عبد الزهرة العيفاري
الحوار المتمدن-العدد: 1930 - 2007 / 5 / 29 - 12:01
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ان عراقنا على شفا حفرة من البؤس . ومما يؤسف له ان حكومتنا الوطنية المنتخبة ـــ كما يتهيأ لنا ـــ اخذت تتلكأ بعض الشيء في مسيرتها التي انتظرها الشعب والتي تفرضها مقتضيات الاحداث الساخنة في البلاد . حتى ان بعض السياسيين الوطنيين يعتبرون ان الحكومة اخذت تلعب با لنار والشعب يتلوى فوق لهيبها دون ان يجد استجابة لصوته . كما يرى آخرون ان المستقـبل تلفه غيوم سوداء عدا تصريحات ووعود لا طائل تحتها . وبالفعل نشاهد حقا ً تناقضا واضحا في السياسة والمواقف من جانب المسؤولين في الدولة . فبجانب الجهود الخيرة لجمع شمل العراقيين وزجهم في سيل واحد من الوحدة الوطنية واصبح التوجه للعشائرووجوه البلد سياسة ثابتة ، يلاحظ المرء بنفس الوقت تراجع السلطـة العليا للحكومة امام اهم المخاطر المحدقة والتساهل الشنيع مع رأس الحربة المغروزة في خاصرة الوحدة الوطنية والعراق عموما المتمثلة بالجيش الصدري وميليشيا الفضيلة هاتان المنظمتان اللتان ابدتا نشاطا هذه الايام على نحو مفضوح . وهذه الظاهرة تدفع الوطنيين العراقيين الى التفتيش عن اصول هذه الظاهرة وجذورها ولا يجدونها الا في عدم الحزم الحكومي تجاه التدخل الايراني القادم من الخارج والذي بدأ يجري بصورة علنية . اضافة الى الضغط الاصولي الاسلاموي ( وليس الاسلامي ) في الداخل . اما ادوات ذلك التدخل ( الخارجي والداخلي ) هذه المرة تتمثل بالذين يرتدون اللثام لحجب وجوههم عن اعين الناس . اؤلئك الذين بدأوا يسيرون في شوارع مدينة الثورة ( الصدر حاليا ) بصفوف "عسكرية" بأوامر تصدر اليهم من اوكار تتخذ ها عناصر ( معينة) كمقرات اوغرفة عمليات في المدينة نفسها !!!! ومثلهم في البياع وغيرهما . ومن الواضح ان العناصر القائدة لهذه العمليات غير متجانسة . فبعضهـم من الافند يــة واخرون من ازلام تتشح بألبسة ينتمي اصحابها الى المقدسات الدينية ( بدون حق ) واغلبهم اما من العائدية الايرانية او من المأجورين والملتصقين بدولة الفقيه الظلامية الكائنة شرق بلادنا .
ولكن المشكلة الاساسية لا تكمن في الجيش الملثم . فانه يحتل المرتبة التالية من المأساة. اما المسألة الابشع اثرا ً هو التراجع الحكومي امام المتآمرين على دولتنا ودستورنا وعموما على حياة مواطنينا ومستقبل بلادنا وهم قادة هذه التشكيلات المناهضة للدولة العراقية . .
وانا كعراقي ، حيث يهمني امر بلادي في الصميم ، بالضبط كما يهم الوطنيين الاخرين ، اخذت افكر بعد ان تكررت تطاولات ما يسمى جيش المهدي وغيره من الميليشيات على حكومتنا دون رادع وان الجثث لا تزال ترمى في الشوارع والازقة كل يوم والخدمات مشلولة تماما . اذ يبدو ( والعلم عند الله ) ان هناك تخديرا ً من جهات عليا تعمل لصالح ايران . وهذا التخـــديــر( كما يتكلم عنه الكثير من الناس ) يمارس على رأس الحكومة لكي لاينفذ ما التزم به امام العالم وهيئة الامم المتحدة وممثلي الدول الذين ابدوا احترامهم وتأييدهم للعراق وله شخصيا في اجتما ع شرم الشيخ . والالتزام هو حل الميليشيات وتقديم المجرمين من افرادها للقضاء .
لقد بدأت بعض الميليشيات املاء شروطها القاضي باستسلام الحكومة لها بدون قيد اوشرط . انها اخذت تصر ( بحـيـل صدر ) على الطلب بجلاء قوات التحالف من البلاد دون النظر الى عدم قدرة الدولة الان لردع الارهاب والانتصار عليه لضعف قابليات قواتنا المسلحة في الوقت الحاظر . والمعروف لدى اكثر العراقيين ان سبب الطلب هذا مفهوم تماما حتي لابسط الذين لهم خبرة بالالاعيب السياسية . فقوات التحالف تداهم مستو دعات الاسلحة العائدة لفصائل القتلة ثـــم انها تدك اوكار الارهاب بما فيها الاوكار العائدة للمليشيات وعصابات البعث المنضوية تحت خيمة بعض تلك المليشيات . و ان جلاء قوات التحالف من العراق في الوقت الحاضر وبدون تأخير هو مطلب ايراني اصلا ً . الى درجة ان ايران طلبت من المعارضة العراقية قبل السقوط ، الابقاء على نظام صدام . فهو افضل لايران من مجئ الامريكان للمنطقة لازاحة الطاغية !!!!. هذا فضلا عن ان جلاء الامريكان هو مطلب لحزب الله ( بقيادة حسن نصر الله ) وكذلك للعصابات الارهابية التي تطلقها سوريا في لبنان .
اذن ، مطاليب الميليشيات المذكورة بجلاء قوات التحالف ليس وطنية منها وانما امــر له علاقة باجندة الارهاب العالمي ابتداء من الظواهري وابن لادن وانتهاء ًبالارهاب الاقليمي بمشاركة ايران وسوريا . اما الضحية هو العراق وشعبنا الجريح . وان السيد المالكي نفسه لوح باخطار ذلك في تصريحاته الكثيرة .
اننا نؤيد الرأي القائل بأن المصلحة العراقية في الظروف الراهنة واضحة كالشمس . انها تعني تدريب قواتنا المسلحة وايصالها الى درجة تمكنها من المحافظة على الامن الكامل للوطن وتأمين الاجواء الصالحة للبناء والاعمار وذلك قبل الطلب من القوات متعددة الجنسية بالانسحاب من العراق حسب اتفاق العراق مع هيئة الامم المتحدة . فهل من المعقول ترك العراق نهبا بأيدي العصابات الارهابية لان هنــاك متهمـيـن اســاسا ًبجنايات يعاقب عليها القانون ًطلبوا ذلك ؟؟؟ العالم كله يعرف مغبة ترك العراق وحيدا ًبدون غطاء عالمي قدير على حمايته . العراق اليوم مسبي واشلاء القتلى تتناثر كل ساعة والمرأة العراقية تسحب الى الخلف لكي تعيش حياة القرون الوسطى وتنتشر الحرائق في كل مكان حتى بوجود القوات متعددة الجنسية فكيف سيكون الامر بدونها . علما ان الميليشيات نفسها تساهم بالقتل الطائفي ايضا ً والحكومة تعلم بذلك بل ولديها التفاصيل الكاملة عن الواقع المأساوي هذا .
كم هي حاجة بلادنا الى ان تشمر الحكومـــة عن ساعديها وتجنب الشعب الكوارث الاضافية المحدقة به . ونرى ان يتحــرك السيد المالكي باتجاه سد الطريق امام الذين يريدون اضعا ف السلطة ثم التطويح بالحكومة المنتخبة و تخريب العراق وجعله نموذجا سلبيا امام شعوب المنطقة لكي ينتهي السعي للتحرر من الدكتاتوريات وحكم الحزب الواحد والحكم الظلامي وقيادة الرمز الضرورة ,
ان شماعة الاحتلال ما هي الا وسيلة للدخول الى المعركة بشعار سياسي . اما الحقيقة فتكمن في سعي جهات معينة ( ومنها عراقية ) الى نقل الصراع الدولي و الاقليمي الى الساحة العراقية لخدمة اجندتها واجندة حلفائها في دول الجوار . ولكن ماهي مواقف حكومتنا ورئيسها؟ وهكذا نرى انه على الكيانات السياسية وشخصيات البلاد وكتابه وعلمائه ومثقفيه بغض النظر الى انتماءاتهم تدبر الامر والمطالبة بالغاء الميليشيات فورا لتتجه الدولة الى البناء . فالوطن وطننا والمستقبل هو مستقبل بلادنا والمسؤولية تقع اولا واخيرا على قادة البلاد ورئيس الحكومة قبل غيره . ولعل من المـنـاسب التذكير بحكمة سياسية مفادها ان اللعب بالنار ( السياسية ) يؤدي الى احتراق اللاعب والملعب الذي يقف فيه . فهل ان الملعب الذي هو العراق كله رخيص حتى لا يكترث اللاعب بحرقه ؟؟ ان العراق بالرغم من كل مظاهر التلكؤ وعــدم الحسـم سيـبـقى حـيـا بصمود وعناد شعبه وان المستقبل لـه انشاء الله وبرأينا انه على الحكومة ورئيسها تدارك الامر قبل فوات الاوان !!
#عبد_الزهرة_العيفاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟