أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد هجرس - إنصاف ضحايا التعذيب مدخل حقيقي لإعادة الجذوة للمشروع الإصلاحي















المزيد.....

إنصاف ضحايا التعذيب مدخل حقيقي لإعادة الجذوة للمشروع الإصلاحي


خالد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 586 - 2003 / 9 / 9 - 02:18
المحور: حقوق الانسان
    


نائب الرئيس ومسئول العلاقات السياسية

بالمنبر الديمقراطي التقدمي- البحرين

 

يمتاز أهل الجزر بشكل عام بطيبة قلبهم وانفتاحهم على الآخر لسبب بسيط وهو أن الجزر بطبيعتها تكون مرفأ لعبور مختلف الأجناس والثقافات منهم من يحط رحاله إن وجد طيب الإقامة ومنهم من يشد الرحال بعد حين. لذلك تكون طبيعة هذه المجتمعات منفتحة ومتعددة الثقافات بسبب التلاقح الذي يتم بين أهل الجزر الأصليين والوافدين.

 

وشعب البحرين أحد هذه الشعوب الجزيرية التي تمتاز بالطيبة والتسامح لأبعد الحدود حيث كانت البحرين منذ القدم محطة وميناء مهم وكانت محط انجذاب للآخرين منذ أيام دلمون إلى العصر الراهن، ولنا في أسطورة جلجامش ورحلة البحث عن زهرة الخلود في دلمون ومجموع القبور الأثرية نموذجاً لذلك التأثير والتجاذب. فشعبنا، ومنذ القدم، متكافل ومضياف، وقد ظلت هذه الخصال كامنة فيه برغم ما شاب المجتمع من سيادة قيم الفردية والأنانية. ولا يستطيع أحد أن ينسى كيف فزع شعب البحرين إبان كارثة تحطم الطائرة التابعة لطيران الخليج حين هبت الناس لمواساة المكلومين دون أن يعرفوهم وكان المعزون ينتقلون جموعاً بالعشرات من مقبرة لأخرى ومن مأتم إلى آخر لتقديم التعازي لأهالي ضحاياالطائرة المنكوبة.

 

لقد قدمت الناس نموذجاً حياً لهذه الطيبة وأثبت الشعب بأن قلبه كبير، والتفت حول الملك منذ انطلاق الحملة الإصلاحية مروراً بالتصويت على ميثاق العمل الوطني حيث قدم الشعب مثلاً رائعاً عن تطلعه للأمام وكيف أن الشعب البحريني مستعد للتسامي على الجروح والنظر للمستقبل، وكان أهالي سترة الذين كادوا أن يحملوا سيارة الملك على أكتافهم من الفرح بسبب الانفراج الذي حصل هم أنفسهم الذين كانوا في المظاهرات الاحتجاجية التي كانت تطالب بعودة الحياة النيابية وتفعيل الدستور قبل ذلك لسنوات.

 

ومنذ انطلاق هذه المسيرة الإصلاحية تحققت على الأرض العديد من المنجزات إذ تم تبييض السجون وعاد المنفيين من منافيهم وتم تأسيس المجالس البلدية وعادت الحياة النيابية برغم بعض التحفظات الجوهرية فيما يتعلق بصلاحيات المجالس البلدية والبرلمان، كما تم تحقيق تقدم حقيقي في مجال حقوق الإنسان والحريات. ولكن الواقع يشير إلى أن هذا الوهج قد بدأ يخفت وأن المشروع الإصلاحي قد بدأ يفقد جذوته حيث يجري الالتفاف على الكثير من المكتسبات ولا زالت الكثير من الملفات عالقة دون أن يجد المواطنين خطوات عملية لحلها كقضايا البطالة والإسكان والتعليم والفساد المالي والإداري وتكافؤ الفرص والمساواة في التعيينات الإدارية والوظيفية في كافة أجهزة الدولة بصيغة لا طائفية ومسألة استمرار التجنيس العشوائي والمشاكل الصحية والبيئية وغيرها من الملفات التي تطرح نفسها بإلحاح وتتطلب حلولاً ناجعة تجتثها من الجذور.

 

إحدى هذه الملفات التي بحاجة لمعالجة جادة والتي قد تكون إحدى المداخل الحقيقية لإعادة الجذوة للمشروع الإصلاحي هي مسألة الشهداء وضحايا التعذيب، إذ أن للمسألة أبعاد وتبعات إنسانية ونفسية واجتماعية وسياسية وحتى اقتصادية. بات مطلوب غلق هذا الملف ولكن السؤال الذي يتبادر للذهن هو كيف يمكننا القيام بذلك؟ لا شك أن الأمر صعب لمن فقدت زوجها وعانت الأمرين من فقد الزوج والحبيب وحمل كاهل تربية الأبناء، كذلك الحال لذلك الابن أو الابنة التي لم تشعر بحنان الأبوة ولم تعرف والدها إلا من خلال الصور وما تسمعه من أمها أو من الأهل والأصدقاء. ناهيك عن معاناة تلك الأم الثكلى وذلك الوالد الذي وارى جثمان ابنه الثرى، ومعاناة من لا يزال على قيد الحياة وقد تسبب ما تعرض له من قسوة المعاملة بعاهة جسدية أو ذهنية حيث لا يزال بعضهم يتلقى العلاج من هول ما تعرض له ورآه من مناظر. كيف ينسى ذلك الذي فقد عزيز عليه وهو رهن الاعتقال ومنعته ظروف السجن من حضور الجنازة؟ ثم ما جريرة ذلك الذي تعرض للنفي والتشريد وعاش خارج الوطن لسنوات عديدة محروم من رؤية الأهل والأحبة؟ قس على ذلك أمثلة ومآسى كثيرة تدمع لها المآقي.

 

لقد جمعت اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب توقيعات 33 ألف من أبناء البحرين على عريضة شعبية تطالب بوضع حل عادل ومنصف حسب ما ورد في دستور البلاد وميثاق العمل الوطني والقوانين والمعاهدات الدولية، وهذه مسألة ومؤشر من المهم الالتفات إليه، فهو يدل من جهة على حجم التعاطف الشعبي الذي تحظى به هذه القضية ويدل من جهة أخرى على أهمية أن يتم غلق هذا الملف. لا تحل القضية بجرة قلم بل بمجموعة إجراءات يتم بموجبها تطييب الخواطر وتهدئة النفوس وطي الملفات ومعها الحقبة السابقة إلى الأبد.

 

من الإنصاف القول بأن العريضة الشعبية لم تطالب بالقصاص من مرتكبي جرائم التعذيب ولم يكن هذا الغرض أو الدافع وراء البدء بها من الأساس ولكنها طالبت بأن يتم حل الموضوع بصورة مرضية وعادلة تعيد لمن أصابه الأذى كرامته وحقه الذي تم هدره. ولنا في تجارب الدول التي مرت بظروف مشابهة دروس وعبر في كيفية حل هذه المعضلة وتحقيق مصالحة وطنية ترضي جميع الأطراف وتنهي القضية.

 

في جنوب أفريقيا- حسب علمي- كانت تعقد المحاكمات لمرتكبي جرائم التعذيب وتتم الإدانة ثم يصدر قراراً بالعفو برضا الضحية حيث تغفر الضحية عن الجلاد ويتم غلق الملف وهكذا. أما في المملكة المغربية فقد تم تطبيق نظام مختلف لتحقيق المصالحة الوطنية إذ تم حصر الضحايا وتوزيعهم على فئات ودرجات مختلفة بحسب السنوات ودرجات الضرر وتم صرف التعويضات على المتضررين وأسرهم كشكل من أشكال التصالح.

 

ليس هناك من حل مثالي لهذه المسألة ولكن من المهم ألا ندفن رؤوسنا في الرمال ونتعامى عن المآسي والمشاكل التي يتعرض لها هؤلاء الضحايا وأسرهم من لوعة وحرمان. فباستطاعة الدولة على سبيل المثال رعاية عقد مؤتمر عام بالتعاون مع اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب يتناول الحقبة وتتم الادانة دون توجيه الاتهام لأحد بعينه ويتم فيه غلق الملف. كما أنه من الممكن أن تعلن الدولة في هذا المؤتمر بتكفلها لتوفير وتغطية تكاليف العلاج الجسدي والنفسي للمتضررين، كذلك بإمكانها أن تتكفل بتعليم أبناء العائلات التي فقدت عائلها للمرحلة الجامعية، وأن تقوم بتوفير السكن للمحتاجين وكذلك العمل اللائق لأفراد هذه العائلات كشكل من أشكال التسوية التي تضمن لهم الفرصة في العيش الكريم.

 

إن العمل الذي تبذله اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب والقائمون عليها عمل رائع يستحق كل تقدير وثناء وعلى المسئولين مد يد العون لها وتشكيل لجنة تضم جميع الأطراف تكون مهمتها الوصول لحل يرضي جميع الأطراف وينهي حقبة تاريخية بصورة مشرفة تؤكد على جدية المشروع الإصلاحي لتجاوز الماضي.

 



#خالد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا ...
- -المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على ...
- 5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين ...
- مذكرة اعتقال نتانياهو.. هل تتخذ إدارة ترامب المقبلة -خطوات ع ...
- نتنياهو وغالانت والضيف: ماذا نعرف عن الشخصيات الثلاثة المطلو ...
- زاخاروفا تعلق بسخرية على تهديد أمريكي للجنائية الدولية بشأن ...
- ما هو نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية؟
- كيف ستؤثر مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت على حرب غزة ول ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد هجرس - إنصاف ضحايا التعذيب مدخل حقيقي لإعادة الجذوة للمشروع الإصلاحي