|
بصدد أحداث الجامعة المغربية الأخيرة
الرفيق بن حدو
الحوار المتمدن-العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22 - 11:07
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
توضيح لا بد منه : بداية، أسجل أني ماكنت أرغب في الجهر بمناقشة هذه الأحداث –خاصة على شبكة الإنترنت- على اعتبار أني حاليا لست طالبا بالجامعة ولا اتواجد بها بشكل موضوعي يتيح لي التموقف أو المساهمة في إنتاج موقف ما من أي كان، لكون العادة جرت على هذا المنوال : لا يقرر في الجامعة إلا من يتواجد بها بشكل فعلي. إلا وأني أتتبع ما يجري في الآونة الأخيرة أجد أن الجميع ( جمعيات، هيئات، أشخاص …) يصدرون بيانات تنديدية وتضامنية، وينتجون مقالات تحليلية لما يجري، وجدت نفسي مضطرا لتسجيل بعض الأفكار التي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال ذاتية، بل تجد لها أسسا موضوعية من داخل هذا الصراع نفسه، وما أريد التأكيد عليه أن هذه المقالة ليست ردا على أحد وإن أثارت بشكل جانبي أفكار البعض وحاولت ملامستها للتفاعل معها. يقول الشهيد الرفيق مهدي عامل :" البراءة مصطلح لا وجود له في قاموس الإديولوجيا"، وعليه فإن كاتب هذا المقالة المتواضعة لا يمكن له أن يدعي بأي حال من الأحوال أنه محايد في تحليله أو أنه فوق المواقع جميعها، فموقع اللاموقع ليس بموقع. بل منذ البداية يعلن عن إنتمائه الإديولوجي والسياسي الذي لا يخرج عن إطار الماركسية اللينينية اختيار وهوية. إلا أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال الأخذ بمقولة الجاهليين "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" على اعتبار أن الفكر الثوري الذي يؤطر رؤيتنا للواقع يفرض علينا النظر فيه بأقصى الصرامة التي يفرضها التحليل العلمي استنادا للمبدأ الأساسي القائل بالتحليل الملموس للواقع الملموس . الإعلام الطبقي وبيانات ما يسمى بـ MCA : إصرار على تشويه الأحداث وتمييعها بدء من سيدتهم "الجزيرة" وصولا إلى كل تلاوين الصحافة المكتوبة بالمغرب، نجد إجماعا على عدم ذكر الحقائق من عين المكان، فالفضائية العالمية المشهورة التي لها السبق في اكتشاف كل شيء والانفراد بعقد لقاءات مع "الخطرين والمطلوبين دوليا" تعجز عن أن تنزل إلى الساحات الجامعية لتقوم بنقل الأحداث من قلب المكان قصد أن يكون المشاهد رؤية واضحة عن ما يجري، وهنا يتضح لنا أنها لا تستطيع فعل ذلك لاحتمالين : -1- أنها لم تتلق الضوء الأخضر من المسؤولين (النظام القائم بطبيعة الحال) والذي يهمه تسييد رؤيته لما يجري في أذهان العامة –وهذا ما دأبت عليه الصحافة المكتوبة بالمغرب، وسنأتي على ذكره-. -2- أن لهذه القناة رؤيتها الخاصة للموضوع، وبالتالي اكتفت بالإشارة إليه كحدث عرضي لا غير ولم تكلف نفسها عناء كتابة حتى عبارة "مقتل طالب بالجامعة المغربية" في الشريط المخصص لهذا الغرض، إلا أنه لا يمكن أن تنطلي علينا حيل هذه القناة التي يسيطر عليها فكر إديولوجي ظلامي ليبرالي يسعى إلى دخض فكرة تواجد اليسار الثوري بالعالم العربي، وما تعاملها مع إنجازات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلا خير دليل على ما نقول، فكلما قامت "الجهاد" أو "حماس" بأدنى تحرك يكون ضحيته عادة المدنيين، نجدها تستنفر قواها لإستضافة المحللين من كل حدب وصوب لإضفاء طابع من الهالة وتصوير الأمر على الخطورة بما كان، في حين أن العمليات العسكرية للجبهة والتي لا تستهدف في أغلبيتها سوى ناقلات الجنود والعساكر الصهاينة لا نطلع عليها سوى في موقع كتائب الشهيد أبو علي. وفي كلا الاحتمالين فإنها في إلتقاء موضوعي مع النظام الطبقي الرجعي القائم بالبلاد، وليست في هذا الباب بدورها سوى بوقا رجعيا يخدم مصالحه ويسوق دعايته لمزيد من تخدير الشعب . أما فيما يخص الجرائد المكتوبة فإنها هرولت إلى أن تنقل على بعضها البعض بعض الأكاذيب التي ما يقبلها عقل طفل صغير، بدء من عدم معرفة الهوية السياسية للطالب "المغتال"، وصولا إلى أنه رفض المشاركة في المواجهة فـ"قتل" على أيادي رفاقه، وهذا ما يذكرنا تماما بأيام استشهاد الرفيق المعطي بوملي، حيث سارعت بعض الأقلام المأجورة إلى تسريب نفس المعطيات ومحاولة ترويجها . أما فيما يخص طلبة "ح.ث.أ" بدورهم المعنيين المباشرين بهذه الأحداث فقد قامو – وبانسجام تام مع الشوفينية والعرقية التي تؤطرهم- بترويج نفس الأكذوبة التي مفادها أن الطالب ينتمي إلى منطقة أمازيغية وتربطه علاقات ود واحترام مع طلبة هذه الأخيرة، الشيء الذي جعله يرفض الدخول في المواجهة المادية فقتل على أيدي رفاقه، معتقدين في وهم منطقهم أن الاصطفافات تنبني فعلا على أساس العرق واللغة. وأمام هذه الصورة الكاريكاتورية للأحداث التي ينقلها هؤلاء في بياناتهم وكذا في البيانات الصادرة من خارج الجامعة للتضامن مع "الضحية الجديدة "المتمثلة في "ح.ث.أ"، نرى أنه هناك نية سابقة في تشويه الأحداث ضدا على ما تجري عليه حقيقة في أرض الواقع، وبالتالي تمييعها وفق ما يمكن أن تخدم بها أغراضها في المرحلة الراهنة التي تتسم فعلا بنهوض جماهيري طلابي عارم ضد مخططات الدولة الطبقية في ميدان التعليم . ولكي لا نجعل من هذه الأحداث الأخيرة السبب والنتيجة في الآن ذاته، وهذا ما لا يمكن أن يقبل به عقل يؤمن بالجدل، فإنه ينبغي لنا التساؤل عن حقيقة "ح.ث.أ"، وتحديدا عن موقعها داخل الحركة الطلابية المغربية ؟ إن المتتبع لمسار هذه الحركة يجدها فعلا تقع على الهامش وتحتل موقع الصفر بامتياز وبدون أي منازع، ذلك أن المكان المفروض أن تشتغل داخله هو النقابة الطلابية، وبالتالي التواجد إلى جانب الطلبة من أجل خوض معارك نقابية، وهذا ما لا يتوفر البتة في المنتسبين لـ"ح.ث.أ"، بدعوى أن انشغالاتهم تفوق المطالب الضيقة للطلبة، فهم يناضلون من أجل "الهوية" و "الحضارة" الأمازيغيتين، وربما الأثر الذي يتركه انتفاخ هاتين الكلمتين هو الذي يوهمهم أنهم فعلا مناضلين. فكلما خرجت الجماهير الطلابية في معارك نقابية بقيادة الخط الجذري الكفاحي للمنظمة الطلابية المجسد في فصيل الطلبة القاعديين، تجدهم يوجهون سهام النقد لهذه الخطوات "الانفرادية" وأنه لا يحق لأحد التكلم بإسم الطلبة أو أوطم، وكلما تم تحديهم لممارسة عمل نقابي يشترطون عليك توقيع ميثاق شرف واعتراف متبادل، وذلك لتبرير عدم نضاليتهم على الشق المادي للطلبة. إلا أن الحقيقة أعمق من هذا، لكونهم صراحة ضد كل النضالات الطلابية، فمثلا في الوقت الذي يرفع فيه الاتحاد الوطني لطلبة المغرب شعار "لا ميثاق وطني للتصفية والتخريب، والبديل الحقيقي تعليم شعبي ديموقراطي" يردون بشعار " .. والبديل الحقيقي تامازيغت للتعليم"، وهذا نزر يسير وجزء قليل من حقيقة تواجدهم داخل الجامعة، حيث استطاعو بنعراتهم القبلية وبنزعتهم العرقية تخدير جزء كبير من الشباب الذي كان يمكن له أن يفجر طاقاته الثورية في وجه المخططات الطبقية للنظام لولا انوجاد هؤلاء. وبخصوص قرائتهم لمسار أوطم، فإنهم لا يقومون بشيء آخر سوى التهجم على المحطات النضالية الشامخة لهذا الإطار العتيد والتي تجاوزت تضحياتها تقديم المعتقلين لتصل حد الاستشهادات، وبشكل خاص يركزون توجيه سهامهم إلى المؤتمرالخالد 15 واصفين إياه بالخياني، ومرددين نفس أسطوانه الإصلاحيين والتحريفيين الجدد القائلة بوقوع اليسار الثوري بالجامعة في المنزلقات وإتهامه بتحويل النقابة إلى حزب ثوري. في حين أن أشغال المؤتمر 15 والبيان السياسي تحديدا وباقي المقررات التنظيمية تقف بالمرصاد لكل من سولت له نفسه إتهام هذه المحطة أو محاولة التجني عليها. وحتى وإن تم الاحتكام إلى الوثائق التاريخية والأدبيات بهذا الشكل فإنهم يلتجؤون إلى خرافة "الماركسية العروبية"، وبالتالي فإنهم ضد الماركسية وضد اللينينية لكونها ترجمت إلى اللغة العربية، وبهذا الشكل فإنها تحمل في ثناياها القومية العربية . منطق أقل ما يمكن أن يقال فيه أنه مخبول وأن هؤلاء هم القوميون الحقيقيون، أما الماركسية اللينينية فلسنا بحاجة إلى سرد نصوص عظمائها- ماركس، إنجلز، لينين، ستالين، ماو- لإثبات كونيتها لأنه من يكتفي بالاطلاع على أبجدياتها الأولى سيتحقق من الأمر جيدا، وسيجد أن تهمة القومية هذه لا تمت بصلة إلى هذا الفكر الثوري النبيل . وكما قلت سابقا، إني لا أنوي الرد على أحد، فإني في الوقت ذاته أستغرب من البعض الذين ينطلقون من الماركسية اللينينية، ويقرون بأن الجامعة موقع متقدم للصراع الإديولوجي بين الفكر المادي الثوري والفكر البورجوازي المثالي الرجعي بشتى تلاوينه ولبوساته التي قد يتخذها حسب كل مرحلة من مراحل الصراع ضد الفكر الثوري النقيض، وأن الحركة الطلابية مفجر للتناقضات بين الحكم والجماهير الشعبية على صعيد مشكل التعليم، ويستخلصون في الآن ذاته أن الجامعة أنتجت ثلاثة مشاريع استراتيجية راجعة لثلاث قوى أساسية لا تفرقها سوى تناقضات ثانوية، ولتذليل هذه التناقضات وتجاوزها ينبعي الجلوس على مائدة الحوار بين هذه المكونات الثلاث. إن كان الشغل الشاغل لـ "ح.ث.أ" هو الحصول على الاعتراف بالتواجد من لدن الماركسيين اللينينيين، فإننا بهذه الطريقة ووفق هذا المنطق نقدم لهم خدمة مجانية دون أي مقابل، علما أن طلبة "ح.ث.أ" والطلبة القاعديين بشتى تلاوينهم في تناقض إديولوجي رئيسي حتى وإن كان إنتماؤهم الطبقي مشترك والويلات التي يعانون منها واحدة. ففي نظرنا أن السببين التاليين : -1- التأثير السلبي الذي تتركه ممارسات "ح.ث.أ" على الجماهير . –2- معاداتهم المتطرفة للماركسية اللينينية . كفيلين بعدم التفكير ما لم يتغيرا في إمكانيات الجلوس والتجاوب مع هؤلاء داخل الحركة الطلابية، وأن ما يجمع كل الماركسيين اللينينيين بهم هو التجاوز والفضح الجماهيري .
#الرفيق_بن_حدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|