عباس الشطري
الحوار المتمدن-العدد: 1931 - 2007 / 5 / 30 - 09:01
المحور:
حقوق الانسان
لا اعرف لماذا علق هذا الاسم في ذاكرتي.. كنت حينها صغيراً حتى على الدخول في المدرسة الابتدائية لكن شهرة هذا الرجل تسللت الى الذاكرة الجمعية لسكان مدينتنا الصغيرة وانسلت منها الى وعي طفولتنا فاخذنا نتخيله باشكال مختلفة بعضها مخيف ومنها ما يثير الضحك واخذنا نؤلف حوله القصص ولم نتوان عن الكذب على بعضنا البعض حول صدقية رؤيته.
كانت والدتي حين تشعر بالغضب من تصرفاتنا البسيطة داخل البيت تقول (تلحكون على هتلر!!)
ذلك في بداية السبعينيات من القرن الماضي وفي نهايتها اصبحنا في سن المراهقة واخذنا ندرس هزيمة الالمان في الحرب الكونية الثانية ضحكنا كثيراً فلم يعد هتلر موجوداً الا في كتب التاريخ حينها كان (الجارلس) منتشراً فاخذنا بلبسه وتركنا شعر رؤوسنا ينسدل على الكتفين تماشياً مع الموضة حين ذاك لكن..
نبوءة والدتي تحققت رغم موت هتلر فقد اصطدمت عيناي لأول مرة بعيني هتلر على جسر مدينتنا الكبير لم يكون سوى شرطياً! وبينما كان هو منهمك بقص شعري بمقص كبير كان يحمله بيده انشغلت بترجمة شكله الكبير وبطنه المنتفخة ورأسه الضخم وبدلته الكاكي التي تكاد تنفلت ازرارها من كبر حجمه وابرمج هذه الاشكال قسراً في ذاكرتي مقارناً بينها وبين صورة هتلر ولم اجد أي وجه للتشابه بينه وبين الفوهرر، تجرأت وسالته، لماذا يسمونك هتلر؟ فاجابني وهو يمزق بنطالي لاني اكافح تصرفاتكم السيئة.
لم يكن في ملابسنا او شعرنا ما يعيب فنحن نسير حسب الموضة وهي مقبولة وقت ذاك لكني ادركت فيما بعد ان ما قام به هتلر وجماعته ليس سوى تمهيد لفرض دكتاتوريتهم المقيتة مما استدعى ادخال اجواء الخوف عند الشباب، وان اسم هتلر اطلقه عليه ابناء المدينة بسبب من فظاظته وقساوته.
غادرت المدينة منذ عشرين عاما وانتقلت الى بغداد ولم اعد اسمع باخبار عن هتلر وهل تقاعد ام توفي، لكنني تذكرته حين قرات الاخبار عن الممارسات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعات الارهابية ومنها ما يخص طريقة اللباس ومنع المزاوجة في الاطعمة وغيرها من الافعال فادركت ان هتلر مدينتنا باق على قيد الحياة ما دام هناك من يحتاجه وما عليه الا ان يخرجه من حقيبته تحت مسمى اخر.
#عباس_الشطري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟