أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - باتر محمد علي وردم - العرب والعراقيين بين ذهب صدام وسيفه














المزيد.....

العرب والعراقيين بين ذهب صدام وسيفه


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 583 - 2003 / 9 / 6 - 03:03
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



كاتب أردني
[email protected]
 
 
 
تدهشني كثيرا الثقة العالية بالنفس والتي تميز كتابات بعض الإعلاميين الأردنيين والعرب في الشأن العراقي، والذين يتمكنون من خلال بضعة اسطر مكتوبة من على مقاعد وثيرة في عمان ودمشق والقاهرة وبيروت ورام الله من تحديد مواقف لا تقبل الشك حول عدم شرعية مجلس الحكم العراقي، وضرورة عدم الاعتراف به ودعم "المقاومة العراقية" وتوجيه قذائف الاتهامات على كل الإعلاميين الذين يختلفون معهم في الرأي بتهم جاهزة أقلها الدفاع عن الاحتلال الأميركي وأقصاها الكفر، بفضل فتاوى التنظيمات الإسلامية.

زملاؤنا الإعلاميين، في مرافعاتهم الاتهامية هذه لا يعيرون الشعب العراقي شأنا، ولا يحاولون الإطلاع على نفسية هذا الشعب، ولا الإطلاع على الخصوصية العراقية، ولا على المتطلبات الحقيقية لا الوهمية للعراقيين، ولا يهتمون بتعقيدات تفاصيل الوضع العراقي، فكل شئ يقاس بالمطلق: أبيض أو اسود وخارج عن سياقه السياسي والاجتماعي الخاص بالعراق. بل أن أحد الزملاء الأردنيين الكرام استنتج في مقالة مثيرة مؤخرا بأن "الشعب العراقي غير قابل للمحكومية"، وربما يعني أن الوسيلة الأفضل لحكمه هي الطريقة الصدامية المعروفة!

عاش الإعلام العربي طويلا في ظل ذهب صدام، بينما كانت رقاب الشعب العراقي تحت سيفه، ولا تزال آثار هذه العقلية ظاهرة. فالكثير من الإعلاميين العرب يصفق لحالة الفوضى في العراق ويتمنى استمرارها لتأكيد نظرية أن النظام السابق كان أفضل من الفوضى، وأن الاحتلال الأميركي في ورطة، وأن الحرب لم تنته بل قد بدأت للتو، وهناك أنهار جديدة من دماء العراقيين تنتظر السفك على مذبح القومية العربية.

ولكن الحرب الجديدة التي يريد الإعلاميون الأردنيون "القوميون" من الشعب العراقي أن يخوضها لن تحدث هذه المرة، فهذه الحرب تحتاج إلى محاربين، والغالبية العظمى من العراقي سئمت الحرب والقتل والتدمير، وما عادت تصدق أي شعار قومي أو إسلامي فتك بخيرة ابناءها على ساحات مغامرات عبثية في الكويت وايران تحت تهليل العرب الذي غطى على المقابر الجماعية وأنين عشرات آلاف الأبرياء الذين لم يسمع الإعلام العربي والأردني تأوهاتهم في الزيارات المبرمجة الكثيرة إلى بغداد.  

 استغرب الكثير من العرب انهيار "المؤسسات" العراقية بسرعة بعد سقوط صنم السيد الرئيس يوم 9 نيسان، ولكن الواقع أنه لم تكن هناك مؤسسات إلا المؤسسات الأمنية البعثية والتي مع غيابها ظهر مجتمع مفكك محطم يخرج من تحت سندان القمع. أن الفوضى التي يعيشها العراق الآن ليست ناتجة تماما عن الاحتلال الأميركي بل إرث حقيقي لنظام البعث، ولو كانت هناك في العراق دولة ومؤسسات لما حدث هذا الانهيار السياسي والاجتماعي الذي هو أخطر من الانهيار العسكري.

لقد ترك نظام البعث خلفه بلدا مدمرا، وترك احتقانات عرقية وطائفية ، بسبب التمييز الطائفي والعرقي الذي كان يمارسه ويكرسه هذا النظام، وترك عراقيين تعرضوا لشتى أنواع التدمير النفسي والاضطهاد مما لم يكن بقدرة البشر احتماله. وكان ذلك كله ماثلا أمام أعين الجميع، وفي روايات العراقيين المثقفين الذين تحولوا إلى فقراء معدمين في عمان، ولم يسمعهم أحد كما يسمعون الآن الأثرياء الهاربين من العراق الذين استفادوا من نظام صدام ويتمنون عودته.

لدي شخصيا إحساس عظيم بالذنب تجاه الشعب العراقي، ومع أنني أفتخر بأنني لم أكتب يوما حرفا واحدا في مديح النظام العراقي أو التغطية على جرائمه، ولم أدخل السفارة العراقية أو أصادق أركانها، ولكنني كغيري لم نقم بالدور المطلوب في فضح القمع البشع الذي تعرض له العراقيون ضمن نظم إعلامية عربية غطى على ضميرها ذهب صدام. وأحس بالكثير من الأسف لأن بعض الزملاء لا يزالون يريدون فرض مقاييسهم القومية النظرية على العراقيين فقط ويريدون منهم أن يحاربوا من جديد ولا يتعاطفون معهم في محنتهم، بل ويتهمهم البعض بالخيانة والتفريط، وهم الذين خرجوا لتوهم من طغيان استمر 35 عاما لم يعرفه عربي من قبل، ولا نتمنى أن يعرفه أحد بعد اليوم.

أتمنى من الأخوة القوميين والإسلاميين الأردنيين والعرب أن يتركوا الشعب العراقي وشأنه ولو مرة واحدة، ولو كان الشعب العراقي يدعم مجلس الحكم، أو حتى يوافق على وجود القوات الأميركية فهذا ليس من شأننا، ولا يحق لنا أن نمارس التنظير على حاضرهم ومستقبلهم، لأن كل واحد منا مسؤول بشكل أو بآخر عن السكوت على معاناتهم طوال سنين البطش تحت حكم البعث.  



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزعة الإنعزالية للمثقفين العراقيين
- أدوية الايدز ومخرجات العولمة: أرباح الشركات أهم من حياة المل ...
- تحليل تاريخي لفكرة -حاكمية الله
- جوهر العلمانية: شرعية النص الديني يجب أن تخضع للعقل الإنساني
- لم يحكم المسلمون بما أمر الله طوال التاريخ
- مانفستو العلمانية الإنسانية
- الولايات المتحدة تدمر مصداقية التيار الديمقراطي العربي!
- بين القدس وبغداد...تفجيرات بلا معنى!
- إحبسوا أنفاسكم...هذه ليلة السوبر ستار!
- 51 شركة و49 دولة يشكلون أكبر 100 اقتصاد في العالم
- اعتبار المياه سلعة تجارية انتهاك لحقوق الإنسان
- ابتزاز أميركي جديد للعالم الثالث: إما أغذية معدلة وراثيا وإم ...
- التجربة الناصرية والتجربة -الصدامية- نقيضان!
- المشكلة الأخلاقية في تعامل العرب مع مجلس الحكم العراقي
- أهمية احتضان الشعب العراقي عربيا
- توضيح عن مقالة -مطلوب اعتذار عراقي سريع للأردنيين
- مطلوب اعتذار عراقي سريع وواضح للأردنيين
- مساحة من الهواء النقي
- أسئلة الهزيمة: أين الحرية في العالم العربي؟
- أسئلة الهزيمة: أين الدولة في العالم العربي؟


المزيد.....




- مرشحة لعضوية مجلس الشيوخ: الأمريكيون قلقون من استمرار إمداد ...
- السيارة -الخنفساء- تواصل رحلة حياتها في المكسيك حيث تحظى بشع ...
- بحرٌ من التهديدات: حزب الله يشتبه في مساعدة قبرص لإسرائيل
- طائرة أميركية مسيّرة وجهت الصواريخ التي أُطلقت من أوكرانيا إ ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.06.2024/ ...
- خطوات بسيطة أثناء التسوّق -تمنع- زيادة الوزن
- أطعمة ومشروبات ينصح مضيفو الطيران بتجنبها خلال الرحلات الجوي ...
- روسيا.. نشر كاتالوج فريد من نوعه لخنافس جبال الأورال وسيبيري ...
- ناسا تستعد لاستقبال -مسافر إضافي- داخل أنابيب عينات صخور الم ...
- -حماس-: الإفراج عن المواطنين الروسيين أولوية بالنسبة لنا في ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - باتر محمد علي وردم - العرب والعراقيين بين ذهب صدام وسيفه