شاشات المرأة... عودة إلى العصر الجاهلي

نور الدين الأعثر

الحوار المتمدن-العدد: 586 - 2003 / 9 / 9 - 02:13
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

    الحياة     2003/09/6
 
البرامج النسائية أكثر من كلام نواعم 
على رغم أهمية البرامج النسائية التي تقدمها بعض المحطات العربية، فإن كثيرين ينظرون اليها على أنها متكررة ومتشابهة ولم تستطع حتى الآن تشكيل "رأي عام" حول القضايا المثارة، باعتبارها موجهة إلى النخبة من النساء تلامس هموم شرائح واسعة منهن.

ومع تزايد المحطات الفضائية العربية، التي وصل عددها بحسب آخر احصاء إلى اكثر من 50 خلال السنوات الأخيرة، ازدادت البرامج الموجهة إلى المرأة وبمشاركة نساء من مختلف الاتجاهات الفكرية الليبراليـة والإسـلامية.

ويرى خبراء إعلاميون ان البرامج النسائية على الفضائيات العربية "لا تزال تتناول قضايا المرأة قبل مئة عام، ولم تخرج بعد من تحت عباءة قاسم أمين، وبذلك فهي تسيء عن غير قصد للمرأة العربية، وتصوّرها على انها لا تزال تعيش خارج عصرها مظلومة ومتخلفة تبحث عن الإنصاف من رجل شرقي متعصب لأبناء جنسه".

وينتقد هؤلاء بعض البرامج "التي تتخذ من الرجل "سي ــ السيد" موقفاً عدائياً وتصوره على انه مغتصب لحق المرأة في الميراث ويستولي على راتبها الشهري ويأخذ ثمرة جهدها في محاولة رخيصة ومبتذلة لاستعطاف المشاهد على "الضلع القاصر" في المجتمع، بدلاً من ان تركز على فتح ملفات أهم واعمق لكسر الطوق المفروض عبر العادات والتقاليد والعمل على إزالتها بالحوار الهادئ والموضوعي وبمشاركة الرجل الذي بيده مفاتيح الحل للكثير من المشاكل التي تواجهها المرأة في حياتها".

وتعتقد مديرة البرامج التنموية في التلفزيون السوري فيروز نصر ان هذه البرامج "لن تنجح لأنها بدأت في عملية فصل بين الرجل والمرأة من خلال العناوين التي اتخذتها لبرامجها مثل برنامج "للنساء فقط" الذي تبثه محطة الجزيرة الفضائية و"كلام نواعم" على محطةmbc فبهذه العناوين تكرس الـواقع المفروض وتضع الحواجز بين الجنسين".

وتقول نصر: عندما احدد الشيء ونوعه أضعفه وأنا ضد ان تحاور المرأة المرأة في شؤونها لكن مع ان يحاور الرجل المرأة لأن المرأة تفهم نظيرتها بأحاسيسها ومشاعرها ولكن من يستطيع ان يستفز المرأة ويخرج ما بداخلها من أفكار وتحد هو الرجل لأن الطرفين مختلفان أما طرفان متشابهان فلا يؤدي الحوار بينهما إلى نتيجة وكما يقول المثل الشائع: "اسمع "جعجعة ولا أرى طحناً".

وتضيف نصر: "ان عنوان برنامج "للنساء فقط" على محطة مشاهدة ولها جمهورها الواسع خطأ وغير حضاري ويكرس مفهوم الجواري، وقد اغلق نوافذ عدة بهذا الاسم، منها استبعاد مشاركة الرجل ومنعه من ابداء رأيه. والعمل الصحافي، كي يحقق نجاحه، يجب ان يكون ذا شعبية واسعة وهذا ما تفتقده البرامج النسائية على الشاشات العربية واعتقد ان هذه البرامج لا تصل إلى شريحة واسعة من المجتمع لكونها موجهة عبر مواضيعها إلى النخبة فقط وأن من يتابع هذه البرامج عدد من الباحثات والكاتبات وبعض العاملات في الجمعيات الأهلية ومراكز البحوث".

ويعتقد باحثون اجتماعيون ان ما تطرحه البرامج النسائية على الشاشات العربية هذه الأيام "أشبه بطير يغرد خارج سرب الظروف السائدة والأجواء العامة التي تعيشها المجتمعات العربية.

يقول الباحث الاجتماعي عادل دياب العلي: "على رغم ان هذه القضايا تعتبر ذهنية من حيث تماسها بصاحبة المشكلة، غير ان الظروف حالياً لا تساعد على ان يجعل منها الرأي العام شأناً تتمحور حوله اهتماماته في ظل تداعيات مصيرية تحيق بالجميع ذكوراً وإناثاً، ومن مختلف الشرائح والاتجاهات والفئات".

ويضيف: "لكن هذا لا يعني ان ما تقدمه برامج المرأة من قضايا غير جديرة بالطرح والنقاش وإنما التوقيت يبدو في غير محله. ولذلك فإن الحديث عن رأي عام متابع قيد التكوين حول تلك البرامج، يبدو طرحاً غير واقعي لأن الرأي العام منصرف إلى قضايا ذات طابع سياسي مصيري يعتبرها محور اهتماماته بالدرجة الأولى".

وفي المقابل ترى متابعات للبرامج النسائية العربية ضرورة قيام المحطات الأخبارية بتنويع برامجها وببث هذا النوع من البرامج التي عالجت الكثير من القضايا المهمة مثل واقع المرأة في العمل الديبلوماسي وتجارة الرقيق بين الدول العربية ووضع المرأة في الحروب ودورها في تفعيل سلاح المقاطعة وغيرها الكثير من المواضيع التي عززت مكانة المرأة في المجتمع.

وتقول الصحافية هدى السقا في هذا السياق إن "إنتاج برامج تبرز المرأة على انها فاعلة في مجتمعها له دور سياسي واجتماعي مهم، لأنه ساعد في تغير النظرة تجاه المرأة من كونها رمزاً للموضة والجمال إلى رمز اجتماعي وسياسي فاعل فضلاً عن ان تلك البرامج كسرت قاعدة العديد من البرامج التي كانت سائدة في السابق والتي كانت تعنى بالأمور المتعلقة بالطبخ والموضة والتزيين".

 

 

#نور_الدين_الأعثر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات