|
الصحراء الغربية: النظام المغربي يضاعف من قمعه ضد الصحراويين عقب القرار الأممي ومفاوضات مرتقبة
مصطفى تامك
الحوار المتمدن-العدد: 1937 - 2007 / 6 / 5 - 10:44
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
شهدت المواقع الجامعية منذ الثاني من ماي من السنة الجارية أحداثا مأساوية يندى لها الجبين ويستنكرها الضمير الإنساني، فقد تعرض الطلبة الصحراويون الدارسون بالجامعات المغربية "أكادير ومراكش والدار البيضاء والرباط" لتدخل همجي على أيدي الأجهزة الأمنية المغربية بتشكيلاتها المتعددة، أسفر عن العديد من الجرحى والاعتقالات في صفوف الطلبة، ناهيك عن ما عرفته العديد من الوقفات والمظاهرات السلمية، التي يقودها الصحراويون بالصحراء الغربية وجنوب المغرب، من قمع بسبب مطالبتهم بتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير. وبالموازاة مع تلك الأحداث الدموية بدأ المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية في جولة تحضيرية قصد البحث وتهيئ الأجواء المناسبة لبدأ المفاوضات. وذلك بناءا على القرار الأممي الخاص بقضية الصحراء الغربية، والذي أشار إلى القرارات السابقة وأكد على ضرورة إيجاد حل سياسي عادل ودائم يكفل للشعب الصحراوي تقرير مصيره، ودعا طرفا النزاع: المملكة المغربية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب إلى الدخول في مفاوضات مباشرة على أساس حق تقرير المصير للشعب الصحراوي. وبالعودة إلى القرار الأممي 1754 الذي رحبا به طرفا النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليساريو ! بل أكثر من ذلك اعتبرته الرباط انتصارا لدبلوماسيتها وأعطته تأويلا لا يصب في المنحى الذي أراده المنتظم الدولي. فقد اعتبر المندوب المغربي لدى الأمم المتحدة بأن القرار أشاد بالمقترح الذي قدمته الرباط، وتجاهل القرارات الأممية بخصوص هذا النزاع، واعتبر مقترح " الحكم الذاتي" أرضية للتفاوض. وهنا نتساءل هل هذا استخفاف برأي المنتظم الدولي؟ أم أن الأمر لا يعدو سوى دعاية إعلامية لتغليط الرأي العام المغربي ومحاولة إيهامه بالانتصارات الوهمية، مادام الشعب المغربي "في دار غفلون" يجهل حقيقة النزاع في الصحراء الغربية ويفتقد، بسبب تواجد الإعلام الرسمي الوحيد، للمعطيات التاريخية حول حقيقة المشكل، ودأب النظام المغربي منذ ضمه للإقليم عبر ما يسمى "بالمسيرة"، على تقديم أعذار ومبررات وهمية لتواجده بالمنطقة وتمريرها عبر إعلامه الرسمي. وباستحضارنا للأحداث الدامية التي تعرفها المواقع الجامعية والصحراء الغربية ومدن جنوب المغرب وتزامنها مع القرار الأممي، يمكن التدقيق في التخبط والعزلة التي يعاني منها النظام المغربي، فهذا الأخير وكردة فعل يائسة على الإخفاقات والصفعات المتتالية التي يتلقاها من المنتظم الدولي من جهة، ومن استمرار المظاهرات والوقفات السلمية التي تشهدها المداشر الصحراوية للتأكيد على مطالبة الصحراويين بضرورة تمكين الشعب الصحراوي من حقه الغير قابل للتصرف من تقرير المصير وتأييدهم العلني، بالرغم من كل الفظاعات اليومية التي تمارس في حق المتظاهرين العزل، لجبهة البوليساريو كممثل شرعي ووحيد من جهة أخرى، عمد على تدجين مجموعة من الطلبة المغاربة ومحاولة إقحامهم وإرغامهم على الدخول في نزاعات أفقية مع الطلبة الصحراويين، كما هو الحال في جامعتي أكادير والدار البيضاء المغربيتين، وذلك بعد فشل كل المحاولات الرامية إلى الالتفاف على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وإخضاعه لإرادة النظام المخزني، سواء من خلال محاولات الإبادة الجماعية للصحراويين بقصفهم بالنابالم والفوسفور المحرمين دوليا أو المقابر الجماعية ( المحبس واجديرية) أو الاختطافات والاعتقالات والتعذيب والتهجير... وهلم جرا من الفظاعات التي تصنف ضمن جرائم ضد الإنسانية، أو من خلال المناورات والدسائس التي تدبر بشكل يومي في حق الصحراويين. فالنظام القائم بالمغرب حاول الزج بالشعب المغربي في الصراع القائم بينه مع الصحراويين بغرض تحوير المشكل الحقيقي المتجلي في تنكره لحق الصحراويين في الوجود، متناسيا العلاقات الوطيدة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، وذلك كنتيجة للصفعات المتتالية ورفض مقترح" الحكم الذاتي" من طرف المنتظم الدولي بعد سنة من الجهد لمخطط فاشل استنزف ميزانية الشعب المغربي، الذي يمارس عليه تعتيم إعلامي واسع بخصوص قضية لا ناقة ولا جمل له فيها، بل اعتبرت ذريعة من قبل النظام الملكي للإجهاز على حقوق المواطنين المغاربة، والقفز على الأزمات الداخلية التي يعاني منها النظام المغربي مستعملا ما يعرف في علم السياسة بخلق العدو الخارجي لتصريف الأزمات التي يتخبط فيها الشعب المغربي، فالفقر يتزايد بشكل مدقع في المدن المغربية والأمية متفشية ووضعية اجتماعية واقتصادية مزرية وانتهاكات جسيمة بعد نهاية سيناريو ما سمي "بطي صفحة ماضي سنوات الرصاص"، والآلاف تؤدي بحياتها في البحر عبر هجرتها نحو المجهول طمعا في جنة النعيم بعد أن ضاق وضاع عليها الآمال في العيش الكريم ... وفي سياق الوضع الخطير الذي تعرفه وضعية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية ومدن جنوب المغرب والمواقع الجامعية حيث يتواجد المئات من الطلبة الصحراويون يتابعون دراستهم بالمدن المغربية ماداموا محرومين من جامعات ومعاهد غير مسموح بتواجدها داخل المداشر الصحراوية، نظم الطلبة الصحراويين بجامعات أكادير ومراكش والدار البيضاء والرباط سلسلة من الوقفات والإعتصامات والمسيرات السلمية، وذلك للتضامن مع ضحايا الهجمة الدموية بالجامعات المغربية، ومخلدين ذكرى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ومستغلين المناسبة لرفع شعارات مطالبة بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وممتعضين من الانتكاسة الخطيرة التي آلت إليها وضعية حقوق الإنسان بالإقليم، غير أن آلة القمع المغربية تدخلت وكعادتها بشكل همجي في حق المتظاهرين العزل مخلفة العشرات من الضحايا، كانت أخطرها حالة الطالبة الصحراوية سلطانة خيا التي فقئت عينها اليمنى وتم تعذيبها بشكل وحشي على مختلف أنحاء الجسد، بل أكثر من ذلك فقد تم تعريضها للتعذيب النفسي والجسدي حتى داخل المستشفى دون الاكتراث بخطورة حالتها الصحية التي تستدعي إجراء عملية استعجالية، وتمت متابعتها قضائيا في حالة سراح مؤقت- وما الصور والشهادة الحية التي روتها سلطانة خيا بالرغم من معاناتها الجسدية إلا دليل قاطع على فظاعة ووحشية التدخل العنيف لأجهزة الأمن المغربية إلى جانب شهادتي الطالبتين الرباب أميدان وسمية عبد الدائم-. ناهيك عن اعتقال العشرات من الطلبة الصحراويين وتعريضهم للتعذيب المعنوي والنفسي وأحيل عشرون طالبا على سجون انزكان وبولمهارز بمراكش والزاكي بسلا تمت متابعتهم قضائيا بتهم واهية، وأجلت محاكماتهم لمرات عديدة قبل أن تصدر في حق الطلبة المعتقلين بمراكش وانزكان أحكام قاسية في محاكمات غير عادلة عرفت انسحاب هيئة الدفاع وتطويق أمني مشدد وجلسات سرية في تنافي مع المواثيق الدولية، واستنكار وامتعاض من طرف الحركة الحقوقية الدولية بما فيها المغربية والصحراوية، باعتبار المحاكمة سياسية. وهنا نستشهد بتصريح لرئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان السيدة خديجة رياضي لوكالة رويترز للأنباء بخصوص أحداث الرباط حيث قالت: إن الاعتصام كان سلميا وإن كل ما فعله الطلاب هو التلويح باللافتات. وأضافت أن العنف ضد الطلاب الصحراويين تزايد هذا العام كما أن هناك المزيد منهم يمثلون أمام المحاكم. أما بالسجون المغربية حيث يتواجد العشرات من المعتقلين السياسيين الصحراويين محكومين بمدد متفاوتة على إثر مشاركتهم في المظاهرات المنظمة بشكل يومي تقريبا بالمداشر الصحراوية منذ 21 ماي 2005، فقد تعرض أغلبهم للتعذيب الجسدي حسب عائلاتهم مباشرة بعد صدور القرار الأممي، كما دشنوا سلسلة من الإضرابات المفتوحة والإنذارية عن الطعام للمطالبة بتحسين وضعيتهم كمعتقلين سياسيين وفتح تحقيق في مزاعمهم حول تعرضهم للتعذيب، ولازال البعض منهم ينتظر صدور الأحكام النهائية لأزيد من سنة داخل السجن بسبب التأجيل الدائم الملتجأ إليه من قبل هيئة المحاكم المغربية، وموزعون على ثمانية سجون تفتقد لأبسط الشروط الدنيا لمعاملة السجناء بل من ضمنها ما يصنف بأسوأ السجون نظرا للوضعية الكارثية التي يتواجد فيها السجناء والظروف التي يعيشونها، والتي عملت العديد من التقارير الحقوقية الصادرة بخصوصها على فضحها لكن بدون اكتراث من الجهات المعنية، وما الصور التي نقلتها وسائل الإعلام الدولية عن وضعية السجن لكحل بالعيون – الصحراء الغربية إلا جزء من الفظاعة التي توجد عليها السجون المغربية. أما بالمداشر الصحراوية فحدث ولا حرج فالقمع اليومي للوقفات والمظاهرات السلمية واقتحام ومداهمة المنازل وتعذيب الصحراويين شبابا وشيوخا ونساءا وأطفالا ورضعا وفرض حصار عسكري على المؤسسات التعليمية وملاحقة التلاميذ ورمي الصحراويين خارج المدار الحضري في المزابل... أصبح اعتيادي للأجهزة القمعية المغربية التي تفرض حصارا عسكريا وإعلاميا على الإقليم منذ 31 أكتوبر 1975. وفي ردود الفعل على كل ما يقع من انتهاكات ضد الصحراويين والتي ازدادت تفاقما عقب صدور القرار الأممي 1754، وجه الأمين العام لجبهة البوليساريو محمد عبد العزيز في أقل من شهر أربعة رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون، ضمنها تحذيره الشديد من تفاقم الوضع وتأزمه، وواضعا المنتظم الدولي في الصورة الحقيقية لما يجري من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الصحراويين، ومطالبا مجلس الأمن الدولي بتوفير الحماية للإنسان الصحراوي. وفي انتظار بدأ المفاوضات بين طرفا النزاع والمرتقبة في الثامن عشر من هذا الشهر، بالرغم من ضعف أفاق نجاحها، تبقى معاناة الصحراويين في استمرار، وصمت دولي مريب، فأين هي الشرعية الدولية؟
#مصطفى_تامك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاق الهدنة بلبنان.. مؤلفة كتاب -أرض حزب الله- تبرز 3 أمور
...
-
هدوء -غير عادي- ومخاوف من تهديد حزب الله.. كيف يبدو الوضع شم
...
-
ريابكوف: على روسيا أن تعيد الأمريكيين إلى رشدهم
-
ترامب يقول إنه اتفق مع رئيسة المكسيك على وقف الهجرة والأخيرة
...
-
الجيش الإسرائيلي في بيان عاجل: يحظر عودة سكان 10 قرى جنوب لب
...
-
مستشار السيسي يحذر من ظهور فيروسات جديدة
-
ماسك يتهم موظفا سابقا في البيت الأبيض بالخيانة بسبب علاقاته
...
-
مرشحون في إدارة ترامب يتعرضون لتهديدات بالقنابل
-
صحفية: إدارة -سي بي إس- رفضت إجراء مقابلة مع ماسك دون تحرير
...
-
عوامل بيئية تزيد من خطر الإصابة بـ-كوفيد طويل الأمد-
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|