انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان
الحوار المتمدن-العدد: 1930 - 2007 / 5 / 29 - 12:04
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
لايملك المرء المتتبع للمشهد السياسي الدولي إلا ان يغير (من الغيرة) من البون الشاسع بين الفتوحات الديموقراطية التي تراكمها البشرية في الغرب الاوروبي وبين الديكتاتورية الجاثمة على صدور الشرق والتي تنخر جسد الشعوب المستضعفة التواقة الى الحرية والانعتاق .
ففي فرنسا ادلى الناخب الفرنسي بكل حرية ونزاهة وراحة بال بصوته لمن اختاره في الانتخابات الفرنسية التي جرت اخيرا دون ان يكون لعواقب صوته أي تأثير على مستقبله السياسي او المهني فالعقلية الديموقراطية الفرنسية لا تقبل الانتقام بسبب الآراء او المواقف .
في المقابل بسوريا اجري ما يسمى باستفتاء على تجديد الولاية الثانية ولن تكون الاخيرة طبعا للرئيس بشار الاسد ، المثير للإنتباه ان الاستفتاء على تجديد ولاية الرئيس كان علنيا أي لا يسمح للناخب السوري ان يصوت الا بنعم ، والنتيجة كما هو مسلم به 99.99 في المئة، اننا نعيش هزائم متوالية ونكسات ديموقراطية هي مجمل تاريخ الشرق الاوسط .
هناك في بريطانيا قرر رئيس وزرائها توني بليرالتنحي عن السلطة طواعية و بتقدير عالي لمصالح بريطانيا الاستراتيجية ورضوخا لصوت الشعب الذي طالب برحيله بعد اخطائه في العراق وفي مشاكل داخلية اخرى مرتبطة بالتضخم والاقتصاد، افسح المجال لشخصية سياسية مرموقة -لتصحح ما قد يكون بلير اخطأ فيه- وهو وزير الاقتصاد في حكومة بلير و احد كبار المتخصصين في الاقتصاد الاجتماعي ، المهم ان الديموقراطية البريطانية قادرة على تجديد نفسها فلا خوف عليها.
هنا في المغرب تورث الاحزاب السياسية كما تورث الوزارات ولا مجال للتناوب او التداول ولا لثقافة الاعتراف بالأخطاء السياسية وبالانتهاكات الجسيمة ، في بلدنا رئيس برلمان مخلد في منصبه منذ بداية الستينات وعائلات في البرلمان ، الخياري واخته ، عبدالرزاق افيلال وزوجته ، محمود عرشان وابنه ، علي قيوح وابنه وهلم جرا في الوزارات نفس الشيء وفي الاحزاب نفس الشيء ، ان الديموقراطية لا تكون ولن تكون الا باستبعاد الشخصنة وتقنين التدوال داخل المؤسسات التشريعية وداخل الاحزاب السياسية.
هناك في اسرائيل اعترف رئيس الوزراء يهود اولمرت بمسؤوليته السياسية عن هزيمة جيشه في حرب لبنان 2007 ، واستطاعت لجنة مشكل من خبرات قضائية وعسكرية وسياسية مستقلة ان تسائله عن الاخفاقات في الحرب وان توصي بعدة توصيات وخرج الشارع الاسرائلي مطالبا برحيل اولمرت وعمير بيريس وغيرهم فكانت الديموقراطية في اسرائيل نموذجا في سيادة القانون على الجميع وفي شجاعة المسؤولين عن الاعتراف بالأخطاء ،
عندنا في الجزائر قاطع اكثر من ثلثي الشعب الجزائري الانتخابات التشريعية الاخيرة ، لكن النظام الجزائري اصر على المضي في مسلسل سياسي معزول عن الناس ، فمتى يبزغ فجر الديموقراطية في الجزائر؟
ان بإمكاننا ان نحصي المئات من المتناقضات بين الديموقراطية هناك والديكتاتورية هنا ، هناك حيث المواطن فخور بوطنه ولغته وحاضره ، هنا حيث المواطن ليس مواطنا كامل المواطنة ، يعاني الفقر الاقتصادي والظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي. لكن عزاؤنا في غياب الديموقراطية ان نقول بأن دوام الحال من المحال.
#انغير_بوبكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟