مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 11:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لن أخوض في الأوضاع والأحداث السياسية الساخنة , والغيوم السوداء المتلبدة فوق سماء أوطاننا , والمنطقة كلها . ولن أتطرّق إلى أطراف الصراعات المحلية والأجنبية ( التي تتصارع , وتتصارح , وتساوم وتتصالح , تقتل وتسرق وتبيد وتفاوض بإسمنا و على أرضنا ) والصدامات المسلّحة التي تعيشها شعوبنا في أكثر من مكان ووطن : في لبنان وفلسطين والعراق والسودان وغيرها من المناطق اللاهبة , وأخبارها المأساوية , التي أصبحت برنامج يومي ( مدرسي ) لشعوبنا تعيشه كل يوم , منذ الصباح يتلى و يكتب لها أو نكتبه نحن بأيدينا , بطباشيرنا المحلَية , على ألواح صدورنا بدموعنا ودمائنا وأشلائنا ..!!؟؟
نعيش واقعنا المرَ , وأخبارنا الحزينة بين التشاؤم والتفاؤل . بين الألم والإصرار على مواصلة الكفاح والنضال , بالموقف والكلمة , الكلمة المنحازة أبد ا وأبدا ا للحق والحقيقة , التي لا تحمل سوى لغة السلام العادل , والحرية والمحبة, سوى العدالة والمساواة , ومحاسبة و محاكمة المجرمين والقتلة .. وإعطاء مساحة لحقوق وحرية الإنسان المقدّسة . ليعيشها فعلا في وطنه المصادر أو المحتل من قبل العدو الخارجي الأجنبي , أ والعدو الداخلي الديكتاتوري , والرجعي المذهبي الميليشياوي الذي لا يحتكم إلا بلغة وقوّة السلاح والجهل والسلفية ..
.......
الحقيقة دوما عنيدة .. قاسية .. وعالية , دائما وأبدا .. لها أثمان لإعلانها وانتصارها . إن الحقيقة والحرية .. تنتمي إلى خط ومبدأ واحد ..
الحقيقة لها أثمان غالية باهظة على كل صعيد وموقف وقضية عادلة . تحتاج للمدافعين عنها والعنيدين في سبيل انتصارها إلى مواقف جريئة وتضحيات جسام .. حتى تظهر للعيان وتتحقق .. وتعاش ...
" إختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء " . " المحبة لا تفرح بالإثم , بل تفرح بالحق " .
أتساءل .. وأسأل , متى كانت الأكثرية دائما تقف مع الحقيقة .. أو تنحاز لها الأكثرية .. ؟
متى كانت الحقيقة تتم بالإجماع .. ؟ أي إجماع كل الناس في أي موضوع حق وطني .. وأخلاقي .. ومبدئي ؟
تعلّمنا وتدلّنا أحداث التاريخ القديم والحديث .. والبشرية جمعاء على القلّة القليلة من البشر , وأحيانا أشخاص معدودين أو وحيدين أحيانا , يحملون لواء الدفاع عن الحق والحقيقة .. وهي بالتالي تكون ليست لخدمة ومصلحة ذاتية لشخص واحد بل لمصلحة وخدمة المجموع العام بالمحصلة النهائية .
الحقيقة لها شهداؤها دوما كما الحرية , كما الكلمة الحرَة الصادقة , لأن الحرية مضمونها يقع أو ينمو ويعيش في حضن الحقيقة .
عشنا وشاهدنا بالصوت والصورة في الماضي القريب والبعيد الجريمة بل الجرائم الكبرى المتتالية التي وقعت على أرض لبنان الشقيق وشعبه , اغتالت الشهداء : الرئيس والوزير والكاتب والنائب الإعلامي والسياسي , اغتالت العامل والمرأة والطفل والناس العاديين .. وأفراد من الجيش جنودا وضبّاطا .. وما تزال حتى اللحظة تعبث في أمن وسلام وحياة المواطنين جميعا ..
واليوم شاهدنا أيضا جميعا على شاشات التلفتاز .. إجتماعا جديدا في مجلس الأمن .. صدر عنه القرار- 1757 – أعلنته العدالة الدولية في مواجهة الإرهاب في لبنان لمحاكمة القتلة والمجرمين الذين نفذ وا الجرائم السابقة الذين ذكرناها اّنفا .. وقد أيدت هذا القرار 10 دول منها : أميركا فرنسا بريطانيا إيطاليا بلجيكا إيرلاندا وسلوفاكيا ) , و5 دول امتنعت ( قطر روسيا الصين أندونيسيا جنوب أفريقيا ) , والنظام السوري يحذَر ويستنكر هذا القرار ..
......
جيّد أن يحاسب المجرمون والقتلة على يد محاكم دولية – بعد استحالة محاكمتهم وطنيا – ولكن دون التدخَل بشؤون البلد - وهذه أول خطوة تخطوها الأمم المتحدة في وضع حد للإرهاب الدولي – وأول قرار من نوعه أيضا في هذا المجال , نأمل أن يسير بكل أمانة ونزاهة وعدالة لخدمة الحقيقة .. وردع كل من يتدخل في شؤون البلد الاّخر والعبث في أمنه وسلامه .
جيّد اليوم أن الأمم المتحدة تصون وتنشر العدل وتدافع عن الحق والحقيقة وتحمي حقوق الإنسان في أي بقعة في العالم , المسؤولة عن أمن هذه الأرض والساكنين فوقها .. ووضع حد للنزاعات والصراعات المزمنة والجديدة في الكثير من عالمنا الكبير الواسع المتشابك المعقد العلاقات والمصالح والنفوذ والسيطرة ..
رائع جدا .. أن تبدا هيأة الأمم المتحدة بتطبيق العدالة التي تمثلها وتنادي بها وتقوم بواجبها وهي الحفاظ على الأمن والسلام العالمي – جيد أن تعي دورها كما يجب دون الكيل بمكيالين وتنصف المظلومين والمهدَدين بحياتهم وأمنهم ..
نتمنى من هيأة الأمم المتحدة وبكل رجاء .. أن تبدأ بخط ومنهج جديد يعيد لها هيبتها وتجديد مسارها وصدقيتها وتقف إلى جانب قضايا الشعوب ومنظماتها أكثر فأكثر .. وتعمل على تأسيس ثقافة ولغَة جديدة لتثبيت وانتصار المبادئ التي قامت على أساسها .
وقد شاهدنا طرحها ودعمها واهتمامها ودفاعها في العقد الماضي حول مبادرتها وتبنيها الحركة والعمل لنصرة حقوق الإنسان وفي طليعتها حقوق المرأة والطفل , وتوسيع وتعميق هذه الثقافة عبر كل الوسائل والطرق والفعاليات العالمية . والنجاحات الملموسة على هذا الصعيد والمستوى . والتطوّر والوعي الذي رافق هذه الخطوة الإيجابية رغم أنها غير كافية , نأمل تعميقها واستمراريتها , وهذه الخطوة والمبادرة هي من صميم وصلب مهام الأمم المتحدة واختصاصها ودورها الإنساني المادي والمعنوي والأخلاقي والقانوني .. تجاه المحافظة على التنمية البشرية والمساهمة في رفع الظلم والإضطهاد عن الإنسان .. وأولها المرأة .. والطفل - بما تملك من أدوات وقواعد ونظريات ووثائق واّلية تسريع في التطبيق على مساحة العالم كله ..
.......
نأمل من العدالة الدولية وقوانينها وقراراتها , وخاصة الملزمة اليوم أن تطال إسرائيل الإرهابية الأولى في المنطقة ومهدَدة للسلام في العالم , التي اغتصبت مقدّسات تاريخية عريقة ومنعت ملايين البشرفي المنطقة والعالم من زيارتها وإقامة شعائرهم وطقوسهم فيها ..
اغتصبت وطن , وأبادت شعب بكامله وشرَدته وما تزال تضطهده وتذله صباح مساء بل في كل ثانية ترتكب مجزرة .. على فترة قرن من الزمن وما زالت في غطرستها وإرهابها , ولم تقف عند حد , بل تريد المزيد , ولا قرار دولي وضعها عند حدها . أ وتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومحاسبة جرائمها ومجازرها في لبنان , واغتصابها للجولان الحبيب .. وفلسطن العزيزة .. وهذا تقصير وانحياز فاضح وصارخ في مصداقية الأمم المتحدة التي هي لكل الدول والأمم والشعوب ..
نأمل من الهيئات الدولية أن تضع في برامجها الجديدة قضايا الشعوب والإهتمام بها . وإقامة العلاقات بينها وبين منظماتها الأهلية وسماع مطالبها وحقوقها العادلة .
.....
هناك درس وأمثولة عالمية جديدة في القانون الدولي .. وهو حدث اليوم , هذا القرار الدولي الجديد المتعلق بلبنان – بمعزل عن حيثيَاته - لا أحلَله تحليلا محليا ضيقا ومنحصرا في الدولة اللبنانية / أو قضية الشهيد الحريري وقافلة الشهداء المستمرة فيما بعد ..
هناك درس أكبر بكثير من محليته – هناك حقيقة كبرى ستنكشف لاحقا إنشاء الله ..
إرهاب دولة سيتعرَى , مجرمين كبار سيتعرَون , وحقيقة ما ستظهر للعلن .. للبشرية جمعاء .. أي ستضع هيأة الأمم المتحدة الممثلة للعدالة في العالم في أول حقيقة مركزية , وأول إختبار وخطوة صادقة, ستكون بداية جديدة , بوابة ستفتحها أمام الشعوب لتدخل منها إلى فضاء وصراحة أكثر شفافية واستمرارية وصدقية لتطوير موقع هيأة الأمم ا لمتحدة .. والعدالة البشرية . وإلا , ستنهارهذه المنظمة , وستولد منظمة بديلة عنها وتتوازى مع الوعي للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان , والنهوض العام وتلاقي الشعوب وثورة المعلومات .. إن حاكمية القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها سيساعد الشعوب المغلوبة على أمرها والرازحة تحت أنظمة الإستبداد على التحرر من الطغاة ويسقط الدريئة التي يختبئون وراءها = السيادة الوطنية --
اتسير قاطرة الشعوب.... باتجاه السلام وتوطيده في العالم , وحق الإنسان في الحياة , هذا الحق المقدَس الذي تجاوزته الدول وهيأة الأمم المتحدة عقودا وسنينا . هذا القرار يعتبر قرارا مفصليا للوقوف و للتمييز بين العدل والظلم بين الجريمة والبراءة بين الديمقراطية والقمع . بين الإنسان و الغرائز والإرهاب والقتل .. بين الحقيقة وطمس الحقائق .. ليصبح لكل جريمة عقاب لئلا يفلت المجرمون من حكم العدالة ..........
إذا احترمت الدول والشعوب نفسها وكيانها ومبادئها ودساتيرها عليها أن تتضامن وتتضافر جهودها للقضاء على كل مرتكبي الجرائم , لكي تنتفي من عالمنا كل بؤر النزاعات والحروب والقتل وعدم الإستقرار والجريمة المنظمة وغياب القانون , وأنظمة القمع المزمنة التي تستند إلى شريعة الغاب , لتنتصر شريعة القانون ويسود التاّخي والسلام والإحترام المتبادل بين الشعوب ..!؟
نصلّي .. نصلَي لأوطاننا من كل قلوبنا .. لخروجها من جحيم الموت والكوارث .. لإعادة السلام .. السلام .. السلام لربوعها ..
كلنا أمل أن تنتصر العدالة لشعوب الأرض كلها .. ألف مبروك لشعب لبنان الشقيق في هذا الإنجاز لبلوغ الحقيقة ....
مريم نجمه / لاهاي / 31 / 5
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟