأة في زمن العولمة
- الهيمنة البديلة للهيمنة الامبريالية
- قراءة في كتاب الماركسية والديمقراطية
- قراءة في فن الحب وطبيعته
- قراءة في التنمية المستدامة
- إستراتيجية الحرب وإستراتيجية التقدم
- ديمقراطية ممكنة ، وديمقراطيات بدون ديمقراطية
- أمريكا وصدام والاقتتال الطائفي
- الشرط الامبريالي وتشكّل الدولة اللبنانية
- بعض مشكلات سوريا في رأس السنة الجديدة
- الأزمة الهيكلية للرأسمالية وبدايات صعود الليبرالية الجديدة
- اليسار الإصلاحي ، المقاومة المعرِقلة ، اليسار الثوري ، هزيمة ...
- الحركات الاجتماعية وعلاقتها بإشكالية الديمقراطية


المزيد.....




- روسيا تبدأ محاكمة الصحفي إيفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس والول ...
- نائب مصري يهاجم مدبولي: هل يعلم أن قرار إغلاق المحال سبب مزي ...
- مدفيديف: القانون الدولي يجب أن يعكس توازن مصالح كافة الدول
- أولمرت يتهم نتنياهو بالخيانة
- إردوغان يتهم نتانياهو بالتخطيط لـ -كارثة- في لبنان
- لماذا فرضت المحكمة العليا الإسرائيلية على الحريديم الخدمة ال ...
- تواصل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة، وكتيبة جنين في الضفة ...
- واشنطن تواصل ضغوطها على إسرائيل لتجنب حرب مع حزب الله
- زيلينسكي يصادق على استحداث -قوات المسيّرات- في جيشه
- الاستخبارات التركية تعلن تحييد قيادي في -العمال الكردستاني- ...


المزيد.....

- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عمار ديوب - قراءة في كتاب ما بعد الحداثة