أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعدون محسن ضمد - سرد الشياطين














المزيد.....

سرد الشياطين


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22 - 07:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الكتابة فن يتوسل اللغة لنقل الفكرة من الذات إلى الآخر، وهي لا تشبه التفكير المجرد، فما أن يمسك الكاتب بقلمه، حتى يخوض غمار بحر آخر، وعند ذاك تصبح العملية أكثر بكثير من مجرد التفكير بموضوع ما، ولولا أن الأمر كذلك لأصبح كل إنسان كاتباً. بمعنى آخر أن الفكرة ومن خلال الكتابة تتحول لبضاعة معدة للتصدير، وتخضع لقانون العرض والطلب، وبعد أن كانت هاجساً داخلياً خالياً من كل قيد أو شرط أو ملاحقة، تصبح بالكتابة عرضة لكل أنواع النقد والتقريع.
لكن مع ذلك ما الذي يجعل الكاتب كاتباً؟
هذا طبعاً سؤال إشكالي.. وهو يشبه أو ربما يساوي سؤالاً آخر.. هو: ما الذي يجعل المثقف مثقفاً؟
أي ما هو المعيار، الذي وبالاستناد إليه، نقول عن صاحب قلم أنه كاتب، ونصفه بأنه مثقف، ونقول عن غيره أنه لا هذا ولا ذاك.
المثقف مُؤَسِس، وهو بلا شك يجب أن يكون رائداً، وهذه (الثيمة/ المعيار) يمكن من خلالها ضبط معنى أن يكون الإنسان كاتباً أيضاً. صناعة الرأي تستلزم عدم تكراره، إذ لا معنى لأن تأتي برأي غيرك لتصطره على الورق هكذا وكما هو، وتقذفه بوجه القارئ.
الريادة في الثقافة تملي نفس الشرط، فالمثقف ليس شخصاً يحمل أفكار غيره لغيره. الوساطة بنقل الأفكار لا تكفي معياراً نميز من خلاله المثقف عن غيره. بل لا بد من معيار آخر هو القابلية على صناعة الأفكار، أو التجديد عليها على أقل تقدير. عليه فالمثقف لا يتوقف عند فكرة، بمعنى أنه لا ينتمي. فالانتماء وقوف، وفيه تتوقف عملية إنتاج الأفكار، لهذا السبب يُحَرَّم على المثقف أن ينتمي لأي فكرة، ومهما ادعى أنها سامية.
نعم ينطلق (الرائد/ المثقف) أول ما ينطلق عن إيمان بفكرة ما، ثم لا بد له أن يبارح هذا الإيمان، لأنه لا بد أن يُقَلِب بفكره قواعد وأركان إيمانه، فإذا لم يُبْدِع فيها صار ناقلاً لها فقط، وإذا أبدع خرج عن إيمانه بمستواها الأول. وهكذا يستمر الحراك من خلال جدل لا يتوقف تكون أركانه (المفكر والفكرة والإبداع).
فخ الإيمان بهذا المعنى يقع فيه جميع (المتثاقفين) وسواء كان محور الفكرة التي ينتمون لها طبيعياً أو ما ورائياً. ليس هناك فرق. لا بل إن التوقف عند الأفكار الطبيعية لا يحمل مبرراته، بخلاف الانتماء للأفكار الماورائية، إذ النوع الأخير انتماء للخارق، وهو يحمل مبرراته؛ لأنه يتأسس على تحريم الإبداع الذي يساوي (البدعة).
لكن مع ذلك هل يكفي الإبداع معياراً لفرز المثقف عن غيره.. أعتقد لا.. لا يكفي. بل سنكون بحاجة لمعيار آخر هو أن لا يكون هذا المبدع لعيناً، أو سوقياً، أو رخيصاً ومبتذلاً. لأنه عند توفر إحدى هذه الصفات أو كلها سيكون مبدعاً نعم، ولكنه سيتحول لمبدع شيطان، أو دجال أو أو.. الخ.
الأساطير القديمة وجدت أن بين الشيطان والملاك الكثير من المشتركات، فكلاهما مبدع وكلاهما خارق أو عبقري أو غير مألوف. وربما أن الأساطير لم تجد بينهما غير فرق واحد، هو أن الشيطان رخيص، وليس كذلك الملاك، على هذا الأساس لم تجد بداً من أن تفرد للملاك السماء، بكل ما بها من نور ورفعة وألق، وأن تسقط الشيطان بعالم سفلي يمتلئ بالدونية والرخص والابتذال.
العراق تحول بعد 2003 إلى أكبر سوق لترويج الأفكار، وثمة الكثير من أصحاب الرساميل ممن يأتون إلى العراق لغرض الاستثمار بهذه السوق. أي يأتون لاستئجار المثقفين من نوع الشياطين، الذين يحسنون صناعة الأفكار وبحسب مشتهيات رأس المال، وهذه أحد الأسباب التي جعلت الكثير من أفكارنا ملغمة، ومعدة للتفجير، الأمر الذي ينتج ولا بد تطاير أشلائنا بكل اتجاه.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العودة إلى القرية
- الواقع الافتراضي.. الانترنت بوابة العالم الخيالي الجديد
- محكمة الاطفال
- حصاد السنين
- وحده الحيوان لم يتغير
- التنين العربي (مشنوقا)
- منطق الثور الهائج
- الاختلاف والدين.. كيف يمكن إجراء مصالحة بين الدين والاختلاف؟
- يوم كان الرب أنثى
- حدود الإدراك في منظومة التلقي الإنساني... الحلقة الثالثة وال ...
- حدود الإدراك في منظومة التلقي الإنساني... الحلقة الثانية
- حدود الإدراك في منظومة التلقي الإنساني... الحلقة الأولى
- جريمة أنني أفكر/ أفكر؛ أنني مجرم
- كذبة كبيرة أسمها.... العراق
- وداعاً شهاب الفضلي.. ما دمت هناك وأنا هنا
- الإسقاط الرمزي لشكل الأعضاء التناسلية.. دراسة في عدوانية الذ ...
- ولمية عفاريت
- مدفع الشرق الأوسط الكبير... الدرع الأميركي بمواجهة القذيفة ا ...
- تحضُّر العجرفة... ضريبة أننا لا نريد الاعتراف بالعجز
- تجريم الإسلام.. دعوة للتنقيب بحثاً عن كل جذور العنف في العرا ...


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعدون محسن ضمد - سرد الشياطين