تحلم الامبريالية الامريكية باستعادة شبابها وتضلل البشرية بامكانية استمرار هيمنتها نصف قرن اخر

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 1936 - 2007 / 6 / 4 - 11:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نجحت الادارة الامريكية ولو مؤقتا في تحويل النقاش حول انسحاب فوري لقواتهامن العراق، او محدد بجدول زمني، الى نقاش: هل تنوي الولايات المتحدة البقاء في العراق خمسين عاما ام اكثر!! من خلال تصريحات بوش بانه يهدف الى استمرار بقائه في العراق على نفس الاسس التي استمر بقاء قواته في كوريا الحنوبية، وردد وزير دفاعه القول:"ان الولايات المتحدة تبحث عن مسألة وجود عسكري على المدى البعيد في العراق بفضل ترتيبات شبيهة بتلك القائمة في كوريا الجنوبية"الذي يستمر منذ 1953حتى يومنا هذا . دون ان تنسى ما كنتهم الاعلامية الجبارة ، من رسم الصور الموعودة للعراق بتحويليه الى ارقى نمور اسيا بما ستضخه امريكا من استثمارات في العراق!! ولم تستطع ادوات الولايات المتحدة في العراق الاستجابة الفورية علنا لهذه السياسة لانها رغم كل ما تتمتع به من امتيازات وحماية فهي تعيش الكوارث التي انزلتها الولايات المتحدة في العراق وتتردد في فقدان ما تبقى من مصدقيتها التي باعتها للمحتلين.
ان التظاهر بهذا التحول السريع في سياسة الادارة الامريكية ، من سياسة البطش والتركيع الى سياسية الاغراء بتحويل العراق الى ارقى نمور اسيا ، فرضه اولا تصاعد مناهضة الشعب الامريكي للحرب ومطالبته بسحب القوات من العراق، بسبب تصاعد مقاومة شعبنا للاحتلال بكل اشكالها ولاسيما تصاعد ضحاياها من الجنود، وثانيا تردد حتى الحكومة التي نصبتها والبرلمان الذي جمعته في تشريع قانون النفط الضامن للهدف الاستراتيجي من حربها واحتلالها للعراق، لادراكهم ان توقيع أي واحد منهم عليه يشكل وصمة عار تلاحقه واجراما لايمكن الافلات من عقاب الشعب عليه. وثالثا تكشف فشل كل جبروتها العسكري واستنزاف حربها واحتلالها لتوازنها الاقتصادي كقطب اكبر للعولمة الراسمالية.
ان الامبريالية الامريكية تحاول ايهام نفسها وتضليل البشرية بامكانية العودة الى اكثر من نصف قرن الى الوراء بتجاهل كل ما قدمته البشرية من تضحيات واكتسبته من خبر وتجارب في كفاحها ضد جميع اقطاب الامبريالية وصولا الى كفاحها ضد العولمة الراسمالية وقطبها الاكبر الامبريالية الامريكية، بكل ما انجزته البشرية من تطورات بقواها الانتاجية ووعيها الطبقي والانساني . دع عنك تجاهل الاختلاف الكبير بين الاهداف الرئيسية من احتلال كوريا الجنوبية واحتلال العراق . فقد تم احتلال كوريا الجنوبية تحت شعار وقف زحف الشيوعية ولاظهار قدراتها على وقف العملية التاريخية التي بدأتها ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى في القضاء على علاقات الانتاج الراسمالية وتحرير البشرية من جميع اشكال الاستغلال . واستطاعت بفعل عوامل موضوعية وذاتيةعالمية، من تحقيق ذلك حتى يومنا هذا . ولكن التاريخ لايمكن ارجاعه الى الوراء لاسيما وان علاقات الانتاج الراسمالية استنزفت كل امكانيات وجودها كنظام اجتماعي اقتصادي يخدم تطور البشرية بل وحتى وجودها.. في حين ان الهدف الرئيس من احتلال العراق وابادة سكانه لم يكن الا الهيمنة على ثرواته النفطية واستخدامها في تمويل ودعم هيمنتها على العالم التي بدأت تتضعضع ولاسيما في امريكا الجنوبية.
انهالم تحاول حتى ان تغري الشعب العراقي بتحويله الى احد نمور الخليج كالامارات لانها تدرك مدى وعي الشعب العراقي وسليقته الثورية ولا تستطيع ان تضحي باي جزء من ثمار هيمنتها على نفطه على اعادة بناء ما هدمته قواتها فضلا عن التخلي عن قواعدها العسكرية الجبارة في العراق وموقعها الاستراتيجي في الهيمنة على اغنى بقاع العالم بالنفط.
فالمثال الكوري المجرد من ظروفه ولاسيما وجود كوريا الشمالية وما فرضته من اعادة بناء ومنافسة لما يحققه التحرر من الهيمنة الامبريالية من تقدم ورفاهية للشعوب ، سيضمن للامبريالية الامريكية استمرار هيمنتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية على العراق واستمرار قواتها في حراسة استنزافها لثرواته ومنطلقا لهيمنتها اواسكات أي تحرك ضد هيمنتها في المنطقة فضلا عن استمرار تدريب وتنظيم مختلف اشكال الارهاب وفرق الموت والمليشيات وتغذية مختلف اشكال الوسائل الايديولوجية والاعلامية لشق وحدة الشعب العراقي وتضليله بل وتحويله ليس فقط كمركز لتدريب واعداد مثل هذه الادوات وتصديرها الى الى البلدان الاخرى. وعندما يجري الحديث عن المثل الكوري الجنوبي لم تكن الامبريالية الامريكية انذاك بحاجة الى خصخصة حروبها واحتلالها فالى جانب قواتها التي تعد بسحبهم الى قواعدها هنالك في العراق ما يعادلها من المرتزقة تديرهم شركات امريكية تمولها وزارة الدفاع الامريكية او الشركات النفطية مباشرة. تتسلح باحدث الاسلحة وتحظى بالحصانة القانونية التي تحظى بها القوات الامريكية فلم يجري مقاضاة أي منهم على ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب العراقي.
ورغم كل هذه الاختلافات بين ظروف ومحتوى التجربتين فالشعب العراقي والعالم يعرف بعدم توقف شعب كوريا الجنوبية يوما عن النضال من اجل تحرره من القوات الامريكية وقواعدها العسكرية التي تحرس الانظمة الكورية الجنوبية المعادية لشعبها وتسخير كل امكانيات شعبها لمجابهة كوريا الشمالية وحصارها وتنظيم التحرشات بها واجبارها على تسخير كل امكانياتها لحماية حريتها من الهيمنة الامبريالية، فضلا عن طموح الشعبين للوحدة والتحرر.
فلم يعد بوش قادرا على تحقيق حلمه في استعادة شباب الامبريالية الامريكية ومد النظام الراسمالي بالبقاء طويلا ولايستطيع تضليل شعبنا او أي من شعوب العالم بوعوده بعد ان تكشف زيف كل وعوده في العالم ولاسيما في العراق وحقيقة اهدافه، وادركت ان السبيل الوحيد لتحقيق حريتها وامنها ورفاهها هو تعزيز وحدتها وتصعيد جميع اشكال كفاحها ومقاومتها للاحتلال وجميع اشكال الهيمنة الامبريالية.
سعاد خيري في 4/6/2007

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات