أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - رحلة ألى المخيم - الحلقة الثانية















المزيد.....

رحلة ألى المخيم - الحلقة الثانية


نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 584 - 2003 / 9 / 7 - 04:04
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


تموز / يوليو 2003


 تدخل الدنيا من بؤبؤ عين مخيمك،العين الحلوة،المفقوءة.. تدخل المخيم من بوابة المنفى،عالي الرأس،مكسور الفكرة،طريد النفس حين تقتلك نفسك باسم الآخرين،وتعبر من أحلامهم الى أحلامك،متعب الخطوات،قليل التفكير بما ينتظرك،كثير التحدث عن ماضٍ كان يكبر فيك كأنه شجرة سنديان.


--------------------------------------------------------------------------------

(الحلقة الثانية) تدخل الدنيا من بؤبؤ عين مخيمك،العين الحلوة،المفقوءة.. تدخل المخيم من بوابة المنفى،عالي الرأس،مكسور الفكرة،طريد النفس حين تقتلك نفسك باسم الآخرين،وتعبر من أحلامهم الى أحلامك،متعب الخطوات،قليل التفكير بما ينتظرك،كثير التحدث عن ماضٍ كان يكبر فيك كأنه شجرة سنديان. تظن بأن الساعات في مخيمنا تحسب بعدد الدبابات الشقيقة،وبكمية العاطلين عن قول الحقيقة،هي فرحة لا تكتمل ولم تكتمل,هي اقتراب الناس من الخلاص،قبل مجيء الأعور الدجال،وفي زمن الذين يبيعون أنفسهم لجنرالات السياسة المتقاطعة. تدخل العالم المميز من مدخل عين الحلوة المتميز،هنا شارع يشبه بشكله كل شيء إلا الشوارع،ناس وحوانيت وعربات ومتاجر ومكاتب ونقاط تفتيش لا تفتش أحدا في جانبها الفلسطيني. ونقاط تفتيش أخرى للجيش اللبناني تفتش وتسأل،يسألك الجندي الذي يقضي خدمته الالزامية على هذا الحاجز عن بطاقتك،تبرزها فتظهر ابتسامتك في الصورة الشخصية،تلك المأخوذة على الطريقة الأوروبية. وبينما يفتش الجندي في ملامحك وبين اوراق دفاتره عن ملفك،ان كان لك ملف ! تكون أنت قد جلت بنظرك على المكان،فبالقرب من حاجز الجيش اللبناني،هناك حاجز الكفاح المسلح الفلسطيني،وهناك مقر حركة فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات،آثار المعارك الأخيرة بين فتح والاسلاميين لازالت ظاهرة بوضوح على الجدران وفي محيط الحاجز والمقر المذكور،وتجد صور الذين قتلوا معلقة على الجدران فوق المقاعد التي كانوا يجلسون فوقها قبل أسابيع قليلة. وأنت على بعد حجر من بيتك في مكان ولادتك بعد نكبة أهلك وضياع وطنك،تجد نفسك مجروح الفؤاد،مثقوب القلب.. وأنت على بعد حجر من مهزلة السلاح الفلسطيني الذي إنكسر يوم لعلع الرصاص في احياء وأزقة المخيم الأكبر في لبنان،تجد نفسك أصغر من أصغر الصغار،فكيف يقبل الانسان بقتل أخيه الانسان لأجل وحش آدمي صار سلطان أو قيصر زمانه.. على حاجز الكفاح المسلح صورة كبيرة للسيد ياسر عرفات واخرى من الحجم نفسه للشهيد الراحل أبو جهاد الوزير،وعشرات الصور والملصقات للشهداء والأحياء،ولوحة تحمل رسما لحنظلة وتوقيعا تحتها يعود للمنظمة الفلسطينية لحقوق الانسان في لبنان،حيث يعمل الشاعر الصديق ورفيق الشباب والجهاد الشاب والجاد عبد السلام عقل.. انه المخيم ينجب زعترا ومقاتلين كما أنشد محمود درويش في قصيدته الرائعة احمد العربي، نعم هو المخيم ينجب زعترا ومقاتلين وفدائيين وفوضويين وأصوليين ومجاهدين وسياسيين وعسكريين وأميين ومثقفين وأشباه رجال وفرسان وشرفاء وبؤساء وفقراء وسلاطين مال ومناصب وقادة مصادفة وقادة آخرين حقيقيين،هو المخيم بكل ما فيه من آلام وأحزان وأحلام ومشاهد يعجز اللسان عن وصفها،هو الملاذ الأخير لكل الفارين والهاربين من لا عدالة الحياة وغياب القانون في بلادنا العربية العتيدة.. بينما انت شارد الذهن،مشتت الفكر،تحاول استخلاص العبر من خلال نظرتك المباشرة نحو صورة المشهد الفلسطيني في عين الحلوة،يأتيك صوت الجندي ليقول لك بأدب،تفضل رافقتك السلامة! لكن هل هناك فعلا سلام وسلامة في زواريب عين الحلوة التي كانت حتى وقت قصير مسرحا لعمليات قتال شرسة؟ هذا ما سنراه بأم اعيننا،وهذا ما ستبديه الأيام القريبة القادمة،فالداخل الى احياء المخيم حيث معاقل الاسلاميين الحصينة والقوية و جزر الفتحاويين الحركية،يعتبر نفسه كالداخل الى ساحة المجهول والحرب الراقدة مثلما الجمر تحت الرماد، حيث تشهد هذه الأيام هدنة بين الأطراف المتحاربة. هناك قلق بين الناس،هناك خوف وترقب ومجهول بانتظارهم،وهناك فقر وعوز وبؤس،لكن هناك بالمقابل كرامة وأمل وعزة نفس،وهناك إصرار على تحدي الواقع ومجابهة الصعاب،لأنه لا مفر من هذا البلاء ولا مهرب من العيش المشترك،فأهل المخيم يعرفون أن قضية عودتهم الى فلسطين حيث ديارهم وبيوتهم وممتلكاتهم ليست بالشيء السهل،وأن أمريكا واسرائيل وأطرافا عديدة أخرى،منها العربي وفيها الأجنبي يحاولون شطب حقهم في العودة. لكن من يستطيع فعل ذلك مادام الشعب الفلسطيني يتمسك بحقوقه العادلة وحقه بالعودة الى فلسطين؟ هل يفعل ذلك محمود عباس،محمد دحلان،سري نسيبة،بسام ابو شريف أو حتى ياسر عرفات؟ لا لن يجرؤ أي منهم على التلاعب بالمحرمات،لأنه يعرف خاتمة المطاف ونهاية الطريق.. وعين الحلوة أكبر مخيمات لبنان،الذي يضم الطيف الفلسطيني بكل ألوانه السياسية،لا يمكن أن يلتحق بركب المهزومين،من أتباع السلام الشجاع ومن قدامى العتاريس من المتجددين سلميا والمنحازين لأمريكا،حتى أشباه الرجال وقادة المصادفة في زمن التهجم على عائلات الصفصاف وحيها،وكذلك على الأحياء القريبة منه في مخيم عين الحلوة. لم أكن أكثر ثقة بنفسي من ثقتي بنفسي اليوم،وأنا أقف في عين الحلوة على مقربة من شارع الموت كما اعتاد الناس هنا على تسميته،فهذا الشارع هو شارع طفولتي منذ ولادتي وحتى مغادرتي للمخيم بداية الثمانينات،هنا كنت العب وألهو صغيرا مع اصدقائي الأطفال،مع أولاد حارتنا وبلدتنا،مع ناس ،منهم من مات ومن استشهد ومن إغتيل برصاص الأعداء والأشقاء،فهنا وسط شارع الموت سقط العديد من اصدقائي اثناء تصديهم للدبابات الصهيونية سنة 1982،وهنا ايضا اغتيل بعضهم برصاص بعضنا الفلسطيني والعربي، هنا استشهد عبد حمد وهو يحرق في دبابات الصهاينة،وهنا إغتيل شقيقه طارق حمد برصاص الأشقاء وهو يؤدي الصلاة في جامع الشهداء،مسجد الصفصاف.. أنا الآن وسط حي الاشتباكات،غير بعيد عن حاجز الكفاح المسلح ومقر حركة فتح،وفي ما يسمى هنا بلغة المخيم والجوار معقل عصبة الأنصار، أقف و أتأمل مسجد الصفصاف،حيث تبدو بوضوح آثار المعارك والاشتباكات الأخيرة،فجدران المسجد منخورة بالرصاص والقذائف الصاروخية،كأنني في مخيم جنين ألقي نظرة تفحص على مسجده المدمر،لكن شتان ما بين ملحمة جنين ومهزلة عين الحلوة،هناك كان الدم الفلسطيني يراق لأجل فلسطين باسم الله والدين والدنيا والوطن والانتماء والتاريخ والماضي والحاضر والمستقبل،أما هنا فكانت الدماء تذهب هدرا والرصاص ليس في الاتجاه الصحيح،كانت مأساة دفع ثمنها المواطن في احياء عين الحلوة،فهل يرقى المسؤولون عن الاشتباكات الأخيرة لمستوى الوضع ويعيدون المياه لمجاريها؟

 



#نضال_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى رحيل الفنان الكبير ناجي العلي..
- الله ينجينا من أشباه السادات
- رحلة إلى المخيم 1
- للحرية مهر وللمقاومة النصر ..
- إسرائيل تفتح أبواب جهنم السبعة
- الحاكم الظالم أخطر من النمر المفترس
- سيرجيو دي ميلو ضحية السلام المفقود
- شهداء الصحافة بين نارين
- صبيان الفلوجة وعجز أعداء العوجة
- الضحك على الذقون
- فتاوى نبيل شعت الجديدة
- أرقام ونسب توضح حجم المعاناة
- أولاد الحارة والطائرة
- مجنون يحكي وعاقل يسمع
- فيلم طويل من التنازلات التاريخية
- يجب إسقاط حكومة أبو مازن
- الأسرى أولا ..
- العراق يفخر بكم.. - إلى سعدي يوسف، علاء اللامي،سليم مطر وحمز ...
- الهدنة بين الموت والفناء
- تبكي يا أبن الأربعة !


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - رحلة ألى المخيم - الحلقة الثانية