|
محكمة - نورنبيرغ - شرق أوسطية
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 1938 - 2007 / 6 / 6 - 12:37
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
الفرق بين النازية كنظام عنصري دكتاتوري شمولي عدواني عنيف وبين مثيلاتها من نظم الاستبداد الشمولية التي ظهرت في الشرق الأوسط وبعضها مازال متسلطا بواسطة قوى العسكر والأمن كما في بلادنا سورية هو أن الأولى اعترفت بالهزيمة فور وقوعها وأقدم – قائدها – على الانتحار مصمما على وضع حد لحياته بالأسلوب المغامر – وهو ضرب من الشجاعة في نظر كبار المستبدين وعتاة الجبابرة في التاريخ - تماما مثل ما كان عنيفا دمويا طوال سني حكمه مع شعبه وشعوب العالم أما الثانية ومثالها الأقرب نظام الدكتاتور المقبور في بغداد والنظام المهزوز المتسلط حتى الآن في دمشق فانها تخبىء الرأس في الرمال ولا يسمح لها جبنها المجبول عليه الاعتراف بالحقائق والوقائع ولا تشعر بأدنى مسؤولية ليس تجاه شعوبها فحسب بل أمام رفاقها وأعوانها في الأيديولوجيا والسلطة والنهب والقمع , لم يعترف الدكتاتور صدام حسين بالهزيمة لا حينما أصبح معزولا عن الأغلبية الساحقة من الشعب العراقي ولا عندما كان شاهدا على سقوط عاصمته وهو " يهزم " فعليا ليختبىء في جحره المعروف كا الجرذ حيث سحب منه مذعورا ومن ثم جالسا في قفص الاتهام ومحكوما بالاعدام أما صنوه في درب ( الحزب والآيديولوجيا والرسالة والقمع والشوفينية ) الذي مازال قابعا في سدة التسلط منتظرا القدر المحتوم مستمرا في تقمص الانتصار الواهم وكأنه حرر الجولان وفلسطين – جنوب سورية ! - كما فعل الأسلاف ابان حرب حزيران حيث حولوا الهزيمة انتصارا – لأن النظام الوطني التقدمي – لم يسقط وكيف يسقط واسرائيل لم تكن تستهدف النظام بقدر ما كانت ترغب في الاستيلاء على الأراضي حيث التغيير من وظيفة الشعب وهو مقهور مغيب , لقد فشل منذ سبع سنوات عجاف في تنفيذ وعوده ونكث بالعهد والقسم لمرات متتالية ومناسبات عديدة وأمام الملأ وتنقصه الشجاعة حتى بالاعتراف بنصف الخطأ وبدلا من ذلك يمضي – منتصرا – على الشعب ونخبه الثقافية والسياسية بأجهزة الأمن والمعتقلات والسجون والأحكام العرفية ومحكمة أمن الدولة والمحاكم العسكرية , كما طرد شر طردة هو ومخابراته ومافياته البنكية – الارهابية وعسكره من لبنان الشقيق بارادة شعبه الطيب المسالم االذي أصبح توأما للشعب السوري حيث عانى مثله لعقود شرور ومآسي الهيمنة والاستغلال والقمع والاغتيالات والنهب وبدلا من الاعتذار للبنان والاعتراف بهزيمة سياسة نظامه الرعناء وتقديم الاستقالة أو الاقدام على خطوة – جبابرة – التاريخ فانه مضى في غيه مضللا الشعب السوري المغلوب على أمره وكأن الطرد من لبنان كان انتصارا قوميا تاريخيا على طريقة انتصارات شريكه المعتمد الوهمية السيد نصرالله شيخ – الطائفية السياسية – في لبنان ورمز الردة والفتنة في المرحلة الراهنة . بالرغم من مزاعم أوساط النظام في بلادنا من أن المحكمة المشكلة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1757 حول الجرائم والاغتيالات التي وقعت في لبنان منذ أكثر من ثلاثة أعوام وحتى الآن وخاصة الجريمة الأكبر المتعلقة باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري لاتعنيها الا أن الحقيقة غير ذلك تماما فالمحكمة جاءت أصلا وبعد طول انتظار كتجسيد لارادة المجتمع الدولي في سوق المجرمين الى العدالة بعد أن أنجز المحققون والقضاة مهامهم وتوصلوا الى دلائل ثابتة ودامغة على تورط أصحاب القرار في السلطة السورية في جميع تلك الجرائم والمحكمة بصفتها الدولية الراهنة أو طابعها الدولي ( اذا عقد البرلمان اللبناني جلسة تبني انشاء محكمة لبنانية – دولية وهذا على ما يبدو بعيد المنال الآن لأسباب معروفة ) ترمز الى استهداف وجلب ومساءلة واعتقال عناصر خارج لبنان وتحديدا في سورية لها صفة حكومية رسمية – سيادية وأمنية وعسكرية - وكل ذلك من اختصاص هيئة الأمم المتحدة وتحديدا مجلس الأمن حسب بنود القانون الدولي وميثاق الهيئة الدولية وفي هذا السياق جاء قرار المحكمة ليؤكد على جملة من الحقائق والمعاني ومنها : 1 – القيمة الفعلية لقرار المحكمة نابعة من حصوله للمرة الأولى في الشرق الأوسط وصدوره من أعلى هيئة دولية أعني مجلس الأمن وبدون اعتراض وفي اطار الفصل السابع الذي يلزم تنفيذه بكل الوسائل بما فيها العسكرية . 2 – يدور قرار المحكمة في اطار مبدأ التدخل الانساني من جانب المجتمع الدولي الحديث العهد منذ توقف الحرب الباردة وانبثاق النظام الدولي الجديد في سبيل نصرة الشعوب في وجه الاستبداد ومواجهة الدكتاتوريات وحروب الابادة ضد المقهورين وتحقيق العدالة . 3 – قرار المحكمة بحيثياته وخلفيته السياسية حول بلد مثل لبنان عانى الهيمنة والوصاية القسرية من نظام دكتاتوري أرعن لعدة عقود زرع الفتنة الطائفية في ربوعه وخلق أكثر من بؤرة توتر في مناطقه وتحالف مع محور ايران خارجيا وحزب الله بنهجه الطائفي – السياسي داخليا من أجل فرض وادامة تسلطه على شعبي سورية ولبنان واشعال الفتن وتسعير العمليات الارهابية في العراق وفلسطين في سبيل وقف عملية التغيير الديموقراطي الجارية والذي سيطاله عاجلا أم آجلا نقول أن القرار وهو سياسي بامتياز مغلف بالقانون الدولي يشكل استمرارا لدعم عملية التغيير في المنطقة بطريقة أخرى غير الحرب المباشرة أي عبر القضاء والعدل والقانون والكشف عن الحقائق الدامغة أمام شعبي لبنان وسورية والعالم وقد شهدنا في الأعوام الأخيرة أكثر من – محكمة– لمحاسبة المجرمين بحق الانسانية مثل – ميلوسيفتج – وصدام حسين – والآن جاء دور نظام دمشق الذي انكشفت افتراءاته وعدم صدقيته وازدواجيته وممارساته الارهابية أمام العالم . 4 – ان قرار المحكمة صورة واضحة عن تشابك العامل الخارجي المعبر عن ضغط المجتمع الدولي على نظام الاستبداد في دمشق مع العامل الداخلي المرهون بتحرك المعارضة الديموقراطية السورية والاستفادة من الظروف الدولية الخارجية واستثمارها في سبيل تسريع عملية التغيير المنشودة وايجاد البديل الوطني عبر الانتخابات الديموقراطية وانجاز الخطوات اللازمة لتحقيق سورية ديموقراطية تعددية جديدة . 5 – ان مصداقية المجتمع الدولي أمام شعوب الشرق الأوسط على المحك لارتباطها بمدى تنفيذ هذا القرار التاريخي الذي سيخدم دون أدنى شك وبالاضافة الى مصالح شعوب سورية ولبنان والمنطقة عموما وقضية الديموقراطية وحقوق الانسان والتغيير والاصلاح سيعزز السلم والاستقرار والمصالحة الوطنية بين مكونات المنطقة لأن النظام السوري المسؤول الأول عن الارهاب في المنطقة واذا أفلت هذه المرة من العقاب ستكون النتائج المزيد من الحروب والدمار والمواجهات العنصرية والطائفية وتجميد عملية التغيير الديموقراطي التي تراهن شعوبنا وقوى الحرية والسلام في العالم على حدوثها ونجاحها خاصة وأن الأيام الأخيرة التي تلت صدور قرار المحكمة شهدت محاولات سورية دعائية وعملية لافشاله باشعال لبنان مجددا من مخيم نهر البارد عبر منظمة – فتح الاسلام – ومضاعفة وتيرة الأعمال الارهابية في العراق وتوتير الأجواء في فلسطين لزعزعة الاستقرار وافشال اتفاقية – مكة – بين حركتي فتح وحماس . .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى الثانية لاستشهاد الخزنوي : لا تقتلوا الشيخ مرتين:
-
هل سيجسد - ساركوزي - أوروبا المتجددة
-
الى أنور البني ...... ضمير سورية الجديدة
-
موقع الكرد في الانتخابات السورية
-
اتفاقية - حلب - والتصعيد التركي
-
بيلوزي : رحلة في الظلام
-
قراءة في تحولات السياسة الامريكية
-
تحية وفاء للشيوعيين العراقيين
-
هل ستكون قمة الانفتاح الأولى على الكرد
-
بارزاني يمدد جسور الصداقة مع العرب
-
لمن نتوجه في ذكرى - هبة - آذار المجيدة ؟
-
واذا حكمتم فاعدلوا بالتوازن بين الانتمائين
-
ألا تستحق قضية المعارضة السورية لقاء للمصالحة الوطنية ؟
-
الحركة القومية التحررية الكردية الى أين ؟
-
البعد الكردستاني للشرق الأوسط الجديد 2 - 2
-
البعد الكردستاني للشرق الأوسط الجديد 1 - 2
-
بصراحة مع صلاح بدرالدين
-
حزب يحمل بذور الفاشية منذ الولادة
-
انتهى - صدام - لتتواصل عملية التغيير
-
موجة - مشايخ الشوارع -
المزيد.....
-
حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يوقف الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيرا
...
-
بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي
...
-
قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا
...
-
معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال
...
-
اتحاد جاليات فلسطين بأوروبا يرحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغال
...
-
الأمم المتحدة: نتائج التعداد بيانات عامة دون المساس بالخصوصي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي ينهي الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
من هم القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنا
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|