|
مسرح الدمى السياسي في المشرق العربي
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1925 - 2007 / 5 / 24 - 13:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فتح الإسلام، جند الإسلام، جهاد الإسلام ...حماس الإسلام...وعد الإسلام!!!!! ويح هذا الإسلام كم احتمل من تسميات وسيحتمل بعد، ويح هذا الدين كم استخدم كمطية لمن يفقه ومن لا يفقه..وكم ذيلت باسمه تواقيع حملت فخرا وفشخرة ..وجرت بذيلها كل معاصي الأرض وارتكبت بسيفه أبشع مذابح الكون وأشدها فتكاً وبطشاً... كم من الأحكام ، وكم من الأرانب والحمائم والعصافير ..خرجت من أكمام حواة هذا الإسلام وصيادي المدهوشين أمام تلفزة ..سُخرت وحُقنت بأقلام ومشعوذين يطلق عليهم تسمية صحافيين!...يستضيفون هذه العمامة وتلك الكوفية لشحن العقول الفارغة والقابعة مفغورة الأفواه تلعق كل ما ينطق به ويصرفه ويحلله وينسبه أحد الدعاة وخير القضاة وسيد السيرك العربي من أصحاب النفوذ بترولي المنشأ أم عقائدي العقيدة والمنبت .. مؤمناتي كان أم علماني الثوب رغم أنه فاضح يبرز عريه ويشفق على حامله لكنه يخاف على المتلقي الصامت، والمغلوب على أمره بعد نهار طويل من الانصياع والانقياد للبرمجة والدبلجة، المعدة والمدروسة من أجل جني الفوائد ، من أجل الحفاظ على المواقع والحرص على الركائز الأبدية والتأبيدية للقيادات الحكيمة في مشرقنا العربي ... ـــ كيف تصنع هذه الأنظمة دماها وقوداً وضحايا لتمرير غاياتها؟. ـــ كيف تجعل الأنظمة من هذه الدمى ،... وهم مواطنون مثلنا... أدوات تعمل ضد أنفسها وضد مصالحها ومستقبل أطفالها وأوطانها؟. ـــ ما الذي ينتج عن معامل التصنيع هذه عندما يكبر حجم إنتاجها وتزيد قدراتها وطاقاتها؟ .
* عندما يعيش القسم الأكبر من فئات الشعب بعوز اقتصادي وفقر مدقع وتمارس عليه كل أساليب القمع وكم الأفواه ، ويمنع من ممارسة حقه الإنساني والطبيعي في الشأن العام لوطنه ويتم إقصاءه عن السياسة... * عندما تغرق السلطات القائمة مواطنها في هموم يومية تنحصر في السعي وراء اللقمة وكيفية تحصيل قوت عائلته ودواء أطفاله ، وتحرمه من أي حماية اجتماعية ..كضمان صحي واجتماعي أسوة بدول العالم... * عندما تجعل منه غائبا عن مسرح الحياة السياسية..وتُعّرضه منذ ولادته لأشعة سينية من عيار ثقيل تعمل على غسل دماغه وتفريغه ثقافيا من محتوياته الأخلاقية وانتمائه الإنساني ومن ضميره الوطني ، وتضمه منذ نعومة أظفاره لمسرح الدمى ( التبعيثي أو الإسلاموي) ...هذا يتعلق بموقع المواطن عراقي... سوري، أو ينتمي لدول البترول والثروات الدينية أزهرية أم وهابية ...قمية أم كربلائية...وكلها محمية ومسخرة لسلطات بحت سياسية. * عندما تستخدم هذه الأنظمة كل الوسائل المشروعة أو غير المشروعة، تستند لشرعة القوانين الوضعية أم الدينية وتستنكر وتخرق كل القوانين والمواثيق الدولية، من أجل تخريج دفعات كبيرة من مدارس أشبه بالحربية ..مدارس تشتغل بطاقات فسادية وتفسيدية..مهمتها استخدام كل الخيوط وبمختلف الألوان والأحجام والأشكال ...والأطوال لجذب الدمى وتحريكها حسب الأصول المسرحية..وتجعل منها مغيبة مغناطيسيا بفعل السحر والتنويم التشويهي لكل المباديء والأصول ...حتى الفقهية منها...ولا غرو أو عجب لو صنعت وعلبت في معاملها...الكثير من الشيوخ المعدين والمصنعين مسبقا للقيام بمهمات التدجيل والتطبيل..بمهمات استغلال الدين ..وتأليب أطراف المجتمع وتكويناته وشرائحه بعضها ضد بعض..طالما أن الغاية هي بقاء الأسياد ..هي حماية الاستبداد..هي حماية المصالح لمن هناك فوق ...يسحبون الخيوط ويلعبون لعبة مسرح العرائس....حين تنضج العقول ..حين تنضج في مطبخ يعمل به طباخين من كل الأصناف وإخصائيين في المطابخ الأيديولوجية...والتشريعية ..التي تعتمد الإســـــــــــــلام دينا ومذهبا وقدوة ...ومنبعاً ...وهوية ...ومصدراً...وطاقة ...
* عندما.... وهو الأهم... تقوم القمة العربية التي انعقدت في الثامن والعشرين من مارس الماضي بإحياء مبادرة السلام ، التي تم طرحها من قبل العاهل السعودي في بيروت لعام 2002، وتقرر إرسال مبعوثين معتمدين لشرح وجهات النظر العربية من أجل التفاوض مع إسرائيل، وهي تعلم يقيناً...أنها دولا ضعيفة في ميزان القوى...وهي تعرف ومتأكدة بأن دعوتها لن تلقى آذانا صاغية لدى إسرائيل...لأن أي عرض للسلام يطرح على بساط البحث بين طرفين يجب أن يحمل في طياته قوة يستند عليها كل طرف وأن يكون متوازنا مع الطرف الآخر ولو بقدر أقل ...وعليه أن يحتمل الفشل وأن يحتمل إمكانية أخرى لاستعادة حقه...يكون قادرا عليها وعلى فعلها...وخاصة أن بعض الدول العربية اعتقدت أن حرب تموز اللبنانية الإسرائيلية، قد أعطتها دفعة قوة ومنحتها حمية تقيها من شر العدوان وتستغلها من أجل السلام، وهي تقرأ اليوم ما خلصت إليه لجنة ( فينوغراد الإسرائيلية)...على أنه نصرا عربياً!!! وتقرأ الصمود اللبناني أنه نصر لا سابق له...نعم يحق للبنان أن يفخر ...يحق لهذا البلد الصغير أن يفخر...لكنه يئن وجرحه مازال نازفا...وهانحن نزيد عليه ولا نمنحه حقه من الشفاء...لا نمنحه حقه في نقاهة بعيدة عن مؤامراتنا وحروبنا السياسية العقيمة...حروب المصالح والاتخاذ من لبنان مصائد ا لهذا الطرف أو ذاك...مع أن الشعب اللبناني هو الثمن...هو القربان....
فإلى متى؟ ...وحتى أي مدى؟
الأنظمة العربية أنظمة واهنة مصابة بالعجز، وتستمد قوتها في البقاء من خلال الضغط المستمر على شعوبها..تستمد قوتها من خلال الديكتاتوريات القائمة والمتسيدة بأسماء مختلفة وتحت رايات متعددة الوجوه، لكنها تتلاقى جميعها في قمع مواطنها، وإن بنسب ضئيلة تكاد لا ترى..إسرائيل هي الأخرى تقوم على رأسها حكومة هي الأضعف بتاريخها...لو نظرنا إليها من منظارها هي لا منظارنا...لأن المنظار العربي مصاب بعمى الألوان ...تنقلب فيه الموازين ...فيصبح الوهن والعجز صمودا وانتصارا يكافأ عليه القيادي ...ولهذا قال البعض وحلل وتوقع حسب مفهوم عمى الألوان طبعا...أنه يمكن للضعف الإسرائيلي أن يرتكب حماقة من أجل التغطية والتعمية على هزاله فيقوم بالاعتداء على إحدى الدول العربية المجاورة وخاصة سورية...لكن هذا التحليل نسي مدى ضعف ووهن النظام العربي نفسه...وهل يعني أنه سيقوم هو الآخر بحماقة لتبرير ضعفه وعناده وممانعته؟!أم أن حماقاته تتوقف على شعبه فقط فكلما حوصر وضيق عليه الخناق دوليا وعربيا ، كلما سعى للضغط باتجاه الداخل وشحن بطارية قوته بفولتات من عيار اغتيالات ...وتفجيرات...أو اعتقالات ..وأحكام جائرة؟!..
بعد طرح المعطيات المتوفرة على الساحة العربية المشرقية...وضمن هذه الأوضاع المَرَضية المتفجرة لاحقا والتي بدأت طلائعها تبرز على السطح تباعاً..وراحت الدمى المصنعة كما أسلفنا تقوم بدورها الذي أعدت له ..لكنها اليوم وعلى هذه الساحة..حيث تتلاعب فيها رياح هوجاء ..اعتقد سادتها أنها تقوم على خدمتهم لكنهم يرون اليوم أن بعض عناصرها ستنقلب عليهم بثوبها المغناطيسي الذي منحته لتبقى عالقة بأسيادها...وهنا فإن هذه العلاقة ستصبح بلاء على المنطقة برمتها... حيث ترسل جموعها باسم الإسلام ولمحاربة الأعداء والكفار والمحتلين ..هاهي تنطلق من العراق، حتى فلسطين بين الفلسطينيين أنفسهم من جهة ومع إسرائيل من جهة أخرى، خاصة بعد وضوح فشل المحاولة لإقامة دولة وحدة وطنية ...تتباين مصالح عناصرها وأهداف كلا منها...البعيدة والقريبة..كما هي ارتباطاتها أيضاً ببعديها العربي والعالمي..وهاهي تلوح للأفق تباشير جديدة تنبأنا بها مسبقاً..وقاعدتها الرائجة دوماً وتربتها الأكثر ثراء لوجود وتغلغل مصالح أطراف متنوعة تنتمي لدول المنطقة كلها .. تعودت على تصفية حساباتها في لبنــــــان... فتح الإسلام ..تقوم بالمهمة...كيف يكون الإسلام هويته والإيمان خُلقه ويرسل عناصره لسرقة بنوك محلية؟ ...أم أن هذه السرقة تعتبر بعرفهم حلالاً زلالا؟ ... ولا تتوانى عن بذر الفرقة والشقاق بين الفلسطينيين واللبنانيين بإشعال فتيل الأمس القريب من جديد الأكثر إيلاماً ...تسلح هذه الأطراف ليس بالإسلام فقط وإنما اتخاذه من أبناء جلدته وفقراء مخيمات البؤس دروعاً بشرية وأكياساً رملية يحتمون بها...ويجعلون من المخيمات ومدنييها مصيدة للصراع...وكأنها لا تعيش ما يكفيها من حرمان للخدمات وتفشٍ للبطالة مما يزيد من إمكانية خضوعها كطريدة سهلة بأيدي أمثال فتح الإسلام وجند الإسلام وغيرها من الحركات المتطرفة!!.. هل يمكننا أن نتصور سوء الأوضاع أم تهدئتها؟...لماذا جاءت الآن رغم أنه مُهد لها منذ توقف القتال في الصيف الماضي...ولنمر سريعا على ما يشحن ويغذي هذه الصراعات.... ـــ إنشاء المحكمة الدولية وما تبعها من اغتيالات وتفجيرات كلما بدأت معالم وجودها بالوضوح ...وما تجري حولها وحول إنشائها من اعتراضات أو توافقات... ـــ الوصاية السورية وسلطتها، التي لم تهن عزيمتها ولم تبلع بعد خسارتها في لبنان ولا تريد أن تتراجع عن بعض مكتسباتها ولو على حساب وحدة لبنان وأمنه. ـــ الصراع الأمريكي الإيراني..سواء على أرض العراق أو أرض لبنان...من خلال أيد تعمل على حسم أو كسب المواقع...وعلى أطرافه تلعب سورية وحزب الله دورهما حسب المرسوم والمطلوب... وهناك من يرفض صيغة ( لا غالب ولا مغلوب )...لأن البعض يريد قالب الكاتو اللبناني بأكمله ...أو بتحكمه في تقسيم الحصص ...ولا أحد يرى خراب الاقتصاد اللبناني ولا انهياره مع استمرار احتلال وسط بيروت...وتوقف أعمال الحكومة وتجميد مجلس النواب وبعض الوزارات...لا أحد يريد للبنان أن يستقر يكفي لنا أن نقرأ صيغة العنف حتى في البيانات...والتي تحمل تهديدا وتنم عن خلفية لا يؤتمن لها ..حين يقول بيان فتح الإسلام( لن نتوانى عن قطع يده بل رأسه!!!!!).... قطع الأيدي والرؤوس أمر في منتهى السهولة لدى من لا ضمير ولا دين له. هل ننتظر من الأنظمة العربية تهدئة وحلولاً؟ ...يمكنكم الانتظار... أما أنا فإني لا أعول إلا عليكم...على الشعوب...أن تلفظ المدعين والمتشدقين باسمهم وباسم الدين...أن تصحو من خدمة الأسياد في مسرحهم الاستبدادي ، والذي لا يخدم مصالحنا ولا أوطاننا...اقطعوا الخيوط التي تربطكم بها...وتحركوا بإرادتكم...بوحي من مشاعركم الوطنية التي تصنعها عقولكم ..حين تلغي شعارات التدجين ...والتلقين..ارتبطوا فقط بأرضكم وبأولادكم وبإنسانيتكم...ولن تندموا بل ستصيبوا غنيمة كبرى...ستربحوا أنفسكم وتنصروا أوطانكم.
باريس 22/05/2007
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العقل العربي في إجازة
-
ما الذي ينتظرك بعد يا وطني؟
-
لماذا ترتفع نسبة الجرائم في وطننا العربي، وما هي أنواعها وأس
...
-
لماذا تعتبر بلداننا بؤرة للإرهاب، ومن يمارس علينا الإرهاب؟
-
ليس دفاعا عن رجاء بن سلامة، ولا انتصاراً لوفاء سلطان، وإنما
...
-
إلى سيف الحق أنور البني
-
من صنع الإرهاب؟ من دعم وأسس الحركات السلفية في العالم العربي
...
-
دعوة
-
بغداد مدينة الأشباح
-
تعال اتفرج يا سلام على الانتخابات السورية...يا حرام !
-
كنت مسلماً ذات يوم!
-
مؤتمرات، انتخابات = مساومات، رهانات، إحباط، ثم فشل!
-
الطاعون العراقي!
-
نعوة بوفاة الفنان التشكيلي السوري - صخر فرزات-
-
حجاب المرأة العربية والمسلمة..هو حجاب سياسي
-
يا أنور البني...سوريتك مشكوك بأمرها!!!
-
إساءة لسمعة البلاد!
-
كل الشكر والامتنان لكم من:
-
حوار مع أبي رشا قبل الرحيل
-
لماذا لا يوجد بين مشايخنا من يشبه ال(Abbé Pièrre
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|