|
القمع الثقافي
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 1932 - 2007 / 5 / 31 - 06:46
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الثقافة التي أنتجها الإنسان لا تتناسب مع طبيعة بناء شخصية المرأة والإناث فكل خلية في المرأة تثبت أنها أنثى حنونه وعاطفية ومقموعة وكل خلية في الذكر تثبت أنه قاس وحقود ومثقف إستخدم الثقافة من أجل تبرير إنتهازيته وعدوانيته للطبيعة الأم . وأنا كرجل أؤمن بكل هذا وأؤمن بأن التقدم العلمي قد ساعد الناس على قهر بعضهم البعض وحيث أنه من المفترض أن يكون للعلم والثقافة دور أكثر إنسانية إلا أن الأمور جاءت على عكس النتائج المتوقعة للعلم فقد خيب العلم الأمل في إسعاد الناس . والإنسان لم يكن يستخدم العلم إلا في فترة متأخرة وكان بحياته العامة متجانس مع الطبيعة ويمشي وفق ما تصنعه له من مغريات وحين بدأ الإنسان يستخدم العلم والثقافة بدأ مع هذا الإستخدام يقهر الطبيعة وحلت الثقافة المصطنعة محل الثقافة الأم وبدأ الإنسان يقهر نفسه ويقمعها . وإن شهواتنا المكبوتة عاطفيا كانت هي في الأصل قد وهبتنا إياها الطبيعة حين لم تكن هنالك محرمات -تابو- فالمحرمات أي التابو أو كما يلفظونها عربيا -الطابو - هي التي عملت على تراكم جملة من الثقافات التي تظطهد الإنسان وأصبحنا نطلق عليها اليوم إسم :الشهوات المكبوتة عاطفيا فقبل أن يدخل الإنسان عصر الثقافة لم يكن الإنسان يعرف المكبوتات وكان لضعف أجهزة التحكم بالإنسان دور رئسي بإشباع رغباته الحسية والنفسية . واليوم مازلنا نعاني من الرواسب الثقافية التي عششت في نفوسنا وما زلنا نحلم بالإنفلات منها حتى أن المتدينين دينيا يحلمون أنهم يمارسون الجنس مع جاراتهم ومع من يرون أثناء النهار من نساء وحين يستيقظون من أحلامهم يتعوذون من الشيطان الرجيم والشيطان هنا هو العصر الذي كان به الإنسان بلا ثقافة ومحرمات . وإن رواسبنا الثقافية المؤلمة بدأت منذ دخل الإنسان العصر الرعوي الذي أنتج بدوره ديانات قهرية مثل :اليهودية والإسلام والمسيحية علما أن المسيحية هي الجزء ا لأكثر تسامحا مع رغبات الإنسان في بدايتها ولكن تطورت الثقافة بعد ذلك مع دخول الإنسان عصر الإقطاع وقد ساهم البابوات في تشريعات جديدة تتناسب مع حجم الإقطاع وإزداد الإنسان قهرا .
ففي المجتمع الزراعي مع تقدم الإنسان في مجال الزراعة البدائية كان للمرأة أهمية غير عادية وذلك بسبب تقارب وظائف المرأة اليولوجية مع وظائف الطبيعة وحين دخل الإنسان العصر الرعوي بمفاهيمه الحربية والإستعلائية والذكورية البطريركية الجامحة نحو التسلط الإقتصادي كان هذا التسلط قد تناسب مع الذكر الذي تنقصه الخبرة في العواطف التي تحترفها المرأة وبدأ مع غياب عنصر التشويق بين العاطفة والعقل يستخدم الذكر أدواته من خلال مواصفاته في تأطير بنى إجتماعية حديثة عملت هذا البنى على خلق شرائح إجتماعية مناهظة للعوطف وبدأ الإنسان يطور تلك المفاهيم حتى أصبحت ثقافة دينية وقد إنتهز الأنبياء والمصلحين فرصة غياب التقدم الصناعي والعلمي لتجيير معتقداتهم لصالح إله غائب عمليا وحاضر ذهنيا ونسب إليه كل ما يطمع به مجتمعنا نحن الرجال مجتمع الذكور من أجل تبرير ذكوريتهم وكان للتخطيط السيء مع التقدم العلمي أثر آخر قد برز في عصر الإقطاع . ومنذ تلك اللحظة ظهر الإنحياز -الجنوسي -لصالح مجتمع الرجال وظل هذا الوضع سائدا حتى دخل الإنسان العصر الصناعي وبدأ يغير حياته بفعل الآلة وليس بفعل اليد .
لذلك بدأت المفاهيم تتغير شيئا فشيئا عن المرأة التي ساعدتها الآلة على دخول العمل بجانب الرجال وإن الفضل في ذلك ليس لتغيير طبيعة الذكور أو للإنسانية وإنما الفضل بذلك للألة الصناعية التي وفرت على الناس الجهد العضلي وهذه كانت عقبة في وجه المرأة التي تمتاز بقوى عضلية لينة وقد لانت عضلات المرأة بسبب حرمانها من العمل والإنتاج وقد ساعد على ذلك طبيعة وظائفها البيولوجية من حمل وولادة التي تستغرق أكثر من عام لذلك كانت تجلس في المنزل بلا عمل وهذا عمل على ليونة جسمها الذي نحبه ونرغبه وكذلك كان لحوضها الذي يبلغ 60 درجة وقد تحخثنا عن هذا الموضوع سابقا . واليوم لايوجد أي مبرر لبقاء الرواسب الثقافية بيننا إبان ظهور أنماط جديدة من الإنتاج وليس هنالك أي مبرر للإنحياز الذكوري والجنوسي فكلنا اليوم أمام الآلة سواء بسواء. وإن دخول عصر الآلة أعطتنا جميعا حقنا في الرفاهية والديمقراطية في حرية الرأي والتعبير وهبتنا جمعا حقنا في أن نحيا حياة كريمةبعيدة عن القمع والإرهاب الذي يرهب العوطف والأحاسيس معا ,ومع تلاشي الثقافات القديمة ورواسبها يجب أن تستجيب الحكومات العالمية لمبدأ تحسين الحريات وتوسيعها وأن يكون لنا كشعب دور آخر وجديد في تحسين النمو العاطفي والوجداني أكثر وأكثر من أي وقت مضى .
وطبيعة بناء الرجال العاطفي والوجداني لا يتناسب في هذه اللحظة مع التغيرات التي تطرأ على المرأة وحتى نتمكن على الصعيد العربي من تحسين دور المرأة في تغيير حياتنا يجب أن نزيد من العوامل التي تحسن من إستقلاليتها وإستقلالها وأن تفتح لها الأبواب على وسعها من أجل إعادة العصر الأمومي-المتريركي-الذي لم يكن به عقد ثقافية كما هو اليوم. والتقدم العلمي اليوم ليس كالتقدم الثقافي في العصر الزراعي والرعوي فهو يهدف إلى تحسين الحياة العامة اليوم وترفيه الإنسان عاطفيا بما يتناسب مع شروط التنمية الحقيقية الشاملة فالثقافات القديمة كانت تفرض نمطا إجتنماعيا يتناسب مع مؤهلات ظروف الإنتاج واليوم الموضوع متشابه فالإنتاج الحديث قد ساعد أيضا على خلق ثقافة جديدة من أبرز سماتها :الحرية في التعبير عن الرأي والرأي الآخر ودخول إقتصاد السوق ومحاولة إعادة بناء الطبقة الوسطى والسعي لنموها وإستثمار قوى التغيير بغظ النظر عن مرجعيتها . إن القمع الثقافي في أغلب جوانب حياتنا قد ساعد على نموه العصر الإقطاعي الذي إمتاز بالقبضة الحديدية على كل شيء وكانت الظروف تتطلب القمع من أجل تعزيز الإنتاج لأن الناس كانت تنفر من العمل الشاق ولم يكن هنالك أي رضا وظيفي عن العمل وكانت هنالك علاقة قهر بين العمل وبين العامل وعلاقة قسر وإظطهاد بين رب العمل وبين العمال أنفسهم ولذلك كانت الحريات العامة مفقودة وكان أي تدخل في تحسين العلاقة بين رب العمل والعمال يؤدي بالتالي إلى إعاقة العمل لذلك كان قمع أو القمع بكل مظاهره ميزة تميز الحياة القديمة عن الجديدة . واليوم العمال مرتاحون من طبيعة العمل الذي تقوم به الآلة ولا داعي للقهر والإستبداد أما في الدول العربية فما زال الحكام راضون عن تحسين الإنتاج بفعل الآلة ولكنهم يخلقون مبررات غير منطقية لقمع مظاهر الحياة العامة التي من المفترظ ان تسودها الحرية العامة وهم يدعمون بناء المساجد في كل ربع ميل مربع من الوطن العربي من أجل إعاقة التقدم الحضاري وقمع مظاهر التنمية الثقافية في كافة أشكالها . والهدف من ذلك هو من أجل بقائهم في السلطة وعملية بقائهم في السلطة تهددها مظاهر الحياة لجديدة وهذا حقيقة لا مناص منها ولذلك فهم يحاولون بشتى الوسائل توظيف العقليات القديمة في مؤسسات المجتمع المدني الحديث ودعم وجهاء العشائر وإظطهاد المثقفين لأن أولائك يحافظون على السلطة بسبب ولائهم للمؤسسات القديمة الثقافية والإجتمناعية . والقمع الثقافي يضرب جذوره فينا فنحن مازلنا نعلم الأطفال في المدارس على الحفظ والتلقين ونقمع ما بروحهم من عصف ذهني كي تظل الحياة على إسلوبها الجديد وما زال الحكام الإداريون في الوطن العربي وجهاء عشائر حتى وإن كانوا مثقفين في الجامعات وهم يحملون أجندات قديمة قمعية كل المثقفين يعانون منها إلى اليوم .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التنمية والحرية
-
الأديبة الأردنية الراحلة :رجاء ابو غزالة2
-
شبهات حول المجتمع ألعربي
-
في ذكرى موت حبيبتي
-
نمط ألحياة في مكة إبان القرن السادس ألميلادي
-
التطبيع ألثقافي
-
الأديبة ألأردنية رجاء أبو غزالة ونظرية دارون
-
المرأة والمفاهيم ألخاطئة
-
الخلفاء ألعرب يعشقون ألنساء وكتاب للجاحظ عن ألنساء
-
الرئيس لنكولن والرئيس كندي
-
يساري إجتماعي
-
ضاجعتها في ألزاويه
-
عذاب الناس
-
ألوعي بالتاريخ
-
الانسان ألذي يحيا وألإنسان ألذي يعيش
-
حياة ألناس
-
تحديد النسل 2
-
التاريخ والحكمة والتزوير
-
لغة ألمجتمع ألمدني ألحديث
-
رسالة الى ابي
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|