|
اللقاء بين فوكوياما وفؤاد النمري في الدفاع عن الراسمالية وتضليل البشرية
سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 1924 - 2007 / 5 / 23 - 12:00
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
جاء في بحث للاستاذ فؤاد النمري نشر في العدد 1922 من الحوار المتمدن بتاريخ 21/5/2007 تحت عنوان " التاريخ ..يتصل وينفصل" نقد لمؤلفات فوكوياما واطروحاته السابقة "نهاية التاريخ" التي اكد فيها ابدية النظام الراسمالي كأسلوب انتاج والديموقراطية اللبرالية في شكل الادارة والحكم. ولكن النقد لم يأتي على اساس تفاقم ازمات النظام الراسمالي وتصاعد جرائمه من ناحية وتصاعد الصراع الطبقي وتحوله الى صراع بين عموم البشرية والعولمة الراسمالية وحتمية انهيار النظام الراسمالي وقيام النظام الاشتراكي من ناحية اخرى، بل على اساس يثير استغرابه لان فوكوياما ينتصر لنظام الانتاج الراسمالي بعد انهياره !! ويؤكد "ان انهيار النظام الراسمالي كان قد بدأ عام 1971 بفعل مواجهة المعسكر الاشد الذي استطاع من خلال ثورات التحرر الوطني، حرمان مراكز الراسمالية الامبريالية من محيطاتها الضرورية لطرح فائض انتاجها. . ويؤكد "لقد صدرت شهادة وفاة النظام الراسمالي في اعلان رامبوية في 17/نوفمبر/1975" وعلى الرغم من اتفاقي معه في نقد اطروحات فوكوياما حول المحرك الرئيس للتاريخ واطروحته الجديدة "القطع الاعظم" في كتابه الجديد الذي يشير فيه" ان ثمة قطعا عظيما ما بين عالم اواسط القرن العشرين وعالم نهايته" وبحثه عن اسبابها في بيولوجية الانسان وفي علاقات القرابة وعلاقات الجنس وما الى ذلك من مظاهر الاخلاق والقيم ، فانني اختلف مع الباحث فؤاد النمري عن وجود هذه الفردانية واعتبارها الاساس الذي تقوم عليه المجتمعات الحديثة وتعليله لها بدوافع قادة الطبقة الوسطى. مشيرا الى اطروحاته التي جاءت في كتابه "انهيار الراسمالية وازمة الاشتراكية" لتؤكد"انهيار الانتاج الراسمالي وحلول الطبقة الوسطى محل الطبقة الراسمالية في الادارة والحكم وقيام دكتاتورية الذين لايملكون بدلا من دكتاتورية الذين يملكون وهي اكثر عنتا واشد " دع عنك اعتباره قادة حزب العمال البريطاني والحزب الديموقراطي الامريكي ممثلين لها. في حين يثبت تاريخ هؤلاء القادة منذ بداية القرن الماضي وحتى اواسطه على تمثيلهم لمصالح الشركات الاحتكارية لبلدانهم، وخوضهم الحروب لاقتسام العالم بين امبريالياتهم ، ومن ثم لمصالح الشركات الاحتكارية العالمية الكبرى حتى يومنا هذا، بل وحتى نهاية علاقات الانتاج الراسمالية. فحكومة حزب العمال البريطاني تخوض الحرب على العراق مع الحزب الجمهوري الامريكي، لفرض هيمنة القطب الاكبر للراسمالية على العالم والقبول بالفتات . والحزب الديموقراطي الامريكي الذي مهد للحرب على العراق ويزاحم الحزب الجمهوري على الحكم سوف لن يتخلى عن الهيمنة على العراق وثرواته بكل السبل ليس فقط من اجل استخدامه كوسيلة للهيمنة على العالم بل وللحفاظ على موقع القطب الاكبر للعولمة الراسمالية، كما فعلت ادراتهم بقيادة كلنتون الذي هيأ بكل السبل للاحتلال بحرب الخليج الثانية والقصف باليورانيوم المنضب في عاصفة الصحراء وفي الحصار الاقتصادي الذي كانت حصيلته موت نصف مليون طفل عراقي . صحيح ان فوكوياما وامثاله من اساتذة العلوم السياسية وفق المناهج الراسمالية الامريكية ، لايمكنهم الوصول الى نتائج حقيقية دون ان يكون لديهم فهم علمي للعملية الاقتصادية ومفاعيلها التي تشكل الاساس لمختلف البني السياسية . ولكن الفهم الخاطيء للعملية الاقتصادية وعلاقات الانتاج لايأخذ نهجا واحدا رغم التقائها جميعا بهدف واحد :هو الدفاع عن النظام الراسمالي وعن جرائمه. سواء من ناحية تبريرها بالنسبة لامثال فوكوياما ام من ناحية تحميل فئات اخرى مسؤوليتها كما جاء به الاستاذ. و يحلل طبيعة العمل كخالق لجميع القيم على اساس ماركسي وتقسيمه الى عمل انتاجي وعمل خدمي وعلى ضرورة عدم تحميل السلع اكثر من الحد الادنى من الخدمات لان من شأن ذلك ان يثقل على دورتها في السوق، ولكي يضمن المجتمع طريقا ممهدا لتطوره الصحيح والسليم يلزم ان يحدد نسبة معينة ما بين العمل الخدمي والعمل الانتاجي. ولكنه لايربط بين هذا التحليل الماركسي وبين ما تفرضه علاقات الانتاج الراسمالية وقوانينها على كل عملية الانتاج ومنها التوازن بين العمل الخدمي والعمل الانتاجي . فقد ادت ازمات فيض الانتاج الى ازدهار العمل الخدمي فضلا عن تعاظم الازمات الاقتصادية المتنوعة والمتفاقمة دائما وقانون التطور غير المتناظر بين اقطاب الراسمالية ادت الى الحروب وما تتطلبه من جنود واسلحة أي توسع هائل في العمل غير المنتج، وتبديد طاقات البشرية وامكانياتها . ثم يقسم تاريخ الراسمالية الى مرحلتين "الاولى منذ 1750-1950 حيث احتلت دول المراتب الاولى من خلال التصنيع وتخصيص مجمل قوة العمل للانتاج السلعي . وفي ستينات القرن الماضي اخذت هذه الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية تميل الى الانتاج الخدمي.. "!! دون ان يذكر: كيف ولماذا؟ وبعد ان يقترح وضع نسبة صحية بين العمل الانتاجي والخدمي تساوي النصف ويعتبر ما يزيد عن ذلك يذهب هدرا دون ان يعود على المجتمع بأية منفعة ، ينتقد المجتمع في الولايات المتحدة وليس الادارة الامريكية بحزبيها الديموقراطي والجمهوري ممثلا الراسمالية الامريكية عن توزيع قوى العمل بنسبة جعلت موظفي الخدمات اربعة اضعاف قوة العمل الموظفة في الانتاج. وينتقد الخدمات الاجتماعية والصحية ولاسيما لكبار السن ومن ثم الالة العسكرية والامنية. ويواصل نقده لفوكوياما لاعتباره "الفردانية السائدة في المجتمعات المتقدمة خطرا على اللبرالية وليس على الراسمالية ايضا. ويعتبر الفردانية التي اقترن تفشيها مع ازدياد التحول الى مجتمع المعلوماتية ويعتبره انتاج خدمي، فقط، ويعتبرالانتاج الخدمي بكل اشكاله والوانه انتاج برجوازي فردي وليس كالانتاج الراسمالي، الذي يعود المنتوج فيه الى المجتمع بأسره .ويواصل مدحه لنظام الانتاج الراسمالي ولايعتبر المشاريع الخدمية الكبرى، مشاريع راسمالية ايضا. موكلا اياها الى الطبقة الوسطى التي يحملها مسؤولية تفكك المجتمع وعلاقات الانتاج ونهب بل وافتراس الطبقات الاخرى والغول الذي يفترس الطبقة العاملة. ان الاستاذ فؤاد التمري لا يقل تضليلا من فوكوياما للبشرية عموما وللطبقة العاملة خصوصا بالغاء الصراع الطبقي بين الراسمالية والطبقة العاملة والذي تطور الى صراع بين عموم البشرية والراسمالية، بل ويضع ادوات الراسمالية في مركز العدو الرئيس حماية للراسمالية، ويخلق عدوا وهميا من بين صفوف الشعب وعموم البشرية: الطبقة الوسطى، ليحرف وجهة النضال عن عدوها الرئيس علاقات الانتاج ، المتمثلة في عصرنا، بشركاتها الاحتكارية الكبرى واحتلالها وحروبها وادواتها، ويمزق وحدة الشعوب والبشرية. فالراسمالية اليوم وهي تعاني من تعمق كل ازماتها وتناقضاتها، تحاول انقاذ نظامها من خلال الهيمنة على العالم او افنائه، مسخرة كل ادواتها العسكرية والاقتصادية والايديولوجية ، لتركيع البشرية وشل طاقاتها بالرعب، وتمزيق صفوفها وتشويه وعيها. فعلى جميع الشعوب وعموم البشرية، توحيد قواها ورفع وعيها. وعلى جميع الوطنيين والشيوعيين المسترشدين بالماركسية، كارقى نظرية علمية ونهج ثوري ان يعروا فوكوياما والاستاذ النمري وامثالهما من مؤدلجي العولمة الراسمالية، وان يطوروا وعيهم ووعي شعوبهم بل وعموم البشرية والعمل على توحيد صفوفها وتطوير وسائل واساليب كفاحها. فالنظام الراسمالي لايمكن ان يزول تلقائيا ولايمكن تحرير كل الشعوب بل والبشرية من جرائمه وجميع اثامه وبناء عالم انساني حقيقي الا من خلال وحدة صفوفها وتطوير وعيها وكفاحها على الدوام.
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظات حول المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي
-
لاسبيل لوقف تصاعد وتعدد نكبات الشعوب العربية الا بوحدة وتطور
...
-
همجية جريمة قتل دعاء وسيلة لتشويه سمعة الشعب العراقي وتبرير
...
-
مسح الذاكرة العراقية الهدف الرئيس من تغيير تاريخ العيد الوطن
...
-
بوش يشغل الجماهير والعالم عن كل جريمة يقترفها في العراق بجري
...
-
الادارة الامريكية تتعجل استثمار اتفاقية العهد الدولي بتشريع
...
-
الشعب العراقي بحاجة الى مقاضاة بوش كمجرم حرب وليس الى مؤتمرا
...
-
الاول من ايار يوم العمال والبشرية العالمي
-
عقد جلسات البرلمان لمناقشة قانون النفط خارج العراق وحجر جماه
...
-
دم العراقيين ومصيرهم في سوق البورصة الامريكية
-
من اجل التصدي بفعالية لجرائم الامبريالية الامريكية
-
تفجير جسر الصرافية جزء من مخطط متكامل لتركيع شعبنا وتوقيته ج
...
-
ماذا يعني -الماركسية اللينينية اعلى مراحل تطور الماركسية-؟
-
مقاومة الشعب العراقي هزت مواقع قطب العولمة الراسمالية الاكبر
...
-
تحيا ذكرى ميلاد زكي خيري بحيوية افكاره ورسوخ ثقته بقدرات الش
...
-
في الذكرى الثالثة والسبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي تتجد
...
-
القمة العربية الجديدة حبل نجاة متهرئ لمشروع الشرق الاوسط الا
...
-
تشريع قانون استثمار النفط هو تشريع لكل جرائم القوات الامريكي
...
-
اربع سنوات من احتلال العراق عرت القرن الامريكي وصمود شعبه يش
...
-
جبهة عالمية لتحرير العالم من القواعد العسكرية الامريكية
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|