|
العياط : تعصب أعمي أم مشكلة أمن؟
شادي عفيفي المصري
الحوار المتمدن-العدد: 1921 - 2007 / 5 / 20 - 08:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يؤكد الدكتور إكرام لمعي أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة؛ أن للتعصب درجات تبدأ بالحقد والكراهية وتتطور حتى تصل إلي استخدام العنف والإيذاء الجسدي ضد الآخر.
وبخصوص ما حدث في قرية بمها بالعياط وهو ما قد يتكرر في أماكن عدة؛ نتساءل هل العيب في بناء كنيسة و فئة من الناس تريد التعبد لله بطريقة مشروعة رسمية؟!؛ أم العيب في بعض المتعصبين الغير مميزين للأمور؟؛ أم في الأمن المتواطئ بشدة وبشكل لا يمكن إخفاؤه؟!
هل من الأفضل أمنيًا التعبد في مكان بصورة رسمية معلنة للجميع؛ أم التعبد بطريقة متخفية. الأمن يحارب الاجتماعات السرية وله منطق في هذا ونحن جميعًا لا نرضي بهذه الاجتماعات؛ لأننا لا نعلم بالتوجهات التي قد يجتمع لأجلها مجموعة ما؛ لذلك أليس من الأفضل التعبد بصورة رسمية علنية؟!.
عندما يحصل مجموعة من المسيحيين علي ترخيص بناء كنيسة هذا يعنى موافقة رسمية من الدولة وبحكم القانون الذي يكفل المساواة وحرية العبادة للجميع؛ فيأتي موقف بعض المتطرفين، وبتواطيء الأمن وتكاسله ؛ ليعلنا تحديهما للقانون، وهو ما لا يجب أن يكون فأين احترام القانون هنا ؟
إن ما حدث جعلني أتساءل: أيهما أهم تعديل الدستور أم تعديل الفرد ؟ هناك قاعدة هامة يجب أن ننتبه إليها منها في أن كل قانون له ديناميكيته تظهر في مساحة التطبيق؛ هذه الديناميكية تعود لطبيعة وفكر المسئول عن تطبيق القانون؛ لذلك ونحن قد انتهينا من تعديلات دستورية حديثة؛ فمن الذي يضمن تطبيق القانون؛ في ديناميكيته؛ كما هو مقصود به عند وضعه.
إن الوسيلة الوحيدة لضمان الموضوعية والمساواة في التطبيق لهو الوعي الذي يجب أن يتحلي به المسئول التنفيذي للقانون وأوله رجال الأمن.
نحن نحتاج أن نساعد في إعمال الوعي لدي من هم مسئولين عن تطبيق القانون؛ بل لدى الجميع في الشارع المصري وهذا هو دور المستنيرين الذين طالما تكاسلوا عنه وسط موجات التطرف التي انتشرت من جراء زحف الفكر الأخواني الخادع للناس البسطاء .
نحن نحارب التطرف لكن علي المستوي النظري لكن لدينا ملايين ممن لديهم تطرف حقيقي . بل أني أريد أن أتساءل ما هو التأثير ما هو التأثير السلبي الذي يعود علي دين ما ببناء مكان عبادة لأصحاب دين آخر؟ . إن سمو الدين في ذاته، والدين لا يأخذ قيمته من أهدار كرامة الدين الآخر وإلا ما كان دينًا صحيحًا؛ لكن الدين القويم يأخذ مكانته من قدر تأثيره في حياة البشر وفي علاقة العبد بربه وبأخيه الإنسان؛ أليس هذا هو قول القرآن فيما معناه " المسلم من سلم لله وجهه وسلم أخيه من أذاه" وأليس هذا ما قاله السيد المسيح " تحب الله إلهك وتحب قريبك كنفسك.
إذن فعلي المسلم الحقيقي ألا يخاف من بناء كنيسة في مكان ما لأن هذا لا يهدد الإسلام بشيء؛ فبناء الكنيسة التي يتعبد فيها المسيحيين إعلان عن الحرية والمساواة التي يجب أن نحيا بهما في ظل تعددية حقيقية تغنينا وتطورنا؛ وتجعل من مصر بلدًا أكثر أمنًا ورقيًا.
إن اتجاه القمص زكريا ليس هو الاتجاه المقبول لدينا ولا ندعمه في كنائسنا المصرية؛ بل إننا ندعم منطق الحوار والتلاقي الإنساني في احترام؛ لذلك فبناء كنيسة هو مدعم إيجابي للمجتمع وعامل أساسي في بناء وطن أكثر ديمقراطية ومساواة . أننا لسنا نزلاء ولسنا غرباء؛ لذلك فمن حق المسيحيين بناء كنائس كما من حق المسلمين بناء جوامع خاصة في الأماكن المحرومة . عند إطلاعي علي خبر حادث العياط في موقع مصراي حيث قرأت باهتمام الخبر ثم التعليقات التي وضعها متصفحي الانترنت بخصوص هذه الحادثة؛ كانت كلها تعليقات إيجابية من أخوة مسلمين يستنكرون فيها ما حدث ويؤكدون وحدتنا ومساواتنا؛ باستثناء تعليق لشخص يدعي " محمد عزمي" يقول ما نصه " إن المسيحيين في أيام الحكم العثماني لم يكن بمقدورهم بناء الكنائس مثل هذه الأيام؛ فنحن أعطيناهم الفرصة وليس لهم أن يطالبوا بأية حقوق"
وأني أريد التأكيد لمثل هذه الطائفة من عديمي الفهم لماذا نقارن حالنا بحال قد مضي وكان فيه ضعف وعدم مساواة ولماذا لا نقارن أنفسنا بوضع أكثر رقيًا ونحلم لكي نتطور . خذ مكاني ولتحكم علي الموقف؛ بل أنظر للدول التي فيها المسلمون أقلية هل ترغب في أن يتعاملوا بنفس الأسلوب؛ حيث يقدم المسلمون طلب لبناء جامع، ويعانون حتى الحصول علي الترخيص، ويعانون أكثر من الأمن والمتطرفين حتى يقوموا ببناء الكنيسة، ويأتي شخص مسيحي يقول نحن قد أعطيناكم هذا الحق وليس لهم أن يطالبوا بالمساواة؛ ما هو ردك عزيزي علي ذلك؟
إن المسلمين ينادون بأن الإسلام دين سلام لا عنف؛ حسنًا يقولون؛ لكنا لا نريد مجرد كلمات بل أفعال؛ نريد مسلمون حقيقيون
عد أيها المسلم لأفكار جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدو وقاسم أمين واحمد لطفي السيد وطه حسين وسعد زغلول؛ وغيرهم من المستنيرين والذين اجتهدوا في فهم الإسلام بوعي وبتجديد؛ وأترك ألأفكار المغلوطة عن الإسلام والتي أتبعها سيد قطب ومحمد رشيد رضا وحسن البنا وعبد الوهاب وشكري أحمد مصطفي ومحمد عبد السلام فرج؛ وغيرهم الكثير . وبالنظر إلي الدور المخجل الذي يقوم به الأمن المصري عامة وفي مثل هذه المواقف خاصة أقول: إذا كان الأمن فعلا كما يقال – والذي يقال كثير جدا – في خدمة الشعب، وهو الذي يمنع الجرائم وضبط مرتكبيها؛ فهذا عمل رائع لكنه مازال من الناحية السلبية؛أي المنع؛ أما الناحية الإيجابية هي التي يقوم بها الدين في حث الناس علي مكارم الأخلاق وحسن السلوك والحياة في سلام مع الآخرين . أيها الأمن المصري أليس بمقدورك‘إرساء السلام والعدل وإن كان بمقدورك فلماذا التقصير؟! وإذا لم يكن بمقدورك فلتترك الأمور كما هي لنحيا سويًا ونتمتع في ظل الغوغائية وبجو الغابة المنعش. فهل الأمن المصري هو أمن سياسي فقط؛ كل ما يهمه حماية أصحاب الحكم؛ أم أمن اجتماعي يحافظ على الوحدة والسلام بين المواطنين؟.
#شادي_عفيفي_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آه لو فيه حرية
-
الاخوان المسلمون وشعار - الإسلام هو الحل-
-
الكنيسة التي في خاطري
المزيد.....
-
ما بين التخوف من -الإسلام السياسي- و-العودة إلى حضن العروبة-
...
-
اليهود يغادرون.. حاخام بارز يدعو أوروبا إلى التصدي لتزايد مع
...
-
اقــــرأ: ثلاثية الفساد.. الإرهاب.. الطائفية
-
المسلمون متحدون أكثر مما نظن
-
فخري كريم يكتب: الديمقراطية لا تقبل التقسيم على قاعدة الطائف
...
-
ثبتها بأعلى إشارة .. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على ال
...
-
“ثلاث عصافير”.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025
...
-
مؤرخ يهودي: مؤسسو إسرائيل ضد الدين والإنجيليون يدعمونها أكثر
...
-
الشيخ علي الخطيب: لبنان لا يبنى على العداوات الطائفية +فيدي
...
-
اضبط الان تردد قناة طيور الجنة toyor al janah على الأقمار ال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|