شه مال عادل سليم
الحوار المتمدن-العدد: 1937 - 2007 / 6 / 5 - 11:05
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
استوقفني وقادني الى كتابة هذه المقالة خبرالخلاف والسجالات المستمرة داخل اللجنة التي شكلت
اخيرا لمراجعة الدستور(1) , والمواد التي ستتم مناقشتها هي، هوية الدولة العراقية وشكلها اذا كانت فيدرالية ام لا . . . فضلا عن صلاحيات الاقليم وتوزيع الثروات وقانون نفط جديد وانهاء الحظر على تولي اعضاء حزب البعث المنحل مناصب حكومية، اي الغاء قانون اجتثاث البعث و ...و ..الخ ,وذالك بحجة ضمان امن المكاسب الديمقراطية في العراق وانهاء العنف الطائفي ومشاركة كل الفصائل والاحزاب والكتل العراقية وحتى المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون والتي عملت وتعمل على اشاعة الفوضى في البلاد والتي لا تؤمن اطلاقا بالعملية السلمية, في وقت فشلت الحكومة العراقية المنتخبة في تقديم الخدمات الأساسية وتحقيق الأمن والقضاء على الميليشيات المتطرفة التي تفتك بالعراق والعراقيين , والتي حولت العراق الى مقاطعات واقبية وزنازين وحمامات دم وعصابات المافيا والاختطاف والسلب والنهب ..
باعتقادي ان السبب الرئيسي في عدم الاستقرار و الفوضى و القتل والنهب والسلب والتهجير ناتج عن عدة عوامل اهمها , مماطلة الحكومة في تنفيذ بنود الدستور الذي صوتت عليه اكثرية الشعب العراقي وعدم وفاء الحكومة بالتزاماتها، والعقلية التسلطية التي تسيطرعلى فكر من يدير المؤسسات التنفيذية والتشريعية للبلد من جهة، ومحاولة ارضاء جميع الاطراف من الفصائل السياسية والقيادة الدينية والمراجع والجماعات المتحاربة بكل طوائفها واديانها ومعتقداتها من جهة اخرى، واشراكهم في العملية السياسية .
ولم يستثنى حتى تلك الجماعات التي قاطعت الانتخابات والعملية السياسية برمتها منذ سقوط الصنم وما تزال تعمل جاهدة لأفشال الجهود التي بذلت وتبذل لانجاح العملية السياسية بحجج غير وافعية وغير منطقية اطلاقا وذالك بسبب ادعائاتهم و مخاوفهم من تقسيم البلاد واحتجاجهم على هوية الدولة وصلاحيات الاقليم وقانون اجتثاث البعث وجدولة انسحاب القوات المتعددة الجنسيات والتي( تسمى من قبل بعض القوى بقوات الاحتلال ومن البعض الاخر بقوات التحرير .....!) اضافة الى استلام الملف الامني ....
نعم اعتقد ان المشكلة تكمن هنا بان في العراق لايوجد تيار او حزب او كتل معارضة والتي تسمى ب( الاقلية ) داخل مجلس النواب العراقي كاعلى سلطة تشريعية منتخبة، كباقي دول العالم المتحضرتترصد الفرصة وتصارع القوى الاخرى والتي تسمى ب(الاكثرية) سلميا حتى تتحول الى اغلبية وتستلم السلطة لقيادة البلد وتتولى زمام اموره وتطبق ما وعدت به الجماهير في معركتها الانتخابية مثلا ........
نعم ! في العراق الكل يريد ان يحكم وان يكون له دور في صنع القرار السياسي كحاكم مطلق ... اي حكم احادي الجانب بدون اشتراك فعلي للاخر .... نحن في العراق لا نؤمن بالشراكة ولا نثق بالاخر اطلاقا لان للشراكة اسس وثوابت .... لهذا تبقى الاكثرية كما هي غير متغيرة وثابتة والاقلية كما هي اقلية الى الابد الابدين ولاتسمع صوتها اطلاقا , وعلى هذا الاساس نرى ان هذه الكتل والجماعات لاتريد ان تعمل او تنسق معا من اجل العراق والمصلحة العامة بل تعمل من اجل استلام السلطة وتقوية النفوذ والسيطرة على الاخروتهميش الاخر...
لذالك نرى بان حجم المسؤولية لا يتناسب اطلاقا مع حجم الكوارث المدمرة التي يمر بها البلد ... انظروا ... في هذه الظروف الامنية المعقدة جدا يترك اعضاء البرلمان العراقي المنتخب من قبل الشعب الذي تقتل ناسه وتغتصب وتختطف من قبل الارهابيين القتلة بابشع طريقة ليؤدوا اداء مناسك الحج .... ويضربوا مسؤولياتهم عرض الحائط ويعطلوا جلسات البرلمان كان شعبهم يعيش في الجنة وليس في الجحيم ......وكانهم قد عمروا وبنوا كل ماخربته الدكتاتورية ولم يبقى شيء الا ان يزوروا بيت الله الحرام !!
نعم شعرت بالخجل اكثر فعلا عندما انتقدت الحكومة العراقية المنتخبة من قبل دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية بسبب اعلان البرلمان العراقي العطلة الصيفية وتعطيل جلساته وتخلي اعضائه عن مسؤولياتهم الوطنية والاخلاقية لشهور، في الوقت الذي نحن في امس الحاجة لاتخاذ وتطبيق القرارات المهمة من اجل الخروج من المشاكل والكوارث والماساة والازمات التي يمر بها شعبنا المظلوم ....................
نعم ان مايحصل في عراق اليوم هو العكس تماما... انه صراع من اجل البقاء ... انظروا الى الحكومة العراقية ...تمعنوا في تشكيلتها .... راجعوا وعودها وبرامجها الانتخابية ....تمعنوا في جدول عملها ... سوف ترون العجائب والغرائب فيها ....
في دول متعددة القوميات والمذاهب والطوائف يدفع الخوف لدى الاقليات الى المطالبة بالفيدرالية وذالك كصمام امان وكضمانة لموقعها ولوجودها وعدم تهميشها من كل النواحي السياسية , الثقافية , الاقتصادية والخ ... ... اما في العراق فالعكس هو الصحيح ...!! الاقلية تطالب بالمركزية ...! الاقلية تطالب بمراجعة الدستور الذي صوت عليه الاكثرية ...
فقط في العراق الاكثرية تخاف من الاقلية ....!! والمضحك المبكي ان الكل يوكد على ضمان حقوق الفرد العراقي ولكن كلّ طرف منه بطريقته الخاصة وحسب اجندته واجندة الدول الاقليمية التي تموله ولمصلحتها .... ! في وقت يتزايد الارهاب و الهجرة القسرية والعنف الطائفي المقيت الذي يحرق الاخضر واليابس حتى اوصل العراق الى كارثة حقيقية يصعب وصفها ... وتناسوا ان امن واستقرار العراق هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتقنا جميعا وهذه المسؤولية تساعدنا على تكوين اسس ثابتة وقوية لمراجعة انفسنا ولا واخيرا (( وليس لمراجعة الدستور او بالاحرى لتعطيل الدستور )) وللعمل معا من اجل بناء عراق حر مزدهر ....
لقد مرت سنوات على سقوط الصنم بدون ان يحدث اي تغيير يذكر , الحكومة عاجزة عن تنفيذ خطتها ولا تفي بالتزاماتها الدستورية , تشخص المشاكل وتضع الحلول ولكن تبقى حبرا على الورق ... تقطع الوعود ولا توفي ...تتخبط وتراوح في نفس المكان ... اما التدخلات الدول الجوار وحتى الدول المنطقة في شؤون العراق فلا داعي ان اتطرق اليها لانها اصبح جزا لا يتجزء من المعادلة العراقية .......
هناك خلاف مرير بين اعضاء لجنة اعادة النظر في الدستور , فالبعض يخشى الفيدرالية ويصفها بانها طريق الى الانفصال والتقسيم ويرفض السماح للآقليم بالتصرف بعائدات نفطه ...........
اما المادة 140 من الدستور الدائم الخاصة بتطبيع الاوضاع في كركوك والمناطق المتنازع عليها تشهد اليوم خلافا حادا بين الكتل والجماعات وخاصة جبهتا التوافق والعراقية اللتان تطالبان بعدم تنفيذ المادة وتاجيلها الى اشعار اخر .......اما ا لتحالف الكوردستاني فانه يرفض رفضا قاطعا اي مماطلة ويعتبره خرقا دستوريا واضحا وصريحا ... ويعتبرالتاجيل والمماطلة كقنبلة موقوتة ستنفجر في اي لحظة .. كما ان التاجيل والمماطلة والالتفاف لا ياتي ببدائل بل على العكس سوف يعقد الامور اكثر ويعقد المشاكل , كما ان عدم تطبيق مادة 140 من الدستور الدائم سيعطي مجالا اكثر للارهابيين والتكفيريين والصداميين القتلة ليستخدموا هذه المناطق المستقطعة من اقليم كوردستان كقاعدة للتخطيط وللقيام بالعمليات الارهابية ضد المدنيين الابرياء حيث يشن الارهابيين القتلة في كركوك وحويجة ومناطق اخرى كثيرة خارجة عن ادارة الاقليم هجماتهم الارهابية على سكان تلك المناطق حيث تم قتل عشرات من ابناء تلك المناطق المنكوبة في سلسلة من العمليات الانتحارية في الاونة الاخيرة ......
كما يشعر الكوردستانيون بالاحباط مما يصفونه باقرار الحكومة العراقية الجديدة لقرارات حزب البعث الشوفيني في هذه المناطق المستقطعة جورا وبقرار من اعتى مجرم عرفه تاريخ العراق والمنطقة برمتها ... لقد اصبحت المشاكل تتعقد اكثر وتزداد مساحة وفجوة التصفية والغاء الاخر ويتوسع الاختلاف والعنصرية والشوفينية يوماً بعد يوم، وبدل ترسيخ ثقافة الحوار واحترام الرأي الاخر اصبحت المفخخات والانفجارات والقتل والنهب والسلب والاختطاف لغة التعامل ..........
وعلى هذه الخلافات الجذرية والعميقة جدا لابد ان نسأل انفسنا ما العمل ؟ واين نحن من كل هذه الماساة ؟ اين حقوقنا ؟ وماذا عن اطفالنا ومستقبل شبابنا ؟ هل نحن نريد ان نعدل الدستور ام نعطله ؟ هل نريد مصلحة العراق ؟ اية ديمقراطية نريد ؟ السنا امام تجربة كبيرة وعظيمة وجديدة لم تعرفها المنطقة من قبل بكل سلبياتها ونواقصها ومشاكلها ؟ متى نحس بالمسؤولية ونقف عند هذا الحد لمراجعة مناهجنا وافكارنا وخطتنا لتحقيق اهداف تمس حقوق العراقيين .... ؟ هل نتجاوز خلافاتنا من اجل مصلحة الاغلبية الساحقة من ابناء الشعب العراقي ؟ متى نتصرف بقوة القانون وليس بقوة الميليشيات والسلاح والمفخخات ؟ متى يكون ولائنا للوطن والارض والعلم وليس للاحزاب والدول ؟
اخيرا اقول نامل ان تودي خطة فرض القانون ومراجعة وتعديل الدستور الى ان يعاد المهجرون الى مناطقهم المنكوبة وان تعود الامور الى طبيعتها و تعود المناطق الى حدودها الجغرافية الطبيعية ليعاد الحق الى نصابه , لقد طال التهجيرالبعثي العوائل الكوردستانية من الكورد والعرب والتركمان والكلدان والاشورين والارمن ولحد الان لم يحصل هؤلاء على اي غطاء عيني او مادي يذكر ..... اوضاعهم ماساوية جدا، الارهاب يفتك بهم ماعدا الامراض القاتلة والانتظار المدمرالذي طال اكثر من 4 سنوات ....كما نطالب اللجنة العليا بتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي وان تقوم بخطوات عملية وجادة ومنصفة و حيادية و سريعة لانهاء معاناة الذين هجروا وطردوا من ارض ابائهم واجدادهم وتعرضوا لأبشع انواع التعذيب لانهم لم يرضخوا لسياسة البعث الشوفيني المقيت ورفضوا ان يعيشوا كعبيد ..... كما نرجو من الاخوة الاعداء ان يجدوا حلولا مناسبة للمشاكل المستعصية وفق بنود الدستور الذي صوتت له اغلبية الشعب العراقي ..... والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل نريد ان نعالج الخطاء بالصح ام ماذا ..... ؟
.......................................................................
( 1 ) ان المادة رقم 142 التي ادخلت من قبل الاحزاب والكتل والشخصيات المشاركة في الحكم في الدستور الدائم بعد اقراره من قبل البرلمان العراقي تنص وتدعو الى تشكيل لجنة لاعادة النظر في بنود الدستور بعد الانتخابات التشريعية , ولهذا الغرض تم مؤخرا تشكيل لجنة تتكون من جميع الكتل والاحزاب العراقية المشاركة في العملية السياسية للنظر في بنود الدستور ومن تلك المواد المستعصية التي تناقشها اللجنة هي هوية الدولة وشكلها وصلاحيات الاقليم وقانون النفط الجديد وقانون اجتثاث البعث.
#شه_مال_عادل_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟