|
دفاعا عن الإسلام ضد سجانيه
عبداللطيف سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 1922 - 2007 / 5 / 21 - 07:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين الدين السماوي والأديان الأرضية.. دفاعا عن الإسلام ضد سجانيه .. 1ـ كان اللاعب حسام حسن يلعب للأهلي ،وحقق معه من البطولات الكثير ، وبالطبع أخذ من الشهرة الكثير من جمهور النادي الأهلي، ومن الكراهية أيضا الكثير من جمهور نادي الزمالك ، ولكن حدثت الكارثة أنتقل اللاعب الشهير إلى القلعة المنافسة وهي الزمالك ، فحدث العكس سخط عليه من أحبوه أولا ، وأحبه من سخط عليه سابقا . 2ـ ذكرتني هذه القصة وأنا أتابع قضية العائدون المسيحيون إلى دينهم ،.وكيف تم الترحيب بهم في بادئ الأمر عندما دخلوا ( في دين المسلمين الأرضي ) ، ثم سخطوا عليهم مرة أخرى عندما عادوا إلى دينهم الأصلي الأرضي أيضا، وهم مهددون الآن بتنفيذ حد الردة عليهم، وهو القتل في شرع الدين الأرضي المنتسب للإسلام .. وأستشهد أصحاب الدين الأرضي السني بالحديث الذي يقول " من بدل دينه فاقتلوه " وحديث آخر يقول " لا يحل دم أمرؤ مسلم إلا بثلاث: السيب الزاني ، التارك لدينه ،المخالف للجماعة ..الخ "...
3ـ والمتأمل لهذه الأخبار المنسوبة زورا للنبي يجد أنها لا تتفق والعقل إذ أن حديث " من بدل دينه فاقتلوه " من الممكن أن يفهم على أنه إذا بدل الشخص دينه سواء أكان من أي دين إلى دين آخر سيقتل حتى ولو كان يبدل دينه للدخول في الإسلام..!! ، وأيضا بالنسبة للرواية الثانية والتي تقول " لا يحل دم أمرؤ مسلم......" فإنه يلحق به العور أيضا إذ كيف تقول الرواية " لا يحل دم أمرؤ مسلم أي أنه مسلم بنص الحديث ..!! كيف يتفق هذا مع كونه تاركا لدينه أي ليس مسلما ..!! ألا يعد هذا تناقضا..؟؟ وهذا التناقض يبطل الرواية . بمعنى آخر كيف يكون مسلما بنص الحديث مع كونه تارك لدينه ومستحق القتل ..
وفي نهاية الأمر فهي أخبار منسوبة زورا للرسول الكريم ،وذلك لأن الرسول الكريم لم يترك لنا غير القرآن كتابا ، وطالما أن الرسول في كل ما يفعل وما يقول لن يخرج عن القرآن الكريم، فتعالوا بنا نعرض هذا الموضوع على القرآن الكريم . 4 ـ فهل يوجد في القرآن الكريم حد ردة ؟؟.. إن المتدبر لآيات القرآن الكريم يجد أن عقوبة الردة عن الدين هي عقوبة أخروية فقط ، وهى دخول النار والخلود فيها ، وليس هناك أي عقوبة دنيوية .. وأقرأ معي هاتين الآيتين الكريمتين من سورتي البقرة والمائدة في شأن من يرتد عن دينه، وكيف أن الله سبحانه وتعالى لم يشرع عقوبة دنيوية ..
- {.. وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البقرة : 217
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } المائدة :54 أي أنه مصداقا للآيتين السابقتين لم يقرر الله فيهما عقوبة دنيوية ..!! وحين تحدث الله سبحانه وتعالى عن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا .. أيضا لم يشرع الله سبحانه وتعالى أي عقوبة دنيوية ..
- { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } النساء : 137
- { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ } المنافقون :3 أي أن الله تحدث عن الذين تأرجحوا بين الإيمان والكفر مرتين ذهابا وعودة، وبعد ذلك ازدادوا كفرا، و لم يذكر لنا الله أن نعاقبهم على ترك الإيمان ودخولهم في الكفر بقتلهم ..!!
5 ـ سأصرف عن آياتي
هناك مشكلة يعاني منها أصحاب الأديان الأرضية ، إذ أنهم يريدون أن يصرفوا الناس عنوة إلى الإسلام ،حتى لو أستدعى ذلك أن يقتلوهم في سبيل هذا الهدف ..!!
بينما الدين السماوي متمثل في القرآن الكريم ، يذكر الله سبحانه وتعالى فيه أنه يصرف عن آياته من هو ليس أهلا لها ... وأقرأ معي هذه الآية من كتاب ربي العزيز { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } الأعراف : 146 .. أي أن النماذج التي ذكرتها الآية الكريمة وهى : ـ 1ـ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ 2ـ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا 3ـ وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً 4ـ وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً 5ـ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ أي أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يصرف عن آياته النماذج السابقة، أما أصحاب الدين الأرضي فإنهم يفعلوا عكس ذلك ، حيث أنهم يريدون أن يدخلوا الناس عنوة في دينهم الأرضي ،وفي المقابل يحكمون بالقتل على من يريد أن يخرج من تحت عباءتهم ...
6ـ أكذوبة المحافظة على الدين
وهناك فاجعة أخرى أقترفها أصحاب الأديان الأرضية، حيث أنهم يظهروا للعالم أن المليار ونصف المليار مسلم حول العالم لولا وجود حد الردة ( وهو قتل من يخرج من الإسلام ) لانفض الغالبية عن الإسلام وتركوه ..!! أي أنهم عن طريق حد الردة إنما يحافظون على الدين!! أي أنهم يظهروا للعالم أن المسلمين مجبرين على الإسلام خوفا من تطبيق حد الردة . أنظر كيف سولت لهم أنفسهم أمرا كهذا ، أنظر كيف شوهوا صورة الإسلام العظيم ، أنظر كيف ظلموا الإسلام ..!!
7ـ يقدمون الإسلام للعالم على أنه منظمة إرهابية ..
هناك خطأ آخر وقع فيه أصحاب الدين الأرضي ،هو أنهم يتعاملوا مع الإسلام على أنه خلية سرية أو منظمة فاشية أو تنظيم عصابي إرهابي ، ويحكمون على من يخرج منه على أساس أنه يعرف الكثير من الأسرار فلابد من قتله، وينسون أن الإسلام هو في حقيقته رسالة سلام للعالم، وأنه ليس فيه أي شيء خفي ، كل تعاليمه واضحة وجلية ، ليس هناك تعليمات خفية ، هناك شفافية في كل شيء حتى في إعلان الحرب وفي نقض العهود أو تثبيتها .. كلنا يعرف المافيا وكيف أن من يتركها يتعرض للقتل، فهل يريد إخواننا في الدين السني أن يجعلوا من الإسلام منظمة إرهابية مثل المافيا ...؟؟
هل الإسلام الذي أقام حضارة كبرى أثرت في العالم وأضاف إليها وخطى بها نحو التقدم والمدنية هل وصل به الحد أن يعامله بعض المنتسبين إليه على أنه تنظيم فاشي وإرهابي ..؟؟ من يخرج منه يكون نصيبه التصفية الجسدية ..؟؟ أرأيتم كيف ظلمتم الإسلام ، وكيف تحول على يديكم من دين سماوي راقي إلى بعض القوانين التنظيمية تشبه وتتفوق على ما ابتكرته منظمات المافيا .. أهذا ما تقدمونه للعالم ..؟؟.
8ـ تشجيع النفاق .. وننتقل إلى فاجعة أخرى فإن أصحاب الأديان الأرضية من حيث لا يدروا أو أن يدروا بقتلهم من يخالفهم الرأي ،أو من يريد أن يخرج من دينهم الأرضي ،إنما يشجعون النفاق أن يستشري داخل مجتمعهم ،حيث أن الشخص الذي يريد الخروج عليهم لو أعلن هذا فإن مصيره القتل، لذلك أمامه أحد أمرين : إما أن يتحلى بالشجاعة ويعلن رأيه صريحا ويجاهر به حتى لو أدى به هذا للقتل ..!! وإما أن يظهر عكس ما يبطن، وبذلك يعيش في حالة حرب داخلية مع مجتمعه الذي يخاف أن يفتضح أمره فيه .. فيخسره المجتمع مواطنا صالحا، وفي نفس الوقت يكتسبه عدوا خفيا غير ظاهر ،وهو كما هو معروف أخطر من العدو الخارجي الظاهر..!! وهذا يؤدي إلى وجود طوابير خامسة .
أما الدين السماوي ففيه أن الإيمان والكفر تركهما الله سبحانه وتعالى لحرية الفرد ومشيئته ..!! واقرأ معي هذه الآية من سورة الكهف .. - { وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً } الكهف :29 وقد جعل الله سبحانه وتعالى الدين لا إكراه فيه ، سواء بالدخول فيه ،أو الخروج منه ،حيث ذكر الله سبحانه وتعالى
- { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } البقرة :256 بل الأكثر من ذلك أن الله سبحانه ربط القتال في الإسلام بهدف أكبر، وهو منع الفتنة في الدين بمعنى أن الله يريد إن يترك الأمر في مسألة الدين بلا فتنة أو أكراه ، ليؤمن من يؤمن عن اقتناع بلا إجبار من أحدا أو يكفر دون إجبار أيضا من أحد " فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ" .. أي يكون الدين كله لله ..!!
وجاء هذا المعنى في آيتين في القرآن الكريم في سورتي البقرة والأنفال .
1 - { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ } البقرة: 193 2 - { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } الأنفال:39... أما أصحاب الأديان الأرضية فإن وسائلهم الإكراه في الدين، أو ما يعرف بالفتنة في الدين مخالفين بذلك القرآن الكريم وآياته الواضحات .. والمشكلة هي أن كل ما يفعلونه يلصقونه زورا باسم الإسلام ، والفاجعة الكبرى أنهم يقدمون أنفسهم للعالم على أنهم الإسلام ،فهل نترك الإسلام سجينا داخل رؤيتهم وأفكارهم أم نحرره من أسرهم ..!!؟؟
#عبداللطيف_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق المأزق والحل
-
أخيرا عرفوا الطريق
-
الشفافية مطلوبة فى موقع شفاف الشرق الأوسط
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|